وجوب العشرة بالمعروف بين الأزواج
السؤال:
هل يجب العشرة بالمعروف بين الأزواج؟
الجواب:
لاشك أن هذا من الظلم البيِّن الواضح، والله تعالى بيَّن الحقوق ووضحها؛ فقال جلَّ وعلا في عشرة النساء: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾النساء:19، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»رواه الترمذي (3895) عن عائشة رضي الله عنها، وصححه الترمذي وابن حبان (4177).
[1]-التحريم:6.، وهذا يبين أن الخيرية في الرجل تزداد بقدر خيريته لأهله، فإذا زادت خيريته لأهله كان ذلك دليلاً على طيبه وحسنه، وزيادة إيمانه.
لكن هذا لا يعني أن يكون الرجل مطية لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر أهل بيته؛ لأن الخيرية تقتضي القيام بالحق، وقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾التحريم:6., وهذا يعني أن يعمل الرجل في إبعاد أهله عن كل سوء وشر، وأن يُقدِّم لهم كل خير وبِر، ولا يمكن أن يكون هذا إلا بالعشرة الطيبة، التي يتحقق بها المقصود الشرعي من الزواج، وهو السكن والمودة والأُلفة، فلابد أن تكون الحياة ممزوجة بهذين الأمرين: القيام بالواجبات، مع إفعام الحياة وملئها بما يحصل به التواد والتقارب بين الزوجين.
أمَّا أن تكون الحياة جافة، بمعنى أن يكون الزوج مُعرِضًا عن أهله، مُشتغلاً بنفسه، بل بعضهم لا يرى للمرأة حقًّا، فلاشك أن هذا هو الظلم الذي نهى عنه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومنه قول النبي صلى الله وعليه وسلم: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل»رواه أحمد (7936)، وأبو داود (2133)، والترمذي (1141)، والنسائي (3942)، وابن ماجه (1969) عن أبي هريرة رضى الله عنه، وصححه ابن حبان (4207)، والحاكم (2759) على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وصحح إسناده ابن حجر في البلوغ (1056).، فكيف إذا كان عنده واحدة وفرط في حقها؟! فهذا لاشك أنه أعظم في الظلم؛ لأنه قصَّر من غير موجب، فنصيحتي للأزواج أن يتقوا الله تعالى، وأن يحسنوا إلى زوجاتهم، وأن يحتسبوا الأجر عند الله تعالى، فالله تعالى لا يُضيع عمل عامل ولو قلَّ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾الزلزلة:7.، كما ينبغي للزوجة أن تكسب ود الرجل، وأن تبذل كل ما تستطيع في جذبه وتقريبه، لاسيما مع كثرة الفتن وأسباب التباعد، فينبغي أن تبذل جهدها للتقرب من زوجها، وألا تكون ملحاحة كثيرة السؤال، وأن ترضى باليسير، ولا تكثر من الطلبات التي تُنفر الزوج.
فيجب التعاون من الطرفين؛ فهو من أسباب الوئام والتقارب والحياة السعيدة، ومما يُعين على حُسن العشرة أيضًا، تأمل هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كيف كان مع زوجاته؟ وكيف كان يصبر على الأذى؟ حتى إن إحدى زوجاته تهجره فيصبر ويتحمل، ومع ذلك لا يُقصِّر في الإحسان إليهن، والله أعلم.