المساهمة في الصناديق الاستثمارية
الجواب: الذي يظهر لي والعلم عند الله أن الأسهم من المجالات التي حصل فيها اشتباه كثير من جهة وجود بعض الأنشطة المحرمة، لكن قبل أن نتكلم عن هذا التقسيم نقول: الأصل في المساهمات التي تكون في شركات ذات نشاط مباح في أصله، كالكهرباء والهاتف وسائر الخدمات وسائر السلع والصناعات، فإنه لا بأس بالمساهمة فيها، هذه أنواع من الأعمال يدخلها في كثير من الأحيان اقتراض بربا أو إيداع في البنوك بربا، وهذا هو محور النقاء وعدم النقاء في معاملات الأسهم.
بعض العلماء وهو قول جماعة واسعة من أهل العلم وليس قول أفراد، يرون أن أي عمل في هذه الشركات يشوبه ولو واحد في المائة من المحرم بالإقرار أو الاقتراض الربوي فإنه حرام، وهذا قول دائرة واسعة من أهل العلم.
من أهل العلم من يرى أن هذه الأنشطة إذا كانت مباحة، وهذه الشركات إذا كانت مباحة النشاط، ودخلها مثل هذا فينظر إلى نسبة الدخل، إذا كان لا يمثل دخلاً رئيسًا وهو تابع فإنه لا بأس به.
والذي أوصي به إخواني البعد عن مواطن الشبهة، فإنه من اتقى الشبهات كما في حديث زكريا عن الشعبي عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ». صحيح البخاري (52)، وصحيح مسلم (1599). أي: سلم فيما بينه وبين الله تعالى، وفيما بينه وبين الخلق.
فأنا أوصي إخواني بالبعد عن الشبهات، لكن من يسأل يقول: هل أنا آثم؟ هل حرام عليَّ أدخل في هذه الأسهم؟
نقول: لا نملك أن نحرم ما أحل الله تعالى، والذي لم يتبين لنا فيه دليل واضح وحجة قاطعة في التحريم، ونقول: يجوز المساهمة في هذه الصناديق التي شابها شيءٌ من المحرم، إذا كان ذلك من غير جهة المساهم؛لأن المساهم لا دور له في مثل هذه المحرمات، لكن من سلك مسلك الورع فمسلك الورع لا أحسن منه ولا أجمل، وقد أفتى بهذا شيخنا محمد بن عثيمين رحمه الله، فهو يفتي بأن الورع في الشركات المختلطة التي فيها نسبة من المحرم أن تُجتنب، على أن هناك من يفهم من قول الشيخ: أنه حدد نسبة خمسة بالمائة، أنا لا أحفظ عن شيخنا رحمه الله أنه قدر هذه النسبة بخمسة في المائة أو عشرة في المائة أو بأقل أو بأكثر، إنما المرجع في ذلك إلى كونها ليست أصلية وتابعة، ولا تمثل شيئًا رئيسًا من دخل وأرباح هذه الشركات.
فإذا كان السهم مختلطًا، فيتخلص ما في هذه الشركة من أعمال محرمة، فمثلاً إذا كانت نسبة المحرم خمسة في المائة يخرج خمسة في المائة، إذا كانت نسبة دخل المحرم يخرج عشرة في المائة، فإذا اشتبه يخرج النصف؛لأن كثيرًا من الناس ما ندري كم النسبة ولا نستطيع أن نصل فنقول: العلماء قالوا: إن المال المختلط الذي فيه اشتباه بين حلٍّ وحرمة يُخرج نصفه، ولكن لو أخرج الثلث لعله يجزئه، «فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» صحيح البخاري (2742)، وصحيح مسلم (1628). كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.