×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / فادعوه بها-1 / الحلقة (28)العظيم (الجزء الأول)

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله العظيم الحليم، الحمد لله الذي بيده ملكوت كل شيء، ذو العظمة والسلطان، والعز والملك الذي لا يرام، أحمده جل في علاه حق حمده، لا أحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله العظيم الحليم، أشهد أن لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، دعا إلى الله فبصر من العمى، وهدى من الضلالة، وهدى إلى السبل المستقيمة، ودل على ربه بأوفى بيان وأفصح لسان، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته إلى يوم الدين بإحسان، أما بعد:

فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الإخوة والأخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم: فادعوه بها.

في هذه الحلقة سنتناول اسما من أسماء الله تعالى العظيمة، اسما من أسمائه الحسنى، وكل أسمائه حسنى، وكل أسمائه عظمى، لا يقدر الخلق قدره، ولا يبلغون عظمته جل في علاه ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾+++[الأنعام:91]---، شأن الله عظيم، وهو سبحانه وتعالى العظيم الحليم.

سنتكلم في هذه الحلقة عن اسم الله: العظيم، ذلك الاسم الذي سمى الله تعالى به نفسه في كتابه وسماه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد ذكر الله تعالى هذا الاسم في مواضع عديدة، وأمر بتمجيده وتقديسه فقال: ﴿فسبح باسم ربك العظيم﴾+++[الواقعة:74]---، وقال جل في علاه : ﴿إنه كان لا يؤمن بالله العظيم﴾+++[الحاقة:33]---، جريمة كبرى، كارثة عظمى أن يجحد القلب وينكر حق الله تعالى ﴿إنه كان لا يؤمن بالله العظيم﴾+++[الحاقة:33]---.

كيف تطيب النفوس؟ وكيف تستقر القلوب؟ وكيف تسكن الأفئدة وهي تجحد الله العظيم الذي له العظمة المطلقة سبحانه وتعالى؟ لا يمكن أن يكون هذا في قلب سليم، بل تلك هي القلوب الميتة، والقلوب المظلمة، والقلوب المرتكسة المنتكسة، وتلك القلوب التي عمت فلم تبصر تلك العظمة، فقد جعل الله تعالى دلائل عظمته في كونه وفي فعله وفي خطاب رسله ما لا يمكن أن يفوت ذو بصر، فإن الله تعالى أقام الشواهد على عظمته.

إن اسم الله تعالى العظيم ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في سنته في مواضع عديدة وفي مناسبات كثيرة، من ذلك: أنه كان صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي العالية عن ابن عباس إذا نزل به كرب يدعو بقوله: {لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب العرش العظيم}+++صحيح البخاري (6345)، وصحيح مسلم (2730)---، وقد جاء أنه كان إذا عاد مريضا يقول: {أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك}، وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من عاد مريضا لم يحضر أجله} أي: لم يكتب الله تعالى له الوفاة، {فقال عنده سبع مرات: اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله تعالى من ذلك المرض}+++سنن أبي داود (3106), وسنن الترمذي (2083)---، وقد قال صلى الله عليه وسلم : {كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده}+++صحيح البخاري (6406)، وصحيح مسلم (2694)---.

وقد قال الله تعالى في بيان عظيم جرم من نازع الله عظمته فيما روي من حديث أبي هريرة: {الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، من نازعني واحدا منهما ألقيته في النار}+++سنن أبي داود (4090)، وسنن ابن ماجة (4174)---.

دلائل إثبات عظمة الله تعالى أو إثبات أن الله عظيم في الكتاب والسنة أكثر من أن تحصى أو تحصر، فليس الشأن في أن نعد ذلك أو أن نذكره فإن المقام يضيق عن ذلك، لكن ما معنى اتصاف الله عز وجل بهذا الوصف؟ وما معنى اسم الله تعالى (العظيم)؟

العظيم: هو ذو العظمة الذي كل شيء دونه، فلا شيء أعظم منه جل في علاه وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما ترجمان القرآن: (العظيم الذي قد كمل في عظمته)، فهو العظيم سبحانه الذي تتضاءل عند عظمة جبروته الجبابرة، وتصغر في جنب جلاله أنوف الملوك القاهرة، فسبحان من له العظمة، وسبحان من له الكبرياء! وسبحان من له القهر والغلبة لكل شيء! فهو على كل شيء قدير، هو القاهر فوق عباده.

والله أكبر من يخاف جلاله

 

أملاكه من فوقهم ببيان

فلأملاك وهم الملائكة على عظيم قدرتهم وكبير خلقهم وعظيم جاههم عند الله عز وجل يخافونه سبحانه وبحمده فله الحمد كله، وما خافوه إلا لعظمته، وما خافوه إلا لجلاله سبحانه وبحمده وكبير صفاته، فله الأسماء الحسنى وله الصفات العلى جل في علاه.

