حكم التسوق بجمع النقاط
الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلِّي وأسلِّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فهذه الوسائل التي يستعملها التجار للترغيب في سلعهم، والتحفيز على اقتناء بضائعهم وخدماتهم، هي من وسائل الترغيب التي فشت وانتشرت في هذا الوقت، والأصل فيها الإباحة، بمعنى أن الأصل في هذه الوسائل هو الحِلُّ، كما قال الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275].
وكذلك كما قال جل وعلا: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: 119].
لكن هذه الوسائل التي تستعمل للترويج والترغيب في شراء السلع، أو الخدمات هي في الحقيقة يكتنفها بعض المحاذير التي قد تلحقها بالمحرمات كالغرر مثلاً أو الربا أو التغرير، أو ما أشبه ذلك من الأمور التي تجعلها في ضمن المحرم، وإلا فالأصل في هذه الأمور الإباحة والحل.
فيما يتعلق بالسؤال على وجه الخصوص، أنا تكلمت هنا على وجه الإجمال لأن الوسائل مختلفة، وليست مقصورة على صورة من الصور، بل هي متنوعة.
بالتالي: كل صورة قد تأخذ حكمًا مستقلًّا: فمثلاً بعض وسائل الترغيب تتصل بالزيادة في قدر المبيع، الزيادة في قدر الخدمة، بعضها قد يتعلق باشتراط الشراء لتحصيل جوائز، أو دخول في مسابقات، بعضها يتعلق بتقديم خدمات في السلع المبيعة في الضمان والصيانة، وبعضها يتعلق بتمكين المشتري من رد السلعة في مدة معينة وفي فترة محددة، هي متنوعة في الحقيقة، وبالتالي لا ينظمها حكم واحد، إنما ننطلق من الأصل وهو الحل والإباحة، كما هو المعروف في الأصل في المعاملات، هذا الأصل قد يأتي ما يخرجه أو ما يشكل عليه فتأخذ حكمًا مستقلاً كما ذكرت.
ما يتعلق بجمع النقاط المحلات التي تقدم سلعًا أو تقدم خدمات، وكل ما اشترى الإنسان منها شيئًا رصدت له عددًا من النقاط: هذه في الحقيقة قد تكون مغرية للشراء، بمعنى أن الإنسان يشتري ليفوز بهذه النقاط، فإن كانت هذه النقاط إذا اجتمعت تحقق للمشتري منفعة معينة أو سلعة معينة بمعنى: أنه إذا جمعت عشرة نقاط فلك مثلاً العطاء الفلاني من سلعة أو خدمة، فالأصل في هذا الإباحة والحِلُّ، وهو باقٍ على الأصل، ولا أرى في ذلك حرجًا أو محظورًا؛ لأنه ليس فيه إلا أنه إذا بلغ حدًّا معينًا سيقدم مزيدًا من الخدمة أو من البضاعة.
مثاله: إذا قلت: من جمع عشر نقاط من شراء في المحل الفلاني فله حق التسوق بمائة ريال، أو بهذا القدر من السلع أو الخدمات فلا حرج في هذا.
أما إذا كان هذه النقاط تمكنه من الدخول في مسابقة بمعنى: إنه إذا اجتمع له عشرة نقاط استحقَّ الدخول في سحب أو في مسابقة، هنا في إشكال من حيث إنه قد يكون وسيلة إلى أن يشتري الناس هذه المشتريات، وهذه الخدمات لأجل الدخول في السحب أو الدخول في المسابقة، وبالتالي الدخول في المسابقة الفائدة ليست محققة قد تحصل وقد لا تحصل، هنا جماعة من أهل العلم ذهبوا إلى تحريم مثل هذه الصورة من صور التحفيز والترغيب في الشراء لما تتضمنه من الميسر والغرر، ذلك أن المشتري لا يعلم هل سيفوز أو لا يفوز بهذه المسابقة، لذلك ذهبوا إلى التحريم.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنها لا حرج فيها، وهذا القول الأقرب إلى الصواب، وهو من اشترى قاصدًا السلعة واجتمع له عدد النقاط فله الحق في الدخول في السحب، هذا من حيث المشتري.
أما من حيث المسوق والمحفز ينصح بألا يستعمل هذه الطريقة، لأنها قد تغري بعض من لا حاجة له بهذه الأنواع من الخدمات، أو هذه البضائع تغريه بشراء ما لا يحتاج لأجل أن يتمكن من الدخول في السحب.
فبالنسبة للمشتري إذا كان لا يقصد إلا الشراء الحقيقي، فهنا لا حرج في معاملته لأنه دخل معاملة مباحة وتمكن من جمع نقاط معينة نتاج شراء معين، فله الحق في الدخول في السحب، وقلت: إن هذا ليس قولاً واحدًا، من أهل العلم من يرى أن هذا محرم ويذكر لذلك حججًا وجيهة في الحقيقة لها وجاهة وقوة، ولكن لوجود بعض التردد نبقى على الأصل وهو أن الأصل في المعاملات الحِلُّ، هذا في حق المشتري، أما في حق المحفز وحق المسوق ينبغي أن يتجنب مثل هذه المعاملة لما تترتب عليه من إغراء مَن لا حاجة له في السلع أو في الخدمات أن يبلع العدد المحدد من النقاط ليدخل في سحب أو يدخل في مسابقة. والله أعلم.