الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ أحمدُهُ جَلَّ في عُلاهُ وأُثْني عليهِ الخيرَ كُلَّهُ, وأَشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إلَّا اللهُ ربُّ العالمينَ, وأشهدُ أَنَّ محمَّدا عبدُ اللهِ وَرسولهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وَعَلَى آلِهِ وأصحابِهِ ومنِ اتبعَ سُنتهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ, أَمَّا بَعْدُ:
فحياكمُ اللهُ ومرْحَبا بكمْ أيُّها الإِخوةُ والأخواتُ، يقولُ اللهُ جلَّ في عُلاهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرةُ: 183] هذه الآيةُ هيَ أولُ آيةٍ ذكرَ اللهُ تَعالَى فِيها هذا الفرضَ العظيمَ ذاكَ الركْنُ الَّذي لم تخْلُ أمةٌ مِنَ الأُمَمِ مِنْ فرضهِ وَمطالبتهمْ بهِ.
هذهِ الآيةُ ذكرَ اللهُ –جلَّ وَعَلا-فِيها فرْضَ الصيامِ لكنهُ ذكرهُ عَلَى وجهٍ ينبأُ عنْ عظيمِ رحمةِ اللهِ –جلَّ وعَلا-وكبيرِ إِحسانهِ وكبيرِ عنايتهِ بخلقهِ وهُوَ الربُّ الغنيُّ عنْ عبادهِ، فالأولُونَ والآخرونَ لوْ كانُوا علَى أتْقَى قلبِ رجُلٍ واحِدٍ ما زادَ ذلكَ في ملكِ ربنا شَيْئًا كَما لَوْ كانُوا علَى أفجرِ قلبِ رجلٍ واحدٍ مِنَ الخلقِ ما نقصَ ذلكَ مِنْ ملكِ اللهِ شيئًا، فاللهُ هُوَ الغنيُّ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾[فاطر: 15] جلَّ في عُلاهُ, مَعَ هَذا يذكرُ اللهُ تَعالَى هَذا الفرضَ علَى وجهٍ مِنَ الرقةِ وَالتدرجِ وَالحثِّ يجعلُ المؤمِنَ المقبلَ عَلَى ربهِ جلَّ في عُلاهُ الراغبَ فِيما عندهُ مُنْقادًا بكُلِّ انْشراحٍ يكُونُ مُقْبِلًا علَى اللهِ تعالَى بكُلِّ طُمأْنِينةٍ وارْتياحٍ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾[البقرة: 183] فهُوَ خِطابٌ لأهلِ الإيمانِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾[البقرة: 183] فهذا فرْضٌ فرضهُ اللهُ تَعالَى علَى الناسِ وفرضهُ عَلَى أَهْلِ الإِسلامِ خاصَّةً في هذهِ الآيةِ وأخبرهُمْ بِأنَّ هَذهِ الفريضةَ ليستْ مُبتدئةً في هذهِ الأمَّةِ، بَلْ هِيَ مِنَ الفَرائضِ الَّتي فرَضَها اللهُ تَعالَى علَى السابِقينَ مِنَ الأُممِ فَقالَ جلَّ في عُلاهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾[البقرة: 183] والتمثيلُ هُنا في أَصْلِ الفَرضيةِ لا في صفتِها، فصفةُ الصومِ تختلفُ مِنْ أمةٍ إِلَى أمةٍ، بَلْ في أمةِ الإِسلامِ لم تكُنْ صِفَةَ الصيامِ علَى وجهٍ واحدٍ بَلْ تغيرتْ عَلَى مراحِلَ كَما هُوَ معلومٌ في تشريعِ هَذِهِ الفَريضَةِ، إِلَّا أَنَّ اللهَ جلَّ في عُلاهُ قالَ في هذهِ الآيةِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة: 183] فبينَ اللهُ تَعالَى الغايةَ والسرَّ والسببَ وَالعلَّةَ وَالحكمةَ مِنْ فرْضِ الصَّوْمِ وهُنا أَقِفُ وَيجبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ يرغبُ في أَنْ يكُونَ نَشِيطًا في طاعةِ اللهِ تَعالَى أَنْ يَقِفَ عِنْدَ هَذا التَّعْليلِ القُرْآنيِّ، هَذا التعليلِ الربَّانيِّ لهذهِ الفريضةِ ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة: 183] أيْ: لأجْلِ أنْ تحصُلُوا على التقوَى.
إذًا اللهُ تعالَى فرضَ هَذا الصومَ علَى مشقتهِ وهوَ حبسُ النفسِ عنِ المفطراتِ مِنَ طلُوعِ الفجْرِ إِلَى غُروبِ الشَّمْسِ لِغايةٍ وحكمةٍ ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾ [النساء: 147] ليسَ هَذا المنعُ لِغايةٍ سُوَى أنْ تطيبَ نُفوسُ المؤْمِنينَ وأنْ تزكُو وتصلُحَ بِالتقوَى لهذا سلْ نفْسكَ لماذا فرضَ اللهُ تعالَى عليكَ الصَّوْمَ؟ بلْ فتشْ علَى الغايةِ والحكمةِ والسرِّ وَالسببِ في هَذا الصَّومِ في عملِكَ هَلْ هَذا الصومُ حقَّقَ الغايةَ وحقَّقَ المقصُودَ مِنَ الصِّيامِ، فاللهُ تَعالَى يقولُ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة: 183] فهلْ صوْمُكَ وهَلْ صوْمُكِ مما يحققُ التقْوَى؟ إنَّ لِلتقْوَى في هَذا الشَّهرِ مَزايا وَلهذا يَنْبَغِي للمؤمِنِ أَنْ يفتِّشَ عنْ عَلاماتِ وَسِماتِ التَّقْوى في عملِهِ في هَذا الشَّهرِ لعلهُ أَنْ يَفُوزَ بِأكبرِ نصيبٍ.
فنحنُ في سباقٍ والليالي والأَيَّامُ تتعاقبُ ونحنُ في أولِ الشهرِ سُرعانَ ما يؤذنُ بارتحالٍ وانقضاءٍ، وَلهذا الراشِدُ العاقِلُ هُوَ الَّذِي يستكثرُ مِنَ الخيراتِ فاستبقُوا الخيراتِ كَما أَمَرَ اللهُ تَعالى بِذلِكَ في غيرِ ما آيَةٍ مِنْ كِتابِهِ الحكِيمِ إِنَّ المؤْمِنَ يبحثُ عنْ أَسْبابِ التقْوَى، فَكَيفَ يكُونُ الصومُ مُنْتجًا للتقْوَى؟ لاسِيَّما صوْمُ هذا الشهرِ وإِنْ كانَ الصَّوْمُ عُمُومًا في هَذا الشَّهْرِ وغيرهِ مِنْ أَثوابِ التقْوَى، لكنهُ في هَذا الشهْرِ علَى وجْهِ الخصُوصِ التقْوَى عَلاماتهُ فيهِ ظاهرةٌ، وَلهذا هُوَ شهْرُ التقْوَى وقَدْ قالَ الشاعِرُ:
فطوبى لمنْ كانتِ التقْوَى بِضاعتَهُ في شهرهِ وبِالأعمالِ مشتغلا
طُوبَى لمنْ كانَ مُشْتغِلا بما يقربُهُ إِلَى اللهِ تَعالَى مُتَحَلِّيًا بِالتَّقْوَى في قولهِ وَفي عملِهِ وفي سائرِ شأْنِهِ، إِنَّ مِنْ أَسْبابِ التَّقْوَى في هَذا الشهْرِ إِنَّهُ شَهْرٌ يكُفُّ الإِنْسانُ فيهِ نفسهُ عمَّا أمرهُ اللهُ تَعالَى بأَنْ يَكُفَّ عنهُ في مطعَمِهِ وَفي مشربِهِ وَفي ملذَّاتِهِ مِنَ النكاحِ ونحوهِ.
وهَذا كلُّهُ طاعةٌ للهِ، هَذا كلُّهُ رَغْبةً فِيما عندَ اللهِ –جلَّ وَعَلا-وَلهذا كانَ العطاءُ كبيرًا عَظِيمًا فقَدْ جازَ أَجْرَ الصيامِ قانونَ التقديرِ وَالحسابِ (الصومُ لي وأَنا أجْزِي بِهِ) البخاري(1904), ومسلم(1151) أعطِني عملا يقولُ فيه الربُّ –جلَّ وعَلا-: الصَّومُ لي وأَنا أَجْزي بهِ كُلُّ الأعمالِ في غالبِها جاءَ بيانُ أجرِها وثوابِها إِلَّا أنَّ هَذا العملَ قدْ اسْتأْثرَ اللهُ تَعالَى بِهِ ولهذا قالَ ابْنُ العَربي –رحمهُ اللهُ-في بيانِ أَجْرِ الصيامِ قالَ: "جاز قانونَ التقديرِ وَالحسابِ" أيْ: تعَدَّى كلَّ قانونٍ يحسبُ بِهِ الأجرُ؛ وذلكَ أنهُ بيَْن العبدِ وربهِ، فلَمَّا كانَ بيَن العبدِ وربهِ استأثَرَ اللهُ تَعالَى بالإثابَةِ عليهِ فلمْ يُطلعْ علَى ذلكَ أَحدا، ويكْفِي أنَّ الأَجْرَ عِنْدَ منْ بيديهِ خَزائنُ السَّمواتِ وَالأرْضِ، يكْفِي أنَّ الأَجْرَ مِنَ اللهِ الَّذِي لهُ الأُولَى والآخرةِ سُبْحانهُ وبحمْدِهِ.
ولهذا يقولُ في سرِّ هَذا الأجرِ للصيامِ يقولُ: يدعُ طَعامهُ وشرابهُ وشهوتَهُ مِنْ أجلهِ هكَذا في الصحيحينِ مِنْ حَدِيثِ أَبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ (يدَعُ طَعامهُ وَشرابهُ وشهوتَهُ مِنْ أَجْلِي) البُخاري(1904), ومسلمٌ(1151)أتظنُّونَ أَنَّ نفسًا مُرِّنتْ وتدرَّبَتْ علَى ترْكِ الملذَّاتِ والمشتهَياتِ سِرًا ولَيْسَ جِهارًا، فالصومُ بينكَ وبينَ اللهِ لم يَطَّلِعْ عليهِ أحدٌ لا يشرفُ عليهِ رقيبٌ وَلا يُتابعهُ مُحاسبٌ هُوَ بينكَ وَبينَ اللهِ تَعالَى، أتظنُّونَ أَنَّ نَفْسًا تتمرَّنُ عَلَى حجْبِ نفْسِها عمَّا يُغْضِبُ اللهَ تَعالَى شهْرًا كامِلًا لا يُثمِرُ هَذا في عملِها التقْوَى، وَلا يُثمرُ في عملَها زكاةً ومراقبةً في سائِرِ العمَلِ.
إنَّ مَنِ امتنعَ عمَّا يشتَهِي سِرًا دُونَ أنْ يَطَّلِعَ عليهِ أحدٌ امتنعُوا عَمَّا يكُونُ مِنَ المعامَلاتِ الَّتي بيْنَها وبيَنَ الناسِ مما حرَّمَ اللهُ تَعالَى عَلَى الناسِ كافَّةً ولهذا منْ أعظمِ ثِمارِ هَذا الشهْرِ أَنْ يُربِّي في نفُوسِ الناسِ التزكيةَ وَالتقْوَى، إِنَّ التَّقْوَى تحصُلُ في هذا الشهرِ بكثرةِ الأَعْمالِ الصالحةِ فهُوَ شَهْرُ الصِّيامِ فمنْ صامَ رَمَضانِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ لهُ ما تقدمَ مِنْ ذَنْبِهِ، شهرُ القيامِ مَنْ قامَ رَمَضانَ إِيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ لهُ ما تقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، شهرُ الإِنْفاقِ فقَدْ كانَ النبيُّ –صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ-أجودُ الناسِ وكانَ أَجودَ ما يكُونُ في شهْرِ رَمضانَ كُلُّ هَذا يثمِرُ عَلَى القلْبِ تزكيةً، فالحسنةُ تجرُّ أُخْتَها وَالسيئةُ تَذهَبُ بِسَبَبِ كثرةِ الحسناتِ كَما قالَ اللهُ –جلَّ وَعَلا-في أمرهِ بِالصَّلاةِ ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾[هود: 114] فتضيقُ دائرةُ السيئاتِ في الأَعْمالِ، وَتَضِيقُ دَائرةُ السَّيئاتِ في الثَّوابِ والجزاءِ لأنَّها ضاقَتْ في الواقعِ والعملِ، إِنَّ مِنْ أَسْبابِ حُصُولِ التَّقْوَى إِعانةُ اللهِ تَعالَى العبادَ في هَذا الشهْرِ بأَنْ حجزَ عنهُمْ عدُوَّهُمْ، الَّذي لم يترُكْ خَيْرًا إِلَّا سدَّهُمْ عنهُ وَلا شَرًا إِلَّا رغَّبهُمْ فيهِ كَما وصَفَ اللُه تَعالَى حالهُ في قولِهِ: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: 16-17] يعني لا تجدُ أكثرهُمْ عابِدينَ لأنهُمْ حِيلَ بينهُمْ وَبينَ العِبادَةِ بسببِ هَذا الكيدِ الكُبَّارِ، وهَذا المكْرُ المتتابعُ وهَذا العداءُ المستطِيلُ الَّذِي تسَلَّطَ فيهِ الشَّيطانُ علَى الإِنْسانِ، فَيُعِيقُهُ في سيرهِ إِلَى اللهِ تَعالَى.
إنَّ المؤمِنَ يَستكثرُ مِنَ الخيراتِ ويفرحُ بِأسبابِ التَّقْوَى في هَذا الشهْرِ، فإنَّ اللهَ تعالَى أَعانَهُ وَكانَ هَذا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبابِ الخيرِ لهُ: إِذا لمْ يكُنْ عونٌ مِنَ اللهِ لِلفتَى، فأوَّلُ ما يجْني عليهِ اجْتهادُهُ.
إذًا تَقْوَى اللهِ تَعالَى تحصُلُ في هَذا الشهرُ بِالصِّيامِ، تَقْوَى اللهِ تحصُلُ بِسائِرِ الأعْمالِ الصالحةِ، تقْوَى اللهِ تحصُلُ أَيْضًا بتمرينِ الإِنْسان نفْسَهُ عَلَى أَنْ يكُفَّها عما يكون سببًا لما يغضب الله –جلَّ وعَلا-ثُمَّ أَيْضًا يكون بإعانةِ اللهِ –جلَّ وعَلا-للعبدِ أَنْ حَجَزَ عنْهُ عَدُوَّهُ ومنعَ بينهُ وَبيْنَ الشَّيْطانِ الَّذِي قَعَدَ لهُ عَلَى هَذا الصِّراطِ.
إنَّ مَنْ غابَتْ عنهُ أَسبابُ العِباداتِ وَآثارِها وَحكْمِها يفوتُهُ خيرٌ كثيرٌ، ولهذا أَقُولُ يجبُ أَنْ نَقِفُ عندَ قولِ النبيِّ –صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسلَّمَ-الَّذِي رواهُ الإِمامُ البُخاريُّ منْ صَحيحهِ في حديثِ أَبي هُريرةَ «مَنْ لم يَدعْ قولَ الزُّورِ والعَملَ بهِ فلَيْسَ للهِ حاجةً في أنْ يدعَ طَعامهُ وَشرابَهُ» البُخاريُّ(1903) (لعلكُمْ تَّتقُونِ) لا يمكِنُ أَنْ تتَحَقَّقَ في شخْصٍ أَطلقَ لِلسانِهِ العِنانَ في صِيامِهِ، فاغْتابَ وكذَبَ وحلفَ زُورًا ونمَّ وقالَ جميعُ ما يُقالُ مِنَ القوْلِ السيءِ بِالسبِّ وَالشتمِ أَوِ الدَّعْوةِ لغيرِ اللهِ أَوْ ما إِلَى ذلِكَ أوْ صدَّ عنْ سبيلِ اللهِ، فكُلُّ هؤُلاءِ قالُوا زُورًا فصيامُهُمْ منْقوصٌ، كَما أنَّ ذاكَ الَّذي أَعْمَلَ جَوارحَهُ بِالزورِ وَهُوَ الباطِلُ قَدْ قصرَ في تحقِيقِ التقْوَى، ولذلكَ قال النبيُّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- ليبينَ أنْ ليسَ الصومُ أَنْ تمنعَ نفسكَ عنْ طَعامٍ أوْ شرابٍ ونكاحٍ ثم تطلِقُ لِلسانِكَ العَنانَ وَلجوارِحِكَ العَنانَ في كلِّ ما يُغضبُ اللَه تَعالَى: «منْ لمْ يدَعْ قَوْلَ الزورِ» أَيِ القولُ الباطلُ وَالعملُ بِهِ «فليسَ للهِ حاجةً في أنْ يدعَ طعامَهُ وَشرابهُ» البُخاريُّ(1903).
أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمَ أَنْ يرزُقَنا صِيامًا يَرْضى بهِ عنَّا، وأنْ يُعينَنا وإياكُمْ عَلَى الصالحاتِ، وصَلَّى اللهُ وسلَّمَ علَى نبيِّنا محمدٍ وعَلَى آلِهِ وأَصْحابِهِ أجمعينَ.






