×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

رمضانيات / برامج رمضانية / بينات / الحلقة(13)إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3977

الحمد لله رب العالمين, أحمده جل في علاه وأثني عليه الخير كله لا أحصي ثناء عليه كما ينبغي لوجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة أرجو بها النجاة من النار, وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله خير من صلى وصام وخير من قام ودعا إلى ربه بالحجة والبرهان والسيف والسنان، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:

فإن الله –جل وعلا-قال في كتابه: ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ َوَاسِعَةٌ[الزمر: 10] ثم قال جل في علاه بعد هذا الأمر والبيان ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ[الزمر: 10] الله أكبر ما أعظم منة الله تعالى على عباده، وما أوسع كرمه –جل وعلا-وعطائه وجزيل إحسانه، فهو الرب الذي يقول لعباده ويتلطف في ندائهم بما يوجب قبول الدعوة ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ َوَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ[الزمر: 10] الله أكبر إنما يوفى الصابرون أي إنما يعطى ويقبض العاملون بهذه الصفة وهي الصبر أجرهم وهو جزاء أعمالهم وثواب سعيهم ونتاج كدهم، ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ[الزمر: 10] الصبر مثل اسمه مر مذاقته لكن عواقبه أحلي من العسل، الصبر هو حبس النفس عما يوقعها في الهلاك والصبر إما أن يكون على طاعة الله فعلًا، وإما أن يكون عن معصية الله تركًا، وإما أن يكون على أقدار الله تعالى تسليمًا وقبولًا واطمئنانا بقضاء الله وقدره وهذا يبين أن الصبر أنواع والله تعالى قد أخبر بجزيل عطائه للصابرين فقال: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ[الزمر: 10] إن الله –جل وعلا-ذكر في هذه الآية الصبر وما كان للصابرين من الأجر وإنه لسر عجيب وعطاء جزيل أن يكون ثواب الصبر ليس له تقديم، ليس له حساب، ليس له نهاية فإن قوله –جل وعلا-: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ[الزمر: 10] أي عطائهم ويوفون جزاء أعمالهم بغير حساب أي من دون تقديم فهو عطاء لا نهاية له, قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "كُلُّ مُطِيعٍ يُكَالُ لَهُ كَيْلًا وَيُوزَنُ لَهُ وَزْنًا إِلَّا الصَّابِرُونَ، فَإِنَّهُ يُحْثَى لَهُمْ حَثْيًا" تفسير البغوي(7/111) وهذا يبين لنا فضيلة الصبر ولا عجب أن يأتي الصبر ذكرًا في كتاب الله تعالى في أكثر من تسعين موضعًا يثني الله تعالى على أهله ويبين عظيم ما أعد لهم، بل يأمر الله تعالى بالصبر أشرف الخلق وأكرمهم يأمر بذلك نبينا –صلى الله عليه وسلم-.

يقول الله –جل وعلا-: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ[الكهف: 28]، يقول: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ[الأحقاف: 35] فيسليه بصبر ويحثه ويرغبه بصبر من سبقه من الصابرين من أولي العزم من الرسل إن الله تعالى أمر بالصبر وحث عليه وأمر المؤمنين به فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[آل عمران: 200] إنه أمر بصبر ومثابرة وهذا يدل على أن هناك معالجة وهناك بذل وهناك عناء في تحصيل المطلوب والصبر خير ما يعطاه الإنسان ولذلك جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال فيما ذكره من الاستعانة وفيما ذكره من جملة من الأفعال قال: «ومَن يتصبَّرْ يصبِّرْهُ الله، وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيْراً وأَوسَعَ منَ الصبرِ» البخاري(1469), ومسلم(1053). إنه خير عطاء يعطاه الإنسان.

ولهذا ينبغي للإنسان أن يفرح إذا رزقه الله تعالى نفسًا صبورة، نفس تصبر على طاعة الله تعالى، تصبر عن معصيته، تصبر على المكاره من الأقدار والأقضية، وبهذا يكمن له منزلة في مساره وفي طريقه إلى الله منزلة عظيمة وهي منزلة الصبر، إنها منزلة لا يدرك الإنسان خيرًا في الدنيا ولا فلاحًا في الآخرة إلا بها، الصبر طريق المجد، الصبر هو الذي تكتسب به المعالي، فلا سبيل بإدراك المعالي بالاسترخاء وإعطاء النفس هواها وإتباعها ملذاتها لا تحسب المجد تمرًا أنت أكله لم تبلغ المجد حتى تلعق الصبر.

إذًا لابد من صبر ومكابدة لكن الصبر عواقبه حميدة وجليلة ومن صبر ظفر كما قال الأول, وقد قال الشاعر: وعانق المجد من أوفى ومن صبر.

إنه نتاج لمكابدة ومثابرة حتى يصل الإنسان إلى ما يريد ولما كانت النفس جزوعة النفس كثيرة التململ احتاج الإنسان إلى أن يربي نفسه على الصبر حتى يدرك ما يريد، والنبي –صلى الله عليه وسلم-لما ذكر الأعمال قال: «الصلاة نور»كما في الصحيح من حديث أبي مالك الأشعري «والصدقة برهان»ثم قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «والصبر ضياء» مسلم(223) لأن فيه نوع من الألم فهو ليس نورًا مجردًا عن المعاناة والتعب الصبر ضياء.

إن أعظم ما يحقق به الإنسان الصبر من العبادات والأعمال الصوم، فالصوم عمل جليل ولهذا من أهل العلم من فسر هذه الآية في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ[الزمر: 10] قال الصابرون هم الصائمون واستدل لذلك بما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم-يقول قال الله –جل وعلا-: «الصَّومُ لي وأنا أجزي بِهِ» البخاري(1904), ومسلم(1151).ثم قال بعد ذلك ما هو موجب لهذا العطاء «يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي» فالله تعالى استأثر بثواب الصيام والأجر لكونه من أشق ما يكون على النفوس فإن النفس تمتنع عن ملاذها في مطعمها في مشربها في لذتها وشهواتها وكان ذلك مما يوجب العطاء الجزيل «الصَّومُ لي وأنا أجزي بِهِ» وهذا ما قال به جماعة من أهل العلم في تفسير الآية، ولكن الصبر أوسع من ذلك فالصوم هو وسيلة تحقيق الصبر، والصوم من خير ما يكون مما يدخل يندرج تحت هذه الآية فالصائمون من خير الصابرين لأنهم حققوا ما أمرهم الله تعالى به فصبروا على طاعة الله ومن ترتيب مراتب الصبر وأقسامه أن الصبر على طاعة الله في أعلى المنازل ثم يليه الصبر عن معصية الله تعالى ثم يليه الصبر على الأقدار والأقضية إن النفس تحتاج إلى معالجة تحتاج إلى تمرين والصبر لا يأتي هكذا بدون معاناة وتدرب ولهذا كان الصوم من الوسائل التي ينبغي أن نستفيد منها في تحقيق هذا المعنى الذي ضمن الله تعالى فيه لأهله الأجر من غير تحديد ولا تقدير، نحن نحتاج إلى أن نصبر في كل طاعة، نحتاج إلى أن نصبر عن كل معصية، نحتاج إلى أن نصبر في كل ما ينزل بنا من الأقدار والأقضية، بل لا يمكن أن يحقق الإنسان نجاحا ولا فلاحًا لا في دين ولا في دنيا ولا في دنيا ولا آخرة، إلا بالصبر.

ولهذا من الضروري أن نربي أنفسنا على الصبر، وإذا تيسر لنا اكتساب هذه الخلة وزالت لنا هذه الصفة فلنبشر فإننا من كل خير قريبون ولهذا تبوأ الصبر في منازل الأعمال أعلى ما يكون منها لأنه لا يمكن أن يحقق الإنسان عملًا إلا بالصبر.

لهذا أَدعو نفسي وإخواني إلى أن نترجم هذا الصيام الذي نحبس فيه أنفسنا نصبر فيه أنفسنا على طاعة الله تعالى وعن معصية الله –جل وعلا-أن نترجمه مسلك في كل ما نحب وفي كل ما نكره وفي كل ما نأتي وفي كل ما نذر وبه نحقق أعلى درجات الصبر الذي نفوز فيه بقوله تعالى ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ[الزمر: 10] عطاء لا منتهى له كرم لا يحده وصف.

ولهذا من أراد أن يكون له من هذه الآية نصيب وأن يفوز منها بحظ، فليكثر في نفسه من هذه الصفة، فليصبر على أقدار الله تعالى، ويصبر على طاعة الله تعالى، ويصبر عن معصية الله –جل وعلا-، إن العباد لا يحققون تمام العبودية لله تعالى إلا بتحمل المشاق ليل المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال وإنما السباق حقيقة في تحقيق العبودية لله –جل وعلا-بالمبادرة إلى كل ما يحب الله تعالى.

ولذلك يقول الله تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ[المائدة: 48] ولهذا ينبغي لنا في هذا الاستباق وفي هذا الميدان أن نستصحب الصبر لا يمكن أن نحقق سبقًا في مجال الخير والبر إلا بالصبر، ولهذا يتأكد في حق كل أحد منا أن يتذكر فضائل الصبر وأن يصبر نفسه لنيل تلك الصفة وتحقيق تلك الخلة في عمله وقوله وفي سائر شأنه وبه يفوز فوزًا عظيمًا ويسبق سبقًا كبيرًا.

إن الله –جل وعلا-في هذه الآية المباركة ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ[الزمر: 10] ولا يمكن أن تتحقق الآية التي أمر الله تعالى فيها بالتقوى، ولا تتحقق هذه الصفة التي أمر الله تعالى بها في هذه الآية إلا بما ذكره الله تعالى في المثوبة والأجر ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ َوَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ[الزمر: 10].

إذًا التقوى والعمل بالحسنى لا يتحقق إلا بالصبر الذي ذكره الله تعالى في ختم الآية ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ[الزمر: 10].

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلني وإياكم من الصابرين فإن الله تعالى أثنى عليهم وجعلهم في مقام كريم فقال: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ[ آل عمران: 146].

 نسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم من أحبائه وأوليائه ومن الصابرين على طاعته وعن معصيته وعلى أقداره إنه ولي ذلك والقادر عليه, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93793 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89654 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف