×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / فضائيات / حملة الوفاء لأرض الشهداء

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:4870

المقدم:أهلًا وسهلًا بكم مجددًا بعد الفاصلِ ولكلِّ مَنِ انضمَّ إلينا في هذه الحملةِ حملةِ الوفاءِ لأرضِ الشهداءِ بالغوطةِ، دعوني باسمِكم جميعًا مشاهدينا الكرامَ نرحبُ بالدكتورِ خالدِ بنِ عبدِ اللهِ المصلحِ، انضمَّ إلينا، وهو عضوُ هيئةِ التدريسِ بجامعةِ القصيمِ، فأهلًا وسهلًا بك دكتورُ خالدٌ.

الشيخُ: أهلًا وسهلًا بكم وبالإخوةِ والأخواتِ، وأسألُ اللهَ أن يكونَ لقاءً نافعًا مباركًا.

المقدمُ:سعداءُ بانضمامِك إلينا، اللهُ يكتبُ أجرَك وخطاك إن شاءَ اللهُ.

الشيخُ: اللهُ يباركُ فيك حياك اللهُ.

المقدمُ: أعودُ إليك أستاذُ باسلٌ، الجهودُ الآنَ الاجتماعيةُ في الغوطةِ ماذا يقدمُ لها الغوطةُ الآنَ؟

الأستاذُ باسلٌ: حملةُ الوفاءِ أستاذُ طلالٌ انطلقتْ منذُ ستةِ شهورٍ، اسمحْ لي بعجالةٍ أن أختصرَ لك وللمشاهِدين ولفضيلةِ الشيخِ ما قدَّمتِ الحملةُ إلى الآنَ.

الحملةُ إلى الآنَ ساهمتْ في مداواةِ أكثرَ مِن ألفِ جريحٍ في داخلِ الغوطةِ المحاصرةِ، ساهمتِ الحملةُ "حملةُ الوفاءِ" لأرضِ الشهداءِ الغوطةِ بتوزيعِ أكثرَ مِن خمسةٍ وعشرين ألفَ طردٍ غذائيٍّ ضمنَ شهرِ رمضانَ المنصرمِ، وذلك بأموالِ الداعِمين والمسلمين في كلِّ مكانٍ الذين تفاعَلوا معَ الحملةِ.

الحملةُ أيضًا في رمضانَ فقطْ أشرفَتْ على إفطارِ أكثرَ مِن مائتينِ وخمسينَ ألفِ صائمٍ في الغوطةِ المحاصرةِ التي تئنُّ وتبكي تحتَ هذا الحصارِ الذي فرضَه هذا النظامُ، الآنَ الحملةُ بفضلِ اللهِ أطلقتْ مشروعَ الأضاحي، أضاحي المسلمين لإخوانِهم السوريين في داخلِ الغوطةِ المحاصرةِ، منذُ سنةٍ لا يوجدُ كهرباءُ، لا يوجدُ وقودٌ، لا يوجدُ تدفئةٌ، لا يوجدُ طعامٌ، النظامُ يحاصرُ حتى دخولَ كيسٍ مِنَ الدقيقِ إلى داخلِ الغوطةِ.

اليومَ أطلَقنا مشروعًا أو قبلَ حلقتَينِ أطلقْنا مشروعَ الأضاحي لحملةِ الوفاءِ لأرضِ الشهداءِ إلى أهلِنا في الغوطةِ لكي نوصلَ لهم أضاحي المسلمين إلى داخلِ الغوطةِ رغمَ أنفِ الظالمين، رغمَ أنفِ كلِّ مَن أرادَ أن يكسرَ شوكةَ هؤلاء الموحِّدين في الغوطةِ المحاصَرةِ.

انطلقَ هذا المشروعُ منذُ أسبوعَينِ وللهِ الحمدُ والمنةُ تفاعلَ معَنا معظمُ الداعِمين، وتفاعلَ معَنا إخوةٌ مِن جيبوتي، إخوةٌ مِنَ الإماراتِ، إخوةٌ من قطرٍ، إخوةٌ من غزةَ، إخوةٌ مِن أوروبا، إخوةٌ مِن بلجيكا، تفاعَلوا معَنا وأرسلوا أضحيتَهم لأهلِهم في الغوطةِ.

الآنَ كلُّ العالمِ العربيِّ والإسلاميِّ وكلُّ متابعي ومشاهدي لحملةِ الوفاءِ لأرضِ الشهداءِ الغوطةِ يريدون أن يسألوا عَن آليةِ الأضحيةِ، وهذا ما أحيلُه عبرَ فضيلةِ الدكتورِ؛ آدابِ الأضحيةِ، وسننِ الأضحيةِ، وكيفَ يوكِّلُ الحملةَ بذلك، يريدُ كلُّ داعمٍ أن يعرفَ آلياتِ هذا.

المقدمُ: نعطي الفرصةَ للدكتورِ خالدٍ، نريدُ تبرزُ للمشاهدين الجالسين يشاهدون عَن أهميةِ  هذه الأضحيةِ في الإسلامِ؟ كيفَ حثَّ عليها الإسلامُ؟ كيفَ رغَّب فيها؟ ما هو الأجرُ المترتبُ عَلَيها؟

الشيخُ: الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، وأصلِّي وأُسلِّمُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه أجمعين، أما بعدُ:

فأسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ الكريمِ أن يعجِّلَ بالفرجِ والخيرَ ما فيه أرضُ الشامِ، وأن يقرَّ أعينَنا بحفظِ أرواحِهم وأموالِهم وأعراضِهم، وأن يخلِّصَهم مما نزلَ بهم مِن ظلمٍ مبينٍ واعتداءٍ غاشمٍ أثيمٍ يشهدُه العالمُ القريبُ والبعيدُ، ومنه ما شهدَتْه هذه البقعةُ مِن أرضِ الشامِ وهي الغوطةُ التي جرى فيها انتهاكٌ لكلِّ القيمِ، والتجاوزُ لكلِّ الخطوطِ بجميعِ ألوانِها، باستعمالِ السلاحِ الكيميائيِّ الذي قتلَ الناسَ وهم في فرشِهم، والعالمُ شهدَ هذه المأساةَ العظيمةَ التي إن نسيَها الناسُ، فاللهُ -عزَّ وجلَّ- لا يَنساها، بلِ اللهُ ـ تعالى ـ قد قالَ: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ[إبراهيم: 42]، فاللهُ –جلَّ وعَلا- يحصي الأنفاسَ وهو -جلَّ وعَلا- خبيرٌ مطَّلعٌ شاهدٌ رقيبٌ على كلِّ ما يجري، فما فاتَ إخوانُنا مِنَ انتصارٍ لهم بانتقامِ الناسِ مِن هذا الظالمِ هو موفورٌ لهم في الآخرةِ، فإنه سيجري مِن عقوبةِ اللهِ تعالى لهؤلاء الظلمةِ الذين قتلوا واستعمَلوا هذه الأسلحةَ، بلِ القتلُ بكلِّ صوَرِه لاصطلاحِ الكيماويِّ والاصطلاحِ الوحيدِ الذي يستفزُّ النفوسَ، إنما كلُّ قصفٍ ولو كان بكلمةٍ هو محلُّ تجريمٍ وظلمٍ، فاللهُ ـ تعالى ـ جعلَ قتلَ نفسٍ واحدةٍ مِن بني آدمَ بغيرِ حقٍّ كقتلِ الناسِ جميعًا، فقالَ ـ تعالى ـ: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا[المائدة: 32]، وقتلُها كذلك، فلذلك أسألُ اللهَ تعالى أن يُنزلَ السكينةَ على أهلِهم في تلك البقعةِ، وأن يعجِّلَ بالفرجِ لهم، وأن ينتقمَ لهم ممَّن ظلَمَهم، وليَبشروا فإن اللهَ ـ تعالى ـ قد وعدَ -واللهُ لا يخلفُ الميعادَ- أن ينصرَ اللهُ ـ تعالى ـ المظلومَ، وأن يجيبَ دعوتَه، وأن يكونَ معَه، فاللهُ ـ تعالى ـ يجيبُ المضطرَ وإخواننا في ضرورةٍ واضطرابٍ عظيمٍ، لا يأمَنون على أنفسِهم، ولا على أموالِهم، ولا على دمائِهم، ولا على أعراضِهم، فقد أحاطَ بهمُ الخوفُ مِن كلِّ جانبٍ، وليسَ لهم إلا اللهُ، وقد رفَعوا الشعارَ مِن أوائلِ الظلمِ الواقعِ عليهم في قولِهم: "ما لنا غيرك يا اللهُ"، لكنَّ هذا الشعارَ الذي ترددت ألسنتُهم به أنا أرجو أن يكونَ ذلك هو نبضُ قلوبِهم، هو حديثُ أفئدتِهم، فإنه إذا تمكَّنَ ذلك المعنَى مِنَ القلبِ، فثِقْ تمامًا أن النصرَ قريبٌ، لأنَّ النصرَ لا يمكنُ أنْ يكونَ لشعاراتٍ تُردَّدَ بالألسنةِ والقلوبُ غائبةٌ عنها، إنما إذا كانَ القلبُ ينطقُ لأنه لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ، وأنه لا نصرَ إلا مِنَ اللهِ، وأنه لا معينَ إلا منهُ، لا مانعَ لِما أُعطى ولا معطيَ لِما منعَ، إذا خلَصتْ هذه القلوبُ مِن كلِّ تعلقٍ بغيرِ اللهِ وأخلصَتِ التعلقَ به وحدَه لا شريكَ له، فالنصرُ قريبٌ، والوعدُ حاضرٌ، واللهُ ـ تعالى ـ قد قالَ لأوليائِه: ﴿إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[محمد: 7].

الوقوفُ معَ إخواننا في نكبتِهم وأزمتِهم يتخذُ صورًا عديدةً:

- أولَ ذلك هو همُّ القلبِ؛ لأنَّ القلوبَ هي المحرِّكةُ، وهي التي تبعثُ على العبدِ، فإذا انجذبتِ القلوبُ وتمتْ بواقعِ إخوانِنا وأنا أقولُ: مِنَ المهمِّ ألا يجعلَ الإنسانُ طولَ الأزمةِ سببًا للغفلةِ عنها، فطولُ البلاءِ لا يسوِّغُ الغفلةَ عَن حقِّ إخوانِنا.

فالمسلمون كالبُنيانِ المرصوصِ، يشدُّ بعضُه بعضًا، وهكذا شبَّكَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- بينَ أصابعِه، وقدْ قالَ: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»[صحيح البخاري(2446)، ومسلم(2585/25)]، و«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»[صحيح البخاري(6011)، ومسلم(2586/66)]، إذا كانَ الإنسانُ إذا آلمَه شيءٌ مِن بدنِه وطالَتْ مدةُ الألمِ لم يغفلْ عَن طلبِ العلاجِ، بل ينتقلُ مِن بابٍ إلى بابٍ، وطريقٍ إلى طريقٍ بشفاءِ مرضِه ومحبتِه، فكيفَ بهذا الألمِ الذي يجمعُ صورَ إخوانِنا في هذه الأرضِ الطيبةِ في الشامِ، الأرضِ المباركةِ، ونشهدُه ونراه ليلًا نهارًا، صباحًا ومساءً خلالَ هذا القصفِ العشوائيِّ والقتلِ بالمجانِ الذي لا يفرِّقُ بينَ صغيرٍ ولا كبيرٍ، ولا ذكرٍ ولا أنثَى، وبينَ حاملِ سلاحٍ وغيرِ حاملِ سلاحٍ، يقاتلُ بالكمياتِ التي قد يعجزُ الناسُ عَن عدِّها، ولا يدري القاتلُ فيما قَتلَ والمقتول فيما قُتلَ.

ولذلك أقولُ: هذا الألمُ الذي نشاهدُه لا يَنسى، أنا أظنُّ أننا نحن بكثرةِ هذه المشاهدِ التي أصبحَتْ بينَ أعينِنا صباحًا ومساءً أصبحَ الأمرُ كأنما هو روتينُ حياتِنا، أن نصبحَ ونسمعَ خبرَ قتلِ مئاتٍ في سوريا، ونُمسي على مثلِ هذا الخبرِ، ثم كانَ ماذا؟ أصبحتْ معاناةً لا تعني لكثيرٍ مِنَ الناسِ شيئًا، وهذا لا شكَّ أنه الغفلةُ التي تصيبُ القلوبَ بسببِ طولِ العهدِ، وعدمِ معرفةِ قدرِ الدماءِ التي تُسالُ عندَ اللهِ -عزَّ وجلَّ- الدمُ وإن كانَ قليلًا فهو في ميزانِ اللهِ تعالى كبيرٌ عظيمٌ، وشأنُه خطيٌر.

لذلك أدعو نفسي وإخواني إلى أن نبتدئَ بمراجعةِ أنفسِنا تجاهَ هذه القضيةِ مِن خلالِ النظرِ إلى قلوبِنا، اهتمامِنا بها، أين اهتمامُنا بها؟ ما هي درجةُ الهمِّ الذي يشغلُ قلوبَنا في قضيةِ إخواننا في سوريا وما حدثَ لهم مِن ظلمٍ؟ فاللهُ ـ تعالى ـ أوجبَ عَلينا أن نصلَ بما نستطيعُ، وكلٌّ يبذلُ طاقتَه، وينبغي أن يسعَى إلى إبراءِ ذِمَّتِه، لأنَّ اللهَ سيسألُنا عما نشاهدُ، وسيسألنا عما مكَنَّنا في نصرةِ إخواننا وأينَ نحن مِن ذلك؟

عندما نتحققُ مِن كلِّ هذا الكلامِ الذي نتكلمُ عنه فيما يتعلقُ بالدعمِ الإغاثيِّ، دعمِ العتادِ والسلاحِ، والدعمِ الصحيِّ، والدعمِ المعنويِّ، كلُّ هذا هو فرعٌ لأصلٍ إذا وُجدَ الأصلُ أنا أجزمُ بأنه سنجدُ ألفَ طريقٍ لعونِ إخوانِنا، إذا غابَ الهمُّ الأساسيُّ سيعثرُنا ويقفُ في طريقِنا كلُّ وهمٍ ليسَ عاثرًا حقيقيًّا، إنما سيكونُ مانعًا من أن نتقدمَ في دعمِ إخواننا بما نستطيعُ

      وقد تخرج الحاجاتُ يا أمَّ مالكٍ               كرائم من ربٍّ بهنَّ ضنينِ

 فإذا شعَرنا بالهمِّ وكانَ ذلك حاضرًا في أذهانِنا أجزمُ إننا سنجدُ ألفَ طريقٍ لإعانتِهم.

المقدمُ:يا شيخُ، الهمُّ هذا كيف بمَن لا يشعرُ به أو ضعفٌ هذا الهمُّ كيفَ ممكن نحييه مِن جديدٍ؟ كيف ممكن يوقظُ الشمعةَ التي انطفأتْ أو كادتْ مِن طولِ الأمدِ؟

الشيخُ: واللهِ يا أخي أنا أقولُ: إن الموضوعَ يحتاجُ إلى عدةِ أسبابٍ لا على المستوى الإعلاميِّ، ولا على مستوى المنظماتِ التي تتابعُ الحالَ السوريَّ، ولا على مستوى الحكوماتِ والشعوبِ أن تعرفَ أن هذا الذي يجري في سوريا أمرٌ ليسَ بعاديٍّ، طولُ أمدِ الأزمةِ ليس أمرًا عاديًّا، إنما هو شيءٌ لما بعدَه وهذا الذي يعني كالذي يمشي في ضبابٍ أحاطَ به مِن كلِّ جانبٍ، لا يدري أين يضعُ قدمَه، وبالتالي هو لا يدري ماذا يستقبلُ؟ نحن والمنطقةُ كلُّها كهذا الذي يمشي في ظلامٍ لا يكادُ أن يبصرَ طريقَه، لكن عندَه معانٍ، عندَه أصولٌ يمكنُ مِن خلالِها أن يستشفَّ ما هي الخطوةُ القادمةُ، وإن كانَ قد يغيبُ عنه المستقبلُ البعيدُ لكن نحن ننظرُ في الواجبِ الحاضرِ، وما ينبغي أن نعملَ له في خلالِ هذا الغيابِ أو الضبابِ الذي يغيبُ وغيابُ الرؤيةِ التي تحيطُ بنا، يعني خطورةُ الموضوعِ على أهلِ البلدِ نفسِها، هذا حقٌّ ولو كنا نحن في أبعدِ مكانٍ، حقُّه علينا أن نشعرَ بما أصابَهم، فالمؤمنُ للمؤمنِ كالبنيانِ يشدُّ بعضُه بعضًا، ومَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم كالجسدِ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسدِ بالحمَّى والسهرِ، هذا حقُّهم، وهذا الحقُّ حقُّ المسلمِ على المسلمِ.

إذا كانَ مِن حقِّ المسلمِ أن يعودَه في مرضِه إذا مرضَ، فكيفَ والأمةُ الآنَ تبادُ وتقتلُ وتصابُ بكلِّ أنواعِ المصائبِ وتحت مرأَى وسمعِ الناس في القريبِ والبعيدِ، هذا مما يحيي في قلوبِنا جذوةِ الاهتمامِ أن نعرفَ أن هذا شيءٌ لا نفعلُه على وجهِ التقربِ والندبِ، إنما نفعلُه على وجهِ إبراءِ الذمةِ بالقدرِ الممكنِ الذي نستطيعُه.

طبعا يقولُ قائلٌ: نحن ما بأيدينا حيلةٌ، ليسَ لنا إمكانيةٌ: أقولُ: كلُّنا في يدَيه ما يمكنُ أن نقدمَه ولو كانَ ذلك بالهمِّ، إذا اهتمَّ الإنسانُ بإخوانِه وشعرَ بمصابِهم أنا أجزمُ أنه إذا سجدَ سيقولُ: يا ربِّ عجِّلْ بالفرجِ لسوريا، وفي ختمِ صلاتِه قالَ: يا ربِّ أنقذ وأنجِ المستضعفين مِن إخواني، وهذا أقوَى سلاحٍ يحملُه المؤمنُ في مواجهةِ الأزماتِ والعواصفِ ومواجهةِ البلايا والنكباتِ هو شعورِه بمصابِ إخوانِه، ورفعِ يدَيه إلى ربِّه شكايةً إلى اللهِ ـ جلَّ في عُلاه ـ هي أقوى ما يملكُه المؤمنُ، هو أقوى مِن كلِّ سلاحٍ، لو أوتوا كلَّ سلاحٍ ولم يكنْ معهم نصرٌ مِنَ اللهِ وتأييدٌ وعونٌ مِن ربِّ العالمين لم يكونوا شيئًا، وكل نصرٍ يحقَّقُ بالمكاسبِ الماديةِ فسرعانَ ما يضمحلُّ.

إذًا الشعورُ بالهمِّ، وأنه هذا واجبٌ هو سيفتحُ لنا أبوابَ الحلولِ، فالذي عندَه مالٌ يستطيعُ أن يقدِّمَ، والذي عندَه جاهٌ يستطيعُ أن يقدمَ، والذي عندَه قلمٌ يستطيعُ أن يقدمَ، والذي يملكُ كلمةً يستطيعُ أن يقدمَ الإعلامُ يستطيعُ أن يقدمَ، الطبيبُ يستطيعُ أن يقدمَ، الإغاثيُّ يستطيعُ أن يقدمَ، المؤمنُ البسيطُ الذي يرعَى في الصحراءِ يستطيعُ أن يقدمَ، الإشكاليةُ هو عندَما يغيبُ الهمُّ تنسدُّ الجسورُ، ولذلك المرتكزُ هو هذا الهمُّ الذي ينبغي أن نحييَه مِن خلالِ الشعورِ بمسئوليتِنا، مِن خلالِ التكثيفِ تكثيفِ الحديثِ عَن هذه القضيةِ، وعدمِ الغفلةِ عَن أهميتِها وضرورةِ العنايةِ بها.

أيضًا الوعيُ للألاعيبِ السياسيةِ التي تُحاكي هذه البقعةَ منحصرةٌ، القضيةُ في سلاحٍٍ كيميائيٍّ يدمرُ وكأن الشعبَ الذي يقتَلُ ويبادُ لمدةِ ثلاثِ سنواتٍ ليسِ له قيمةٌ، إنما الهمُّ التخلصُ مِن هذا، السلاحُ هذا تخلصٌ منه ليسَ لمصلحةِ الشعبِ السوريِّ إنما هو لمصلحةِ مَن يسعَى إلى التخلصِ منه مِن قريبٍ وبعيدٍ، وبالتالي لا بُدَّ أن نعرفَ وأن نحيطَ علمًا أن الإعلامِيين والسياسيين والصحفيين وأصحابَ الرأيِ أن يشاركوا في وضعِ الوقوفِ وإبانةِ مواطنِ الخطرِ، وتسميةِ الأشياءِ بحقائقِها وأسمائِها التي يتميزُ بها الحقُّ عَنِ الباطلِ، ويتضحُ بها ما يمكنُ أن يقدمَه الناسُ لإخوانِهم.

المقدمُ:اسمحْ لي أنا سأخرجُ إلى فاصلٍ، فاصلٌ أيها الإخوةُ المشاهدون نعودُ إليكم فانتظِرونا مجددًا بعدَ هذا الفاصلِ، وأنتم تُشاهدون هذه التقاريرَ التي ربما تحكي واقعَ جزءٍ مِن واقعِ إخوانِنا في أرضِ الشامِ في الغوطةِ، دعوني إذن باسمِكم جميعًا أرحبُ بالدكتورِ الشيخِ خالدِ بنِ عبدِ اللهِ المصلحِ عضوِ هيئةِ التدريسِ بجامعةِ القصيمِ، وأيضًا أرحِّبُ بضيفي مديرِ حملةِ الوفاءِ الأستاذِ باسلِ العابدِ، فأهلًا وسهلًا بكم.

الشيخُ: حياكمُ اللهُ أهلًا وسهلًا.

المقدمُ: شيخَنا الآنَ نحن تحدثْنا عَنِ القضايا الهامةِ ربما هو المرتكزُ الرئيسيُّ يمكنُ ينطلقُ مِن خلالِ موسمِ الشعورِ بمآسي المسلمين مما يقدمُ للمسلمين مِن هذه الحملةِ ما يترتبُ قضيةُ الأضاحي، نتكلمُ عَنِ الأضحيةِ مِنَ الناحيةِ الشرعيةِ، الآدابِ المتعلقةِ بها.

الشيخُ: الأضحيةُ شعيرةٌ مِن شعائرِ اللهِ -عزَّ وجلَّ-قالَ اللهُ ـ تعالى ـ: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[الحج:36]، فالبُدنُ وهي ما يُذبحُ تقربًا إلى اللهِ -عزَّ وجلَّ- في الهدايا والضحايا هو مما جعلَه اللهُ ـ تعالى ـ مِن أعلامِ الشريعةِ، وأعلامِ الدينِ وحرماتِه وسماتِه الظاهرةِ.

التقربُ إلى اللهِ ـ تعالى ـ بها هو مما أشهدَ اللهُ ـ تعالى ـ به إذا خلصتِ النوايا وصحتِ المقاصدُ، فليسَ الشأنُ في دمٍ يُسفَكُ، ولا في لحمٍ يُؤكلُ، إنما الشأنُ كلِّ الشأنِ فيما يكونُ في القلبِ مِن قصدِ التقربِ إلى اللهِ -جلَّ في عُلاه- ونفعِ الخلقِ، يقولُ اللهُ -جلَّ وعَلا-: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ[الحج: 37]، فاللحمُ والدمُ يذهبُ وينتفعُ منهم مَن ينتفعُ، لكن الذي يبقى وهو الذي يُرفعُ إلى ملكِ الملوكِ علامِ الغيوبِ ربِّ العالمين جلَّ في عُلاه، وما في القلبِ مِن تعظيمِ شعائرِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- والتقربِ له -جلَّ في علاه- بما شرعَ لعبادِه أن يتقرَّبوا إليه به.

فالأُضحيةُ شعيرةٌ مِن شعائرِ الدينِ، وقدْ ذهبَ جماعةٌ مِن أهلِ العلمِ إلى وجوبِها[ قولُ الأوزاعيِّ والليثِ، ومذهبُ أبي حنيفة، وإحدَى الروايتين عَن أحمدَ]

 والراجحُ الذي عليه عامةُ العلماءِ على أنه مِنَ السننِ المؤكدةِ التي ينبَغي للمؤمنِ أن يبادرَ إليها، فالأضحيةُ سنةٌ مؤكدةٌ لمَن كانَ له قدرةٌ.[مذهب الجمهور من: المالكية (الكافي لابن عبد البر1/418)، والشافعية(الحاوي الكبير15/161)، والحنابلة(كشاف القناع3/21)]

الأصلُ في الأضحيةِ أن تكونَ في بلدِ الإنسانِ، ويقيمَ تلك الشعيرةَ، ويأكلَ منها ويتصدقَ ويُهديَ، لقولِ اللهِ ـ تعالى ـ: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ[الحج: 28].

الأضحيةُ فعلَها النبيُّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- ضحَّى بكبشٍ عنه وعَن أهلِ بيتِه، وبكبشٍ عَن أمتِه، ولذلك ينبغي للمؤمنِ أن يحرصَ على هذه السنةِ، ذكرتُ أن الأصلَ أن تكونَ الأضحيةَ في بلدِك؛ لأنها مِنْ شعائرِ الدينِ، لكن عندَما تكونُ هناك نازلةٌ ومصيبةٌ ومجاعةٌ ومهلكةٌ في بلدٍ، فهُنا عندَ الموازنةِ بينَ مصالحٍ وما يحققه مِن نافعٍ في أن تضحيَ في مكانٍ في بلدِك، أو تضحيَ في الأماكنِ التي تعاني المجاعاتِ وتعاني مِن حصارٍ ومحنٍ، تأمَّلْ وانظرْ في الموازنةِ بينَ المصالحِ، فإذا تمكنَ الإنسانُ مِن أن يضحيَ في بلدِه وأن يبعثَ لإخوانِه ما يسُدُّ حاجتَهم تقرُّبًا إلى اللهِ في هذه الأيامِ والمطلوبِ بالدرجةِ الأولَى.

 إذا كانَ الإنسانُ عندَه وصايا وهذا يكثرُ، يتصلُ عليه بعضُ الناسِ يقولُ عندَنا مثلًا عشرُ ضحايا طيب مَنِ الذي سيعملُ بها؟ وبعضُ الناسِ يتخلصُ، يعني هي همٌّ على صدرِه.

إذًا يتخلصُ منها بأيِّ طريقةٍ، ولو كانَ على وجهٍ غيرِ مشروعٍ، أو يحققُ المقصودَ الشرعيَّ مِن هذه الضحايا، فنقولُ: مثلُ هذه الحملاتِ، هذه المشاريعُ التي تستوعبُ وتقولُ لك: نحن نستطيعُ أن نقدِّمَها للمحتاجين، لمن يموتون جوعًا، لمن يُحاصَرون ويُقتَلون، ولا يجدون ما يسدُّ رمقَهم، عندَ ذلك نقولُ: مِنَ الخيرِ أن نبادرَ إلى هذه الجهاتِ التي تسهِّلُ لنا الوصولَ إلى أصحابِ الحاجاتِ، هذه الحملةُ التي سمعتُمُ الشرحَ عنها، أخي الأستاذُ باسلٌ سمعتُم منه إجمالًا عن هذه الحملةِ يقولُ: هي مِن أمورِ الخيرِ التي أوجِّهُ نفسي وإخواني إلى المشاركةِ حسبَ الاستطاعةِ، سواءٌ كانَ ذلك مِن خلالِ الضحايا التي هي وصايا، أو مِن خلالِ الضحايا التي بعضُ الناسِ يقولُ: واللهِ في شُقةٍ أو أنا مسافرٌ ولا أستطيعُ أن أقيمَ هذه الشعيرةَ حتى الذين بعضُ الأحيانِ في شققٍ يقولوا: إحنا ما نستطيعُ أن نذبحَ، وليسَ هناك إمكانيةٌ أن نباشرَ هذه السنةَ، فتجدُه يذهبُ بالمالِ إلى جهاتٍ تضحي عنه، نقولُ: هذه الحملةُ مِنَ الجهاتِ التي تسدُّ حاجةَ إخوانِكم الذين حُوصروا في الغوطةِ، فمُنعَ منهم الدقيقُ والجليلُ مِنَ الحوائجِ الأساسيةِ هي فرصةٌ للمشاركةِ معَهم، إشعارُهم بأنكم معَهم، هذا فيه دعمٌ نفسيٌّ، ودعمٌ معنويٌّ، وإدخالٌ للسرورِ على إخوانِكم وسدُّ حاجتِهم، لو عدَّدْنا المصالحَ المترتبةَ على المشاركةِ لهذه الحملاتِ يكونُ في ذلك خيرٌ كثيرٌ.

المقدمُ: نأخذُ اتصالًا، معي أمُّ إبراهيمَ ونرجعُ، تفضلي أمَّ إبراهيمَ.

المتصلةُ: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ.

المقدمُ: عليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ.

المتصلةُ: جزَى اللهُ المساعدين كلَّ خيرٍ، وحيَّا اللهُ الشيخَ خالدًا لأرضِ القصيمِ حتى لا أطيلَ.

 بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسَلين نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، اللهمَّ لك الحمدُ حتى ترضَى، ولك الحمدُ كما رضيتَ، ولك الحمدُ بعدَ الرضَا، تعجزُ واللهِ الكلماتُ وتقفُ العباراتُ في عزاءِ أهلِنا في أرضِ الشامِ، عسانا أن نقولَ وبلادُ الشامِ كلُّها جراحٌ، إخواننا ما بينَ شهيدٍ وطريدٍ ويتيمٍ وجائعٍ وجريحٍ وخائفٍ، ونحنُ هنا في أرضٍ الحرمَينِ نتقلَّبُ في ألوانِ النعيمِ بينَ الأهلِ والأصحابِ وأصنافِ الطعامِ والشرابِ، ثم ننسَى أو نتناسَى جراحَ إخوانِنا لا لشيءٍ، لكن حتى لا يتكدرَ صفوَ عيشِنا، نعمْ يا أحبةُ يجبُ أن نعترفَ واللهِ بالهزيمةِ حينما لم نستطعْ أن نتغلبَ على شهواتِنا وملذّاتِنا ورحلاتِنا ونزاهتِنا لنقفَ فعلًا معَ إخوانِنا في اللهِ، كيفَ نريدُهم وبعضُنا أصبحَ يُسمي الجهادَ فتنةً، والآخرُ يسمى النصرةَ تدخُّلًا في شئونِ دولةٍ، أين امتثالُنا لرسولِنا -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- حينما قالَ: «كالبنيانِ يشدُّ بعضُه بعضًا»[سبق]

 وأسفَا واللهِ على بعضِ المتخاذلين! يجبُ أن نعترفَ بالواقعِ الذي نعيشُه، وأنا أتكلمُ يا مشايخُ عَن واقعِ النساءِ في مجتمعاتِنا التي تعتبرُ مِنَ المجتمعاتِ الغنيةِ، واللهِ لو كانتِ المرأةُ بحاجةٍ في لباسٍ أو زينةٍ فاجتهدَتْ وأنفقتْ واتصلتْ وسافرتْ حتى تحصلَ على حاجتِها، ولم نجدْها يومًا تسألُ كيفَ تصلُ إلى أهلِ الشامِ، وأنا أتعجبُ مِن بعضِ النساءِ بعدَ كلِّ هذا العطاءِ لأهلِ الشامِ أنها تسألُ كيفَ ننفقُ؟ وكيفَ نُعطيهم؟ بعدَ كلِّ هذا الوقتِ، والنبيُّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ  تكلمْ عَنِ الوهَنِ فقالَ:«حبُّ الدنيا وكراهيةُ الموتِ»[أخرجه أبو داود في سننه(4297)، وصححه الألباني في المشكاة(5369)]، ولو تفكرَ كلُّ واحدٍ منا في حالِه واللهِ لن يدخلَ معَنا في قبورِنا إلا ما قدَّمْنا كما يقولُ الشاعرُ:

           أبقيتَ مالَكَ ميراثًا لوراثِهِ            يا ليتَ شِعري ما أبقَى لك المالُ!

           القولُ بعدَك في حالٍ تسرُّهمُ          فكيفَ بعدَهم دارتْ بك الحالُ؟!

 هذا ما رآه الصحابةُ -رضوانُ اللهُ عليهم- عندَ المصطفَى -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ-فبذَلوا، وجاءَتْ قصةُ عمرَ -رضيَ اللهُ عنهُ- لما جاءَ إلى النبيِّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- قالَ: أمرَنا أن نتصدقَ ووافقَ ذلك عندَك مالٌ، قالَ: فقلتُ: "اليومَ أسبقُ أبا بكرٍ إن سبقتُه يومًا" قال: فجئتُ بنصفِ مالي، فقالَ المصطفى -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ-: «ما أبقيتَ لأهلِك؟» قالَ: "أبقيتُ نصفَ مالي، قال: فجاءَ أبو بكرٍ بمالِه كلِّه، فقالَ المصطفَي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ-: «ما أبقيتَ لأهلِك؟» قالَ: أبقيتُ لهمُ اللهَ ورسولَه، فقلتُ: يعني عمرُ "لا أسابقُه إلى شيءٍ أبدًا"[أخرجه الترمذي في سننه(3675)، وقال:هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ]

 وكما جهزَ عثمانُ ـ رضيَ اللهُ عنه ـ جيشَ العُسرةِ يقولُ: عبدُ الرحمنِ بنُ خبابٍ راوي الحديثِ قالَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ ـ صَلى الله عَليه وسَلم ـ وَهُوَ يَحُثُّ عَلَى جَيْشِ العُسْرَةِ, فَقَامَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلَيَّ مِئَةُ بَعِيرٍ بِأَحْلاَسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ حَضَّ عَلَى الجَيْشِ، فَقَامَ عُثْمَانُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلَيَّ مِئَتَا بَعِيرٍ بِأَحْلاَسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ حَضَّ عَلَى الجَيْشِ، فَقَامَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلَيَّ ثَلاَثُ مِئَةِ بَعِيرٍ بِأَحْلاَسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللهِ، فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ ـ يَنْزِلُ عَنِ المِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: «مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذِهِ، مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذِهِ»[أخرجه الترمذي في سننه(3700)، وضعفه الألباني في المشكاة (6072) ] صدقَ المصطفَى صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ.

والآنَ أوجهُ الإنفاقِ كلُّها مفتوحةٌ لنا في أرضِ الشامِ؛ مِن كفالتِه وإطعامِ ومداواةِ جرحى، ومعَ ذلك ترَى بعضَ الناسِ يسألون ويلتفتون كيفَ يُنفقون، والحملاتُ طيبةٌ مباركةٌ مفتوحةٌ يقومُ عَليها علماءُ فضلاءُ أجلِّاءُ، واللهِ بعضُ الأخواتِ يقولونَ: كيفَ تصلُ لأرضِ الغوطةِ والغوطةُ محاصرةٌ؟ فالحمدُ للهِ الآنَ المسلمون يسيطرون على كثيرٍ مِنَ الأراضي، ونقولُ ويدخلون هذه المعوناتِ وهذه المساعداتِ، ويأتي التوفيقُ.

المقدمُ: انفصل الخط طيب نعود لك يا شيخ خالد الآداب المترتبة على لو عزم الواحد على أنه يضحي سواء.

الشيخ: الأضحية كما ذكرنا أنها سنة مؤكدة، وأنها من شعائر الإسلام ويحرص عليها إذا كان مستطيعًا، حتى قال بعض أهل العلم: إذا لم يجد فليستدن وليضح تأكيدًا لشأنها، والذي عليه عامة العلماء أنه إنما تشرع الأضحية للمستطيع.

المشروع في الأضحية أن تكون في يوم النحر بعد صلاة العيد، يبادر بها المؤمن، ويسن أن يأكل منها إذا تيسر.

 ما يتعلق بأحكام التوكيل فيها:

   إذا وكل، التوكيل في الأضحية، الأحكام المتعلقة بالأضحية من الإمساك عن العشر عن الشعر والبشر التي جاء في حديث أم سلمة:«إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا »[صحيح مسلم(1977/39)]، هذا الحكم يتعلق بباذل المال وليس بالوكيل.

فالوكيل والوصي ليس عليه أن يمسك عن شعره وبشره، إنما هو في حق باذل المال، وبالتالي الذين  يوكلون هم الذين يمسكون عن أشعارهم وأبشارهم؛ لأنهم هم الذين بذلوا المال، وإلى متى يكون هذا؟ إلى أن يضحى.

طبعا في غالب الأحيان قد لا يعلم الإنسان تحديدًا متى يضحى، فيعني يعمل بغلبة الظن، يسأل الوكيل متى تتوقعون الأضحية إذا أخبره بأنه ستكون مثلا ضحى يوم النحر، فبضحى يوم النحر يكون قد حل له الأخذ له من شعره وبشره، بناء على الغالب في القيام بهذه الأضحية، يعني كثير من الناس يشق عليهم قضية الشعر والبشرة يكون عنده حاضرة ما حكم الإمساك عن الشعر والبشر؟

للعلماء فيه قولان:

- أن هذا على وجه الوجوب.[مذهب الحنابلة(كشف القناع3/23)، ووجه للشافعية(المجموع للنووي392/8)]

- وقال آخرون: هو النهي للكراهة وليس للتحريم، بمعنى أنه لا يحرم أن يأخذ من شعره وبشره.[مذهب المالكية(الذخيرة4/141)، والشافعية(الحاوي الكبير15/74)، وقول للحنابلة(المغني9/436)]

 الأقرب فيما يظهر لي -والله أعلم- أن الإمساك عن البشرة والشعر إنما هو مندوب وليس واجبًا، ثم لو قلنا بأنه واجب على قول من يقول، جمهور العلماء يقولون أنه يكره ولا يحرم استدلالًا بأن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "أَنَا فَتَلْتُ قَلاَئِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، حَتَّى نُحِرَ الهَدْيُ"[صحيح البخاري(2317)، ومسلم(1321/369)]، فطبعًا المسألةُ فقهيةٌ، والعلماءُ بينَ استدلالٍ وإجابةٍ ومناقشةٍ، إنما أردتُ أن أشيرَ إلى أن المسألةَ خلافيةٌ.

 جمهورُ العلماءِ على أن الإمساكَ مندوبٌ، وأن الأخذَ مكروهٌ، وذهبَ طائفةٌ إلى أن الإمساكَ واجبٌ والأخذَ محرمٌ.

في كلِّ الأحوالِ سواءٌ قُلنا بهذا القولِ أو بهذا القولِ، هذا لا يؤثرُ على الأضحيةِ فسادًا، بمعنى أنه لو أن أحدًا رأَى الوجوبَ وأخذَ مِن شعرِه أو بشرِه، فإن هذا لا يؤثرُ على صحتِه، وأجرُها موفورٌ بما يتقربُ إلى اللهِ ـ تعالى ـ به، لكنه على القولِ بالتحريمِ يكون قدْ أثِمَ، ولكن هذا لا يفسدُ الأضحيةَ ولا يُبطلُها، وعلى القولِ بأنه مكروهٌ هذا لا يُنقِصُ، المكروهُ لا عقابَ فيه على مَن فعلَه، ولكن يندبُ تركُه.

هذا ما يتعلقُ بمسألةِ التوكيلِ، وينبغي أن نتجاوزَ هذه القضيةَ.

العالمُ تُذبَحُ وتقتلُ ونحن نسألُ عَن شعرِه، أو نتكلفُ، أو نمتنعُ لأجلِ قضيةِ شعرٍ أو بشرٍ؟

القضيةُ أكبرُ مِن هذا، وأنا أقولُ: حتى الذين يقولون سنُضحي يعني لو ضحَّى في بلدِه يَكفيه، وما يكونُ من زائدِ الأضاحي لإخوانِه هي التقربُ إلى اللهِ ـ تعالى ـ بذبحِ الضحايا في هذا الوقتِ الذي يُؤجرُ فيه، وهو مِن خيرِ ما يُتقربُ به إلى اللهِ ـ تعالى ـ في يوم النحرِ، إراقةُ الدماءِ لوجهِهِ جلَّ في عُلاه.

المقدمُ: أنا أتوجهُ لك أستاذُ باسلٌ، وضعُ الغوطةِ الآنَ يمكنُ الأختُ أثارَتْ تساؤلًا أنه هو كيفَ ممكنٌ تصلُ هذه الأضاحي؟ مِن فين راح تأتي هذه الأضاحي؟ كيفَ تدخلُ؟ يعني هذا تساؤلٌ ربما يدورُ في ذهنِ حتى المشاهدِ مَن يشاهدون.

الأستاذُ باسلٌ: بدايةً اسمحْ لي أن أشكرَ الأختَ أمَّ إبراهيمَ التي هي مؤسِّسةُ مجموعةِ زادِ المسيرِ في القصيمِ، الأختُ أمُّ إبراهيمَ تفاعلَتْ معَنا مِن بدايةِ الحملةِ، وهي المؤسسةُ لهذه المجموعةِ إلى الآنَ أدخلتْ أكثرَ مِن مائةٍ وخمسين ألفَ ريالٍ إلى الغوطةِ بجهودِها الفرديةِ معَ أسرتِها وقرنائِها.

فالشكرُ موصولٌ لها ولبقيةِ المجموعاتِ، الأختُ أمُّ أسامةَ في الجزائرِ وبقيةِ المجموعاتِ المنتشرةِ، في الإماراتِ، في الكويتِ، في قطرَ، في السودانِ في اليمنِ أحفادِ الرسولِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- حملةُ الوفاءِ أسسَتْ مجموعاتٍ تتواصلُ معَهم بشكلٍ أسبوعيٍّ، وتوثقُ لهم دعمَهم مِن داخلِ الغوطةِ كيفَ يكونُ ذلك؟ نحنُ نستقبلُ الدعمَ مِنَ المجموعاتِ أو مِنَ الأفرادِ على أرقامِ الحساباتِ الظاهرةِ، ولمَن أرادَ أن يعرفَ كيفَ يصلُ إليه، رقْمُ الحسابِ يوجدُ عندَنا على الشاشةِ، الآنَ أرقامُ المكتبِ يتصلُ على أرقامِ المكتبِ ويطلبُ أرقامَ الحساباتِ للدولةِ التي موجودٌ هو فيها، ففي الأردنِّ لدَينا رقمُ حساباتٍ، في دبي عندَنا أيضًا طريقةُ إيصالِ الدعمِ إلى مكتبِ الحملةِ في الداخلِ، ثم نحن نستقبلُ هذا الدعمَ ونوثقُه عندَنا في ملفاتٍ خاصةٍ، ونرسلُ أسماءَ الداعِمين أو ألقابَهم معَ أموالِهم إلى الداخلِ بطريقٍ هي نستطيعُ أن نقولَ ليستْ.. هي حكمةٌ ربانيةٌ وهي كرامةٌ، اليومَ كرامةٌ لأهلِنا السوريين الذين يضحون بالكثيرِ والغالي والنفيسِ رغمَ طغيانِ الطغاةِ، ورغمَ الحصارِ المميتِ الذي يفرضُه هذا النظامُ إلا إني أبشِّرُ الآن العربيَّ والإسلاميَّ.

المقدمُ: اسمحْ لي الآنَ الحساباتُ الآنَ ظاهرةٌ على الشاشةِ.

الأستاذُ باسلٌ: نعم موجودةٌ أرقامُ الحساباتِ، وأرقامُ المكتبِ موجودةٌ، رقمي الخاصُّ أيضًا موجودٌ اتصلوا واطلبوا كيف أوصلُ دعمي لأهلِ الغوطةِ، نستقبلُ نحن هذا الدعمَ ونأخذُ اللقبَ الخاصَ بالداعمِ أو المضحي ونوثقُه عندَنا ثم نرسلُه إلى أهلِنا في الغوطةِ في داخلِ الغوطةِ معَ المبالغِ تصلُ إليهم في ذاتِ اليومِ أو في اليومِ الآخرِ إلى أهلِ الغوطةِ، فيستقبلونَ الدعمَ ويشترون الأضاحيَ الآنَ نحن في الغوطةِ.

المقدم: الأضاحي ما تدخلُ للغوطةِ.

الأستاذ باسل: لا، هي موجودة في ضمن الغوطة الآن وهي تحت خيارين، وضع النظام تجار الأغنام والمواشي في الغوطة تحت خيارين؛ الخيار الأول أن نشدد عليها الحصار، وأن يمنع من دخول العلف إليها، فتموت هذه الأضاحي جوعًا، أو أن يشتريها منهم بضعف الثمن، فيتقوى بذلك أزلام النظام وشبحية النظام على قتل أطفالنا وأولادنا؛ من أجل ذلك نحن نهضنا بحملة الوفاء بإطلاق مشروع الأضاحي، وفي الغوطة الآن عدد كبير من الأضاحي ينتظر من أمة محمد من أمة المطر أن تقوم الآن بواجبها الحقيقي كما تحدث فضيلة الشيخ أن بعض العلماء قالوا: واجب الأضحية يتصلوا فقط واحجز أضحيتك، اطلب رقم حساب يصل إليك، نحن نستقبل ذلك، نحجز أضحيتك في داخل الغوطة، نوصل لهم ثمن أضحيتك إلى داخل الغوطة، ويوم النحر، قبيل الظهر تكون كل الأضاحي قد نحرت بالتوكيل عن صاحب الأضحية من داخل الغوطة، فما أجمل ذلك! أن يجد أهل الغوطة اليوم الذين يفتقدون كيس الطحين واسمح لي هنا أن أحدثكم  عن مشهد حدثتني عنه أخت لي ليلة أمس من دمشق، من داخل دمشق أن الحواجز لهذا النظام الظالم على مشارف الغوطة، وإخوة لهم قد أدخلوا بعض ربطات الخبز أو بعض حزم الخبز، لكي يدخلوها إلى أهلهم في الغوطة، فما كان من هؤلاء الظلمة إلا أن أخذوا الخبز، وداسوه تحت الأقدام، ووضعوا عليه الحجارة، ووضعوا عليه القمامة حتى لا يكون صالح ليدخل إلى أهلنا في الغوطة.

أدوية أخي الكريم أيضًا أدوية خاصة للمرضى الذين يريدون أن يدخلوا إلى الغوطة، هذه الحواجز من هؤلاء الظلمة يأخذون الأدوية ويكسروها من أجل أن يموت أهل الغوطة جوعًا وألمًا ومصابًا، لكن أنا متفائل بأمة  المطر  أن فيها الخير الكثير والمعوَّل عليها بعد الله كبير.

 أهل الغوطة اليوم يستصرخونهم، هناك خمسون ألف أسرة، خمسون ألف محتاج يحتاج ما يستطيع أن يقدمه المسلمون له

المقدم: أنا سأعود إليك لكن سنأخذ أم أسامة ومجموعة أحرار من الجزائر ونعود إليك أهلا وسهلا بكِ أم أسامة، تفضلي.

المتصلة: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصلة: حياكم الله شيخنا

 بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله خير الأسماء في الأرض والسماء، والحمد لله  في النعماء والبلاء، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد

المقدم: يا أم أسامة! ارفعي الصوت شوي لو سمحتِ.

المتصلة: وأصلي وأسلم على قدوتنا وزعيمنا محمد –صلى الله عليه وسلم-وعلى آله وصحبه والتابعين الذين التزموا  حدود الله، وحفظوا حرمة الإسلام، وعلى من اهتدى بهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين

 يا مسلمون! ها هي أيام الحج قادمة، والأجر فيها مضاعف، فاجعلوا همتكم عالية علاء السماء، كي تحوزوا رضى الله وجنته، وقدموا لأنفسكم خيرًا تجدوه عند الله قد ادخره، فيقيكم نار جهنم ولهيبها، أصبح همكم ملئ البطون، وشهوة النساء والمجون، وأصل دينكم الدرهم والدينار!

 المسلم هو من تعلو همته، وتحد مسيرته، وتجعله يتوكل على الله، ويصوب أمره إليه، ويتعلق بنصره، يحب ويعطي من أجله ويمنع، فبادروا إلى الإنفاق في سبيل الله؛ لأنه أول الجهاد.

فبهذه الأيام يتعرض الإسلام إلى الموت وإلى الطعن، لا نقبل عالما يتملق الظلم، ولا مداهنا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، ولا خائنا يسوّق الهزيمة نزولا للأمر الواقع، ولا أنانيا تهمه نفسه ولا تهمه أمته، والله لقد رأينا عبر تاريخنا الحديث نماذج مثل الشهيد الشيخ أحمد ياسين الذي رغم إعاقته جعلته عاشقا بقوة في البذل والعطاء، وأملي كبير في أمة محمد –صلى الله عليه وسلم-بأنها أمة تمرض ولا تموت.

لي طلب صغير باسن أصغر داعمة في المجموعة: هبة الرحمن مرورا بسارة وعائدة وأم أحمد وياسمين وعبد الله وعبد الجليل بالدعاء إلى أكبر داعمة في المجموعة وهي أمي الغالية "رقية"  بالدعاء بالثبات على الدين والإخلاص لله والصحة والذرية الصالحة.

 والله إني لأرى ذلك اليوم المشهود، إن شاء الله من الشام إلى بيت المقدس، وتحياتي إلى الصامدين في الشام، وبالأخص أهل الغوطة فسطاط المسلمين، الراضين بقضاء الله وقدره، الذين ظهروا للعالم متحدين وصادعين بالحق، وآخر كلامي نسألكم الدعاء بالثبات.

المقدم: معنا أم أسامة ،شكرا لكِ يا أم أسامة ومجموعة الحرائر من الجزائر، أعود إليك أستاذ خالد، ثم سأعود للدكتور خالد، إن شاء الله نطلع فاصل ثم أعود إليكما إن شاء الله.

 فاصل أيها الإخوة المشاهدين ثم نعود.

دعوني أرحب بالدكتور خالد بن عبد الله المصالح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم، وأيضًا مدير حملة الوفاء الداعي باسل العبد هم ضيوف هذه الحلقة أهلا وسهلا بكم.

شيخ خالد ريثما يجهز اتصالنا من الداخل أنا أريد تعلقيك على ما سمعت سواء من الأخت في القصيم، أو الأخت أيضًا في أحرار الجزائر، وأيضًا كما ذكر أيضًا مجموعة نشاطات موجودة وجهود فردية، يعني هذا يمكن يعطي دلالة على كلامك أنك تقول: وجود الهم من الداخل.

الشيخ: بالتأكيد، وأسأل الله تعالى أن يتقبل من هؤلاء الأخوات ما يقمن به من جهود، والحقيقة أن الأمة تسر وتبتهج بوجود مثل هؤلاء الأخيار والخيرِّات ومن يحملن همًّا، ويقمن بدور حسن باستطاعتهم في البذل والمساعدة، والوقوف بالممكن مع إخواننا في سوريا، والنصر ليس بكثرة ما يقدَّم، النصر بقلوب صادقة تتوجه إلى الله، وتبذل ما تستطيع، ولذلك الذين قدَّموا للنبي –صلى الله عليه وسلم-شيئًا قليلًا كان من القول يقولون لمن جاء بشيء من الشعير القليل:" إن الله غني عنك وعن صدقتك"، فكانوا يلمزون المؤمنين ويستهزئون بهم فيما يقدمون، فجاء بيان رب العالمين في تزكية شأنهم وعظيم ما قدموه ولو كان قليلًا.

فنحن ينبغي لنا ألا ننظر إلى حجم ما نقدِّم بقدر ما ننظر إلى ما الذي نرجوه من الله تعالى، فالله تعالى القليل يكثِّره، والضعيف يقويه وكم من شيء يسيرٍ كان نتاجه عظيمًا وأثره كبيرًا، ولو كانت كلمة فكيف بالبذل؟ وكيف بالسعي؟ وكيف بالجهد؟ ولهذا أدعو جميعنا لبذل ما يسَّره الله، وأن تكون هذه النماذج من الأخوات المباركات قدوات في بذل المستطاع لدعم إخواننا في سوريا، وكما ذكرت في بداية الحديث كل الشأن ما يكون في القلب؛ فإن القلب ملك الجوارح « أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ »[صحيح البخاري(52)]، إذا كان القلب صادقًا ثق تمامًا أنه سيصل إلى ما يريد بعون من الله، ولذلك يقول ربنا: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا[العنكبوت: 69]، كلام عن الإرادة والقصد والعزم حتى ولو لم يكن عمل الله ـ تعالى ـ يقول: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ[النساء: 100]، فينبغي أن ندرك هذه المعاني التي هي أننا نقطع المسافة إلى الله بقلوبنا لا بأبداننا وسير أقدامنا.

وإذا صدقنا مع الله صار كل شيء لنا مأمورًا، وفتح لنا المغلقات، وكان لنا من عونه وتأييده ما يغنينا عن الالتفات إلى هنا أو هنا.

المقدم: جميل أيضًا شيخ خالد هذه رسالة لعامة المسلمين خارج سوريا، رسالة لإخواننا السوريين في الداخل داخل سوريا.

الشيخ: والله يا أخي الكريم هم الذين يعطوننا رسالة هم الذين يعلموننا ما نشهده من نذر، ما نشهده من تفاني الحقيقة أنها دروس نحن نتعلم يعني قد نحسن بيعًا لكن المسلم عمل، قد نحسن الوصف والتوصيف لكن سنونهم ممارسة، ولذلك أقول لإخواني الذين في داخل سوريا: اصمدوا؛ فالله تعالى معكم ما دمتم معه، فإن الله لا يخيِّب من صدق الله في الإقبال عليه، أحسنوا الظن بالله، فالله يقول:«أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي»[صحيح البخاري(ح7405)، ومسلم()2675/2]

إذا آمنا بالله أننا أصحاب حق، وأننا مظلومون، وأننا مغلوبون بقدراتنا وقواتنا، لكننا أقوياء بالله، وأننا نطلب المدد منه، فإن الله –عز وجل-سينصرنا ويؤيدنا.

الواجب على إخواننا في سوريا أن يبذلوا جهدهم في لمّ صفوفهم وتجميع كلماتهم، والبعد عن الفُرقة، والتغاضي عن كل ما يكون سببًا للاختلاف، ولو كان ذلك كبيرًا في نظر بعضنا، لابد أن نعلم أنما يقابلنا وأن عدونا عدو لا يسعى إلى النيل من بعضنا، بل همُّه وهدفه أن يذلَّنا جميعًا، وأن يكسر شوكتنا جميعًا.

 نحن ينبغي أن نتكاتف كما قيل: العود إذا انفرد كُسر، لكن إذا كان في حزمة قد يكسر لكنه بصعوبة، ونحن نرجو أننا إذا اجتمعنا وائتلفنا كان ذلك من دواعي نصرنا.

 الله –جل في علاه-يقول للنبي –صلى الله عليه وسلم-ولمن معه من المؤمنين وللأمة جميعًا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[الأنفال: 45]، بعد ذلك يشير إلى الأسباب المعينة: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ[الأنفال: 46]، وبالتجارب والمشاهد  نجد أنه كلما شاع الخلاف بين الناس كان ذلك من دواعي فشلهم.

 والاختلاف ليس المقصود اختلاف في وجهات النظر هذا أمر طبيعي، لكن الكلام أن يترحَّل هذا الخلاف من خلاف نظري  في وجهات النظر والأفكار إلى تنازع وتطاحن، وأن يوجِّه أحدنا سلاحه. الأخير هذا هو الذي يفرح عدوَّنا، وهو سلاحه ضدنا، وعند ذلك أقول: يُنتظر الفشل لأن الله ـ تعالى ـ قرن بالفشل بالتنازع، عندما نغض الطرف ولا نقف عند الجزئيات، نجمع، نعمل ضمن الكليات في جمع الصف والتئام المعارضين والمناظرين للظلم بجميع شرائحهم، وطبعا أغراضهم مختلفة، ليسوا كلهم على هدف واحد، لكن يكفي أننا نتوحد أمام همٍّ واحد أن هذا ظالم باطش مستبد طائفي وسائر المعاني المشتركة التي تجمعنا وتكون هذه المعاني لها أصول.

أما الأجر والثواب عند الله –عز وجل- فهذا ليس لأحد أن يقرر أن فلانًا في سبيل الله، وفلانًا ليس في سبيل الله، الكلام ينبغي لنا أن نوحد.

 النبي –صلى الله عليه وسلم-خرج في سفر وهو الهجرة من مكة إلى المدينة، وكان قائده كان الدليل الذي يدله على الطريق مشركا، وكان يقصد ماذا هذا المشرك؟ يقصد نصرة الله ورسوله؟ لا، يقصد المال، والمال الذي يأخذه مقابل هذا الخروج، ولم يكن هذا مانعًا، الكلام على أننا نحن إذا كنا نريد أن نصل، فلنتحد إلى الوصول إليها والنوايا طبعا نأمل أن تكون المقاصد سليمة والنيات صحيحة، ونوجِّه إلى ذلك، لكن لا نرهن الائتلاف والاجتماع على وحدة القصد، فلكل وجه هو مولِّيها.

المقدم: جميل يا شيخ خالد نحن سعداء بمشاركتك معنا، حاولنا نأخذ اتصال أخونا من الداخل لكن ما نريد أن نشق عليك، ونطيل عليك، فنتقدم باسم الإخوان كلهم بالشكر للدكتور خالد بن عبد الله المصلح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.

الشيخ: أشكركم لهذه الفرصة، وأسأل الله ـ تعالى ـ ألا يحجبنا ما نسأله لإخواننا في سوريا، والمسلمون بالتأكيد مقبلون على موسم مبارك، فينبغي ألا نغفل عن إخواننا، نبذل المستطاع بأموالنا ودعواتنا واهتمامنا، ولنبشر فإن النصر صبر ساعة.

المادة التالية

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95712 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات91487 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف