السؤال:
هل الميت يحس قبل الدفن بمن حوله؟
الجواب:
جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «العبد إذا وضع في قبره، وتولى وذهب أصحابه، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم» البخاري (1338)، ومسلم (2870).، وهذا يعني أنه يشعر ويسمع ما يكون حوله، فينبغي أن يُجتهد في الدعاء له وفي تثبيته.
لكن فيما يتعلق بما يفعله بعض الناس من تلقينه الشهادة، وتسميته باسمه منسوب إلى أمه: يا فلان بن فلانة! فهذا لم يثبت، وإن فعله بعض المتقدمين من أهل الشام، وذكره بعضهم على وجه الاستحباب، لكنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والثابت عنه هو الدعاء، وطلب الاستغفار للميت، كما جاء في حديث عثمان بن مظعون رضي الله عته قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له بالتثبيت، فإنه الآن يسأل» رواه أبو داود (3221)، وصححه الحاكم (1372)، وقال النووي في الخلاصة (3674): إسناده حسن.، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من الحاضرين أمرين:
الأول: الاستغفار للميت، بأن يقول: اللهم اغفر له وارحمه، أو اللهم كفِّر عنه خطاياه.
الثاني: سؤال التثبيت للميت، عندما يسأله الملكان.
وسماع الميت لقرع النعال لا يعني أنه يستفيد من هذا السماع، كما قال الله جل وعلا: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} سورة فاطر. الآية 22. يعني سماع نفع، وليس المقصود نفي السماع الكلي، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: اطلع النبي صلى الله عليه وسلم على أهل القليب، فقال: «وجدتم ما وعد ربكم حقًّا؟» فقيل له: تدعو أمواتًا؟ فقال: «ما أنتم بأسمع منهم، ولكن لا يجيبون» رواه البخاري (1370).، ولكن هذا السماع لا ينتفعون منه، ولا يفيدهم، ولا ينفعهم، وبالتالي ينبغي أن يقتصر في زيارة القبور على المشروع من الدعاء لا غير.
وبعض المصابين بأحبابهم، وإخوانهم، وأبنائهم، يذهب إلى القبر ويجلس عنده، ويخاطبه بقول: يا ولدي أنا أحبك، يا ولدي ذهبت وتركتني! ويأتي بهذه الكلمات التي قد يُنفِّس فيها عن بعض آلام فراقه، ويقال له ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- للمرأة التي رآها تبكي عند قبره ولدها، كما في الصحيح من حديث أنس قال لها: "اتقي الله واصبري" رواه البخاري (1283)، ومسلم (926).، والله أعلم.