×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / ثبت الأجر / الحلقة(27) العبودية.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

(الحلقة السابعة والعشرون) العبودية   الحمد لله رب العالمين، أحمده جل في علاه، وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله وعليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فمرحبا بكم وأهلا وسهلا أيها الإخوة والأخوات! وأسأل الله تعالى أن يوفقني وإياكم للصالحات، وأن يستعملنا وإياكم فيما ترتفع به الدرجات وتكفر به السيئات. إن الله تعالى خلقنا لعبادته، هذه قضية كبرى مستقرة في نفوس المؤمنين، قد تتخلف عنه أذهانهم، فتغيب في بعض الأحيان هذه الحقيقة، لكن هذا هو الأمر الذي خلق الله الخلق له: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾+++[الذاريات:56]---، فأنا وأنت وهذا الكون إنما خلق لعبادة الله جل في علاه: ﴿الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا﴾+++[الملك:2]---. والبلاء: هو الاختبار، هو العبودية التي طلبها الله تعالى منا، وإن العبودية لا تقتصر على فترة زمانية، ولا تنحصر في حقبة أو طبقة من طبقات العمر، بل العمر كله محل لعبادة الله جل وعلا، ولهذا يقول الله لرسوله الكريم: ﴿واعبد ربك حتى يأتيك اليقين﴾+++[الحجر:99]---. فأمره الله جل في علاه أن يديم الطاعة والعبادة ما دام عرقه ينبض وما دامت عينه تلحظ صلى الله وعليه وعلى آله وسلم، فإن اليقين المذكورة في الآية هو الموت كما قال ذلك جماعات من أهل التفسير: أي: فاعبد ربك حتى تموت، فلم يرض الله تعالى لعبادته أجلا إلا الموت، فإن العبد مأمور بدوام العبودية لله جل في علاه: ﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين﴾+++[الأنعام:162]--- * ﴿لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين﴾+++[الأنعام:163]---. ولهذا كانت الحياة فرصة ومنحة للعبد أن يتزود فيها من الصالحات، كل يوم من أيام عمره، وكل لحظة من لحظاتك هي فرصة منة من الله تعالى عليك فتزود فيها صالحا، وقد جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ولا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا». «وخيركم من طال عمره وحسن عمله». هكذا تتبين المعادلة، وأنه كلما طال العمر فهو ينبغي أن يكون سببا للزيادة في الخير، وإن أقواما كانت أيامهم في علو وارتفاع، حفظت أخبارهم السير ممن تقدم من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، والصالحين المتبعين لأولئك المتقدمين على الصراط المستقيم، فكانوا على زيادة في طاعاتهم ورقي في إيمانهم، فلا تزيدهم الأيام إلا من الله قربى الله أكبر، ما أعظم أن يستشعر المؤمن أنه ينبغي أن تزيده أيامه، وأن تزيد لياليه من الله قربا في أن يكون يومه خيرا من أمسه، هكذا وصف إبراهيم الحربي الإمام أحمد رحمه الله فقال: صحبته عشرين سنة ليلا ونهارا، صيفا وشتاء، فلم أره في يوم إلا وهو خير من أمسه. الله أكبر، يعني كان في زيادة، كان في تقدم لم يعرف التقهقر والرجوع، لا يعني هذا أن يكون معصوما، فكل ابن آدم خطاء كما في الحديث الصحيح في جامع الترمذي من حديث قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون». والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: «لو تدومون على ما أنتم عليه عندي لصافحتكم الملائكة». «ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولأتى بقوم يذنبون، ثم يستغفرون». فالخطأ قرين لمسيرة الإنسان، لكن شتان بين من خطأه عارض، وبين من خطأه مستقر دائم، شتان بين من يخطئ ويعثر ثم يقوم ويستعتب ويستغفر ويطلب من الله تعالى المغفرة، ثم يتبع السيئة الحسنة، هكذا ينبغي أن تكون أيامنا، هذا شهرنا نموذج من النماذج التي ينبغي أن تكون حاضرة في الذهن، نحن في أمسنا القريب كنا نتباشر به ونستقبله بالتهاني والفرحة، وهاهو اليوم يؤذن بالرحيل فما هي إلا أيام وليالي، وما هي إلا ساعات ثم تنقضي وتزول. فينبغي لنا أيها الإخوة والأخوات! أن نعتبر هذا النموذج هو في الحقيقة مثال لعمري وعمرك، وبالتالي ينبغي أن يحرص المؤمن على أن يزداد في كل يوم من الخير والبر، وأن ينشط في كل صالح وخير، وأن يرجو العقبى عند من لا يضيع مثقال حبة من خير: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره﴾+++[الزلزلة:7]--- * ﴿ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾+++[الزلزلة:8]---. إنه مما ينبغي أن نعلمه وأن نستحضره ألا نغتر بالساعة الحاضرة يا إخواني ويا أخواتي، النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة». ولهذا ينبغي لنا أن نجل وأن نخاف، وأن نعلم أن الأمور ليست ببدايتها، بل بخواتيمها، البدايات لاشك أن النتائج مقرونة بالمقدمات، ولهذا من كان صلاحه متقدما صادقا فالغالب والأكثر أن يدوم ذلك حتى يختم له بذلك، فالله تعالى لا يظلم الناس شيئا، وهذا التغير في الحديث الذي ذكره ابن مسعود ليس خط عشوائي يعني: «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع» هذا ليس خط عشواء، هذا وفق أشياء، فمن الناس من يظهر، ولهذا جاء في الحديث الآخر: «يعمل بعمل أهل الجنة فيما يرى الناس» فهناك سر خفي هو الذي أودى به إلى هذه النتيجة المهلكة، «فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة». هكذا ينبغي للمؤمن أن يكون على حذر، ولهذا ينبغي ألا يغتر المؤمن بما كان من الصالحات، بل يجب أن يكون وجلا مما يكون من هذه الصالحات ألا تكون مقبولة، فمن المقبول فيهنئ، ومن المحروم المردود فيعزى، إنه أمر عظيم وشيء كبير أن يغفل الإنسان عن هذه المعالي. النبي صلى الله عليه وسلم ذكر لأصحابه قصة تجل منها قلوب المؤمنين: يقول سعد بن سهل رضي الله عنه فيما رواه البخاري في صحيحه يقول: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة، فكان الكفار يدينون علينا وندين عليهم، يقول: فكان رجل من المسلمين لا يترك شاذة ولا فاذة من الكفار إلا يأتي عليها ويجهز عليهم فأبلى بلاء حسنا، تميز به عن غيره حتى قال رضي الله عنه فيما قص من قص خبر أصحابه: ما أجزأ عنا مثل هذا، يعني ما أغنى عنا مثل هذا في فعله، فلما قصوا خبره للنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنه من أهل النار» نعوذ بالله رجل يفادي بنفسه ويخاطر بروحه في سبيل العمل الصالح، وفي سبيل نصرة الإسلام تكون هذه خاتمته؟! هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم. فكان من الصحابة من استفزته هذه العبارة، واستغرب من هذه النتيجة مع هذا العمل وهذه المقدمة، فتبع هذا الرجل ينظر ماذا يكون منه، يقول: فلما أثخنته الجراح لم يصبر، فأتى بذبابة سيفه يعني رأس السيف فوضعه في صدره بين ثدييه فاتكأ عليه حتى خرج من ظهره، فقتل نفسه نعوذ بالله من الخذلان. هكذا يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الرجل، وهذا ما وقع من حاله، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقص عليه الخبر فقال: «إنما الأعمال بالخواتيم» هكذا ينبغي أن تكون نظرتنا لا للساعة الحاضرة إنما ما الذي يختم لنا به. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يختم لنا بالصالحات، اللهم استعملنا فيما تحب وترضى من الطاعات، اللهم يا ذا الجلال والإكرام كما مننت علينا بإدراك هذا الشهر الكريم بصيامه وقيامه فاجعله إيمانا واحتسابا، اجعله ممن تثقل به الموازين، وتحط به السيئات وترتفع به الدرجات، اللهم إنك غني عن عبادتنا، فنحن الفقراء إليك يا ذا الجلال والإكرام، فلا تخيب لنا سعي، ولا ترد لنا عمل، وأصلحنا فيما بقي من العمر. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. 

المشاهدات:3361
(الحلقة السابعة والعشرون)
العبودية
 
الحمد لله رب العالمين، أحمده جل في علاه، وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله وعليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فمرحباً بكم وأهلاً وسهلاً أيها الإخوة والأخوات! وأسأل الله تعالى أن يوفقني وإياكم للصالحات، وأن يستعملنا وإياكم فيما ترتفع به الدرجات وتكفر به السيئات.
إن الله تعالى خلقنا لعبادته، هذه قضية كبرى مستقرة في نفوس المؤمنين، قد تتخلف عنه أذهانهم، فتغيب في بعض الأحيان هذه الحقيقة، لكن هذا هو الأمر الذي خلق الله الخلق له: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات:56]، فأنا وأنت وهذا الكون إنما خلق لعبادة الله جل في علاه: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾[الملك:2].
والبلاء: هو الاختبار، هو العبودية التي طلبها الله تعالى منا، وإن العبودية لا تقتصر على فترة زمانية، ولا تنحصر في حقبة أو طبقة من طبقات العمر، بل العمر كله محلٌ لعبادة الله جل وعلا، ولهذا يقول الله لرسوله الكريم: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾[الحجر:99].
فأمره الله جل في علاه أن يديم الطاعة والعبادة ما دام عرقه ينبض وما دامت عينه تلحظ صلى الله وعليه وعلى آله وسلم، فإن اليقين المذكورة في الآية هو الموت كما قال ذلك جماعات من أهل التفسير: أي: فاعبد ربك حتى تموت، فلم يرض الله تعالى لعبادته أجلاً إلا الموت، فإن العبد مأمورٌ بدوام العبودية لله جل في علاه: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الأنعام:162] * ﴿لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾[الأنعام:163].
ولهذا كانت الحياة فرصة ومنحة للعبد أن يتزود فيها من الصالحات، كل يوم من أيام عمره، وكل لحظة من لحظاتك هي فرصة منة من الله تعالى عليك فتزود فيها صالحاً، وقد جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ولا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً».
«وخيركم من طال عمره وحسن عمله».
هكذا تتبين المعادلة، وأنه كلما طال العمر فهو ينبغي أن يكون سبباً للزيادة في الخير، وإن أقواماً كانت أيامهم في علو وارتفاع، حفظت أخبارهم السير ممن تقدم من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، والصالحين المتبعين لأولئك المتقدمين على الصراط المستقيم، فكانوا على زيادة في طاعاتهم ورقي في إيمانهم، فلا تزيدهم الأيام إلا من الله قربى الله أكبر، ما أعظم أن يستشعر المؤمن أنه ينبغي أن تزيده أيامه، وأن تزيد لياليه من الله قرباً في أن يكون يومه خيراً من أمسه، هكذا وصف إبراهيم الحربي الإمام أحمد رحمه الله فقال: صحبته عشرين سنة ليلاً ونهاراً، صيفاً وشتاءً، فلم أره في يوم إلا وهو خير من أمسه. الله أكبر، يعني كان في زيادة، كان في تقدم لم يعرف التقهقر والرجوع، لا يعني هذا أن يكون معصوماً، فكل ابن آدم خطاء كما في الحديث الصحيح في جامع الترمذي من حديث قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون».
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: «لو تدومون على ما أنتم عليه عندي لصافحتكم الملائكة».
«ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولأتى بقوم يذنبون، ثم يستغفرون».
فالخطأ قرين لمسيرة الإنسان، لكن شتان بين من خطأه عارض، وبين من خطأه مستقر دائم، شتان بين من يخطئ ويعثر ثم يقوم ويستعتب ويستغفر ويطلب من الله تعالى المغفرة، ثم يتبع السيئة الحسنة، هكذا ينبغي أن تكون أيامنا، هذا شهرنا نموذج من النماذج التي ينبغي أن تكون حاضرة في الذهن، نحن في أمسنا القريب كنا نتباشر به ونستقبله بالتهاني والفرحة، وهاهو اليوم يؤذن بالرحيل فما هي إلا أيام وليالي، وما هي إلا ساعات ثم تنقضي وتزول.
فينبغي لنا أيها الإخوة والأخوات! أن نعتبر هذا النموذج هو في الحقيقة مثال لعمري وعمرك، وبالتالي ينبغي أن يحرص المؤمن على أن يزداد في كل يوم من الخير والبر، وأن ينشط في كل صالح وخير، وأن يرجو العقبى عند من لا يضيع مثقال حبة من خير: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه﴾[الزلزلة:7] * ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾[الزلزلة:8].
إنه مما ينبغي أن نعلمه وأن نستحضره ألا نغتر بالساعة الحاضرة يا إخواني ويا أخواتي، النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة».
ولهذا ينبغي لنا أن نجل وأن نخاف، وأن نعلم أن الأمور ليست ببدايتها، بل بخواتيمها، البدايات لاشك أن النتائج مقرونة بالمقدمات، ولهذا من كان صلاحه متقدماً صادقاً فالغالب والأكثر أن يدوم ذلك حتى يختم له بذلك، فالله تعالى لا يظلم الناس شيئاً، وهذا التغير في الحديث الذي ذكره ابن مسعود ليس خط عشوائي يعني: «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع» هذا ليس خط عشواء، هذا وفق أشياء، فمن الناس من يظهر، ولهذا جاء في الحديث الآخر: «يعمل بعمل أهل الجنة فيما يرى الناس» فهناك سر خفي هو الذي أودى به إلى هذه النتيجة المهلكة، «فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة».
هكذا ينبغي للمؤمن أن يكون على حذر، ولهذا ينبغي ألا يغتر المؤمن بما كان من الصالحات، بل يجب أن يكون وجلاً مما يكون من هذه الصالحات ألا تكون مقبولة، فمن المقبول فيهنئ، ومن المحروم المردود فيعزى، إنه أمرٌ عظيم وشيء كبير أن يغفل الإنسان عن هذه المعالي.
النبي صلى الله عليه وسلم ذكر لأصحابه قصة تجل منها قلوب المؤمنين: يقول سعد بن سهل رضي الله عنه فيما رواه البخاري في صحيحه يقول: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة، فكان الكفار يدينون علينا وندين عليهم، يقول: فكان رجل من المسلمين لا يترك شاذة ولا فاذة من الكفار إلا يأتي عليها ويجهز عليهم فأبلى بلاءً حسناً، تميز به عن غيره حتى قال رضي الله عنه فيما قص من قص خبر أصحابه: ما أجزأ عنا مثل هذا، يعني ما أغنى عنا مثل هذا في فعله، فلما قصوا خبره للنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنه من أهل النار» نعوذ بالله رجل يفادي بنفسه ويخاطر بروحه في سبيل العمل الصالح، وفي سبيل نصرة الإسلام تكون هذه خاتمته؟! هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فكان من الصحابة من استفزته هذه العبارة، واستغرب من هذه النتيجة مع هذا العمل وهذه المقدمة، فتبع هذا الرجل ينظر ماذا يكون منه، يقول: فلما أثخنته الجراح لم يصبر، فأتى بذبابة سيفه يعني رأس السيف فوضعه في صدره بين ثدييه فاتكأ عليه حتى خرج من ظهره، فقتل نفسه نعوذ بالله من الخذلان.
هكذا يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الرجل، وهذا ما وقع من حاله، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقص عليه الخبر فقال: «إنما الأعمال بالخواتيم» هكذا ينبغي أن تكون نظرتنا لا للساعة الحاضرة إنما ما الذي يختم لنا به.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يختم لنا بالصالحات، اللهم استعملنا فيما تحب وترضى من الطاعات، اللهم يا ذا الجلال والإكرام كما مننت علينا بإدراك هذا الشهر الكريم بصيامه وقيامه فاجعله إيماناً واحتساباً، اجعله ممن تثقل به الموازين، وتحط به السيئات وترتفع به الدرجات، اللهم إنك غني عن عبادتنا، فنحن الفقراء إليك يا ذا الجلال والإكرام، فلا تخيب لنا سعي، ولا ترد لنا عمل، وأصلحنا فيما بقي من العمر.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. 
المادة التالية

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات90650 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87047 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف