من كان دون المواقيت، كأهل جدة وبحرة وعسفان، ونحوها من القرى والمدن التي ليس بينها وبين مكة ميقات، هؤلاء يحرمون من أماكنهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن كان دون ذلك) أي: دون هذه المواقيت (فمن حيث أنشأ) يعني من حيث ابتدأ نية الحج والعمرة، (حتى أهل مكة من مكة) وهذا في الحج، وأما في العمرة فيحرمون من الحل؛ لأن عائشة ـ رضي الله عنها ـ لما أرادت العمرة بعد الحج، أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تخرج إلى الحل، فخرجت مع أخيها عبد الرحمن وأحرمت من التنعيم، ولذلك يسمى المسجد الذي في التنعيم بمسجد عائشة؛ لأنها رضي الله عنها أحرمت من ذلك المكان.
وسبب هذا التفريق بين الحج والعمرة بالنسبة لأهل مكة من وجهين:
الأول: أن النصوص دلت على ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم حدد مواقيت الحج والعمرة، فيجب أن نقف عندها.
الثاني: فارق معنوي، وهو أن العمرة مأخوذة من الزيارة، فلا بد لمن يريد البيت أن يأتي إليه من الحل، حتى يكون زائرا حقيقة، وأما إذا أحرم من مكة فلا يتحقق فيه هذا الوصف، والله أعلم.