×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / فادعوه بها-2 / الحلقة(23) من برنامج(فادعوه بها2) الرزاق والرازق

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:2707

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، حمدًا يكافئ نعمه ويوجب مزيده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، رب العالمين هو الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، خيرته من خلقه، جاء على حين انقطاع من الرسل، وانطماس من السبل، أخرج الله تعالى به الناس من الظلمات إلى النور، هدى به من العمى، بصَّر به من الضلالة، حتى ترك الناس على محجَّة بيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنَّته واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد...

فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بكم أيها الإخوة والأخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم [فادعوه بها].

 ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، في هذه الحلقة نقف مع اسمين من أسماء الله تعالى هما اسم [الرازق والرزَّاق] الله أكبر! من وسع رزقه كل شيء، الله أكبر كل العباد فقراء إلى رزقه وإلى عطائه ومنه سبحانه وبحمده.

 إن الله تعالى ذكر الرزَّاق في خمسة مواضع من كلامه الحكيم ومن القرآن الكريم، وكلها جاءت بصيغة الجمع [خير الرازقين] جاءت بهذه الصيغة لبيان عظيم رزق الله جل وعلا، وأما الرزاق فقد ذكره الله تعالى في موضع واحد من كتابه وهو قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[56]مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ[57]إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ[الذاريات:56-58] سبحانه وبحمده.

وأما السنة النبوية فقد جاء اسم الرازق في حديث أنس رضي الله عنه،في قصة غلاء السعر في المدينة حيث جاء الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله سعِّر لنا، طلبوا منهم أن يسعِّر لهم البضائع والسلع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: »إنَّ اللهَ هو المُسَعِّر القابضُ الباسطُ الرازقُ«[سنن أبي داود(3451)، والترمذي(1314)، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ]،  وهذا بيان أن من أسمائه -جل وعلا- هذا الاسم، فثبت هذا الاسم في الكتاب وفي السنة.

إذًا اسم (الرازق، والرزاق) دل عليهما كلام الله عز وجل، ودل عليهما كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فما معنى هذين الاسمين؟

معناهما في اللغة أولًا: مأخوذ من الرزق، فكلا هذين الاسمين يدلان على صفة الرزق وقيام هذه الصفة برب العالمين، والرزق هو إيصال النفع، إيصال ما تقوم به الأبدان، إيصال ما يحتاجه الإنسان، فالرزق هو ما ينتفع به الناس، وهو ما يسوقه الله تعالى إلى الحيوان للتغذي فتقوم به أجسامهم وتنمو، وتصلح وتستقيم.

 والله تعالى قد وصف بعض ما يسَّره من الأرزاق من الأطعمة وصفها بالرزق، كما في قوله تعالى: ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ[10]رِزْقًا لِلْعِبَادِ[ق:10-11]-،فجعل الغذاء رزقًا لأن به تنتفع الأبدان، به تنمو، به تشبّ، به تتوقى الأخطار، والله -جل وعلا- قيد ما في السموات وما في الأرض من الأرزاق لصلاح بني آدم ولقيام حوائجهم، بل لصلاح كل ذي حاجة في الدنيا من خلقه جل في علاه ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا[هود:6]،كما قال تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا[هود:6].

أما معنى الرزاق والرازق في دلالة الكتاب وفي السنة، فالرزاق والرازق يدلان على أن الله تعالى هو المفيض على عباده بالنعم، هو المنعم عليهم المتفضل بإيصال حاجاتهم، هو الذي يبلغ العباد كل ما يحتاجونه، فالرزاق في صفة الله تعالى هي إيصال ما يحتاجه الناس لإقامة أبدانهم، وقيام حوائجهم، فالمتكفل بالرزق هو الله، الرزاق، الرازق، المتكفل بالعطاء القائم على كل نفس بما يقيمها، هو الله تعالى كما قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ[الرعد:33]،فالله تعالى يوصل هذه الأرزاق لكل أحد من كافر، قوي، ضعيف، برّ، فاجر، في السماء، في الأرض، في البر، في البحر، كل أولئك يرزقهم الله تعالى، كما قال الله تعالى:﴿وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ[العنكبوت:60].

فالله هو يرزق كل هؤلاء، كل ما في الكون ممن يحتاج إلى رزق، فرزقه على الله جل في علاه: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا[هود:6]، فأرزاق بني آدم مقسومة وهو -جل وعلا- الذي يوصل هذه الأرزاق إلى عباده وفق ما تقتضيه حكمته.

لكن ينبغي أن نعرف أن الرزق الذي يوصله الله تعالى لعباده نوعان، ليس نوعًا واحدًا:

- الرزق الذي يتبادر إلى الأذهان ونفهمه كلنا هو رزق الأبدان، رزق الحياة، الرزق الذي تقوم به معايشنا، هذا رزق عام شامل للبَر والفاجر، والأولين والآخرين، وهو رزق عموم الخلق لا يخرج عن ذلك شيء ممن يحتاج إلى رزق فالله تعالى يرزق الجميع.

- النوع الثاني من الرزق هذا رزق خاص، وهو رزق أولياء الله تعالى، ذاك رزق الله تعالى القلوب بالصلاح، رزق القلوب بالاستقامة، رزق القلوب بالنور، رزق القلوب بالهداية، هذا لا يكون إلا لمن اصطفاهم الله تعالى من عباده.

إذًا الرزق لا يقتصر فقط على ما تقوم به أبداننا، يرزقنا مآكل ومشارب وملابس ومساكن، كل هذا من رزق تنتفع به في أبداننا، وهذا للخلق كافة، ليس لأحد دون أحد بل الله تعالى يعطي البر والفاجر، ويعطي المؤمن والكافر، والله تعالى عاب على أولئك الذين ظنوا أن العطاء إنما هو للصلاح والرضا، بل الله تعالى يعطي كل إنسان كما قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ[15]وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ[الفجر:15-16]، قدر عليه رزقه: ضيق عليه رزقه، يقول الله: ﴿كَلَّا[الفجر:17]،ليس الأمر كذلك، ليس الأمر كما تتوهم أن العطاء دليل الرضا، وأن المنع دليل الغضب والسخط بل العطاء والمنع وفق حكمة تقتضيها لا علاقة لها بصلاح الإنسان، فهذا عطاء شامل واسع لكل أحد، يعطي الله عز وجل الدنيا من يحب ومن لا يحب؛ لأنه -جل وعلا- رب العالمين، فمقتضى ربوبيته -سبحانه وبحمده- أن يعطي الناس جميعًا، أن يعطي العالمين جميعًا، يعطي الخلق جميعًا حوائجهم فيرزقهم جميعًا هو خير الرازقين تبارك الله سبحانه وبحمده.

أما ما يتعلق بالنوع الثاني من الرزق وهو رزق القلوب فهذا الرزق لا يكون إلا لأولياء الله عز وجل وأصفيائه، وهذه منحة ومِنَّة، وهو -جل وعلا- أعلم حيث يجعل رسالته، حتى لا يقول قائل: لماذا خصهم؟

خصهم بهذا العطاء لحكمة، ليس هناك تخصيص دون سبب، إنما التخصيص لأولئك برزق هداية القلوب ونورها، وابتهاجها، وسرورها، وإقباله على الله عز وجل؛ ذاك لأن قلوبهم مؤهَّلة، ذاك لأن الله أعلم بالمهتدين، وأعلم بالمتقين، وأعلم بالشاكرين، ومن يستحق العطاء يعطيه جل في علاه، وأما من أعرض فقد قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ[الصف:5]، هذا النوع الثاني من الرزق، أيهما مهم؟

كلاهما مهم فرزق الأبدان به تستقيم الحياة وتتحقق العبودية لأنه إذا كانت الأبدان قوية كانت عونًا للإنسان على طاعة الله عز وجل، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير، كما قال صلى الله عليه وسلم، لكن أيهما أهم؟

بالتأكيد رزق القلوب بالهدايات والأنوار أعظم أهمية وأخطر في نجاح الإنسان وفلاحه وسعادته في دنياه وأخراه.

 إن المؤمن يعلم أن هذه الأرزاق ليست خبطة عشواء كما يتوهم المتوهمون ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا[الزخرف:32]،وهذه قسمة رب العالمين وهي قسمة وفق حكمة وعلم، وخبرة ليست خبطة عشواء ولا عطاء بلا سبب ولا موجب بل هو عطاء وفق حكمة أرحم الراحمين، لا يزاد فيها ولا ينقص بل ما قضاه الله كان، وما قدره لابد أن يصل إلى أصحابه في رزق القلوب، وفي رزق الأبدان، لكن هناك أسباب، لا يعني هذا أن نعطل الأسباب بل لابد من طرق الأسباب لإدراك المطالب.

هذه القسمة وهذه الأرزاق قسمها الله تعالى، ولهذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى في توجيهه لأم حبيبة لما سألت قالت: اللهم أمتعني بزوجي رسول الله، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكِ سَأَلْتِ اللَّهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لاَ يُعَجِّلُ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ حِلِّهِ، وَلاَ يُؤَخِّرُ مِنْهَا شَيْئًا بَعْدَ حِلِّهِ وَلَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ لَكَانَ خَيْرًا لَكِ»[صحيح مسلم(2663/32)]، إذًاالرزق وهو ما ينتفع به في البدن، وما ينتفع به في القلب هو قسمة رب العالمين.

وقد جاء في أثر ورد مرفوعًا وموقوفًا، مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من طريق ابن مسعود، وموقوفًا على عبد الله ابن مسعود أنه قال: «إنَّ اللهَ قَسَّمَ بينَكُم أخلاقَكُ، كما قَسَّمَ بينَكم أرزاقَكُم ، وإنَّ اللهَ ليُعطي الدُّنيَا مَن يُحبُّ ومَن لا يُحبُّ ، ولا يُعطِي الدِّينَ إلَّا مَن يُحبُّ»[مسند ابن أبي شيبة(344) مرفوعا، والصحيح وقفه كما ذكره الدارقطني، وكما أخرجه الطبراني في الكبير(ح8990)]، هذا الحديث لا يصح مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكنه موقوف على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو مما يفيد أن العطاء الدنيوي ليس مقرونًا بمنزلة ولا بمحبة، بل هو عطاء وفق حكمة ينبغي للإنسان أن يسلِّم لها.

وإذا امتلأ القلب يقينًا بهذا كان له آثار عليه في تعبده، وكان له آثار في سؤاله وطلبه، وهذا ما سنتناوله إن شاء الله تعالى في الحلقات القادمة فيما يتعلق بالتعبد لله تعالى باسم الرازق واسم الرزاق. قبل أن نختم نقف عند اقتران الرزق والرازق بأسماء الله تعالى، هل ورد الرازق والرزاق مقترنين في أسماء الله عز وجل؟ أي هل ورد الرزاق أو الرازق مقترنًا باسم آخر أو بصفة أخرى في كلام الله عز وجل؟

الجواب في قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[56]مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ[57]إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ[الذاريات:56-58]، فأخبر الله تعالى عن صفته وقرنها بصفتين: ذو القوة المتين، فما السر في هذا الاقتران؟

هذا ما سنتناوله إن شاء الله تعالى في الحلقة القادمة، استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91557 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87257 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف