×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

رمضانيات / برامج رمضانية / بينات / الحلقة(16)وأنتم عاكفون في المساجد.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:2959

الحمد لله رب العالمين أحمده جل في علاه وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:

فيقول الله –جل وعلا-في سياق آيات الصيام بعد أن فرغ من ذكر أحكامه وما يتصل به قال جل في علاه: ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ[البقرة: 187] وهذا يتضمن حكمًا من أحكام الاعتكاف فما هو الاعتكاف؟ وما سر المجيء به في ثنايا آيات الصيام؟

أما الاعتكاف فهو التعبد لله تعالى بلزوم المسجد طاعة لله تعالى وتقربًا إليه ويتبين بهذا التعريف أن حقيقة الاعتكاف تقوم على أمرين؛ الأمر الأول لزوم المساجد أي: العكوف فيها بالإقامة ودوام اللبث فيها.

الثاني النية فالنية لابد منها في كل عمل يقول الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة: 5] ويقول النبي –صلى الله عليه وسلم-كما في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ» البخاري(1), ومسلم(1907) فلا يمكن أن يخلو أي عمل عبادي من نية يتقرب بها العبد إلى الله تعالى من نية يميز بها بين الواجب والمسنون، يميز بها بين مراتب الواجبات وهكذا الاعتكاف لابد فيه من نية التقرب.

ولهذا قال العلماء في تعريفه: لزوم المسجد لطاعة الله تعالى, ومن التعريف يتبين أن محل الاعتكاف هو المساجد وهذا محل اتفاق بخصوص اعتكاف الرجال فلا خلاف بين أهل العلم أنه لا يكون اعتكاف للرجل إلا في المساجد، فلا يعتكف في بيته، ولا يعتكف في مسجد دكانه، ولا يعتكف في مكان سوى المساجد التي قال الله تعالى فيها: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ [النور: 36-37] .

أما المرأة فإن جماهير علماء الأمة على أن المرأة كالرجل في الاعتكاف، فإنها لا تعتكف إلا في المسجد وبهذا قال الأئمة من المالكية والشافعية والحنابلة، وتذهب طائفة من أهل العلم وهو مذهب الحنفية إلى أنه يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها لكن هذا القول لا يسعده دليل ولا يعضده تعليل. ينظر:تبيين الحقائق 1 / 350، وابن عابدين 2 / 129 ط بولاق، وحاشية العدوي 1 / 410، والمجموع 6 / 484، ومغني المحتاج 1 / 451 والروضة 2 / 398، وكشاف القناع 2 / 352..

ولهذا الصواب في الاعتكاف أن المرأة فيه كالرجل لا دليل على تخصيص المرأة، فهؤلاء زوجات النبي –صلى الله عليه وسلم-أعظم النساء صيانة وأعظم النساء وجوبًا في القرار في البيوت وعدم الخروج إلا لحاجة مع ذلك كن يعتكفن معه –صلى الله عليه وسلم-في المسجد وقد اعتكفن بعده –صلى الله عليه وسلم-.

فدل ذلك على أن الاعتكاف بالنسبة للمرأة كالرجل لا يكون إلا في المسجد، وإن الاعتكاف حقيقته لا تقتصر على الصورة وهنا أمر يغفل عنه كثير من الناس وهو يظن أن الاعتكاف مجرد حبس النفس في المسجد عن الخروج ثم بعد ذلك يفعل في المسجد ما شاء من ألوان اللهو والعبث وضياع الوقت وإشغال الناس وتبديد الزمان فيما لا طائل تحته، بل فيما يضر.

وهذا لا شك أنه خلاف مقصود الشارع، فالاعتكاف حقيقته ومقصوده وغايته وغرضه تفريغ القلب من الشواغل بحبس النفس في هذه البقعة طاعة لله تعالى قراءة للقرآن، تلاوة للذكر الحكيم، نظرًا فيما ينفع الإنسان من كتب أهل العلم التي يزداد بها إيمانه، تسبيح، تكبير، تهليل، ذكر بأنواعه وصنوفه، صلاة وإحسان هكذا يكون الإنسان عاكفًا وهذا عكوف العمل وقبله عكوف القلب وهو أن يلزم القلب ذكر الله –جل وعلا-يلزم القلب تعظيم الله –جل وعلا-بهذا المكث حتى يكون الإنسان محققًا للغاية والمقصود.

إن النبي –صلى الله عليه وسلم-أعظم الناس شغلًا، فهو الذي أمره الله تعالى بالقيام لطاعته وبلاغ رسالته وهي أعظم وأشرف المهمات على مر العصور وعبر الدهور، ومع هذا كان يقتطع من وقته هذه الأيام وتلك الليالي طلبًا للفضل وسعيًا في إدراك فراغ القلب من الشواغل ليشتغل بربه –جل وعلا-ليشتغل –صلى الله عليه وسلم-بذكره والإنابة إليه والإقبال عليه.

وهذا المعنى يغيب عن كثير من الناس، لذلك تجد كثيرًا من المعتكفين يقضون أوقاتهم في أحاديث وكلام يضرهم لا ينفعهم وأنا أقول من كان معتكفًا ليتكلم؛ فليزم بيته؛ فإن بيته أوسع له وفيه من السعة والفسحة في أخذ المباحات ما لم يلزمه به الله تعالى.

أما أن يأتي إلى المعتكفات أو إلى المساجد، فيوافق المعتكفين العابدين في الصورة ويخلي نفسه من سماتهم من خصالهم من أعمالهم الباطنة والظاهرة يكون هذا في الحقيقة نوع نقص كما أنه قد يتسبب في إشغال غيره، ولهذا ينبغي العناية بهذا الأمر وأن يكون الإنسان رقيبًا على نفسه ناظرًا في عمله ولا يسعى في هذا الأمر لكون أحد زملائه اعتكف أو لكون الآخر من معارفه اعتكف لمجرد الموافقة في الصورة مع تفريغ المعنى من حقيقته.

إن الاعتكاف يشمل من الأحكام ما ينبغي أن يعرف ومن ذلك أنه مشروع في العشر الأواخر من رمضان ولهذا كان النبي –صلى الله عليه وسلم-يعتكف العشر الأواخر من رمضان واعتكف أزواجه من بعده كما جاء في الصحيحين من حديث عائشةالبخاري(2026), ومسلم(1172)، وقد لازم النبي –صلى الله عليه وسلم-الاعتكاف حتى في العام الذي لم يعتكف فيه –صلى الله عليه وسلم-فإنه قضى اعتكافه في شوال.

ولنعلم أن الاعتكاف في أصل مشروعيته هو لتطلب ليلة القدر، ولهذا اعتكف النبي –صلى الله عليه وسلم-العشر الأول من رمضان ثم قال: إنما تطلبون أمامكم فاعتكف العشر الأوسط ثم قال: يا أصحابي من كان قد اعتكف فليبقى فإني أريت إني أسجد في صبيحتها في ماء وطين. البخاري(813), ومسلم(1167)فاعتكف النبي –صلى الله عليه وسلم-العشر الأخير وكان أن رأى ليلة القدر في ليلة واحد وعشرين، لكن لا يعني هذا أنه لا يكون الاعتكاف إلا لأجل طلب ليلة القدر، فإذا علمها أو وافق إليها انتهى اعتكافه، النبي –صلى الله عليه وسلم-علمها وعلمها أصحابه بالعلامة التي ذكر ومع ذلك لم يقطع اعتكافه، لكن في أصل المشروعية كان اعتكاف العشر الأخير من رمضان هو لطلب ليلة القدر.

ولهذا ينبغي للمؤمن أن يحرص أن يري الله تعالى من نفسه خيرًا في هذه الأيام بكثرة الذكر والعبادة والطاعة والصلاة والقيام وتطلب الخير عند رب العالمين، فإن ذلك مما يعين الإنسان على الإتيان بمقصوده إن كثيرًا من المعتكفين يخطؤون بكثرة التشرط في اعتكافتهم وفي مكوثهم في المساجد، فتجده يشترط أن يخرج لقضاء حوائج له منها بد، تجده يشترط أن يخرج لقضاء أعمال خيرية، تجده يشترط لأنواع من الاشتراطات والأصل في الاعتكاف ألا شرط فيه وأن يلزم الإنسان المسجد.

ولذلك كانت حقيقة الاعتكاف تدور على معنيين؛ إذا اختل أحدهما لم يكن اعتكافا.

المعنى الأول يلزم المسجد فإذا خرج منه الإنسان من غير حاجة فإنه لا يسمى معتكفًا, كذلك النية فإنه لو مكث في المسجد أيامًا دون أن ينوي الاعتكاف فإنه لا يدرك تلك الفضيلة.

ولهذا ينبغي له أن يحرص على تحقيق هذين الوصفين وليتخلى عن أن يشترط؛ فإن النبي –صلى الله عليه وسلم-اعتكف سنوات متتالية وهو أحرص الناس على الخير وأحرص الناس على الدعوة وفيه من الاشتغال بمصالح الناس ما كان موجبًا أن لو كان هذا مشروعًا أن يخرج –صلى الله عليه وسلم-لقضاء هذا ومع هذا لم ينقل عنه –صلى الله عليه وسلم-أنه اشترط، بل كان لا يخرج من معتكفه إلا لما لابد له منه من حاجة الإنسان.

ولهذا نقول الأصل البقاء في المساجد بدون أن تشترط شرطًا، إلا أن يكون هناك ما يدعو إلى الخروج من حاجة لابد منها من قضاء حاجة من اغتسال من سائر ما يكون من حوائج الإنسان التي لا غنى له عنها، أما أن يشترط مثلا أن يعتكف في اعتكافه أن يخرج مثلا لدوام إن كان موظفًا أو لأمر بالمعروف أو نهي عن المنكر إن كان محتسبًا أو لغير ذلك من الأمور التي تشترط فهذا لا دليل عليه وهو خارج عن سنن الاعتكاف وهديه الذي نقلته الأمة عن نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

إن المعتكف يجوز أن يتحادث مع أهله سواء كان ذلك بالمباشرة بمجيئهم إليه كما فعلت صفية رضي الله عنها وكما فعلت عائشة رضي الله عنها في قيامها بمصالح النبي –صلى الله عليه وسلم-من ترجيل شعره وتنظيفه فإن النبي –صلى الله عليه وسلم-جاءته صفية فحدثها فخرج معها إلى الباب ليقلها ويدنيها من بيتها ويكرمها على زيارتها وكذلك فعل مع عائشة رضي الله عنها.ينظر: البخاري(3101), ومسلم(2175).

وهكذا يكون المعتكف مقبلًا على حال من يسأله أو يتكلم معه لكن في حدود ألا يخرجه هذا عن سمت المعتكفين الملازمين لطاعة الله تعالى وعبادته، فإن لزوم المسجد ليس للمكث في المكان فحسب، بل هو لزوم لطاعة الله تعالى.

ومما يجوز للمعتكف أن يفعله هو الاغتسال وسائر ما يكون من حوائجه المعتادة، لكن دون أن يطغى ذلك على عمله الأصلي، وهنا أقول بالنسبة لمكان الاعتكاف من الناس من يحرص أن يعتكف في المسجد الحرام أو المسجد النبوي طلبًا لفضيلة البقعة وأقول أنتم على خير، لكن ينبغي ألا تطغى فضيلة البقعة على مقصود العبادة فإنه معلوم أن الفضل المتعلق بالعبادة مقدم على الفضل المتعلق بمكانها.

فمثلا شخص إذا ذهب إلى الاعتكاف إلى الحرم أو في المسجد النبوي اشتغل بكثرة الناس وزحامهم فلم يفرغ قلبه ولم يشتغل بقراءة ولا بذكر، إنما اشتغل بالناس الذاهب والجائي، وهذا يحدثه، وهذا يسأله، وهذا ينظر إليه وهذا يأنسه فتذهب أيامه دون أن يحقق المقصود من الاعتكاف نقول له اعتكف يا أخي ولو كان هذا في مسجد محطة.

المقصود هو تحقيق الغاية والمقصود من هذه العبادة وهذا المكث وهو أن يطيب القلب ويزكو العمل وأن يتفرغ الإنسان من الشواغل لذكر الله تعالى، ولهذا ليس في المكث والاعتكاف في مكة أو المدينة فضيلة خاصة تتعلق بالاعتكاف إلا فيما يتصل بفضيلة المكان، فلذلك احرصوا غاية الحرص على اختيار المكان الذي يتحقق فيه رقة القلب ولينه.

ومما يمنع منه المعتكف في اعتكافه كما دلت الآية أنه لا يجوز له جماع أهله، ولذلك اتفق العلماء على أن الجماع من مبطلات الاعتكاف كما قال الله تعالى: ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة: 187] .

أسأل الله تعالى أن يستعملني وإياكم في طاعته، وأن يبلغنا وإياكم ما نؤمله من الخير، وأن يعطينا عطاء واسعًا جزيلًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94001 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف