المقدم:أم عمر؟
المتصل:السلام عليكم ورحمة الله.
المقدم:وعليكم السلام ورحمة الله.
المتصل:بارك الله فيكم عندي ثلاثة أسئلة.
المقدم:تفضلي يا أختي.
المتصل:السؤال الأول يا شيخ خالد أحسن الله إليكم، وأسأل الله أن يجعل سعيكم مشكورًا، وأن يتقبل منكم صالح القول والعمل. شيخ خالد أحسن الله إليكم في هذه الأيام الذي قويت فيه شوكته للبدع، وبدءوا يسبون صراحة وعلنًا الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ويكتبون عبارات جريئة ومسيئة لأم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ تجرءوا ذلك وكتبوا على جدار مساجد أهل السنة، ما موقفنا يا شيخ كعامة أهل السنة أمام هذا الموقف؟
المقدم:سؤال أختنا أم علي التي سألت عن الأرض بقي فيها شيء واجب الرد، أم عمر من الكويت تسأل عن موقف عامة أهل السنة مما يفعله بعض الطوائف الضالة الذين يسبون أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويمتهنون عائشة ـ رضي الله عنها ـ ويكتبون ذلك على جدران مساجد أهل السنة، ما موقف يعني نحن نتكلم فقط عن عامة أهل السنة.
الشيخ:من نعمة الله على الصحابة ورحمته به أن أجرى عليهم الأجور بعد موتهم بمثل هؤلاء الذين ينالون منهم، قالت عائشة لما سمعت من يتكلم في أبي بكر وعمر قالت: إن الموت قد قطع عملهما، وأن الله ـ تعالى ـ أجرى لهما من الأعمال ما يكون لهما بعد موتهما وهو في وقيعة من يقع فيهم، فهؤلاء لا يضرون إلا أنفسهم، هذا ينبغي أن ننطلق منه كل من سب الصحابة ونال منهم لا يضر إلا نفسه، وهو في الحقيقة ساعٍ إلى فساد وشر لأن هؤلاء هم نقلة الشريعة، كل من طعن في الصحابة فهو يطعن في الشريعة؛ لأن القرآن وهو الذي أجمعت الأمة على قبوله والتحاكم إليه متلقى من قبلهم، يطعن في الأحكام لأنهم هم الذين نقلوها، يطعن في النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأنه أحاطه هؤلاء وهم صحبته، والقريب بالمقارنة يقتضي، فإذا كان أقرانه وأصحابه هم شر الناس وأفسد عباد الله، والظلمة والخونة والمرتدين والفسقة فكيف يكون هو سالمًا من هذا!
فهذا من أعظم الطعن في النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم هو طعن في الله ـ جل وعلا ـ أنه جعل خير الخلق محاطًا بهذه الزبالة التي يصفونها هم، ويجعلونها من أرذل وأردى خلق الله ـ تعالى ـ وعجبًا لأصحاب الملل كلهم أثنوا على صحابة أنبيائهم إلا هؤلاء الذين جعلوا أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أسفل سافلين وأنزل دركات الخير، وأسفل درجات الشر.
لذلك هؤلاء لا يضرون إلا أنفسهم، وأنا أقول: ما نشهده من رفع حقيرة بعض هؤلاء الموتورين الذين ملئت قلوبهم وشرًا هو من نعمة الله ذلك أن الله فضحهم على رؤوس الأشهاد، كانوا يستترون بسب الصحابة ويقولون: نحن وإياكم واحد، ونحن قرآننا واحد، وأمة واحدة وليس بيننا وبينكم خلاف، أظهر الله خبيئتهم، بهذا السباب الوقح الذي يكذبون به القرآن الحكيم حيث يصفون عائشة بما نزهها الله وبرئها منه من سبع سموات، يطعنون فيها وهي الشريفة الطاهرة المطهرة ـ رضي الله عنها ـ التي قضى بطهرها لا فلان ولا علان، قضى بطهرها رب العالمين.
فلا شك أن هذا من أكبر الفضيحة لهم فليبشروا بسوء المآل وشر الحال في الدار الأولى وفي الآخرة، وهؤلاء مفضوحون ولذلك يأبى الله إلا لهم الذل ولو كانوا ما كانوا في السلطة والتمكن هم أذلاء، وهم إلى بوار وصبور، ما الذي يجب أن نفعله؟
الذي يجب أن نفعله هو أن نبين الحق، أن ندافع عن الكتاب والسنة، أن بين ضلالة هذه البدع، وأنا أقول لكل أحد من إخواننا أنه لا ينبغي أن ندخل في مقام السباب؛ لأن السباب هو حجة الضعيف، هو برهام الذي لا برهان له، ونحن عندنا نور ساطع، وحجة بينة، كتاب الله وسنة رسوله من تمسك بهما هدي، ومن اعتصم بهما نجا، فلندعو إلى كتاب الله وسنة رسوله ونبين ضلالة هؤلاء، أكبر ما يتجابه به هذه المذاهب المنحرفة هو بيان الحق المشرق، والنور البين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ببيان ما في الشريعة من الكمال، بيان ضلال هذه الأقوال وما يترتب عليها من ضلالات كبرى، وانحرافات عظمى.
هنا مسألة مهمة أن التشيع في هذا العصر يستعمل استعمال رديء لتحقيق مآرب منحرفة شعوبية وهي ما يحققه ما يسعى إليه الصفويون الذين يسعون لركوب موجة التشيع لأجل أن يحققوا مشروعهم من التمدد، وإعادة الإرث الذي فقدوه من الحكم الفارسي , أنا أبشرهم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا عليهم فقال في كسرى لما مزق رسالة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «فَدَعا عليهم رَسولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ أنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ»صحيح البخاري (64).
فلن تقوم لهم قائمة إلا بالإسلام، ونحن نقول: إن رجعوا إلى الإسلام وأعلوا رايته فهم ونحن سواء، وإن أعلوا سب الصحابة واتهام عائشة بما برأها به، وتكذيب القرآن الكريم والنيل من الأمة فهم مرذولون مدحورون، وحقهم علينا النصح والبيان والإيضاح والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، لذلك أنا أقول: من الضروري أن تتكاتف الجهود في تبيين ضلال هؤلاء ليس من باب السباب ولا من باب التحدي الذي يجعل كل فريق يتعصب إلى فئته، إنما نبين كما قال الله ـ تعالى ـ: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ﴾[آل عمران:64]هذه الدعوة التي دعا إليها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أهل الكتاب، نحن ندعو كل أحد إليها ليس لنا إمام نتعصب إليه ولا قول نتحزب إليه، لنا كتاب ولنا سنة من أخذ بهما ولجأ إليهما فهو منا ونحن منه، ومن أعرض عنهما فلا سبيل إلا أن ندعوه بالحكمة والموعظة الحسنة ونكف شره بما نستطيع.
ولهذا أقول من حق القرآن، ومن حق السنة، ومن حق الصحابة، ومن حق الإسلام أن ندعو بإيضاح الحق، وأنا أقول: على مر العصور وتعاقب الدهور هذا المذهب إلى بوار، ولا يعلي الله ـ تعالى ـ إلا الحق فإنه الذي تكفل بإظهاره «لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي علَى الحقِّ ظاهرينَ لا يضرُّهم من خذلُهم حتَّى يأتيَ أمرُ اللَّهِ»صحيح البخاري (7459)، وصحيح مسلم (1921)، وأعطف هنا على كلام الأخ نزار في قوله: أنه لو خرج النبي لقال يعني: أذهبتم سعي أو ما إلى ذلك..
أقول: لا يا أخي الأمة بخير وإن كان فيه قصور كبير وتقصير عظيم لكن نحن بخير، الأمة ما زالت بخير «لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي علَى الحقِّ ظاهرينَ لا يضرُّهم من خذلُهم حتَّى يأتيَ أمرُ اللَّهِ»»صحيح البخاري (7459)، وصحيح مسلم (1921)،لذلك يجب أن نبشر بهذه الطائفة، هذه الطائفة ليست فرد ولا جماعة في بلد إنما هذه كل من اعتصم بكتاب الله، وانطلق من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أينما كان، من أي جنس كان، وبأي لسان تكلم فهو من أهل هذه الطائفة المنصورة التي نسأل الله أن يجعلنا منها، وأما الذي أعرض عن الكتاب والسنة وأخذ سبل الضلال فلا يضر إلا نفسه.
هذا الدين كالجبل الشامخ الذي لا تؤثر فيه الرياح، ولا تضره تعاقب الأحوال عليه، يبقى كما قال الله ـ تعالى ـ: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾[الرعد:17]والحق نور بين ساطع ظاهرن أنا أقول لهؤلاء الذين يسبون الصحابة وينالون منهم: أن لا إله إلا الله في أقوالكم، كيف يسوغ أن تذهبوا إلى القبور وتسجدون عندها وتجعلونها قصدكم وتجعلون المجيء إلى كربلاء أفضل وأشرف بسبعين مرة من المجيء إلى عرفة؟ أين هذا في كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكان يعلمه أو لا!
إذا كان يعلمه فلم يبينه للأمة فقد خان ما أمر الله ـ تعالى ـ ببلاغه، وإذا كان لا يعلمه فأنتم على هداية أكمل من هدي النبي الذي قال فيه الله ـ جل وعلا ـ في يوم عرفة، قال له الله في يوم عرفة: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾[المائدة:3]، أيسوغ؟ أيقبل أن يقال: أن المجيء إلى كربلاء وتربة كربلاء خير من أن تأتي عرفة سبعين مرة! ما الكلام هذا! في أي دين هذا! دين نزل بعد دين محمد! بعد أن قال الله ـ تعالى ـ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾[المائدة:3]، الإنسان ينظر بهذا الوحي نحن لا ندعو إلى تعصب لمذهب، ولا إلى إمام، ولا إلى عالم، ندعو إلى مراجعة كلام الله في القرآن الحكيم.
الآن هم يدندنون على الإمامة ويجعلونها ركن من أركان الإسلام كالصلاة والزكاة وأصل من أصول الإيمان كالإيمان بالله والملائكة والكتب والرسل، أين آية في كتاب الله تذكر هذه الإمامة التي جعلوها ملجأ لهم لإفساد دين الله ـ عز وجل ـ وادعوا في أئمتهم العصمة، وأنهم يدبرون الكون، وأنهم يديرون الأفلاك، وأنهم... وأنهم... وما ينزل قطرة من السماء إلا بأمرهم، أين هذا في كلام الله وكلامه رسوله؟!
أليس هذا ما كان يعتقده الجاهليون في هُبل وفي سائر ما كانوا يعبدونه من أوثان وأصنام؟!
بلى هذا هو، قد يكون أشد لكن على كل حال يعني هم على ضلالة كبرى، لذلك أنا أقول: الله جل في علاه بين لنا الطريق الذي يجب أن نسلكه، بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه، فإذا وزق هذا الإعلام المتضخم بتلك القنوات الكثيرة التي تسب الصحابة، وتتهم عائشة، وتدعو إلى قتل أهل الإسلام، وإذا قالوا: المؤمنين فلا يقصدون بالمؤمنين إلا أتباعهم ومن كان معهم، ومن كان على عقيدتهم، أما غيرهم فهم النواصب الذين يستحقون القتل، ويستحقون كل ما يجري عليهم من بلاء وشر، هؤلاء نقول لهم: أنتم عندكم كتاب ترجعون إليه وتتحاكمون إليه، إذا عندكم كتاب أظهروه لنا ولنتحاكم إلى هذا الكتاب إذا كان هذا الكتاب هو القرآن.
أما إذا كان تزويرًا وزورًا وباطلًا فهذا دين غير دين الإسلام فلا تتسموا به ولا تسموا أنفسكم مسلمين، أنتم على دين غير دين الإسلام، نحن أهل الإسلام منذ فجره إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لا ينطلقون إلا من كتاب الله، ومما جاء من بيان خير الأنام ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سنته، هذا هو الأصل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أما ما عدا هذا فهي ترهات وكذبات يسلكها هؤلاء.
أنا أقول: يجب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وبيان ما كان عليه الصحابة من كمال السيرة وطيب السريرة ـ رضي الله عنهم ـ ولا يعني هذا أنهم جيل ليس هناك نقص لكن هؤلاء تركوا كل الفضائل والخيرات، والصفحات المشرقة التي انتشر بها الضياء في الأرض كلها وركزوا على نقاط محددة في تاريخ الأمة وضخموها وجعلوها هي تاريخ الصحابة، وهذه الحوادث التي يذكرونها إما مكذوبة، وإما قد زيد فيها ونقص بما يحرفه عن وجهها، وإما لأن لأهلها تأويل نحن نعذرهم فيه ونرجو لهم عند الله ـ تعالى ـ جميل العاقبة وحسن المآل.
هذه أحوال ثلاثة لا يخرج عنها ما يذكرونه من النيل في الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ اللهم أهدنا فيمن هديت، نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين، وأن يردهم إلى الحق، وأن يعيذنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.