×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / فضائيات / هل يصلح الإسلام للحكم.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المقدمالذي أريد أن أطرحه في عجالة من المعلوم أن أعداء الأمة الإسلامية وهذا شيء طبيعي، منهم مارسوا على الأمة الإسلامية فترة من الزمن، ومنها العالم العربي يعني نفسه مارسوا عليه فترة من الزمن محاولة إقناع المسلمين في هذه البلدان أن الإسلام لا يصلح للحكم، وإنما يصلح للمسجد ويصلح لكذا وإنما لا يصلح لحكم وضمنا نحن في وقت من الأوقات أن الشعوب اقتنعت وأن الناس اقتنعوا بهذه الأكذوبة؛ لكن حينما أتيحت الفرصة للمسلمين ليدلوا برأيهم في هذا الموضوع اتضح لنا جميعهم اختاروا أن يحكمهم الإسلام بصرف النظر عن الأشخاص هذا موضوع ثاني لكن الإسلام، فنريد يعني في عجالة خاطرة حول هذا الموضوع إن رغبت.

الشيخإن شاء الله تعالى، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

هذا الدين أرسل الله تعالى به محمدا صلى الله عليه وسلم في فترة من الانقطاع الرسالات حتى عمت الجهالة والظلمة بني البشر صدق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإمام مسلم أنه قال: قال الله تعالى : «إني خلقت عبادي حنفاء، فاجتالتهم الشياطين»+++صحيح مسلم (2865)--- اجتالتهم أي أخرجتهم إلا القليل؛ ولذلك قال: «إن الله نظر إلى أهل الأرض» قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم «فمقتهم» أي أبغضهم وكره ما هم عليه «إلا بقايا من أهل الكتاب» هؤلاء النفر القليل هم المستمسكون ببصيص من هداية الرسل التي كانت قد بقيت واستمروا عليها، ذلك كله لم يكن يغني البشرية عن نور يخرجون به من هذه الظلمات، فجاء الله بهذا النور المبين الذي بعث به محمد الأمين صلى الله عليه وعلى آله وسلم فجاء صلى الله عليه وسلم في أول ما جاء مبينا حق الله الذي هو أن يعبد وحده لا شريك له سار على ذلك مدد متطاولة لماذا بدأ بهذه القضية؟

لأن هذه القضية إذا صلحت صلح بقية عمله، وإذا انخرمت فمهما كان من الصلاح بعد ذلك، فإنه سيهوي؛ لأن القاعدة والأصل غير صحيحة، لا يمكن أن يقر عليه قرار، ولا أن يثبت عليه بناء دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى التوحيد وإلى إقامة حقوق الخلق على العدل، وكان هذا هو ما جاءت به الرسل، وما أنزل الله تعالى به الكتب، فإن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب؛ ليقوم الناس بالقسط أي بالعدل ﴿الله يحب المقسطين﴾+++[المائدة: 42]--- أي العادلين، فالعدل قضية أساسية.

لذلك كان الانقياد والإقبال على هذه الشريعة ذاتيا من البشرية بشتى صنوفها وعلى مر العصور والتاريخ جاء صلى الله عليه وسلم دعا أهل مكة فأبوا إلا من شرح الله صدره، وارتحل للمدينة، هاجر فتكونت تلك الدعوة الصغيرة الوليدة، فقويت بفضل الله عز وجل وإقبال الناس حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم ولسانه قد عم جزيرة العرب حتى قال: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب"+++صحيح مسلم (1767)---.

انطلقت هذه الأمة بالدعوة إلى الله عز وجل في كل مكان ولم يكن هذا سهلا ولا يسيرا ولا خاليا من عوائق وحواجز وموانع كانت هناك عوائق كبرى دول عظيمة فارس والروم أكبر الدول في ذلك العصر يقابلها في أفراد لا مخزون حضاري ولا قوة سلاح ولا موارد ولا أي شيء من المقومات التي من خلالها يكسبون الصراع وينتصرون على هذه الدول الكبرى فارس والروم؛ لكن ﴿الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾+++[يوسف: 21]--- فقد كان معهم من قوة الحق ما اكتسحوا به الباطل يقول الله جل وعلا : ﴿بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق﴾+++[الأنبياء: 18]--- هكذا ينتهي، وهكذا يضمحل مهما عظم وكبر وسما وعلا يتزلزل الباطل بكلمات من الحق، كما أن الظلم تنقشع ببصيص الضياء هكذا كان الأمر.

على مر العصور استمرت هذه الدعوة ولم يأتي يوم على الإسلام وهو في تراجع وهذه حقيقة دائما إلى علو وسمو حتى في فترات الضعف لما جاء التتار من أقصى الشرق؛ ليجتثوا هذه الأمة وميراثها ما هي إلا سنوات أو سنيات أو عدد من الأشهر حتى دخل أولئك الإسلام هم نفسهم دخلوا في الإسلام اجتاحهم الإسلام.

إذا هذه القوة وهذا الاندفاع الذي في هذا الدين للانتشار والشيوع هذا شيء لا يمكن تفسيره إلا بأن هذا دين الله الذي تولى نشره وإشاعته ﴿وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم﴾+++[محمد: 38]--- في نصرة الدين والقيام بتنفيذ وتحقيق ما قضاه الله عز وجل من أن الدال عاقبة للمتقين لذلك عندما نقرأ التاريخ لا ينبغي أن نغرق فيه لحظة ولا أن نعيش جزئية ثم ننسى السابق واللاحق وما يمكن أن يكون إنما ينبغي أن نكون مستحضرين السابق ومستشرقين المستقبل يحدنا الأمل الذي تعززه النصوص الشرعية التي تدل على أن العاقبة للمتقين.

جاءت فترة الاستعمار وخرج المستعمر عن بلاد الإسلام بعد أن ركز في بلاد الإسلام أفكارا ضده، وعين أقواما يحرصون هذه الأفكار ويطبقونها عوضا عنه نيابة عنه، وهذا استمر لقرابة خمسين سنة أو يزيد على هذا بقليل، ثم بعد ذلك جاء الله بهذا التغيير الذي حصل من غير فعل فاعل ولا تنبأ متنبئ ولا توقع متوقع جاء المؤشرات تدل على انه لن يدوم الأمر، لكن هناك ليس هناك تحديد أو مؤشرات واضحة جلية على أنه سيكون كذا فانفرط العقد، وتتابعت الأحداث، توالت السقوطات، والقادم سيتم الله تعالى به ما أراد من قضائه وقدره ونسأل الله أن يحسن العاقبة للمتقين.

زحزحت وأزيلت تلك الأنظمة التي حجبت الإسلام وإن كانت تدعي لكنها حجبت الناس عن الإسلام كانت بين الناس وبين حقوقهم وبين العدل، طبعا يقول قائل: الناس ما خرجوا لأجل تحقيق الإسلام نعم بالتأكيد لم تكن شعاراتهم طبقوا الإسلام، لكن كانت شعاراتهم كلها تعزز الإسلام ولهذا الآن لما خلي بين الناس وبين الاختيار لن يجدوا طريقا يحقق لهم ما من أجله خرجوا إلا أن يختاروا الإسلام إلا أن يختاروا من يرفع راية الإسلام طبعا هذا يعني ينبغي أن يكون في الحقيقة لا تشريفا لأولئك الذين حملوا راية الإسلام في تلك البلدان، إنما ينبغي أن يؤخذ على أنه تكليف وامتحان واختبار كبير لا لأشخاصهم بل لما يمثلونه من أفكار، وما يدعون إليه من دين هذا يجب أن يكون حاضرا؛ لأن الامتحان كبير والواقع شديد وحتى لو لم ينجح هؤلاء فيما اطلعوا به من رايات رفعوها أنا أقول هذا لن يزحزح فكرة أن الحل في تحقيق مراد الله عز وجل على هذه من خلال ما شرع الله عز وجل الذي جاء بتحقيق العدل وإشاعته.

