بعض الناس يستعملون الطلاق في مقام الأيمان، وهذا خطأ وخطير؛ لأن يمين الطلاق عند جماهير العلماء يقع بها الطلاق عند الحنث، هذه مسألة نتركها جانبًا لكن الأيمان التي بالله ووالله وتالله وبالله وحياة الله تعالى، وما أشبه ذلك من الأيمان التي تكون بالله تعالى، أقول: يا إخواني، الله تعالى يقول: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} المائدة:89، ربكم يقول (واحفظوا أيمانكم) أمرنا الله تعلى بحفظ اليمين، حفظ اليمين هي أن لا تبذلها إلا في المقام الذي يستدعي أن تبذلها فيه، ثم إذا بذلتها يجب عليك أن تحتاط في موضع البذل هل يناسب أم لا يناسب، ثم يجب عليك حفظ هذه اليمين، بأن لا تحلف بها إلا إذا كانت المصلحة في الحلف فعند ذلك إذا حلفت فتجب عليك الكفارة، أما أن يكون الإنسان كريمًا في إيمانه فهذا دليل على كذبه وعدم مراعاته لله تعالى، اليمين أمرها خطير، إنها تدل يعني كثرة الأيمان وتوفرها في لسان الإنسان يدل على ضعف قدر الله تعالى في قلب العبد، وهذه مسألة خطيرة، ليس في القول، الخطورة في ضعف قدر رب العالمين في قلب العبد، فإذا عظم الله جلَّ وعلا وصدق في تعظيمه للرب، سبحانه وبحمده، فثق تمامًا أنه سيكفُّ عن أن يبذل اسم الله جلَّ وعلا العظيم، في حقير الأمر وتافهه، بل سيحفظ هذا اليمين، ولهذا أقول لأخي عبد العزيز ولأمثاله وهم كثرة: يا إخواني اتقوا الله تعالى واحفظوا إيمانكم {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} نوح:13، ما بالكم وما شأنكم؟ لا تجلون الله ولا تعظمونه حق التعظيم والإجلال، فينبغي مراعاة هذا الجانب وحفظ اللسان عن الأيمان إلا في المواضع التي تستدعيها، إذا بذلت اليمين مثل أخينا فهنا اليمين ليست حذرًا إلا إذا كانت لغوًا، بمعنى أن بعض الناس اليمين على لسانه، تفضل والله، اجلس والله، اشرب شاي معنا والله، فعلت كذا والله، واليمين بين كل كلمة وكلمة يمين، هذا يمين لا يترتب عليه شيء {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} البقرة:225، فيجب في هذه الحال أن تحفظ اليمين، وأن تكفر لما فيها من تأكيد وكسب القلب، أما اليمين الجاري على اللسان دون قصد فينبغي أن يرشدها الإنسان فإذا صدرت منه فلا يأخذ بها، إذا كانت الأيمان مؤكدة وقد صدرت من قلبه وعقد عليها قلبه، ففي هذه الحال يجب عليه أن يكفر عن هذه الأيمان كفارة، وللعلماء قولان؛ جمهور العلماء على أنه يكفر عن كل يمين كفارة مستقلة وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه يكفر كفارة واحدة عن جميع الأيمان، أقرب هذين القولين أن كفارة واحدة تكفي عن كل هذه الأيمان؛ لأن الموجب هو الحلف، والحلف وإن تعددت صوره هو شيء واحد، وموجبه أو ما يترتب عليه هو شيء واحد وهي الكفارة التي ذكرها الله تعالى، {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} المائدة:89 وهذه هي المرتبة الأولى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} المائدة:89، هذه هي المرتبة الثانية، الصيام ليس هو الأول، ليس هو الخيار الأول، هو الخيار الثاني.