السؤال الأول:
ما هي المنهيات التي لا يفعلها الإنسان في المقبرة؟ وهل يجوز للمرأة أن تزور المقبرة؟
الجواب:
قائمة المنهيات كثيرة، لا نستطيع حصرها، ولكن منها: رفع القبر والدعاء عنده، والجلوس عليه، ووطؤه، واستقباله للصلاة، كما في حديث أبي مرثد الغنوي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها» رواه مسلم (972).، ورأى رجلا يمشي بين القبور وعليه نعلان فقال: «يا صاحب السبتيتين، ويحك ألق سبتيتيك» رواه أحمد (20784)، وأبو داود (3230)، والنسائي (2048) عن بشير بن الخصاصية ، وصححه ابن حبان (3170)، والحاكم (1381).، ومما ينهى عنه عند القبور البكاء عندها مع الجزع، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: «اتقي الله واصبري»، قالت: إليك عني؛ فإنك لم تصب بمصيبتي! ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» رواه البخاري (1283)، ومسلم (926).، فهذا البكاء الذي يصاحبه جزع محرم، وربما يوصل الإنسان إلى كبائر الذنوب، إذا اقترن به نياحة، أو إظهار تسخط ونحو ذلك.
وأما البكاء الطبيعي الذي يحصل لفراق حبيب، أو حزنًا على الميت، فهذا وقع من النبي صلى الله عليه وسلم، كبكائه عندما مات ابنه إبراهيم رواه البخاري (1303) عن أنس .، وهو بكاء رحمة، فهذا مباح.
فهذه بعض المنهيات، وبالجملة ينبغي لمن يأتي إلى المقابر أن يعرف أن المقابر مساكن الأموات،كما أن البيوت والدور مساكن الأحياء، فلها حرمة كحرمة الدور.
ومن حيث ما يتعلق بمقصود الزيارة، فليست زيارة القبور مقصودة لدعاء الأموات، ولا الاستغاثة بهم، ولا الاستشفاع بهم، ولا لقراءة القرآن، ولا الذبح والنذر عندها، ولو كان ذلك لله، إنما المقصود من زيارة القبور الزيارة المشروعة، أن يحصل بها نفعان:
الأول: نفع للزائر، بالاعتبار والاتعاظ.
الثاني: نفع للميت، بالدعاء له، سواء كان لعموم أهل المقبرة، فإذا دخل يقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، فهذا دعاء، أو على وجه الخصوص، عندما يأتي إلى قبر أبيه، أو إلى قبر أمه، أو ولده، أو أخيه، أو صديقه، ونحو ذلك، فيقف ويقول: السلام عليك يا فلان، ويدعو له على وجه الخصوص إن شاء، والله أعلم.
السؤال الثاني :
ما حكم زيارة المرأة للقبر للمقابر؟
الجواب:
زيارة المرأة للقبور للعلماء فيها ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن زيارة النساء للقبور محرمة؛ لعموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور» رواه أحمد (8449)، والترمذي (1056)، وابن ماجه (1576)، ورواه ابن ماجه (1575) عن ابن عباس. انظر: بيان الوهم والإيهام (5/511)، البدر المنير (5/345)، التلخيص (2/313)، الإرواء (3/232).، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: «لعنَ اللَّهِ زائراتِ القبورِ» رواه أحمد (2030)، وأبو داود (3236)، والترمذي (320)، والنسائي (2043)، وابن حبان (3179).انظر: بيان الوهم والإيهام (5/563)، البدر المنير (5/345). ـ وفي إسناد الحديثين مقال ـ واللعن يدل على أن ذلك من كبائر الذنوب.
القول الثاني: أن الزيارة تكره للنساء، وهذا قول جمهور العلماء أن الزيارة؛ بناء على أن أحاديث النهي في ثبوتها نظر، والحديث إذا كان ضعيف الإسناد وقد تضمن نهيا فإنه يُفيد الكراهة، ولا يُفيد التحريم، ويؤكد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة تبكي عند قبر، فقال: «اتقي الله واصبري»، قالت: إليك عني؛ فإنك لم تصب بمصيبتي! ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» رواه البخاري (1283)، ومسلم (926).، فلم ينكر عليها زيارة القبر، وإنما أنكر عليها جزعها وعدم صبرها، ولذلك قالوا: إذا كانت زيارتها للقبر يصاحبها تسخط وجزع ونياحة، فإنها تكون محرمة.
القول الثالث: أنه يُشرع لها الزيارة كما يُشرع للرجال؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها» رواه مسلم (1977) عن بريدة الأسلمي ..
وأرجح الأقوال أنه يكره، والمعمول به في بلادنا أن النساء لا يزرن المقابر، وتكتفي المرأة إذا مرت على القبور ورأتها بالسلام عليها، كما سألت عائشة النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أقول إذا جئت المقابر؟ فقال: «قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون» رواه مسلم (374).، والله أعلم.