العظمة صفة من صفات الله تعالى لا يقوم لها الخلق، والله تعالى خلق ما يدل على هذه العظمة في كل شيء من الكون، والناس يستحقون نوعا من التعظيم بأسباب مختلفة، فمنهم من يعظم لولادته، أي: أنه والد مثلا، ومنهم من يعظم لعلمه، ومنهم من يعظم لجاهه، ومنهم من يعظم لماله، ومنهم من يعظم لفضله، ومنهم من يعظم لسلطانه، وهذه معان مختلفة، لكن كل ذلك ليس بشيء أمام عظمة الله الذي اجتمعت له كل موجبات التعظيم، فكل أسباب التعظيم ثابتة له سبحانه وبحمده ولذلك تعظيمه جل في علاه لا يستفاد من معنى واحد، ولهذا لا يفسر العظيم بأنه الكبير أو أنه القدير أو أنه العليم فقط، بل هو عظيم لعلمه وقدرته وسمعه وبصره وإلهيته وربوبيته وسائر صفاته جل وعلا.

يقول ابن القيم رحمه الله:

وهو العظيم بكل معنى يوجب

 

التعظيم لا يحصيه من إنسان

أي: أنه عظيم بكل المعاني، ويصعب على الإنسان أن يحصي موجبات تعظيم الله عز وجل أو أن يعرفها، لذلك فهذا الاسم متضمن لصفات عديدة، فالعظيم من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال، فهو غير مستفاد من معنى واحد، بل مستفاد من مجموع ما أخبر الله تعالى به عن نفسه من صفاته وأفعاله وأسمائه سبحانه وبحمده.

وكلما ازداد الإنسان علما بالله عز وجل ومعرفة بكمالاته ظهر له من عظمته جل في علاه ما يعرف به عظيم قدر ربه، إن الله تعالى أقام دلائل عظمته في الآفاق، في هذا الصنع البديع وهذا الخلق الكبير، وكذلك في الأرض، وكذلك في الأنفس، ودعانا إلى التأمل والاعتبار لينعكس ذلك على قلوبنا تعظيما لهذا الرب الذي هذا صنعه وهذا خلقه جل في علاه ﴿هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه﴾+++[لقمان:11]--- سبحانه وبحمده.

إن الله تعالى أقام شواهد عظمته فيما جاءت به الأخبار وجاءت به الرسل في الكتب التي أوحيت إليهم ومنها بل أعظمها القرآن العظيم، فقد تضمن من تعظيم الله وإجلاله والإخبار عنه بما يوجب تعظيمه سبحانه وبحمده في ذكر أسمائه وصفاته وسائر شأنه، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم كثير الذكر لهذا الوصف، يلهج بذكر عظمة ربه جل في علاه في صلاته، فكان صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بأن يعظموا الله في سجودهم، فيما رواه الإمام مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: {كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستار في مرض موته}، وهي ستارة كانت بينه وبين الناس في المسجد والناس صفوف خلف أبي بكر رضي الله عنه فقال: {أيها الناس، إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له}، ثم قال صل الله عليه وسلم : {ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا}، ثم قال: {فأما الركوع} وهو الانحناء الذي يقتضي الذل والخضوع لله عز وجل {وأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم}+++صحيح مسلم (479)--- يعني: قريب وحري أن يستجاب لكم.

كان النبي صلى الله عليه وسلم يوجه الأمة إلى تعظيم الله في الركوع، وهنا في الركوع تعظيمان: تعظيم فعلي بأن يحني ظهره ذلا وخضوعا لمن ذلت له الجبابرة، لله الذي هو رب كل شيء سبحانه وبحمده وأيضا: تعظيم قولي، بأن يقول: سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، وهذا التعظيم يطال كل جزئية من جزئياتك، ولذلك يقول المؤمن في ركوعه: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي، فكل ذلك تعظيم لله جل في علاه إنه يعظم الله بكل ما فيه، ليس فقط بقوله أو بركوعه، إنما هو تعظيم بكل جزئياته؛ لأنه العظيم الذي لا يقدر الناس قدره سبحانه وبحمده ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾+++[الزمر:67]---.

اللهم ارزقنا تعظيمك والقيام بحقك، ومن علينا بتحقيق العبودية لك، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم: فادعوه بها، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:3175

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، الحمد لله العظيم الحليم، الحمد لله الذي بيده ملكوت كل شيء، ذو العظمة والسلطان، والعز والملك الذي لا يُرام، أحمده جل في علاه حق حمده، لا أحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله العظيم الحليم، أشهد أن لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، دعا إلى الله فبصر من العمى، وهدى من الضلالة، وهدى إلى السبل المستقيمة، ودلَّ على ربه بأوفى بيان وأفصح لسان، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته إلى يوم الدين بإحسان، أما بعد:

فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم: فادعوه بها.

في هذه الحلقة سنتناول اسماً من أسماء الله ـ تعالى ـ العظيمة، اسماً من أسمائه الحسنى، وكل أسمائه حسنى، وكل أسمائه عظمى، لا يقدر الخلق قدره، ولا يبلغون عظمته ـ جل في علاه ـ ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ[الأنعام:91]، شأن الله عظيم، وهو سبحانه وتعالى العظيم الحليم.

سنتكلم في هذه الحلقة عن اسم الله: العظيم، ذلك الاسم الذي سمى الله ـ تعالى ـ به نفسه في كتابه وسماه به رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقد ذكر الله ـ تعالى ـ هذا الاسم في مواضع عديدة، وأمر بتمجيده وتقديسه فقال: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ[الواقعة:74]، وقال ـ جل في علاه ـ: ﴿إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ[الحاقة:33]، جريمة كبرى، كارثة عظمى أن يجحد القلب وينكر حق الله ـ تعالى ـ ﴿إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ[الحاقة:33].

كيف تطيب النفوس؟ وكيف تستقر القلوب؟ وكيف تسكن الأفئدة وهي تجحد الله العظيم الذي له العظمة المطلقة سبحانه وتعالى؟ لا يمكن أن يكون هذا في قلب سليم، بل تلك هي القلوب الميتة، والقلوب المظلمة، والقلوب المرتكسة المنتكسة، وتلك القلوب التي عمت فلم تبصر تلك العظمة، فقد جعل الله ـ تعالى ـ دلائل عظمته في كونه وفي فعله وفي خطاب رسله ما لا يمكن أن يفوت ذو بصر، فإن الله ـ تعالى ـ أقام الشواهد على عظمته.

إن اسم الله ـ تعالى ـ العظيم ذكره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سنته في مواضع عديدة وفي مناسبات كثيرة، من ذلك: أنه كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في الصحيحين من حديث أبي العالية عن ابن عباس إذا نزل به كرب يدعو بقوله: {لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب العرش العظيم}صحيح البخاري (6345)، وصحيح مسلم (2730)، وقد جاء أنه كان إذا عاد مريضاً يقول: {أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك}، وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من عاد مريضاً لم يحضر أجله} أي: لم يكتب الله تعالى له الوفاة، {فقال عنده سبع مرات: اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله تعالى من ذلك المرض}سنن أبي داود (3106), وسنن الترمذي (2083)، وقد قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: {كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده}صحيح البخاري (6406)، وصحيح مسلم (2694).

وقد قال الله ـ تعالى ـ في بيان عظيم جرم من نازع الله عظمته فيما روي من حديث أبي هريرة: {الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، من نازعني واحداً منهما ألقيته في النار}سنن أبي داود (4090)، وسنن ابن ماجة (4174).

دلائل إثبات عظمة الله ـ تعالى ـ أو إثبات أن الله عظيم في الكتاب والسنة أكثر من أن تحصى أو تحصر، فليس الشأن في أن نعد ذلك أو أن نذكره فإن المقام يضيق عن ذلك، لكن ما معنى اتصاف الله ـ عز وجل ـ بهذا الوصف؟ وما معنى اسم الله ـ تعالى ـ (العظيم)؟

العظيم: هو ذو العظمة الذي كل شيء دونه، فلا شيء أعظم منه ـ جل في علاه ـ وقد قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ترجمان القرآن: (العظيم الذي قد كمل في عظمته)، فهو العظيم ـ سبحانه ـ الذي تتضاءل عند عظمة جبروته الجبابرة، وتصغر في جنب جلاله أنوف الملوك القاهرة، فسبحان من له العظمة، وسبحان من له الكبرياء! وسبحان من له القهر والغلبة لكل شيء! فهو على كل شيء قدير، هو القاهر فوق عباده.

والله أكبر من يخاف جلاله

 

أملاكه من فوقهم ببيان

فلأملاك وهم الملائكة على عظيم قدرتهم وكبير خلقهم وعظيم جاههم عند الله ـ عز وجل ـ يخافونه ـ سبحانه وبحمده ـ فله الحمد كله، وما خافوه إلا لعظمته، وما خافوه إلا لجلاله سبحانه وبحمده وكبير صفاته، فله الأسماء الحسنى وله الصفات العلى جل في علاه.

العظمة صفة من صفات الله ـ تعالى ـ لا يقوم لها الخلق، والله ـ تعالى ـ خلق ما يدل على هذه العظمة في كل شيء من الكون، والناس يستحقون نوعاً من التعظيم بأسباب مختلفة، فمنهم من يعظَّم لولادته، أي: أنه والد مثلاً، ومنهم من يُعظَّم لعلمه، ومنهم من يُعظَّم لجاهه، ومنهم من يُعظَّم لماله، ومنهم من يُعظَّم لفضله، ومنهم من يُعظَّم لسلطانه، وهذه معانٍ مختلفة، لكن كل ذلك ليس بشيء أمام عظمة الله الذي اجتمعت له كل موجبات التعظيم، فكل أسباب التعظيم ثابتة له ـ سبحانه وبحمده ـ ولذلك تعظيمه ـ جل في علاه ـ لا يستفاد من معنىً واحد، ولهذا لا يفسر العظيم بأنه الكبير أو أنه القدير أو أنه العليم فقط، بل هو عظيم لعلمه وقدرته وسمعه وبصره وإلهيته وربوبيته وسائر صفاته جل وعلا.

يقول ابن القيم رحمه الله:

وهو العظيم بكل معنىً يوجب

 

التعظيم لا يحصيه من إنسان

أي: أنه عظيم بكل المعاني، ويصعب على الإنسان أن يحصي موجبات تعظيم الله عز وجل أو أن يعرفها، لذلك فهذا الاسم متضمن لصفات عديدة، فالعظيم من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال، فهو غير مستفاد من معنىً واحد، بل مستفاد من مجموع ما أخبر الله ـ تعالى ـ به عن نفسه من صفاته وأفعاله وأسمائه سبحانه وبحمده.

وكلما ازداد الإنسان علماً بالله ـ عز وجل ـ ومعرفة بكمالاته ظهر له من عظمته ـ جل في علاه ـ ما يعرف به عظيم قدر ربه، إن الله ـ تعالى ـ أقام دلائل عظمته في الآفاق، في هذا الصنع البديع وهذا الخلق الكبير، وكذلك في الأرض، وكذلك في الأنفس، ودعانا إلى التأمل والاعتبار لينعكس ذلك على قلوبنا تعظيماً لهذا الرب الذي هذا صنعه وهذا خلقه ـ جل في علاه ـ ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ[لقمان:11] سبحانه وبحمده.

إن الله ـ تعالى ـ أقام شواهد عظمته فيما جاءت به الأخبار وجاءت به الرسل في الكتب التي أوحيت إليهم ومنها بل أعظمها القرآن العظيم، فقد تضمن من تعظيم الله وإجلاله والإخبار عنه بما يوجب تعظيمه ـ سبحانه وبحمده ـ في ذكر أسمائه وصفاته وسائر شأنه، لذلك كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كثير الذكر لهذا الوصف، يلهج بذكر عظمة ربه ـ جل في علاه ـ في صلاته، فكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأمر أصحابه بأن يعظموا الله في سجودهم، فيما رواه الإمام مسلم من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: {كشف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الستار في مرض موته}، وهي ستارة كانت بينه وبين الناس في المسجد والناس صفوف خلف أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ فقال: {أيها الناس، إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له}، ثم قال ـ صل الله عليه وسلم ـ: {ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً}، ثم قال: {فأما الركوع} وهو الانحناء الذي يقتضي الذل والخضوع لله ـ عز وجل ـ {وأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم}صحيح مسلم (479) يعني: قريب وحري أن يستجاب لكم.

كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوجه الأمة إلى تعظيم الله في الركوع، وهنا في الركوع تعظيمان: تعظيم فعلي بأن يحني ظهره ذلاً وخضوعاً لمن ذلت له الجبابرة، لله الذي هو رب كل شيء ـ سبحانه وبحمده ـ وأيضاً: تعظيم قولي، بأن يقول: سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، وهذا التعظيم يطال كل جزئية من جزئياتك، ولذلك يقول المؤمن في ركوعه: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي، فكل ذلك تعظيم لله ـ جل في علاه ـ إنه يعظم الله بكل ما فيه، ليس فقط بقوله أو بركوعه، إنما هو تعظيم بكل جزئياته؛ لأنه العظيم الذي لا يقدر الناس قدره ـ سبحانه وبحمده ـ ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ[الزمر:67].

اللهم ارزقنا تعظيمك والقيام بحقك، ومُنَّ علينا بتحقيق العبودية لك، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم: فادعوه بها، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المادة التالية

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94001 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف