السؤال:
هل الأفضل قراءة الفاتحة أم الدعاء للمتوفى؟
الجواب:
أفضل ما يُهدى للأموات ما جاء به الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في صحيح الإمام مسلم من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا مَاتَ الإنسان انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ» ++ أخرجه مسلم (1631) . وهذه من عمل الإنسان قبل موته، الثاني: « أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ،»، وهذا من عمله قبل موته، الثالث: «أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» وهذا أيضًا من عمله قبل موته، فالولد هو من كسب الإنسان؛ ولهذا يدخل في قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} سورة النجم. الآية 39.، فعمل ولده يؤجر عليه لولادته، وكونه المتسبب في وجوده، لكن هذا الحديث يُشير، إلى أن عمل الولد في دعائه أفضل ما يُهديه الحي إلى الميت؛ ولذلك لما جاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبويّ شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: «نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما» رواه أحمد (16059)، وأبو داود (5142)، وابن ماجه (3664) عن أبي أسيد الساعدي ، وصححه ابن حبان (418)، والحاكم (7260) ووافقه الذهبي..
فالدعاء هو أفضل ما يُهدى إلى الميت، ويحصل به ثلاث فوائد:
الأولى: الأجر والثواب.
الثانية: أن الله وَكَّلَ ملكا يقول كلما دعا لأخيه بظهر الغيب: ولك مثله رواه مسلم (2732) عن أبي الدرداء ..
الثالثة: أن الميت يصله ما دعوت له من البر والعطاء والخير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى هذا؟! فيقال: باستغفار ولدك لك» رواه أحمد (10610)، وابن ماجه (3660) عن أبي هريرة ، وصحح إسناده البوصيري في زوائد ابن ماجه، وحسن إسناده العراقي في تخريج الإحياء (1/370)..
وإذا كان عليه حقوق واجبة لله، أو حقوق واجبة للخلق وقضاها، هذا أيضًا مما يتقرب به إلى الله تعالى، ومما ينفع الميت، كما جاء في الصحيح من حديث عائشة -رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» رواه البخاري (1952)، ومسلم (1147).، فهذا يدل على نفع الأموات بهذا.
وأيضًا الذي نوى عملًا صالحًا، ولم يتمكن من إتمامه، فإن من بره أن يتصدق عنه بإمضائه عنه، لما روت عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتلتت نفسها ـ أي: ماتت فجأة ـ وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: «نعم» رواه البخاري (1388)، ومسلم (1004)..
أما ما يتعلق بقراءة الفاتحة، فيجوز أن تقرأ من القرآن ما شئت وتهديه للأموات؛ لجواز إهداء ثواب العمل الصالح للأموات والأحياء، لكن ما يُفعل في قراءة الفاتحة عند الميت، أو في المقابر، أو عند ذكر الميت، جماعة أو فرادى، فهذا ليس عليه عمل السلف، وهو داخل فيما جاء في الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فهو رد» البخاري (2697)، ومسلم (1718)..
ومن يقرأ شيئًا من القرآن ويهديه للميت، أو يفعل شيئًا من البر ويهدي ثوابه للأموات، فالثواب للأموات، وله أجر الإحسان إليهم، والله أعلم.