×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / فضائيات / كتاب الصلاة- التسليم وما تختتم به الصلاة.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المقدمدكتور خالد حفظكم الله الحديث مستمر وموصول في فقه الصلاة وتحديدا مع أركان الصلاة ولعلنا في هذه الحلقة نقف مع التسليم وهو ما تختتم به الصلاة حفظكم الله.

الشيخ:الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

الصلاة مفتاحها الطهور هذا مفتاحها العملي، ومفتاحها القولي التكبير، فإن التكبير تفتتح به الصلاة كما جاء في حديث أبي سعيد وحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنهما في الترمذي وعند أصحاب السنن: "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم"+++سنن أبي داود (61)، وسنن الترمذي (3)---.

تحليلها أي حلها وإنهائها، فالتحليل هو الإنهاء والختم، فالتسليم ركن بالاتفاق لا خلاف بين العلماء في أنه من المشروعات في الصلاة، وأما من حيث الركنية فجمهور العلماء على أنه ركن وهو ما تختتم به الصلاة.

التسليم في عدة مباحث:

المبحث الأول: هل هو دعاء أو هو ذكر؟

التسليم دعاء وهو سؤال الله تعالى السلامة، السلام عليكم ورحمة الله، هذه الكلمة التي يختم بها المصلي هو يختم بدعاء يسأل الله السلام، السلام عليكم، على من يشملهم هذا الخطاب من أهل الإيمان سواء كان من يسمعه أو من غاب عنه ممن يسلم عليه كما قال في التشهد: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

فالسلام لا يقصد به معين ولذلك يسلم الإنسان ولو لم يكن معه أحد ولو كان منفردا، فإنه يختم صلاته بالتسليم؛ لكن الذي أريد أن أنبه إليه أن هذا التسليم دعاء وليس مجرد كلمة يقولها لينهي العمل والعبادة لا أثر لها ولا أجر فيها، بل هي كلمة لها أجر ولها معنى، فالمصلي يسلم ويسلم على نفسه وعلى المؤمنين وعلى من يسمع هذا القول وعلى من يدخل في هذا الخطاب على وجه العموم، وهو خاتمة الصلاة ومن حيث صفة التسليم يسلم على يمينه وعلى يساره كما جاء ذلك في الصحيح من حديث ابن مسعود وحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما في صفة سلام النبي –صلى الله عليه وسلم- فإنه كان يسلم عن يمينه يقول سعد بن أبي وقاص: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده».+++صحيح مسلم (582)---

وهذا فيه أنه كان يلتفت التفاتا يرى خده من خلفه، ولا يكون هذا إلا بالسلام التام، فيكون هكذا السلام عليكم ورحمة الله، لأنه إذا كانت اللحية قد غطت جانب وجهه –صلى الله عليه وسلم-وكان كثيف الشعر –صلى الله عليه وسلم-فإنه لا يرى إلا بالمبالغة في الالتفات التام يمنة ويسرى وقد جاء هذا من حديث عبد الله بن مسعود وجاء أيضا من حديث ابن عمر وجاء من أحاديث كثيرة عديدة فيها الخبر عن النبي –صلى الله عليه وسلم-:"أنه كان يسلم تسليمتين"+++صحيح مسلم (581)---.

وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ومن فقهاء الإسلام، فإن جمهور العلماء على أنه يشرع للمصلي أن يسلم تسليمتين، تسليمة عن اليمين، وتسليمة عن اليسار.

وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه يكفي تسليمة واحدة وأن السنة تسليمة واحدة وهذا جاء أيضا عن جماعة من الصحابة ومن بعدهم وذلك لاختلاف ما ورد عن النبي –صلى الله عليه وسلم- فقد ورد عنه هذا وورد عنه هذا؛ لكن أكثر ما ورد هو التسليمتين فمن أخذ بحديث التسليمة كحديث عائشة أنه كان يسلم تسليمة تلقاء وجهه ويميل إلى شقه قليلا هذا أخذ به جماعة من الصحابة فهو قول عائشة وقول عثمان وورد عن علي والحسن وجماعة من صحابة النبي –صلى الله عليه وسلم- وقال به من أهل العلم جماعات كالأوزاعي ومالك وغيرهما من أهل العلم.

