المتصلة: السؤال الثاني: حكم المسابقات ـ يا شيخ ـ يعني في رمضان في مسابقات دينية يكون الهدف منها زياد الوعي الديني يرسل فيها المشترك مثلًا الجواب برسالة قصيرة، ويتم الاختيار بالقرعة، يعني ليس كل من يرسل إجابة صحيحة هو يفوز، فهل هي شرعية؟ أم في هذا نسمع مثلًا أن فيها قمار، وفي هناك نوع آخر من المسابقات المشترك يرسل في الأول رسالة ثم بعد ذلك يتم الاتصال به حسب قرعة الكمبيوتر ليشارك، وتكون الجائزة إما عمرة أو حجة وجزاكم الله خيرًا.
المقدم: وإياك، طيب صاحب الفضيلة أم محمد سؤالها الثاني تقول حول المشاركة في المسابقات هي أسمتها تقول المسابقات الدينية التي هدفها زيادة الوعي الديني تقول: يرسل رسالة جوال ثم يدخل القرعة، تقول: وأحيانًا يرسلون رسالة ثم يتصلوا به والجائزة عبارة عن عمرة، المشاركة يا شيخ فيها.
الشيخ: في ما يتصل بالنوع الأول من المسابقات التي فيها عمل، إذا كان هذا العمل نافعًا.
المقدم: مثل ماذا العمل يا شيخ؟
الشيخ: عمل يعني إجابة أسئلة، صناعة أمر، تحقيق، إذا كانت المسابقة على أمرٍ فيه مصلحة وخير، فإنه من أهل العلم من يقصر هذا على العلوم الشرعية فقط، ومنهم من يوسعه فيقول: كل ما كان لحفظ الشريعة وزيادة العلم النافع وإشغال الناس بالمفيد فإنه يجوز المسابقة فيه بعوض أي بجائزة سواء كانت من المشتركين أو كانت من طرف أجنبي أو كانت من أحد المشاركين، هذه الصور الجائزة.
إما إذا كان هذا في ما لا فائدة فيه، في ما لا فائدة فيه فضلًا عن أن يكون فيه مضرة فإنه لا يجوز، فإن هذا من الميسر الذي قال الله ـ تعالى ـ فيه: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[المائدة:90]، فإذا لم يكن فائدة ولا نفع، فهذا من المحرمات وهو داخلٌ في الميسر، استثني فقط ما كان نافعًا، والأصل في هذا الاستثناء ما في الحديث الصحيح في مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «لا سبق» لا سبق يعني لا جائزة، عوض، «إلا في ثلاث خف أو نصل أو حافر»سنن أبي داود (2574)، وسنن الترمذي (1700) خف يعني بعير، السباق على الإبل، نصل يعني السباق في الرمي السهام، حافر السباق على الخيول.
طبعًا هذه المذكورات هي السائدة في زمانه، لكن ليس حصرًا هذا، ولذلك قال العلماء بما يشبه الاتفاق: إنه يجوز المسابقة في آلات الحرب المعاصرة؛ لأن هذه كلها آلات حرب وكانت للتقوي على الدفاع عن الإسلام والجهاد في سبيل الله، فكل ما كان كذلك من آلات الحرب المعاصرة الطائرات والدبابات والراجمات والصواريخ، كله مما يجوز فيه السباق بالمعنى لدخوله في المنصوص عليه وهي الثلاثة.
لكن المسائل العلمية والمعارف هذه ذهب الحنفية وشيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنها ملحقة بما ورد به النص إذا كانت مما يحفظ به الدين ومما تعلى به كلمة رب العالمين، وهذا كلام الحنفية وابن تيمية كلام وجيه، وقد قرره ابن القيم في كتاب الفروسية تقريرًا جيدًا، المقصود أن هذا هو القول الثاني وهو المنطلق في إباحة السباق في المعارف النافعة سواء كانت دينية أو كانت علمية مما يتعلق بحياة الناي مما يعود به النفع عليهم فلا بأس في هذا إن شاء الله تعالى.
أما ما يتصل بالمسابقات التي لا تدخل في هذا النوع فهي محرمة للأصل؛ لأنه في الحقيقة هي مستثناة، هذه مستثناة من أصل الميسر، فيما يتعلق بالمسابقات الصورة الثانية أنك ترسل رسالة ثم يتصل عليك إذا كنت في السيارة، هذه حقيقته دخول للسحببمال، هذا المال لا فرق أن يكون قليلًا أو كثيرًا، الاتصال سواء كان بريال أو بعشرة ريال، الرسالة سواء كانت بريال أو كانت بسبعة ريال، كله إذا كان للدخول في السحب فهو من الميسر المحرم؛ لأنه بين غرمٍ وغنم، بين أن تربح هذه السيارة بالاتصال عليك بأنك فزت وبين أن تغرم، وليس هناك عمل.
وهذا من الاشتغال بكسب الأموال من طريق الميسر وهو ضرب من الضروب التي تنهى عنها الشريعة المطهرة كما أنه في الواقع المعاصر فساد هذا النوع من المعاملات ظاهر بين، ينبغي البعد عنه والنأي بالنفس عن أن تتورط في شيءٍ من ذلك، هذا ما يبدو في ما يتعلق بالنوع الثاني.
وأنا في الجملة أقول لإخواني وأخواتي إن هذا الشهر شهر مبارك وهو كثير الخيرات والمبرات، شغله بالمفيد الأدنى مما ينبغي تركه فكيف بما لا فائدة فيه، وكيف بالاشتغال باللهو الحاصل في كثير من هذه الوسائل، الإمام مالك رحمه الله كان إذا دخل شهر رمضان توقف عن التحديث وعقد حلق الحديث مع أنه علمٌ وتفصيل ونقل لكلام خير المرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكيف بنا نشتغل بأمور يعني فيها شبهة أو قد تكون مفضولة أو قد تكون محرمة، فينبغي حفظ الأوقات عن هذا، الانهماك في مطاردة المسابقات في القناة الفلانية والفلانية يمكن هذا يزعج بعض الناس لكن أقول هو نوع من اللهو الذي ينبغي أن يصان عنه هذا الشهر.
المقدم: أحسن الله إليكم يا شيخ وجزيتم خيرًا على هذا التوجيه المبارك.