لو نظرنا في أدلة الكتاب والسنة ما وجدنا نصًّا يقول: يحرم على المحرم أن يلبس مخيطًا، فهذا اللفظ لا وجود له لا في الكتاب، ولا في السنة، ولا في المأثور عن الصحابة رضي الله عنهم، وأول من نقل عنه هذا اللفظ هو إبراهيم النخعي، من فقهاء التابعين، وأحد تلاميذ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ولكن جرى عليها فقهاء المذاهب، فتراهم يقولون: يمنع المحرم من لبس المخيط، ونحو ذلك، ولا يقصدون بالمخيط ما فيه خياطة، وإنما يقصدون بالمخيط ما كان مفصلا على أعضاء البدن، من اللباس المعتاد، وعليه لو أن شخصا ضخم البدن، وكان الإحرام المعتاد لا يستر جسمه، فأخذ قطعتين وخاطهما، فهل يسمى هذا مخيطا؟ الجواب: لا، خلافًا لما يظنه كثير من الناس من أن كل شيء فيه خياطة فهو محرم على المحرم، حتى الساعات والنعال ونحوهما، وهذا خطأ، بل المقصود ما فصل على البدن، أرأيت لو أن لباسًا ليس فيه خياطة، ولكنه مفصل على البدن ـ كالفنيلة ـ هل يلبسه المحرم؟ لا، ليس لكونه مخيطًا، بل لكونه لباسًا معتادًا مفصلاً على البدن.
النبي قال: (لا يلبس القميص) وهو الثوب الذي يستر، سواء كان طويلاً يستر البدن كله، أو كان أقصر من هذا، قال: (ولا البرانس) وهي ثياب تشبه ثياب المغاربة، التي يكون فيها غطاء الرأس ملتصقا بالثوب.
قال: (ولا العمائم) وهي ما يلف على الرأس.
قال: (ولا السراويلات) وهي السراويل التي يلبسها الناس، سواء كانت قصيرة أو طويلة. هذه الأشياء الممنوعة في اللباس على المحرم، وأخذ منها العلماء مسمى المخيط، وقالوا: يمنع المخيط على المحرم، لكن الأفضل في التعبير أن يقال: إن المحرم ممنوع من لبس ما فصل على هيئة البدن، من اللباس المعتاد.