فالمقصود أن هذا مذهب فقهي مشهور الاقتصار على تسليمة واحدة سواء ذلك في الفرائض أو في النوافل والراجح أن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان في غالب تسليمه يسلم تسليمتين، ولكنه ورد عنه أنه سلم تسليمة واحدة ولعل هذا إما أن يكون أنه أخفى التسليمة الثانية فلم يجهر بها فمن نقل تسليمة واحدة وإما أن يكون فعلا اقتصر على تسليمة واحدة.

وبهذا تكون السنة لها وجهان؛ إن سلم تسليمتين فقد أصاب السنة وهو الأكثر من عمل النبي –صلى الله عليه وسلم- وعليه غالب أهل العلم، ومن اقتصر على تسليمة واحدة فقد أخذ ببعض ما جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- وما قال به بعض أهل العلم، فالمسألة في هذا قريبة من حيث عدد التسليم لكن الاتفاق منعقد على أنه يشرع التسليم جماهير العلماء على أنه لا يخرج من الصلاة بلا تسليم، وذهب طائفة من أهل العلم وهو قول الحنفية إلى أنه يخرج بكل مخالف لفعل الصلاة، ولكن الصحيح الذي عليه الجمهور هو هذا القول فيه نوع من الضعف والشذوذ، فإنه قد ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم-أنه أمر بالسلام في حديث أبي سعيد وفي حديث عبد الله بن مسعود وفي أحاديث عديدة أمر النبي –صلى الله عليه وسلم-بالتسليم، والأحاديث في الصحيحين وهي دالة على أنه يشرع للمصلي أن يسلم لختم صلاته، كما انه إذا كان تحليل والتسليم فإنه لا يقوم غير التسليم مقامه، كما أن التكبير لا يقوم غيره مقامه فكذلك التسليم لا يقوم غيره مقامه.

ما هي صيغة التسليم؟

الصيغة أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وإذا اقتصر واحدة يقول: السلام عليكم ورحمة الله هل يزيد؟ في بعض الروايات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جاء هذا في حديث في السنن وإسناده جيد ولو قال به الإنسان أحيانا لاسيما في مواطن عدم التشويش يعني إذا كان مع ناس يعرفون هذه السنة أو كان منفردا فلا بأس لكن إذا كان في مقام يحصل فيه تشويش ينبغي أن يعمل بما جرى عليه عمل غالب الناس، وبما شاع من فقه المذهب الشائع في بلده لئلا يشوش في مسألة من مسائل السنن التي تترك لأجل التأليف ويتدرج الإنسان بالناس حتى يعملهم هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

إذا الصيغة التي يختم بها الصلاة ويخرج بها من صلاته أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله, طيب؛ لو غير الصيغة بأن قال: السلام عليكم أو سلام أو وعليكم السلام أو ما أشبه ذلك من أهل العلم من يقول: كل هذه تجزئ المقصود التسليم كيفما كان، والأقرب أنه ينبغي أن يلزم ما جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم-فلو غير فإنه يخرج من الصلاة؛ لكنه يكون قد خالف السنة في ذلك وحلت صلاته بمعنى أنه خرج منها بالتسليم كيفما كان هذا ما يتصل ببعض مسائل التسليم وبه تختم الصلاة ويخرج الإنسان من صلاته سواء كانت صلاة فريضة أو صلاة نافلة كل الصلوات بلا استثناء إنما يخرج منها بالسلام والله تعالى أعلم وصلى الله عليه وسلم.

المقدم:أحسن إليكم يا شيخ وجزيتم خيرا دكتور في بداية حديثك قلت هل هو دعاء أم ذكر؟ لو وقفنا يا شيخ مع الفرق بينهما لأن قد يكون فيه أحيانا خلط بين الدعاء والذكر يا شيخ حفظكم الله.

