ما حكم الاستمناء في نهار رمضان؟
ليس عليه كفَّارة؛ لأنَّ الكفَّارة لا تكون إلا بالجماع، أما الممارسة فهي مفسدةٌ للصَّوم، في قول عامَّة العلماء؛ لأنها مما يدخل فيما جاء فيه الحديث في الصَّحيحين من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله عز وجل: يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي»صحيح البخاري (7054)، وصحيح مسلم (164، 1151)، وهذا يشمل قضاء الشهوة بالاستمناء، وإخراج المني بأي طريقة من طرق الاستمناء، سواءٌ بالمشاهدة أو بالسماع أو بالمعالجة والحركة، فكلُّ هذا يدخل فيما قاله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «يدعُ طعامهُ وشرابهُ وشهوتهُ من أجلي».
فالذي يجب عليه أن يبعد، وأنا مثلما ذكرت قبل قليل في قضية الزنا - نسأل الله العفو والعافية - أقول: ينبغي للمؤمن أن يحتاط لدينه وأن لا يتمادى، وأنا أتعجَّب من بعض الناس، فإنه يفتح على نفسه باب المشاهدات المحرمة والسماع المحرم والمهاتفات والمغازلات، فيتسلَّط عليه الشيطان، وهو يسلط نفسه الأمارة وهواه، على نفسه فيقع ضحية، فيوقع نفسه ويستدرج نفسه في مواقعة الخطايا.
يا أخي، هذا صوم، فامتنع لله، وارغب فيما عند الله، وليوقن المؤمن أنه من ترك شيئًا لله خوفًا منه ورغبةً فيما عنده فإنَّ الله سيُخلف عليه خيرًا، "من ترك لله شيئاً؛ عوَّضه الله خيرًا منه"عبارةٌ منسوبٌ نحوُها، إلى أبي بن كعبٍ، وسفيان، وأبي إسحق الشعبي، وابن العربي المالكي، وغيرهم، والذي روي في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: و((إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللهِ - عزَّ وجلَّ - إِلَّا أَعْطَاكَ اللهُ خَيْرًا مِنْهُ))، رواه الإمام أحمد في المسند (20758)، وصححه الألباني في كتاب (حِجَابُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَة) ص46، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح، يقول بعض الناس: أين (خيرًا) منه؟ فأنا تركتُ هذه المعصية، لكن لم يأتني شيء، ينبغي أن يُعلم أنه لا يلزم أن يكون التعويضُ من جنس ما ترك، فقد يكون خيرًا مما ترك، فهو إنما يستمتع بهذا لأجل أن يقضي شهوته وينال إربه ويحصل له نوع من السعادة، فما يدركه بتركه المعصية في قلبه من الطاعة والإحسان والصدق والإيمان والإخبات والإقبال على الله عز وجل، أعظم بكثير من لذة المعصية، لكن لا يدرك هذا كثيرٌ من الناس، لا يدركون هذه اللذة، ويظنُّ أنَّ واقع لذة المعصية يفوق لذة تركها، وشتَّان بين اللَّذَّتين، فلذَّة الترك أعظم؛ لأنَّها إيمان وسكينة وطمأنينة وانشراح وبهجة ومعانٍ عظيمة، لكنه لا يدركها كثير من الناس، لأننا مأسورون إزاء اللحظة الحاضرة، وفي حين أن المؤمن إذا أدرك هذا المعنى كان هذا من دواعي استجابته لله عز وجل؛ لأنَّ الله ما حرَّم عليَّ هذا، ولا منعني منه إلا رحمة بي، وليس بخلاً ولا منعًا لا معنى له، بل منعني ذلك رحمةً بي.
أسأل الله أن يعيننا وإياكم، على الطاعة والإحسان، وأن يحفظَنا فيما بقي من أعمارنا.