الشيخ: الواقع أن العمل التعليمي الآن ينتهي مفعوله بانتهاء الدراسة، إذا انتهت الدراسة أصبح عدوك أن تقول لابنك أو لابنتك اقرأ أو اقرأي أو هذا كتاب مفيد يعني هذه مشكلة والله يا أخي تحتاج إلى أن تتضافر الجهود لإصلاح هذا العطب الكبير في التربية والتنشأة وهي ثقافة اجتماعية، يعني الآن أنا لو اجتمع مع، يعني لو أسأل نفسي وإخواني وأخواتي الآن يعني آخر كتاب قرأته ما هو؟ يعني يمكن الجواب أنه ما يذكر؛ لأنه بعيد عهد ولا بعضهم يقول أصلًا عمري ما قرأت كتاب، يعني غاية ما هنا لك جريدة يمكن يتصفحها، مجلة يمكن ينظر فيها، حتى على عجل يبي يشوف مقال مفيد، حتى لو شاقه المقال لكن يشوفه طويل يتثاقل أن يقرأه.
وبالتالي تكون عندنا من الضحالة في الثقافة والفهم والعلم والمعرفة ما يتدنى به مستوانا، وبالتالي سينعكس هذا على ذرايتنا وأولادنا، نقول: من المهم أن نشيع في أولادنا وفي أهلنا قدر الطاقة أكيد أن المسألة صعبة وتحتاج إلى وعي اجتماعي، إلى تضافر جهود عديدة لتنمية هذا الحس بضرورة القراءة، يعني نحن نذكر مثلًا من يقول: كنت في البلد الفلاني ورأيت العجوز والشاب والمرأة يمسكون كتبًا ويقرأونها في القطارات، هذا صحيح، لكن يبقى أن هذا للصدق والأمانة ليس حسًا عامًا يعني، إنما هو موجود في كل مجتمع من يهتم بالقراءة ومن لا هم له إلا في أمور أخرى.
لكن ينبغي أن نوجد حد من الثقافة التي تشيع في المجتمع وتبين أن المعرفة هي القيمة الحقيقية، طبعًا المعرفة الصالحة، المعرفة التي تترجم عمل نافع للإنسان في دينه ودنياه ووطنه وأرضه وأهل بلده، هذه المنفعة هي التي بها يجري تقويم الناس، لا تقويمهم بما يمتلكونه من أجهزة؛ لأن الحين إحنا في أذهان أولادنا ذكورًا وإناثًا إذا أنت عندك بلاك بيري عندك إيفون، عندك سيارة بالنسبة للشباب، عندك 00:02:37، هذا هو، هذه معايير التميز، معايير التميز في الممتلكات.
والحقيقة أن معايير التميز ليست في الممتلكات، إنما في الملكات، وشتان بين المَلكة والمٌلكة، المَلكة هي قدرة تستطيع أن تنتفع بها في كل مكان وحيث ما كنت حتى ولو لم يكن عندك شيء، المِلك إذا كانت قيمتك في ما تملك، فإذا ذهب ما تملك فلا قيمة لك صح ولا لا؟
المقدم: صحيح.
الشيخ: إما إذا كانت قيمتك في مَلكتك، قدرتك، كفاءتك، فعند ذلك لو كنت عاريًا ووجدت في مكان لا تعرف فإن قيمتك في ما تحسن وقيمتك في ما تستطيع، هذا المعنى الحقيقة نحن لا ننتبه إليه ولا نشيعه، وبالتالي نبقى نحوس وندور في دائرة إيش عندي وإيش عندك وإيش عند فلان، وهذا الحس الحقيقية يعني أعاقنا عن بناء مجتمع ثقافي، مجتمع علمي، مجتمع معرفي، مجتمع يقدر المعرفة ويقدر المعلومة ويقدر الانتهاج ويقدر أصحاب الملكات والقدرات، وأصبحت الامتيازات إنما هي في الممتلكات لا في الملكات.
المقدم: أحسن الله إليكم يا شيخ وجزاكم خيرًا لكن من يعلق الجرس؟
الشيخ: أنا وأنت والجميع، نحن من يعلق الجرس؛ لأنه إذا كان الأمر إلى جهات لا نستطيع التعامل معها، بالتالي سننتظر طويلًا، أما إذا باردنا هذا في حيزي وفي إطاري أنا أشجع أولادي بكل طريقة ممكنة حتى لو بالمكافئات اللي يخلص هذا الكتاب، يذكر لي واحد أنه في بعض البلدان حتى الطفل وهو في سنيته الأولى يعني في السنة الأولى والثانية يؤتى له بكتاب يوضع بقرب سريره فيه تلاوين وفيه تصاوير يناسب ويلفت نظره لينشأ ويتربى مع الكتاب، يصبح الكتاب جزء من حياته لا يغيب عنه.
حينما يشوفون الكتاب يقول المدرسة، وراح أول يوم جاءت له كتب تكسر ظهره وبالتالي الكتاب عنده عبأ، الكتاب عنده مشكلة، ليش؟ لأنه لا يعرفه إلا في المدرسة ولا يعرفه إلا على ظهره حاملًا إياه، ولا يعرفه إلا إذا جاءت الاختبارات والمشقة، ولذلك يصبح الكتاب مكروه ومبغوض يعني ما يرتاح له، يا شيخ إيش تبي بالكتاب، فكنا، خلاص إجازة، هذه الكلمات التي نسمعها ويسمعها كثيرون، وقد يقولها بعضنا، هذه في الحقيقة هو غياب عن أهمية الكتاب في حياتنا، والكتاب لا يلزم أن يكون بأوراق، يعني الآيبادات هذه التي معنا والآيفونات والكمبيوترات والهواتف الذكية التي في أيدي صغارنا ما المانع أن حمل كتاب، ندخل عليهم من الجهات التي يرغبون ويحبون.
المقدم: أنت ذكرت يا شيخ قبل قليل أن بعض الناس أحيانًا ربما أنه لا يقدم لابنه كتاب ولا إلى آخره، الشيخ خالد المصلح من العلماء الشرعيين ومحسوب على المثقفين ويستطيع أن ينتقي لأبنائه كتبًا يقرأونها وتناسب المرحلة العمرية لهم، كثر يا شيخ ما يستطيعون ولا في أحد يوجههم، ربما أنك تسأل كثيرًا يا شيخ من الأقارب، من الأصدقاء، من عامة الناس أي الكتب مثلًا أدمها لأبنائي، من المسؤول يا شيخ؟
الشيخ: أختصر الموضوع، نحن ينبغي أول في أول خطوة أن لا ننظر إلى ماذا نقرأ، عند تربيتنا في القراءة ومحبة القراءة لنوجه إلى القراءة، يعني الذين يمتدحون، يمتدحون الغرب في كثرة قراءتهم، أنت تدري إيش يقرأون ستجد أنهم يقرأون اللي هي عبارة عن روايات وأشياء ما تقدم ولا تؤخر، لكن الكلام على الرغبة في القراءة، نحن ينبغي لنا أن نحرص على إشاعة محبة القراءة، على غرس هذه البذرة في النفوس، إذا نما عنده حب القراءة عند ذلك أوجهه إلى ما يقرأ، هذه مرحلة قادمة.
المقدم: هل المدارس تقوم بهذا الدور يا شيخ؟ بصدق؟
الشيخ: بصدق أنا ما أشاهد هذا إلا ما ندر يعني جهود ذاتية ليست جهود منهجية، قد يكون هناك معلم مثلًا نبيه وحريص ويشكر على جهده للفت أنظار الطلاب، لكن السواد الأعظم يعني تعرف أنت التعليم في العالم الثالث ونحن جزءٌ من هذا العالم الذي أسأل الله ان ينهضنا إلى علو، يعني التعليم عندنا المدرس يروح مغصوب والطالب يأتي مغصوب، والإدارة تحوش هذا وتدفع هذا، يعني ما في رغبة أكيدة للتعلم، ولذلك يدورون الإجازة، لذلك يبحثون عن الراحة، لذلك يعني يتخففون من كل ما يثقل عليهم، عسانا نقول بل واجب، هذا الواق كلٌ يقول عساه يقوم بما يجب عليه، طبعًا قد يقول واحد والله لي رغبة في التقديم لكن لا أجد، نعم لكن أبدًا من صدق في رغبته فسيجد سبيلًا لتحقيقها، ومن كان صادقًا فسيصدقه الله بعونه وتأييده.