الشيخ:هو على كل حال في المعنى العام كل ذكر دعاء لما أقول سبحان الله الآن هل طلبت من الله شيئا؟ إلا طلبت الثواب والأجر فكان بهذا دعاء إذا قلت: الحمد لله أنا لم أطلب مطلبا يعني ليس عندنا الدعاء نوعان؛ دعاء ثناء، ودعاء طلب وسؤال، فدعاء الثناء هذا يشمل كل التمجيد والتقديس الذي يقوله المؤمن في تمجيد ربه سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا إله إلا الله، كل هذه الكلمات العظيمة الكبيرة الشريفة هي من الذكر العظيم التي هي من خير الكلام حتى أنه قال: أحب الكلام إلى الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه أحب الكلام إلى الله –جل وعلا-كما في حديث سمرة وهذا يدل على شريف مقامه لكن هذه هل هي دعاء؟ هل أنت بهذا تكون كما لو قلت: ربي زدني علما ربي فرج همي وأفرج ضيقي وأصلح حالي وتولي أمري؟ الجواب لا هناك طلبات وهنا ليس هناك طلب محدد إنما هنا ثناء على الله تعالى وهو دعاء ولذلك يقول: يعني بما أنك سألت هذه مسألة مهمة.

يقول العلماء الدعاء له ثلاث صور الدعاء له ثلاث أحوال وصور إما أن تدعو بالثناء على من تسأل والثاني أن تدعو بوصف حالك والثالث أن تدعو بذكر مسألتك وقد تجمع بين هذه الأمور الثلاثة ولعل أمثلة ذلك بعد هذه مسألة مهمة والدعاء باب عظيم من الأبواب التي يدرك الناس بها حوائجهم والناس يغفلون عن هذا الباب الكبير الذي جعله الله تعالى مفتاح لنيل المطالب فجعل الله لكل شيء مفتاح ومفتاح الإجابة الدعاء والدعاء كما ذكرت له صور؛ إما أن يدعو العبد بالثناء على الله تعالى مثاله: أن تدعو الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وأن تمجده وأن تقدسه ولا تذكر طلبا، إنما تثني على الله تعالى بما هو أهله من المجد، وبما هو أهله من الكمال – سبحانه وبحمده- وهذا كثير في كتابه الحكيم في كتاب الله الحكيم مثله ﴿هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة﴾+++[الحشر: 22]--- وقراءات المؤمن لهذا هو من الثناء على الله تعالى ﴿هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم﴾+++[الحشر: 22]--- ما في مسألة هنا ما في سؤال، إنما هو في توسل إلى الله تعالى بتمجيده وتقديسه، هنا هذا وجه.

الوجه الثاني أو صورة ثانية من صور الدعاء أن يدعو الإنسان الله تعالى بوصف حاله وذلك بأن يبدي من فقره وحاجته إلى ربه ما هو حري بأن يجيبه وأن يعطيه سؤله ومن ذلك قول المؤمن كما قال الله تعالى كما قص الله تعالى قول موسى عليه السلام ﴿رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير﴾+++[القصص: 24]--- هذا هو سبحانه وصف حال ليس فيه أكثر من أنه قال: إني فقير إلى فضلك هل قال اعطني كذا؟ ارزقني كذا؟ لا إنما وصف حاله وضرورته إلى ربه فجاءته العطايا من الكريم المنان –سبحانه وبحمده- فجاءه الامن وجاءته الزوجة وجاءته الوظيفة وجاءته النبوة أعظم عطية أعطاها الله تعالى له أن جعله رسولا واصطفاه وكلمه سبحانه وبحمده.

أيضا من طرق الدعاء الذي ذكرنا الثناء على الله، وصف الحال يصف حاله وفقره إلى ربه أن يذكر حاجته على وجه التحديد ﴿رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء﴾+++[آل عمران: 38]---- في قول زكريا وقد تأتي الأديان بعض الأحيان مشتملة على هذا كله أو على بعضه مثلا أفضل دعاء في إجابة الكروبات وكشف الملمات دعاء يونس عليه السلام ماذا قال؟ ﴿لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾+++[الأنبياء: 87]--- توسل إلى الله بأمرين ما هما؟ سبق التقسيم الذي ذكرناه الثناء على الله تعالى ﴿لا إله إلا أنت سبحانك﴾ ثم وصف الحال ﴿إني كنت من الظالمين﴾+++[الأنبياء: 87]--- وهذا نوع من التمجيد لله تعالى الذي يبين فيه والوصف الحال الذي يستوعب الدعوة لهذا كشف الله تعالى كربته وأزال بليته كما قال –جل وعلا-: ﴿فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون﴾+++[الصافات: 143-144]---.

إذا هذا من الأمور التي ينبغي أن يستحضرها المؤمن، وكثير من صيغ الدعاء الواردة تجدها جامعة بين هذا وذاك سيد الاستغفار أجمع صيغ الاستغفار التي يأوب فيها العبد إلى ربه وينزل بالله ركابه ويسأله قضاء حاجته ومغفرة ذلته هو "اللهم أنت ربي" فانظر توسل إليه بكماله وربوبيته "وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتي علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا انت"+++صحيح البخاري (6306)---.

إذا هذا نوع من التوسل الذي جمع السؤال والطمع ووصف الحال، فينبغي أن يلاحظ المؤمن هذه الأمور في دعائه حتى يفوز بالعطاء والدعاء حقيقة يعني أنا ما أستطيع أسميه فن الدعاء لأنه أشرف وأعلى لكن الدعاء له آداب ينبغي أن يراعيها الإنسان لإدراك مطالبه ولعل هذا أن يأتي فيما تستقدم إن شاء الله.

المقدم:أحسن الله إليكم.

المشاهدات:7389

المقدمدكتور خالد حفظكم الله الحديث مستمر وموصول في فقه الصلاة وتحديدًا مع أركان الصلاة ولعلنا في هذه الحلقة نقف مع التسليم وهو ما تختتم به الصلاة حفظكم الله.

الشيخ:الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

الصلاة مفتاحها الطهور هذا مفتاحها العملي، ومفتاحها القولي التكبير، فإن التكبير تفتتح به الصلاة كما جاء في حديث أبي سعيد وحديث علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ في الترمذي وعند أصحاب السنن: "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم"سنن أبي داود (61)، وسنن الترمذي (3).

تحليلها أي حلها وإنهائها، فالتحليل هو الإنهاء والختم، فالتسليم ركن بالاتفاق لا خلاف بين العلماء في أنه من المشروعات في الصلاة، وأما من حيث الركنية فجمهور العلماء على أنه ركن وهو ما تختتم به الصلاة.

التسليم في عدة مباحث:

المبحث الأول: هل هو دعاء أو هو ذكر؟

التسليم دعاء وهو سؤال الله ـ تعالى ـ السلامة، السلام عليكم ورحمة الله، هذه الكلمة التي يختم بها المصلي هو يختم بدعاء يسأل الله السلام، السلام عليكم، على من يشملهم هذا الخطاب من أهل الإيمان سواء كان من يسمعه أو من غاب عنه ممن يسلم عليهـ كما قال في التشهد: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

فالسلام لا يقصد به معين ولذلك يسلم الإنسان ولو لم يكن معه أحد ولو كان منفردًا، فإنه يختم صلاته بالتسليم؛ لكن الذي أريد أن أنبه إليه أن هذا التسليم دعاء وليس مجرد كلمة يقولها لينهي العمل والعبادة لا أثر لها ولا أجر فيها، بل هي كلمة لها أجر ولها معنى، فالمصلي يسلم ويسلم على نفسه وعلى المؤمنين وعلى من يسمع هذا القول وعلى من يدخل في هذا الخطاب على وجه العموم، وهو خاتمة الصلاة ومن حيث صفة التسليم يسلم على يمينه وعلى يساره كما جاء ذلك في الصحيح من حديث ابن مسعود وحديث سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنهما ـ في صفة سلام النبي –صلى الله عليه وسلم- فإنه كان يسلم عن يمينه يقول سعد بن أبي وقاص: «رأيتُ النَّبيَّ ـ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ـ يسلِّمُ عن يَمينِهِ وعَن يسارِهِ حتَّى يُرَى بَياضُ خدِّهِ».صحيح مسلم (582)

وهذا فيه أنه كان يلتفت التفاتًا يرى خده من خلفه، ولا يكون هذا إلا بالسلام التام، فيكون هكذا السلام عليكم ورحمة الله، لأنه إذا كانت اللحية قد غطت جانب وجهه –صلى الله عليه وسلم-وكان كثيف الشعر –صلى الله عليه وسلم-فإنه لا يرى إلا بالمبالغة في الالتفات التام يمنة ويسرى وقد جاء هذا من حديث عبد الله بن مسعود وجاء أيضًا من حديث ابن عمر وجاء من أحاديث كثيرة عديدة فيها الخبر عن النبي –صلى الله عليه وسلم-:"أنه كان يسلم تسليمتين"صحيح مسلم (581).

وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ومن فقهاء الإسلام، فإن جمهور العلماء على أنه يشرع للمصلي أن يسلم تسليمتين، تسليمة عن اليمين، وتسليمة عن اليسار.

وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه يكفي تسليمة واحدة وأن السنة تسليمة واحدة وهذا جاء أيضًا عن جماعة من الصحابة ومن بعدهم وذلك لاختلاف ما ورد عن النبي –صلى الله عليه وسلم- فقد ورد عنه هذا وورد عنه هذا؛ لكن أكثر ما ورد هو التسليمتين فمن أخذ بحديث التسليمة كحديث عائشة أنه كان يسلم تسليمة تلقاء وجهه ويميل إلى شقه قليلًا هذا أخذ به جماعة من الصحابة فهو قول عائشة وقول عثمان وورد عن علي والحسن وجماعة من صحابة النبي –صلى الله عليه وسلم- وقال به من أهل العلم جماعات كالأوزاعي ومالك وغيرهما من أهل العلم.

فالمقصود أن هذا مذهب فقهي مشهور الاقتصار على تسليمة واحدة سواء ذلك في الفرائض أو في النوافل والراجح أن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان في غالب تسليمه يسلم تسليمتين، ولكنه ورد عنه أنه سلم تسليمة واحدة ولعل هذا إما أن يكون أنه أخفى التسليمة الثانية فلم يجهر بها فمن نقل تسليمة واحدة وإما أن يكون فعلا اقتصر على تسليمة واحدة.

وبهذا تكون السنة لها وجهان؛ إن سلم تسليمتين فقد أصاب السنة وهو الأكثر من عمل النبي –صلى الله عليه وسلم- وعليه غالب أهل العلم، ومن اقتصر على تسليمة واحدة فقد أخذ ببعض ما جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- وما قال به بعض أهل العلم، فالمسألة في هذا قريبة من حيث عدد التسليم لكن الاتفاق منعقد على أنه يشرع التسليم جماهير العلماء على أنه لا يخرج من الصلاة بلا تسليم، وذهب طائفة من أهل العلم وهو قول الحنفية إلى أنه يخرج بكل مخالف لفعل الصلاة، ولكن الصحيح الذي عليه الجمهور هو هذا القول فيه نوع من الضعف والشذوذ، فإنه قد ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم-أنه أمر بالسلام في حديث أبي سعيد وفي حديث عبد الله بن مسعود وفي أحاديث عديدة أمر النبي –صلى الله عليه وسلم-بالتسليم، والأحاديث في الصحيحين وهي دالة على أنه يشرع للمصلي أن يسلم لختم صلاته، كما انه إذا كان تحليل والتسليم فإنه لا يقوم غير التسليم مقامه، كما أن التكبير لا يقوم غيره مقامه فكذلك التسليم لا يقوم غيره مقامه.

