ما هو صوم الوصال؟ وهل هو مشروع؟
الوصال هو أن يصل صوم يوم بيوم، ومعنى هذا: أن لا يتخلَّل اليومين فطرٌ، فإذا فرغ من صيام اليوم لم يُفطر في المغرب، بل يستمر على صيامه إلى أن يشرَع في صيام اليوم الذي يليه، هذا هو الوصال.
وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال له أصحابه كما في الصَّحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى»صحيح البخاري (1863)، وصحيح مسلم (1105)، وهذا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم يُمدُّ بأنواع من القوى وألوان من المدد الذي يُغنيه عن الطَّعام والشَّراب، وليس المقصود أنه يأكل من الجنَّة - كما قال بعض الشراح - أو يُسقى من الجنَّة، ولو كان كذلك لما كان مُواصلاً ولما كان صائمًا، لكن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أراد أن الله جل وعلا أن يُلهمه قوة وإعانة تكفيه عن الطعام والشراب، وهذا ما ليس لبقية أصحابه، ولذلك قال: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ»، يعني: لست في هذا الأمر محلاً للتأسي، وقد ظنَّ الصحابة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهاهم رفقًا بهم وشفقة عليهم فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الوِصَالِ، وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ، فَقَالَ: «لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ» - وكان ذلك في آخر الشهر -كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا. يعني: كالمعاقب لهم أنْ لم يمتثلوا ما نهاهم عنه النبي صلى الله عليه وسلم من ترك الوصال الذي سألوه عنه.
وهل هو مشروع؟ صوم الوصال ليس من المشروع، ولذلك نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما المشروع أن يبادر المسلم إلى الفطر كما في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ»صحيح البخاري (1957)، صحيح مسلم (1098)، وأن يتسحر كما في حديث أنس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»صحيح البخاري (1923)، وصحيح مسلم (1095)، وفي حديث عبد الله بن عمرو قال صلى الله عليه وسلم: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَاب: أَكْلَةُ السَّحَرِ»صحيح مسلم (1096)، ولهذا يرى بعضُ العلماء أنه يجوز الوصال لغير النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا على أن يصل يومًا بيوم، بل لابدَّ من الفِطر في السُّحور، ولذلك جاء في حديث عبد الله بن عمرو: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَاب: أَكْلَةُ السَّحَرِ»، فإذا أراد أن يواصل فله أن يواصل، لكن لا يتجاوزُ ذلك بأن يصل يومًا بيوم، بل يصل صيامه إلى السحر.