حديث (ورجلٌ أقام سلعته بعد العصر...) فما علَّةُ التَّقييد؟
الجواب: تخصيص بعد العصر؛ لأنه من الأوقات التي تُغلَّظ فيها اليمين، اليمين تغلظ بأسباب: تغلظ في زمان، وتغلظ في مكان، وتغلظ في حال: فمن تغليظها في الزمان أن تكون بعد صلاة العصر، فاليمين التي بعد العصر مغلظة، ولهذا ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث، لكن هذا لا يعني أنَّ الحكم يخصُّها دون غيرها، فإذا حلف بعد الظهر ما عنده مشكلة، لا، إنما ذكر هذا لأجل أنَّ هذا الوقت وقت مغلظ لا ينفي الحكم عن غيره من الأوقات، لكنه في هذا الوقت يكون أشدَّ وأغلظ ما يكون من أوقات اليمين التي ينبغي أن يتحرَّى الإنسانُ فيها الوقت، ويتحرَّى الإنسان فيها الصِّدقَ ويتجنَّب الكذب.
إذاً التخصيص بعد العصر؛ لأنه من أوقات تغليظ اليمين، وليس هذا إذنًا له بأن يحلف كذبًا على سلعة أو غيرها في بقيَّة الأوقات.
المقدم: ويخصص ذلك أو يوضح ذلك بعضُ الأحاديث التي وردت من دون تخصيص صلاة العصر؟
الشيخ: نعم لحديث: «من حلف يمين صبر، ليقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان» صحيح البخاري (4549) وصحيح مسلم (138)، ولم يقيَّد ذلك ببعد عصر ولا بغيره، لم يقيِّده بالوقت، وإنما بالفعل نفسه. قالوا: يا رسول الله! وإن كان عودًا من أراك؟ يعني إن كان هذا اليمينُ على اقتطاع عود من أراك؟ يعني سواك شيء ما له قيمة، ولذلك ذكروه وهو في وقت يبدو أنها ما كان يباع، فكان متوفرًا الحصول عليه من أي مكان قالوا: وإن كان عودًا من أراك؟ قال: «وإن كان عودًا من أراك» صحيح مسلم (137) وهذا يبين عظيم خطر اليمين لاقتطاع أموال الناس، وأن اليمين الفاجرة يدرك شؤمها الإنسان حتى الجاهليُّون يا أخي حتى أهل الجاهلية كانوا يتوقَّون اليمين الكاذبة الفاجرة لخشيتهم من عاقبتها، وأن الله ينزل سخطه وعقوبته عاجلاً لأصحاب الأيمان الفاجرة.