ما هي صيغة التسليم؟

الصيغة أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وإذا اقتصر واحدة يقول: السلام عليكم ورحمة الله هل يزيد؟ في بعض الروايات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جاء هذا في حديث في السنن وإسناده جيد ولو قال به الإنسان أحيانًا لاسيما في مواطن عدم التشويش يعني إذا كان مع ناس يعرفون هذه السنة أو كان منفردًا فلا بأس لكن إذا كان في مقام يحصل فيه تشويش ينبغي أن يعمل بما جرى عليه عمل غالب الناس، وبما شاع من فقه المذهب الشائع في بلده لئلا يشوش في مسألة من مسائل السنن التي تترك لأجل التأليف ويتدرج الإنسان بالناس حتى يعملهم هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

إذًا الصيغة التي يختم بها الصلاة ويخرج بها من صلاته أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله, طيب؛ لو غير الصيغة بأن قال: السلام عليكم أو سلام أو وعليكم السلام أو ما أشبه ذلك من أهل العلم من يقول: كل هذه تجزئ المقصود التسليم كيفما كان، والأقرب أنه ينبغي أن يلزم ما جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم-فلو غير فإنه يخرج من الصلاة؛ لكنه يكون قد خالف السنة في ذلك وحلت صلاته بمعنى أنه خرج منها بالتسليم كيفما كان هذا ما يتصل ببعض مسائل التسليم وبه تختم الصلاة ويخرج الإنسان من صلاته سواء كانت صلاة فريضة أو صلاة نافلة كل الصلوات بلا استثناء إنما يخرج منها بالسلام والله ـ تعالى ـ أعلم وصلى الله عليه وسلم.

المقدم:أحسن إليكم يا شيخ وجزيتم خيرًا دكتور في بداية حديثك قلت هل هو دعاء أم ذكر؟ لو وقفنا يا شيخ مع الفرق بينهما لأن قد يكون فيه أحيانًا خلط بين الدعاء والذكر يا شيخ حفظكم الله.

الشيخ:هو على كل حال في المعنى العام كل ذكر دعاء لما أقول سبحان الله الآن هل طلبت من الله شيئًا؟ إلا طلبت الثواب والأجر فكان بهذا دعاء إذا قلت: الحمد لله أنا لم أطلب مطلبًا يعني ليس عندنا الدعاء نوعان؛ دعاء ثناء، ودعاء طلب وسؤال، فدعاء الثناء هذا يشمل كل التمجيد والتقديس الذي يقوله المؤمن في تمجيد ربه سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا إله إلا الله، كل هذه الكلمات العظيمة الكبيرة الشريفة هي من الذكر العظيم التي هي من خير الكلام حتى أنه قال: أحب الكلام إلى الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه أحب الكلام إلى الله –جل وعلا-كما في حديث سمرة وهذا يدل على شريف مقامه لكن هذه هل هي دعاء؟ هل أنت بهذا تكون كما لو قلت: ربي زدني علمًا ربي فرج همي وأفرج ضيقي وأصلح حالي وتولي أمري؟ الجواب لا هناك طلبات وهنا ليس هناك طلب محدد إنما هنا ثناء على الله ـ تعالى ـ وهو دعاء ولذلك يقول: يعني بما أنك سألت هذه مسألة مهمة.

يقول العلماء الدعاء له ثلاث صور الدعاء له ثلاث أحوال وصور إما أن تدعو بالثناء على من تسأل والثاني أن تدعو بوصف حالك والثالث أن تدعو بذكر مسألتك وقد تجمع بين هذه الأمور الثلاثة ولعل أمثلة ذلك بعد هذه مسألة مهمة والدعاء باب عظيم من الأبواب التي يدرك الناس بها حوائجهم والناس يغفلون عن هذا الباب الكبير الذي جعله الله ـ تعالى ـ مفتاح لنيل المطالب فجعل الله لكل شيء مفتاح ومفتاح الإجابة الدعاء والدعاء كما ذكرت له صور؛ إما أن يدعو العبد بالثناء على الله ـ تعالى ـ مثاله: أن تدعو الله ـ تعالى ـ بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وأن تمجده وأن تقدسه ولا تذكر طلبًا، إنما تثني على الله ـ تعالى ـ بما هو أهله من المجد، وبما هو أهله من الكمال – سبحانه وبحمده- وهذا كثير في كتابه الحكيم في كتاب الله الحكيم مثله ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ[الحشر: 22] وقراءات المؤمن لهذا هو من الثناء على الله ـ تعالى ـ ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[الحشر: 22] ما في مسألة هنا ما في سؤال، إنما هو في توسل إلى الله تعالى بتمجيده وتقديسه، هنا هذا وجه.

الوجه الثاني أو صورة ثانية من صور الدعاء أن يدعو الإنسان الله ـ تعالى ـ بوصف حاله وذلك بأن يبدي من فقره وحاجته إلى ربه ما هو حري بأن يجيبه وأن يعطيه سؤله ومن ذلك قول المؤمن كما قال الله ـ تعالى ـ كما قص الله ـ تعالى ـ قول موسى ـ عليه السلام ـ ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ[القصص: 24] هذا هو سبحانه وصف حال ليس فيه أكثر من أنه قال: إني فقير إلى فضلك هل قال اعطني كذا؟ ارزقني كذا؟ لا إنما وصف حاله وضرورته إلى ربه فجاءته العطايا من الكريم المنان –سبحانه وبحمده- فجاءه الامن وجاءته الزوجة وجاءته الوظيفة وجاءته النبوة أعظم عطية أعطاها الله ـ تعالى ـ له أن جعله رسولًا واصطفاه وكلمه سبحانه وبحمده.

أيضًا من طرق الدعاء الذي ذكرنا الثناء على الله، وصف الحال يصف حاله وفقره إلى ربه أن يذكر حاجته على وجه التحديد ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ[آل عمران: 38]- في قول زكريا وقد تأتي الأديان بعض الأحيان مشتملة على هذا كله أو على بعضه مثلا أفضل دعاء في إجابة الكروبات وكشف الملمات دعاء يونس عليه السلام ماذا قال؟ ﴿لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ[الأنبياء: 87] توسل إلى الله بأمرين ما هما؟ سبق التقسيم الذي ذكرناه الثناء على الله ـ تعالى ـ ﴿لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ﴾ ثم وصف الحال ﴿إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ[الأنبياء: 87] وهذا نوع من التمجيد لله ـ تعالى ـ الذي يبين فيه والوصف الحال الذي يستوعب الدعوة لهذا كشف الله ـ تعالى ـ كربته وأزال بليته كما قال –جل وعلا-: ﴿فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ للَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ[الصافات: 143-144].

إذًا هذا من الأمور التي ينبغي أن يستحضرها المؤمن، وكثير من صيغ الدعاء الواردة تجدها جامعة بين هذا وذاك سيد الاستغفار أجمع صيغ الاستغفار التي يأوب فيها العبد إلى ربه وينزل بالله ركابه ويسأله قضاء حاجته ومغفرة ذلته هو "اللهم أنت ربي" فانظر توسل إليه بكماله وربوبيته "وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتي علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا انت"صحيح البخاري (6306).

إذًا هذا نوع من التوسل الذي جمع السؤال والطمع ووصف الحال، فينبغي أن يلاحظ المؤمن هذه الأمور في دعائه حتى يفوز بالعطاء والدعاء حقيقة يعني أنا ما أستطيع أسميه فن الدعاء لأنه أشرف وأعلى لكن الدعاء له آداب ينبغي أن يراعيها الإنسان لإدراك مطالبه ولعل هذا أن يأتي فيما تستقدم إن شاء الله.

المقدم:أحسن الله إليكم.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93793 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89654 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف