×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / ثبت الأجر / الحلقة(12)علاقة الدعاء بالصيام

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:6414
(الحلقةُ الثانيةُ عشر)
علاقةُ الدعاءِ بالصيامِ
 
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أحمدُهُ جلَّ في علاهُ وأُثْني عليهِ الخيرَ كلهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، إلهُ الأولينَ والآخرينَ، ربُّ عظيمٌ جليلٌ كريمٌ، أحمدُهُ وأُثْني عليهِ الخيرَ كلَّهُ، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدهُ ورسولُه صلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلهِ وصحبِهِ ومنِ اتبعَ سنتهُ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
أما بعدُ:
فمرْحباً بكمْ وأهْلاً وسَهلاً أيها الإخوةُ والأخواتُ
هذا الشهرُ الكريمُ فرضهُ اللهُ تعالَى علَى عبادهِ صِياماً، وندبَ إليهمْ جُملَةً منَ الأَعمالِ الَّتي تكونُ معَ الصيامِ.
القارئُ التَّالِي لآياتِ فرْضِ الصِّيامِ يَلحظُ أمْراً يلفتُ الأنْظارَ فإنَّ اللهَ تعالَى قالَ في أوَّلِ ما شرعَ منَ آياتِ الصِّيامِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾[البقرة:183] * ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾[البقرة:184] ثمَّ ذكرَ اللهُ تعالَى جملةً منَ الأَحْكامِ، وبعْدَ أنْ ذكرَ كَمالَ العِدَّةِ: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[البقرة:185] قالَ جلَّ وَعَلا: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾[البقرة:186].
بعد ذلكَ عادَ السِّياقُ مرَّةً أُخْرَى إلى بيانِ شيءٍ منْ أحكامِ هذا الفَرْضِ وهذا الركنِ منْ أركانِ الإِسْلامِ وهوَ الصيامُ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾[البقرة:187] فَما شأْنُ هذهِ الآيةِ بيْنَ تلْكَ الآياتِ؟ إنهُ أمرٌ يلفتُ الأنظارَ ويجلبُ الانتباهَ ويُوجبُ الوُقوفَ عندَ هَذا الذكرِ لِلدُّعاءِ في ثَنايا آياتِ الصيامِ، أشارَ جماعةٌ منَ العُلَماءِ إِلَى أنَّ ذِكْرَ الدُّعاءِ في ثَنايا الصِّيامِ يُشيرُ إِلَى أنَّ الصَّائمَ لهُ حظٌ في الدعاءِ إجابةً وعطاءً ليسَ لهُ لغيرهِ منَ النَّاسِ، وليسَ لغيرهِ منَ العامرِينَ، وَلِهَذا جاءَ ما يتعلَّقُ بِالدُّعاءِ وقرَّبَ اللهُ تعالَى منَ الدَّاعِي في ثَنايا آياتِ الصِّيام، وَهذا يشيرُ إِلَى أنَّ الصائمَ ينبغِي لهُ أنْ يَجْتهدَ في هَذا المعْنَى وهُوَ الدُّعاءُ.. الدُّعاءُ هُوَ سُؤالُ اللهِ تَعالَى والثَّناءِ عليهِ وتمجيدُهُ وتقديسهُ سُبْحانهُ وبحمدِهِ وذكرِهِ بأسمائهِ الحسْنَى تعْظِيماً وإِجْلالاً وسُؤالاً وطَلَباً هُوَ منْ شأْنِ الصَّائمِ الَّذي ينبْغِي ألَّا يغيبَ عنهُ.
وَقدْ جاءَ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في أحاديثٍ منْ حديثِ عبدِ الله بنِ عمرٍو ومِنْ حديثِ أبِي هريرةَ أنَّ الصائِمَ لهُ خصُوصيَّةٌ في الدُّعاءِ، ففِي حديثِ أبِي هريرةَ: «ثلاثٌ لا تردُّ لهمْ دعْوةٌ» وذكرَ منهمُ الصائمَ. 
وفي حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمْرٍو قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إنَّ للصائمِ دعوةٌ عنْدَ فطرهِ لا تُردُّ».
الأحاديثُ الواردةُ من حيثُ سياقُ أسانيدِها والنَّظرُ في رجالِ أحاديثِ وَنقلتْهُ لا يثبتُ بهذهِ الأسانيدِ شيءٌ فهيَ أحاديثُ ضعيفةٌ منْ حيثُ الإسنادُ، لكنَّ هذهِ الأحاديثَ معَ ما أَشارتْ إليهِ الآيةُ تُقَوِّي كَما قالَ ابنُ كثيرٍ وغيرهُ منْ أهلِ العلمِ: تُقوِّي حظَّ الدَّاعِي في الصِّيامِ، وَحظِّ الصائمِ منَ الدُّعاءِ، وَلهذا أقُولُ: مِنَ المناسبِ أَنْ يَجْتهدَ الإنسانُ في الدعاءِ لا سِيَّما وأنَّ الدُّعاءَ هوَ العبادةُ الكبرْىَ التي بلغتْ منَ المنزلةِ وعلُوِّ المكانةِ أنْ أمرَ اللهُ تعالَى رسولهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن يأمُرَ النَّاسَ بِها كَما قالَ اللهُ تعالَى في محكمِ كِتابهِ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾[غافر:60] هذا خبر من الله تعالى يأمر رسوله أن يبلغه أن الله يقول للعباد: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾[غافر:60] انظرْ كيفَ جعلَ الدُّعاءَ سبباً للنجاةِ منَ النارِ، ومَنْ تركَ الدُّعاءَ كانَ منَ المتورِّطينَ في أسبابِ ومُوجباتِ دُخولِ النارِ، نسألُ اللهَ السلامةَ والعافيةَ.
يقولُ اللهُ تعالَى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾[غافر:60] فجعلَ العطاءَ والإجابةَ مقرونةً بالدعاءِ، وتوعَّدَ المستكبرينَ عنِ السؤالِ والطلبِ والعبادةِ بهذهِ العقوبةِ العظيمةِ الَّتي نسألُ اللهَ أنْ يُسلِّمنا مِنْها، والَّذي يبيِّنُ لكَ شريفَ منزلةِ الدعاءِ، وأنَّ الدُّعاءَ منزلةٌ كبرَى يغفلُ عَنْها كثيرٌ منَ الناسِ.
في الترمذيِّ منْ حديثِ النعمانِ بنِ بشيرٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ: «الدعاءُ هوَ العبادةُ».
فالنبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ اختصرَ العبادةَ كُلَّها بِهذا العملِ وهُوَ الدُّعاءُ، والدُّعاءُ لهُ صُورٌ وأنواعٌ، منهُ ما يكونُ بالثناءِ علَى اللهِ تعالَى وتمجيدهِ وتقديِسهِ وذكرِهِ لأسمائِهِ الحسْنَى وصِفاتهِ العُلَى، ومنْ ذلكَ قولُ اللهِ جلَّ وعَلا فِيما ذكرهُ منْ أسمائهِ: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾[الحشر:22] * ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ﴾[الحشر:23] إلَى آخرِ ما ذكرَ اللهُ تعالَى مِنْ أسمائهِ وصفاتهِ، هَذا نوعٌ منَ الدُّعاءِ، لكنَّهُ نوْعُ دعاءٍ بالثناءِ يُحقِّقُ قولَ اللهِ جلَّ وَعَلا: ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾[الأعراف:180] وهذهِ مِنْ صُورِ دعاءِ اللهِ تعالَى بِأسمائهِ الحُسْنَى.
هناكَ نوعٌ منَ الدُّعاءِ آخرُ وهُوَ أنْ يذكُرَ الإنسانُ حالهُ وما هُوَ عليهِ منَ الضَّعْفِ والفاقةِ والانكسارِ والحاجةِ، وهَذا يبيِّنُ به ضعفَهُ وافتقارَهُ إلَى اللهِ، وَهَذا منْ أعظَمِ وسائلِ الدُّعاءِ وأسبابهِ وينفتِحُ للإنسانِ بهِ أبوابُ خيرٍ كثيرةٍ، ولهذا مِنَ الدُّعاءِ أنْ يقولَ: يا ربِّ إني ضعيفٌ، يا ربُّ إني إِليكَ فقيرٌ كَما قالَ مُوسَى عليهِ السَّلامُ وهوَ قدْ خرجَ مِنْ مِصْرَ علَى حالٍ منَ الخوْفِ والملاحقةِ والترقُّبِ ما ذكرهُ اللهُ وقصَّهُ، لكنهُ بعدَ أنْ خَلا بربهِ قالَ: ﴿فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾[القصص:24] كلماتٌ مختصرةٌ ما فِيها طولٌ، ولا فِيها إطنابٌ، ولا فِيها بديعُ ألفاظٍ وغريبُ أقْوالٍ وسجعٍ، إنما هيَ كلماتٌ مختصرةٌ، لكنِّها كلماتٌ صادرةٌ عنْ قلبٍ صادقٍ في غايةِ الضرورَةِ إِلَى اللهِ يشكُو إلَى اللهِ حالُه، فكانَ أنْ قالَ اللهُ جلَّ في عُلاهُ سُبحانَهُ وبحمدهِ: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾[القصص:25] جاءهُ الجوابُ مُباشرةً لأنهُ خارجٌ خائفٌ ليسَ عندهُ ما يكفيهِ، ليسَ عندهُ زوجةٌ منفردٌ وحيدٌ، فجاءتهُ بهذهِ الدَّعوةِ الصادقةِ جاءهُ الأملُ: لا تخفْ، جاءتُهُ الزوجَةُ: ﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ﴾[القصص:27].
جاءتهُ الوظيفةُ: ﴿عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾[القصص:27] جاءه الفضل الكبير والعطاء العظيم والمن الذي لا حد له ولا يحيط به بيان: ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا﴾[القصص:29]، ثم جاءته الرسالة، هذا كله بهذا الافتقار إلى الله جل وعلا.
إذاً هذا النوع الثاني من أنواع الدعاء، ومنه قول يعقوب عليه السلام: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾[يوسف:86] هذه شكوىَ إِلَى اللهِ تعالَى، واللهُ تعالَى لا يُخيِّبُ مَنْ قصدَهُ.
الأمْرُ الثالثُ وَالصُّورةُ الثالثةُ منْ صُورِ الدُّعاءِ: أنْ يَسْألَ الإنسانُ ربَّهُ حاجتهُ بالتسميةِ فيقولُ: رَبِّ اغفرْ لِي، رَبِّ هبْ لِي منْ لدنْكَ ذريةً طيبةً، ربِّ اجعلْنِي مقيمَ الصَّلاةِ ومنْ ذُريتِي، رَبَّنا وتقبَّلْ دُعاءِ، رَبِّ زدْني عِلْماً وَما أشبهَ مِنَ الأدعيةِ الَّتِي يأتِي فِيها النّصُّ علَى الحاجةِ والطَّلَبِ، وكلُّ هذهِ الصُّورِ منْ صُورِ الدُّعاءِ، والدُّعاءُ في كثيرٍ منِ الأحيانِ يَجْمعُ هذهِ المعانِي الثَّلاثةَ، فسيِّدُ الاسْتغْفارِ الَّذِي هوَ أَعْلَى صُورِ الدُّعاءِ وأشرَفُها إذا تأمَّلْتَ معانِيهِ وجدْتَ أنَّهُ ثَناءً علَى اللهِ، وجدتَ أنَّهُ وَصْفٌ للحالِ، وجدْتَ أنهُ سؤالٌ وطلبٌ، فلذلكَ ينبغِي أنْ نَتلذَّذَ في هذهِ الأيَّامِ في أيامِنا وليالينا، بلْ في كلِّ أيامِنا وأعمالِنا بمناجاةِ اللهِ وسؤالهِ واللهُ يحبُّ الملحِّينَ في الدُّعاءِ، يحبُّ من يقصدُهُ بِالسؤالِ والطلبِ، ويعطيهِ فوق ما يتصورُّ ويتخيَّلُ فاللهُ لا يُخيبُ منْ قَصدهُ: «إنَّ اللهَ حَييٌ كريمٌ يستحِي أنْ يمدَّ العبدُ إِلَيْهِ يديْهِ فيردُّهُما صِفراً».
اللهمَّ لا تحرمْنا فضْلَكَ واجعلْنا منهُ أوفَرَ عبادكَ نصِيباً بمناجاتكَ وحُبِّكَ.
وصلَّى اللهُ وسلَّم علىَ نبيِّنا محمدٍ وعلَى آلهِ وأَصحابِه أجمعينَ.
 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94600 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90287 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف