لم يأمر الله تعالى بالنذر، ولم يرتب أجرًا على إنشائه، ولم يثن على الناذرين، وإنما أثنى على من يوفون بالنذر، بل قد نهى النبي صلى الله عليه وسلَّم عن النذر، كما في الصحيحينِ من حديث ابن عمر؛ وهذا النهي حمله جملة من العلماء على التحريم، ومنهم من حمله على الكراهة، والفريقان يتفقان على وجوب الوفاء بالنذر إذا كان طاعة.
لكن نهي النبي صلى الله عليه وسلَّم عن النذر، إنما هو عن نذر المجازاة، الذى يعتقد فيه الإنسان أن الله لن يعطيهُ ما يريد إلا بنذره، كأن يقول: إن شفى الله مريضي فإن علي نذرًا أن أفعل كذا، كأن الله لا يعطيك إلا إذا نذرت له! وهذا جهل بمقام رب العالمين، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم: ((إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ)) رواه البخاري (6608)، ومسلم (1639) عن ابن عمر رضي الله عنهما، واللفظ لمسلم. ، الذي يشحُ بالعطاء إلا بمقابل العباد! أما الله تعالى فيرزق من يشاء بغير حساب، فيجب علينا أن نحسن الصلة بالله تعالى، ونحسن الظن به ولا ننذر، ثم إذا وقع النذر فعند ذلك يجبُ علينا أن نفي بالنذر؛ لما في الصحيح ِمن حديثِ عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ((مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلا يَعْصِهِ)) رواه البخاري (6696). هذه نذرت إذا ردَّ الله ولديها أن تصلِّي ركعتين، إن كانت قالت: أصلّي ركعتين بعد صلاة الفجر فأنا أقول: هذا نذر لا يصح، ولا يجب عليك الوفاء به؛ لأنك حددت وقتًا لا يجوز أن يصلى فيه، ففي الصحيحين عن جملة من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن الصلاةِ بعد صلاة الصبح حتى تطلعُ الشمس، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، فهذا النذر داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلّم: ((وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلا يَعْصِهِ)).
أما إذا كان نذرًا مطلقًا، فتصلي ركعتين كل يوم، في أيِّ وقت من الأوقات التي تجوز فيها الصلاة.
وهل هو محدد بحياتها؟ الجواب: لا، فالذي يظهر من نذرها أنه مطلق، فهي تصلّي ركعتين، والأمر يسير، لكن سبحان الله النذر دائما يثقل على النفس.