×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

رمضانيات / برامج رمضانية / بينات / الحلقة (5) فمن شهد منكم الشهر فليصمه

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:4079

الحمد لله رب العالمين أحمده جل في علاه له الحمد كله أوله وآخره، ظاهره وباطنه، لا أحصي ثناء عليه كما أثني على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صفوته من خلقه بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:

فيقول ربنا جل في علاه في تلك الآيات البينات الكريمات التي ذكر فيها الصيام وفرضه وأحكامه يقول –سبحانه وبحمده-: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ[البقرة: 185] هذه القطعة أو الجزء من الآية الكريمة التي ابتدأها الله تعالى بذكر أعظم نعمة أنعم بها على البشرية وهي إنزال القرآن الحكيم وأيضًا ذكر فيه أعظم ما خص الله به هذا الشهر الكريم وهو إنزال القرآن الحكيم ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] في قوله: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] تفيد أن ما جاء بعدها هو مرتب على ما قبلها، فالفاء هنا للترتيب أي: فشكر تلك النعمة التي خص الله تعالى بها هذه البرهة من الزمن هذا الوقت من السنة أن يصام شكرًا لله –جل وعلا-فقال –سبحانه وبحمده-: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] وقوله –سبحانه جل في علاه: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] الشهود هو الحضور ويذكر الشهود على معاني متعددة لكنه حضور يرقب فيه الإنسان لحظات هذا الزمان ينظر فيه إلى دقائقه فهو كالشاهد الذي يشهد على تفاصيل قضية من القضايا أو حادثة من الحوادث، فإن الشاهد لابد أن يكون حاضر العقل وافر الذهن مستحضرًا عظيم ما هو فيه من مقام الشهادة يقول الله –جل وعلا-: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] .

ولهذا كان قوله: ﴿فَمَنْ شَهِدَ [البقرة: 185] أبلغ في استشعار عظيم مكانة هذا الزمان وكبير ما خص الله تعالى به هذه البرهة من أن يقول –جل وعلا-: فمن حضر أو من أدرك أو ما إلى ذلك، لله –جل وعلا-فيما يتكلم به –سبحانه وبحمده-له جل في علاه الحكمة البالغة وفي هذه الكلمات وتلك الألفاظ أسرار بالغة لا يوقف عليها إلا بإمعان النظر ودقيق التدبر وإجالة الفكر في تلك الألفاظ التي تكلم بها رب الأرض والسماء –سبحانه وبحمده-﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] الخطاب في هذه الآية هو لأهل الإيمان الذين هم أعظم من يدرك هذه النعمة وأكبر من يعرف قدر هذه المنزلة الكبيرة التي خص الله تعالى بها هذا الشهر بتنزيل هذا الكتاب الذي جعله هداية للناس ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9] خطاب للمؤمنين والمؤمنون معلوم أنهم ينقسمون من حيث الجنس إلى ذكور وإناث، فلم يفرق الله تعالى بينهم في وجوب شكر هذه النعمة بصيام هذا الشهر.

ولذلك كان صوم رمضان واجبًا على الرجال والنساء، على الذكور والإناث لا خلاف بين أهل العلم في ذلك، وهو واجب على كل مسلم مكلف قادر هذا هو من يتوجه إليه الخطاب في هذه الآية ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] فصوم رمضان واجب على كل المسلمين ذكورًا وإناثًا إلا إن من رحمة الله تعالى أن جعل هذا الواجب كسائر الواجبات منوطًا بالتكليف ومنوطًا بالقدرة.

فالتكليف هو البلوغ والعقل فمن كان عاقلًا، فإنه قد توافر فيه وصف من أوصاف التكليف، ومن كان بالغًا اكتملت فيه النعمة فكان ممن يوجه إليه الخطاب بالأوامر والنواهي والطلب والتكليف في هذه الآيات البينات التي أنزلها –جل وعلا-في كتابه وفي سائر الشرائع المحكمة.

إن الله –جل وعلا-أخبر في هذه الآية بوجوب الصوم وهو في آخر مراحل التدرج في تشريع هذه الفريضة العظيمة، الله –جل وعلا-من رحمته ولطفه أن جعل تشريع الأحكام في بعض شرائع الإسلام مدرجة لم يأتي الحكم فيها على حال واحدة من أول الطلب، الله تعالى يقول: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183] وهذا الخبر هو في أصل فرضية الصيام على هذه الأمة، ثم جاء بيان ذلك فقال: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة: 184] هذا المقطع هو في جزء من تشريع الصيام، وقد قال العلماء إن تشريع الصيام تدرج في مرحلتين ومنهم من قال أنه تدرج في ثلاث مراحل، المرحلتان هما فرض الصوم على الناس، ثم جعل ذلك على وجه الخيار فمن أراد أن يصوم لزمه الصوم، ومن شاء أن يفطر فإن له الفطر ويفدي عن هذا الصوم بالإطعام كما قال الله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا [البقرة: 184] أي زاد على هذا الإطعام فهو خير له ثم قال: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة: 184] يعني ذكر –جل وعلا-الخيار في الصيام والفداء عن الصيام لكنه ندب إلى ذلك العمل الكريم الكبير الذي له من الفوائد الجمة ما تزكو به النفوس وتطيب به القلوب وتصلح به الأعمال فقال: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة: 184] هذا ما ذكره الله –جل وعلا-في المرتبة الأولى من مراتب تشريع هذا الصوم.

لكن الله –جل وعلا-بعد أن مرنت قلوب المؤمنين وقبلت ولانت واطمأنت بهذه الفريضة واستقر ذلك في قلوبهم تدرج بهم إلى ما هو أعلى مما يحتاجونه ولهم فيه ضرورة قصوى لصلاح قلوبهم وأعمالهم، فجعل الصوم مفروضًا على كل الناس فقال –جل وعلا-: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] .

إذًا هذه هي المرتبة الثانية من مراتب صيام هذا الشهر المبارك من حيث تشريعه ومن حيث الأمر به وقد قال جماعة من أهل العلم إن هذه الآية نسخت الآية السابقة ولعل هذا الإطلاق في كلام ابن عباس وغيره من سلف الأمة أن حكمها لم يبقى على الآية السابقة وهي قوله تعالى: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة: 184] ينظر تفسير الطبري(3/422ـ425)لم يبقى على حاله بل جرى فيه تغيير، وبقي فيه نوع من الحكم يخص الكبير والمرأة والهرم والمرأة الكبيرة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

المقصود أن الله –جل وعلا-خفف على عباده في بعض الأحوال التي تقتضي التخفيف وفرض هذا الصوم لحاجتهم إليه.

إذًا هذا الصوم في مرتبته الثانية لازم لكل المؤمنين ذكورًا وإناثًا ممن جرى عليهم قلم التكليف، صغارنا وصبياننا ما شأنهم؟ وهل الصوم يطلب منهم؟

معلوم أن هذه الشريعة شريعة اعتنت بالصغار، فكان الصغير له حقوق وكان له واجبات وكان من حقوقه والواجبات التي عليه أن ينشأ تنشئة تعينه على تحقيق العبودية لله تعالى، فلذلك في أصل الاعتقاد يكون النبي –صلى الله عليه وسلم-كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة «كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه» البخاري(1358), ومسلم(2658) هذا انحراف بالطفولة والفطرة عن أصلها إلى أنواع من المذلات والضلالات فمن حفظ على هذه الفطرة وزكاها وأضاف إليها أنوار الهداية كانت نورًا على نور.

فلذلك شرع الله تعالى تزكية هؤلاء الأطفال وتربيتهم على الخير، ولذلك قال النبي –صلى الله عليه وسلم-فيما يتعلق بالصلاة «مُروا أولادَكم بالصلاةِ لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشرٍ» سنن أبي داود(495) هذا الضرب لإصلاحه وتقويمه وتزكيته وتطيبه، إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل للصبي حجًا كما جاء في الصحيح من حديث ابن عباس في قصة المرأة التي رفعت للنبي –صلى الله عليه وسلم-صبيًا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ»مسلم(1336) وهذا يدل على أنهم مطالبون مع كونهم لم يجري عليهم قلم التكليف مطالبون بتربيتهم على الخير والطلب لأوليائهم أوليائهم مطالبون بتنشئتهم وتزكيتهم وتطهيرهم.

وأما الصوم فالصوم كان شائعًا في صبيان الصحابة رضي الله عنهم وهذا قبل فرض صوم رمضان، لما كانوا يصومون عاشوراء وهذا القول الثاني في كلام أهل العلم في فرض الصيام، أنه أولا كان الصوم مفروض بصيام عاشوراء ثم جاء صوم رمضان وخير الناس فيه بين الصيام والإفطار ثم كان لازمًا.

تقول الرُّبَيِّع بِنْت مُعَوِّذِ رضي الله عنها فيما كان عليه عمل الصحابة رضي الله عنهم زمن صيامهم لعاشوراء قالت:كُنَّا، بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ أي من القطن فإذا بكي أحدهم على الطعام أعطيناه إياها حتى يكون عند الإفطار. البخاري(1960), ومسلم(1136).أي يلهون أطفالهم وهذا يدل على أن الأطفال كانوا يعانون نوعا من المشقة المحتملة بمنعهم مما يشتهون من المأكل والمشرب وسائر ما يمنع منه الصائم، فدل هذا على أن الصوم مشروع في حق الصبيان.

فينبغي أن نربي صبياننا وهم مما يدخل في عموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] لكن ليس على وجه الوجوب، إنما على وجه التزكية والتطييب والتربية والتعويد للصيام الواجب وقد قال بعض أهل العلم إنه يطالب بالصيام إذا بلغ عشرًا، ومنهم من قال: يطالب بالصيام إذا كان يطيقه وكل هذا مما قاله أهل العلم لكن من حيث الطلب ليس طلبًا يلحقه به إثم، إنما هو طلب يعان فيه على التزكية والتربية والتنشئة على طاعة الله حتى إذا جاء وقت الوجوب وبلغ المبلغ الذي يطلب منه الصوم فرضًا وعينًا كان من المتأهلين لذلك القادرين عليه.

إذًا قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] هو خطاب لعموم الأمة إلا أنهم من رحمته –جل وعلا-استثنى أهل الأعذار هؤلاء وهم الذين يباح لهم الفطر في شهر رمضان هؤلاء لهم من الأحكام ما سيكون إن شاء الله تعالى بيانه وإيضاحه فيما نستقبل.

الله –جل وعلا-يقول: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] فما هو الصوم؟ إن الصوم حقيقة هو الامتناع عن المآكل والمشرب والجماع هذا في أصله، وما ذكره الله في كتابه ويضاف إلى هذا أنواع من امتناع النفس عن ملذاتها، فالصوم يمكن أن يقسم من حيث الإمساك فيه إلى أمرين إمساك عن أمور حسية وهي المطعم والمشرب والجماع، وإمساك عن أمور معنوية.

والذي ينبغي أن يكون الصوم حاضرًا في قلب العبد ليحفظ هذا الصوم ولهذا قال: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] وينبغي أن نفهم أن هذا الصوم مقصوده وغرضه هو تعظيم ما عظمه الله تعالى، مقصوده وغرضه هو تزكية النفوس وتطييبها وحملها على ما يرضى الله تعالى به عن عباده، فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا صيامًا مقبولًا، وأن يجعله خالصًا لوجهه، وأن يجعلنا ممن استعمل في طاعة الله ظاهرًا وباطنًا.

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتقبل مني ومنكم، ولا تبخسوا أنفسكم بالدعاء وسؤال الفضل من الله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94001 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف