كيف يعرف العبد أنه أدرك ليلة القدر؟
ليس هناك قطع في أنَّ فلانًا قام ليلة القدر على وجه التَّعيين، يعني: أنها ليلة خمس وعشرين، أو ليلة سبع وعشرين، أو ليلة واحد وعشرين، أو ليلة اثنين وعشرين، هذا لا سبيل إليه؛ لأنَّ هذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، والله تعالى غيَّبَها، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه، لم يكونوا يجزمون بأنها الليلة الفلانية التي صلَّوها أو أقاموها، وإنما النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين لما ذكر له أصحابه ما رأوه من شأن ليلة القدر، قال: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ»، يعني: اتفقت على السبع الأواخر، «فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ»صحيح البخاري (1911)، وصحيح مسلم (1165)،، لكن كلُّ من قام العشر الأخيرة من رمضان، فإنه لابد وأن يكون قد قام ليلة القدر.
لكن يبقى أن أسأل الله لي ولمن اجتهد وعمل في هذه الليالي المباركة، أن يكون القيام إيمانًا واحتسابًا؛ لأن الفضل هو في حقِّ من قام إيمانًا واحتسابًا، جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ » صحيح البخاري (37)، وصحيح مسلم (759).
والعلامة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ليلة القدر، هي علامة بعدية، ففي حديث أبي بن كعب رضي الله عنه في صحيح الإمام مسلم أنه قال: «وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا»صحيح مسلم (762)، هكذا ذكر أبي بن كعب رضي الله عنه، وكان أبي رضي الله عنه يجزم بأنها ليلة السابع والعشرين، بل يحلف على ذلك، وهذا اجتهاد منه، فهي أرجى الليالي، لكن ليس هناك دليلٌ على ثبوتها في تلك الليلة، ولا أنها لا تنتقل عن ليلة سبع وعشرين.