تطبيق الشريعة يا شيخ مسعود ليس قطع يد فحسب ولا رجم زان فقط، إنما هو نظام حياة تتشكل فيه الحياة على وفق مراد الله عز وجل فيما يتعلق بصلة الخالق بالمخلوق، فيما يتعلق بصلة الخلق فيما بينهم ابتداء من صلة الحاكم بالمحكومين وصلة المحكومين بالحاكم، وصلة الأفراد فيما بينهم وصلتهم في الأرض وصلتهم بغيرهم نظام متكامل يصلح به الله عز وجل حال الإنسان، فالشريعة لم تأتي لإصلاح ما بين الله عز وجل وبين العباد، إنما جاءت لإصلاح ما بين الله وبين العباد وما بين الله وبين الخلق.

لذلك أنا أقول: نحن مستبشرون مهما أظلم الطريق ولما كنا نسمع ممن يتكلم المستقبل للإسلام في أيام خوالي كان هناك من يضحك ويقول إلى الآن ترددون هذا الكلام كم لكم من سنة وأنتم ترون هذه الأنظمة أو ترون الانحسار وتقدم الأفكار الأخرى، أقول: وعد الله لا يخلف، ولكن الله جل وعلا جعل لكل أجل قدرا والله سبحانه وتعالى بحكمته يسوق الأقدار إلى آجالها، والله غالب على أمره والله بالغ أمره جل في علاه.

ولذلك ينبغي أن نستبشر وأن نظن خيرا، ونحن رغم كل المخاوف الموجودة من المستقبل، ورغم كل الإشكاليات في هذه البلاد التي جرى فيها التغيير كل هذا مخاض نأمل من الله جل وعلا أن تكون عاقبته حسنة وما يعني يوجد في بعض البلدان من إشكاليات بعد سقوط الأنظمة الظالمة الحقيقة هو نتاج طبيعي ولا نتوقع أن يعود الناس كأحسن ما كانوا، إنما الأمور تجري تدريجيا وقد خلف أولئك في بلدانهم ما يعجز عن معالجته الأقوياء الأشداء في مدد متطاولة، فكيف نريد مع هذا الشتات، وهذا التفرق وتسلط المتربصين من كل جهة أن يصلحوا أحوالهم في أيام قريبة، لكن نحن ندعو الجميع إلى أن يحسنوا صلتهم بالله عز وجل وأن يتقوا الله   عز وجل وأن يبذلوا المستطاع في إصلاح ما أمكن وأن يجمعوا ولا يفرقوا وأن يلموا الناس وألا يشعبوهم ويفرقوهم أحزابا وطوائف وفرق، فإن هذا يوهي الأمة لا يعني هذا أن يكونوا على لون واحد، فإن الناس لابد أن يختلفوا والاختلاف في وجهة النظر لا يفسد للود قضية، لكن ينبغي أن يبقى هذا الاختلاف في إطار ألا يعادي أحد أحدا وألا يصوب أحد سهامه وبندقيته لأخيه ويترك أعدائه أو أن يعيق بهذا ما الأمة مقدمة عليه من بناء هذه الأوطان وإعادتها إلى المسار الصحيح حسب الطاقة يعني نحن نطالب الناس بالمستطاع أن أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع وإلا فإنك لن تطاع.

لذلك أقول يعني نستبشر خيرا وما كنا نظنه من أن الإسلام لن يعود أو ما يتوهمه إنما هو من وساوس الشياطين وهو من الانغماس في اللحظة الحاضرة والمعطيات الموجودة، ولكننا نعلم أن ﴿الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾+++[يوسف: 21]--- الذي أخرج موسى من قصر فرعون ليهدم ذلك الملك الذي يضرب به المثل في القوة والسلطان لن يعجز جل في علاه أن يبني لهذه الأمة أمرا رشيدا فيخرج من تلك الأنظمة ومن ذلك الركام الذي خلفته تلك الأنظمة من يعيد لهذه الأمة رشدها وعزها وتقدمها نسأل الله أن يحسن العاقبة للجميع، وأن يولي على المسلمين خيارهم وليقيهم شر أشرارهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.

المشاهدات:3609

المقدمالذي أريد أن أطرحه في عجالة من المعلوم أن أعداء الأمة الإسلامية وهذا شيء طبيعي، منهم مارسوا على الأمة الإسلامية فترة من الزمن، ومنها العالم العربي يعني نفسه مارسوا عليه فترة من الزمن محاولة إقناع المسلمين في هذه البلدان أن الإسلام لا يصلح للحكم، وإنما يصلح للمسجد ويصلح لكذا وإنما لا يصلح لحكم وضمنا نحن في وقت من الأوقات أن الشعوب اقتنعت وأن الناس اقتنعوا بهذه الأكذوبة؛ لكن حينما أتيحت الفرصة للمسلمين ليدلوا برأيهم في هذا الموضوع اتضح لنا جميعهم اختاروا أن يحكمهم الإسلام بصرف النظر عن الأشخاص هذا موضوع ثاني لكن الإسلام، فنريد يعني في عجالة خاطرة حول هذا الموضوع إن رغبت.

الشيخإن شاء الله تعالى، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

هذا الدين أرسل الله ـ تعالى ـ به محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ في فترة من الانقطاع الرسالات حتى عمت الجهالة والظلمة بني البشر صدق عليهم قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث الإمام مسلم أنه قال: قال الله ـ تعالى ـ: «إنِّي خلَقْتُ عبادي حُنَفاءَ، فاجْتَالَتْهمُ الشَّياطينُ»صحيح مسلم (2865) اجتالتهم أي أخرجتهم إلا القليل؛ ولذلك قال: «إنَّ اللهَ نظر إلى أهلِ الأرضِ» قبل بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ «فمقتَهم» أي أبغضهم وكره ما هم عليه «إلا بقايا من أهلِ الكتابِ» هؤلاء النفر القليل هم المستمسكون ببصيص من هداية الرسل التي كانت قد بقيت واستمروا عليها، ذلك كله لم يكن يغني البشرية عن نور يخرجون به من هذه الظلمات، فجاء الله بهذا النور المبين الذي بعث به محمد الأمين ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فجاء ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أول ما جاء مبينًا حق الله الذي هو أن يعبد وحده لا شريك له سار على ذلك مدد متطاولة لماذا بدأ بهذه القضية؟

لأن هذه القضية إذا صلحت صلح بقية عمله، وإذا انخرمت فمهما كان من الصلاح بعد ذلك، فإنه سيهوي؛ لأن القاعدة والأصل غير صحيحة، لا يمكن أن يقر عليه قرار، ولا أن يثبت عليه بناء دعا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى التوحيد وإلى إقامة حقوق الخلق على العدل، وكان هذا هو ما جاءت به الرسل، وما أنزل الله ـ تعالى ـ به الكتب، فإن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب؛ ليقوم الناس بالقسط أي بالعدل ﴿اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[المائدة: 42] أي العادلين، فالعدل قضية أساسية.

لذلك كان الانقياد والإقبال على هذه الشريعة ذاتيًا من البشرية بشتى صنوفها وعلى مر العصور والتاريخ جاء ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا أهل مكة فأبوا إلا من شرح الله صدره، وارتحل للمدينة، هاجر فتكونت تلك الدعوة الصغيرة الوليدة، فقويت بفضل الله ـ عز وجل ـ وإقبال الناس حتى مات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولسانه قد عم جزيرة العرب حتى قال: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب"صحيح مسلم (1767).

انطلقت هذه الأمة بالدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ في كل مكان ولم يكن هذا سهلًا ولا يسيرًا ولا خاليًا من عوائق وحواجز وموانع كانت هناك عوائق كبرى دول عظيمة فارس والروم أكبر الدول في ذلك العصر يقابلها في أفراد لا مخزون حضاري ولا قوة سلاح ولا موارد ولا أي شيء من المقومات التي من خلالها يكسبون الصراع وينتصرون على هذه الدول الكبرى فارس والروم؛ لكن ﴿اللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ[يوسف: 21] فقد كان معهم من قوة الحق ما اكتسحوا به الباطل يقول الله ـ جل وعلا ـ: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ[الأنبياء: 18] هكذا ينتهي، وهكذا يضمحل مهما عظم وكبر وسما وعلا يتزلزل الباطل بكلمات من الحق، كما أن الظلم تنقشع ببصيص الضياء هكذا كان الأمر.

على مر العصور استمرت هذه الدعوة ولم يأتي يوم على الإسلام وهو في تراجع وهذه حقيقة دائمًا إلى علو وسمو حتى في فترات الضعف لما جاء التتار من أقصى الشرق؛ ليجتثوا هذه الأمة وميراثها ما هي إلا سنوات أو سنيات أو عدد من الأشهر حتى دخل أولئك الإسلام هم نفسهم دخلوا في الإسلام اجتاحهم الإسلام.

إذًا هذه القوة وهذا الاندفاع الذي في هذا الدين للانتشار والشيوع هذا شيء لا يمكن تفسيره إلا بأن هذا دين الله الذي تولى نشره وإشاعته ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ[محمد: 38] في نصرة الدين والقيام بتنفيذ وتحقيق ما قضاه الله ـ عز وجل ـ من أن الدال عاقبة للمتقين لذلك عندما نقرأ التاريخ لا ينبغي أن نغرق فيه لحظة ولا أن نعيش جزئية ثم ننسى السابق واللاحق وما يمكن أن يكون إنما ينبغي أن نكون مستحضرين السابق ومستشرقين المستقبل يحدنا الأمل الذي تعززه النصوص الشرعية التي تدل على أن العاقبة للمتقين.

جاءت فترة الاستعمار وخرج المستعمر عن بلاد الإسلام بعد أن ركز في بلاد الإسلام أفكارًا ضده، وعين أقوامًا يحرصون هذه الأفكار ويطبقونها عوضًا عنه نيابة عنه، وهذا استمر لقرابة خمسين سنة أو يزيد على هذا بقليل، ثم بعد ذلك جاء الله بهذا التغيير الذي حصل من غير فعل فاعل ولا تنبأ متنبئ ولا توقع متوقع جاء المؤشرات تدل على انه لن يدوم الأمر، لكن هناك ليس هناك تحديد أو مؤشرات واضحة جلية على أنه سيكون كذا فانفرط العقد، وتتابعت الأحداث، توالت السقوطات، والقادم سيتم الله ـ تعالى ـ به ما أراد من قضائه وقدره ونسأل الله أن يحسن العاقبة للمتقين.

زحزحت وأزيلت تلك الأنظمة التي حجبت الإسلام وإن كانت تدعي لكنها حجبت الناس عن الإسلام كانت بين الناس وبين حقوقهم وبين العدل، طبعا يقول قائل: الناس ما خرجوا لأجل تحقيق الإسلام نعم بالتأكيد لم تكن شعاراتهم طبقوا الإسلام، لكن كانت شعاراتهم كلها تعزز الإسلام ولهذا الآن لما خلي بين الناس وبين الاختيار لن يجدوا طريقًا يحقق لهم ما من أجله خرجوا إلا أن يختاروا الإسلام إلا أن يختاروا من يرفع راية الإسلام طبعا هذا يعني ينبغي أن يكون في الحقيقة لا تشريفًا لأولئك الذين حملوا راية الإسلام في تلك البلدان، إنما ينبغي أن يؤخذ على أنه تكليف وامتحان واختبار كبير لا لأشخاصهم بل لما يمثلونه من أفكار، وما يدعون إليه من دين هذا يجب أن يكون حاضرًا؛ لأن الامتحان كبير والواقع شديد وحتى لو لم ينجح هؤلاء فيما اطلعوا به من رايات رفعوها أنا أقول هذا لن يزحزح فكرة أن الحل في تحقيق مراد الله ـ عز وجل ـ على هذه من خلال ما شرع الله ـ عز وجل ـ الذي جاء بتحقيق العدل وإشاعته.

تطبيق الشريعة ـ يا شيخ مسعود ـ ليس قطع يد فحسب ولا رجم زان فقط، إنما هو نظام حياة تتشكل فيه الحياة على وفق مراد الله ـ عز وجل ـ فيما يتعلق بصلة الخالق بالمخلوق، فيما يتعلق بصلة الخلق فيما بينهم ابتداء من صلة الحاكم بالمحكومين وصلة المحكومين بالحاكم، وصلة الأفراد فيما بينهم وصلتهم في الأرض وصلتهم بغيرهم نظام متكامل يصلح به الله ـ عز وجل ـ حال الإنسان، فالشريعة لم تأتي لإصلاح ما بين الله ـ عز وجل ـ وبين العباد، إنما جاءت لإصلاح ما بين الله وبين العباد وما بين الله وبين الخلق.

لذلك أنا أقول: نحن مستبشرون مهما أظلم الطريق ولما كنا نسمع ممن يتكلم المستقبل للإسلام في أيام خوالي كان هناك من يضحك ويقول إلى الآن ترددون هذا الكلام كم لكم من سنة وأنتم ترون هذه الأنظمة أو ترون الانحسار وتقدم الأفكار الأخرى، أقول: وعد الله لا يخلف، ولكن الله ـ جل وعلا ـ جعل لكل أجل قدرًا والله ـ سبحانه وتعالى ـ بحكمته يسوق الأقدار إلى آجالها، والله غالب على أمره والله بالغ أمره جل في علاه.

ولذلك ينبغي أن نستبشر وأن نظن خيرًا، ونحن رغم كل المخاوف الموجودة من المستقبل، ورغم كل الإشكاليات في هذه البلاد التي جرى فيها التغيير كل هذا مخاض نأمل من الله ـ جل وعلا ـ أن تكون عاقبته حسنة وما يعني يوجد في بعض البلدان من إشكاليات بعد سقوط الأنظمة الظالمة الحقيقة هو نتاج طبيعي ولا نتوقع أن يعود الناس كأحسن ما كانوا، إنما الأمور تجري تدريجيًا وقد خلف أولئك في بلدانهم ما يعجز عن معالجته الأقوياء الأشداء في مدد متطاولة، فكيف نريد مع هذا الشتات، وهذا التفرق وتسلط المتربصين من كل جهة أن يصلحوا أحوالهم في أيام قريبة، لكن نحن ندعو الجميع إلى أن يحسنوا صلتهم بالله ـ عز وجل ـ وأن يتقوا الله  ـ عز وجل ـ وأن يبذلوا المستطاع في إصلاح ما أمكن وأن يجمعوا ولا يفرقوا وأن يلموا الناس وألا يشعبوهم ويفرقوهم أحزابًا وطوائف وفرق، فإن هذا يوهي الأمة لا يعني هذا أن يكونوا على لون واحد، فإن الناس لابد أن يختلفوا والاختلاف في وجهة النظر لا يفسد للود قضية، لكن ينبغي أن يبقى هذا الاختلاف في إطار ألا يعادي أحد أحدًا وألا يصوب أحد سهامه وبندقيته لأخيه ويترك أعدائه أو أن يعيق بهذا ما الأمة مقدمة عليه من بناء هذه الأوطان وإعادتها إلى المسار الصحيح حسب الطاقة يعني نحن نطالب الناس بالمستطاع أن أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع وإلا فإنك لن تطاع.

لذلك أقول يعني نستبشر خيرًا وما كنا نظنه من أن الإسلام لن يعود أو ما يتوهمه إنما هو من وساوس الشياطين وهو من الانغماس في اللحظة الحاضرة والمعطيات الموجودة، ولكننا نعلم أن ﴿اللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ[يوسف: 21] الذي أخرج موسى من قصر فرعون ليهدم ذلك الملك الذي يضرب به المثل في القوة والسلطان لن يعجز ـ جل في علاه ـ أن يبني لهذه الأمة أمرًا رشيدًا فيخرج من تلك الأنظمة ومن ذلك الركام الذي خلفته تلك الأنظمة من يعيد لهذه الأمة رشدها وعزها وتقدمها نسأل الله أن يحسن العاقبة للجميع، وأن يولي على المسلمين خيارهم وليقيهم شر أشرارهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91549 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87255 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف