السؤال:
هل تجب الزكاة على قطعة الأرض السكنية؟
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلي وأسلم على البشير النذير والسراج المنير، نبيِّنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فمسألة زكاة العقار وزكاة الأموال التي تُزكَّى لأجل عروض التجارة، وهي ما يُعرض للاتجار، لابد أن يُنظر في تملكها، هل تملَّكها بنية التجارة أو لا؟ فإن كان تملكها بنية التجارة فعند ذلك تجب فيها الزكاة عند مرور الحول على أصل المال، وأما إذا كان تملكها لمصلحة أو لحاجة ثم عرضها للبيع، أو أنه تملكها تملُّكًا غير اختياري كالميراث مثلاً، أو تملكها بالهبة، فإنه لا تجب الزكاة في مثل هذه ولو أنه اتجَّر بها.
إذًا: يُنظر فيما تجب فيه الزكاة، لأجل كونه عروض تجارة إلى نية التملك، فإن كان تملكها بنية الاتّجار والتكسب بها بالبيع فإنه عند ذلك تجب زكاتها إذا حال عليها الحول، وحولها حول أصل المال الذي اشتراها به، وإذا لم يكن نوى بها الاتّجار، وإنما نواها للقنية أو للمنفعة أو أنه تملكها ولا يدري ماذا يعمل فيها كما هو حال بعض الذين يتملكون بعض العقار، ويقول: أشتريها الآن وأتبصر فيها بعد سنوات وأنظر ماذا يحصل؛ فهذه لا زكاة فيها على الراجح.
وعندما نقول: تجب زكاتها بالنظر إلى أصل حول المال يعني: أنا عندي مثلاً خمسون ألفًا اشتريت بها بضاعة أو عقارًا للاتجار، وهذه الخمسون ألفًا مضت في حسابي ثلاثة أشهر ثم اشتريت بها عقارًا للاتّجار، فمتى أزكيه؟ بعض الناس يبدأ حساب الحول من شرائه بالعروض من الأرض ومن شراء البضاعة، وهذا غلط، فالمال موجود، وكونه تغيرت صورته من نقد إلى عقار أو من نقد إلى سلع هذا لا يغير في الحكم شيئًا، وبالتالي يجب أن أحسب الزكاة من ملكي للمال لا من شرائي للأرض، فأحسب بعد شراء الأرض تسعة أشهر حتى أكمل سنة وهو تمام الحول على أصل المال وأزكي.
ولو بعت الأرض في أثناء المدة وتحولت إلى نقد فأنا أزكي بالنظر إلى أصل المال، لا بالنظر إلى تحوله من نقد إلى أرض، ثم من أرض إلى نقد.
وإذا تملك العقار من غير شراء، كأن تملكه عن طريق هبة أو إرث فمتى تجب فيه الزكاة؟ من العلماء من يقول: إذا نوى به التجارة ابتدأ حساب الحول من نيته، وآخرون يقولون: لا زكاة في هذا؛ لأنه لا عبرة بنيته لما حصل من ملك، وإنما العبرة بالنية عند التملك، وهذا لا يكون في الملك القهري وكذلك في الهبات، وإنما يكون ذلك فيما يتملكه بشراء ونحوه، وحتى لو نوى بيعها، فإنه لا زكاة فيها، وهو قول الجمهور.