المسابقات التي تجريها الجرائد
الجواب: هذه المسألة يكثر السؤال عنها، والمسابقات إحدى القنوات التي تستعملها الصحف وأصحاب السلع على شتى صنوفهم واختلاف خدماتهم وسلعهم التي يقدمونها، يستعملونها للترويج وترغيب الناس في الإقبال على منتجاتهم.
الحقيقة أنه لابد من ضبط الموضوع فيما يتعلق بالجواز.
الموجود في السوق هو في غالبه محرم، بمعنى: أنه لا يجوز المشاركة في تلك المسابقات؛ لأنها تدخل في جملة ما ذكر الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [المائدة: 90] فهي داخلة في الميسر الذي جعله الله تعالى رجسًا من عمل الشيطان؛ ولذلك يجب على المؤمن أن يجتنبه.
والميسر: هو كلُّ مغالبة يدخل فيها الإنسان بين غرم وغنم، إما أن يغرم، وإما أن يغنم، فإذا دخل في مثل هذه الأمور فإنه داخل في الميسر الذي حرمه الله ورسوله، هذا من جهة.
من جهة أخرى: أن المسابقات جماهير العلماء المتقدمين وأصحاب المذاهب الأربعة، على أنه لا يجوز بذل العوض يعني الجوائز في المسابقات غير ما ورد به النص الذي ورد به النص في حديث أبي هريرة في مسند الإمام أحمد بإسناد جيد: «لَا سَبَقَ _ أي: لا عوض _ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ فِي حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ».أخرجه أبوداود (2574).
فجماهير العلماء على أن المسابقة تختصُّ بهذه الأمور الثلاثة، وما في معناها، أو أوجهها المتطورة في العصر الحديث، يعني الآن ما في خف، خف البعير، والحافر الفرس، والنصل السهام، فتطورت آلات الحرب، فالمسابقات المأذون فيها شرعًا هي ما كان عونًا على الخير، عونًا على حفظ الدين، وحماية حوزة المسلمين، ما عاداه فإن جماهير العلماء على أنه لا يجوز.
مذهب الإمام أبي حنيفة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وكذلك ابن القيم جوازُ بذل العوض في المسابقات العلمية الشرعية، يعني في حفظ العلم الشرعي: كحفظ القرآن، كحفظ السنة، كالمسابقة في البحوث العلمية، ما عدا هذا فالجماهير على أنه لا يجوز بذل العوض في هذه المسابقات، ولا فرق بين بذل العوض بين أن يكون من طرف يعني مراهنة بين طرفين، أو من أحدهما يقول لك: لك كذا إن حصل كما هو الحال في بعض المسابقات.
أو أن يكون من طرف أجنبي ثالث، يعني يأتينا واحد ويقول: أنا عندي جائزة لمن يجيب على هذا السؤال، ويتسابق فيه مجموعة من الناس، فلا فرق بين هذا لعموم قوله: لا سبق. وهذه في كلام أهل العلم «سبق» نكرة في سياق النهي أو النفي فتفيد العموم، ولذلك المسابقات في الجرائد لا تجوز، وقد صدر في هذا عدة فتاوى من جهات عديدة ليس من جهة واحدة، ولذلك أنصح إخواني بتجنبها، وأنصح الإخوان في الجرائد أن يبحثوا عن وسائل أخرى للترويج أفضل من هذه الوسيلة التي هي في الحقيقة استنزاف لأموال الناس، وغالب المحصل من هذه الأموال، هو الذي يدفع في شراء هذه السيارات وشراء هذه الجوائز.