المقدم:- مشاهدينا الكرام بالأمس تحدثنا وإياكم وحدثنا ضيفنا عن الله –سبحانه وتعالى- المرسل للرسل وخالق هذا الكون أجمع، لكن أمرًا عظيمًا جسيمًا حدث في السماء السابعة دار بين الخالق –سبحانه وتعالى- وملائكته عندما قال: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ البقرة: 30 هذا الموقف يحدثنا عنه فضيلة الشيخ خالد شيخ خالد لو صورت الموقف الذي حدث بين الله –سبحانه وتعالى- ورسله والملائكة عندما أخبرهم بأنه جاعل في الأرض خليفة.
الشيخ:- الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.
فأسال الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وأن يجعلنا من أهل البصيرة الذين يعلمون ما ذكره الله ورسوله يؤمنون بذلك إيمانًا جازمًا ويقينًا راسخًا.
أولًا فيما يتعلق بخبر الله –جل وعلا- عن بداية الخلق هو خبر لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه معنى هذا أن هذه الأمور الغيبية التي لا تدركها عقولنا يجب أن نقف فيها مع النص مع الخبر الذي جاء به فهو لا ينطق عن الهوى –صلى الله عليه وسلم-.
العقول خلقها الله نعمة لعباده للتأمل في آياته والنظر فيما أبدعه –جل وعلا- للاستدلال بها عليه –سبحانه وبحمده- لكن هذا العقل مهما أؤتي من قوة وقدرة يجب أن يكون في حدود ما رسم له وألا يتجاوز ذلك لأنه لا يمكن أن يصل إلى نور ولا إلى هداية إذا خاض في أمور الغيب، لذلك نقف مع أمور الغيب حيث جاءت به النصوص وقد قال السلف قد أحسن من انتهى إلى ما قد سمع أي ينبغي ألا نتجاوز ما جاءت به النصوص في مسائل الغيب لأنه إذا تجاوزناها فنحن نضرب في عمى لا ندرك يقينًا ولا نصيب هدى لأن العقول لم تخلق لهذا، ليس تحجيمًا لدور العقل إنما هو تصويب وترشيد لهذا العقل الذي به يدرك الإنسان ما يمكنه إدراكه ويقف حيث يجب أن يقف.
المقدم:- وما خسر الخاسرون وما هلك الهالكون إلا عندما تجاوزوا هذه النقطة تحديدًا.
الشيخ:- بالتأكيد يقول الله –جل وعلا- فيما قصه من خبر بداية الخلق ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ البقرة: 30 هذا خبر من الله –جل وعلا- عما أخبر به ملائكته لا ندري أين هذا هل هو في السماء السابعة؟ لا ندري إنما هو خبر الله عما جرى من إخباره ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ البقرة: 30 وهو هذا المخلوق الإنسي بالإجماع أنه آدم أول إنسان خلقه الله تعالى، والله –جل وعلا- خلق هذا البشر المختلف لونًا وجنسًا وفكرًا وعقدًا خلقه من إنسان واحد ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ النساء: 1 رجال ونساء على صنوف شتى وألوان مختلفة.
الله أخبر الملائكة جل في علاه أنه جاعل في الأرض خليفة، وهذا شيء من مهام هذا الإنسان، وبين أنه في الأرض مع أنه خلقه في الجنة، خلقه في السماء –سبحانه وبحمده- لكنه أخبر بأنه في الأرض سيكون ويؤول أمره إلى الأرض هذا خبر الله تعالى لملائكته.
الملائكة عليهم صلوات الله وسلامه كان موقفهم من هذا الخبر أن ردوا على وجه الاستشكال لطلب كشف ما دار في أذهانهم من شبهة: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ البقرة: 30 فنحن نحقق العبادة لك بتمام التقديس والتمجيد والتحميد وسائر ألوان التعبد فقال الله –جل وعلا- لهم ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ البقرة: 30
المقدم:- يعني هذا ليس سؤال اعتراض من الملائكة؟
الشيخ:- هذا ليس بالتأكيد سؤال اعتراض لأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون إنما هو استشكال ورد في أذهانهم وشفاء العيب سؤال، ولذلك سألوا الله –جل وعلا- طالبين كشف هذه الشبهة التي وردت على أذهانهم وعلى قلوبهم، فأجاب الله –جل وعلا- عن ذلك بما أجاب في محكم كتابه قال: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ البقرة: 30 وهذا إغلاق ليس غائبًا عني –سبحانه وبحمده- فقد أحاط بكل شيء علمًا لكن اقتضت حكمته إيجاد هذا المخلوق مع ما يكون مما قد يرافقه مما ذكره الملائكة، الملائكة ذكروا شيئًا حقيقيًا وقد وقع، فقد وقع من بني آدم سفك الدماء والفساد في الأرض هذا ما كان في بداية الخلق.