السؤال:
ما هو أفضل الأنساك؟
الجواب:
القران هو أن يجمع الحج والعمرة بإحرام واحد، فيحرم بهما في أشهر الحج، ويتحلل منهما تحللاً واحدًا، وأما التمتع فيحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم يتحلل منها، ويحرم بالحج من عامه، والإفراد هو أن يحرم بالحج وحده، وأي هذه الأنساك أفضل؟ اختلف العلماء في ذلك ـ مع اتفاق عامة الفقهاء على جواز كل هذه الأنساك، بل من أحرم ودخل في النسك وفعل أفعال الحج، ولا يعرف قرانًا ولا تمتعًا ولا إفرادًا فحجه صحيح، إذا أتى بأركانه وشروطه وواجباته ـ فذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن الأفضل القران، وذهب الإمام أحمد إلى أن الأفضل التمتع، ومن ساق الهدي فالقران له أفضل، وذهب الإمام مالك والإمام الشافعي إلى أن الإفراد أفضل.
وينبغي التنبه إلى أن هذا الخلاف ناشئ عن أسباب، ومن أسباب الخلاف في هذه المسألة على وجه الخصوص، أن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في نوع النسك الذي أحرم به النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن قال: إن النبي صلى كان مفردًا، قال: الإفراد أفضل، ومن قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنًا، قال: القران أفضل، ومن قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان متمتعًا، قال: التمتع أفضل.
وسبب آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالتمتع، كما جاء ذلك في أحاديث عديدة، فإنه لما وصل إلى مكة قال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة، وقال: "من لم يسق الهدي فليجعلها عمرة"، فدل هذا على أن الصحابة رضي الله عنهم منهم من ساق الهدي، فكان قارنًا، ومنهم من كان متمتعًا لم يسق الهدي، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالتحلل.
ولا ريب أن الأفضل في حق من ساق الهدي القران، وسوق الهدى أن يأتي به من الحل، وليس لازمًا أن يأتي به من بلده، فإذا جاء به من بحرة، أو من الشرائع، ودخل به إلى الحرم فهو قارن؛ وهذا هو الأفضل في حقه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ساق الهدي وحج قارنًا، وقال: "إني لبدت رأسي، وسقت الهدي، فلا أحل حتى أنحر"، فدل هذا على أنه كان قارنًا، وقد جاءت بهذا أحاديث كثيرة.
والأقرب أن الأفضل لمن لم يسق الهدي التمتع، إلا أن يعترى هذه الأفضلية شيء يرجح نوعًا آخر، لكن من حيث العمل الأفضل التمتع؛ لأنه أكثر عملاً، وعلى كل حال يتخير الحاج من هذا الأنساك ما هو أنسب لحاله، وإذا سأل عن الأفضل، فالأفضل القران لمن ساق الهدي، ومن لم يسق الهدي فالأفضل له التمتع.