السؤال:
منذ أربعة عشر عامًا وأنا آكل بيدي اليسرى، والآن بدأت آكل باليمين، فهل عليَّ شيء فيما مضى؟
الجواب:
نهنئك على أن هداك الله للأكل باليمين؛ لأن الأكل باليمين هو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، والأكل بالشمال نهى عنه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الشيطان يأكل بالشمال، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه؛ فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله» رواه مسلم (2020).، وعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: كنت غلامًا في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا غلام، سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك» رواه البخاري (5376)، ومسلم (2022).، وأكل رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: «كل بيمينك»، قال: لا أستطيع، قال: «لا استطعت»، ما منعه إلا الكبر، فما رفعها إلى فيه رواه مسلم (2021) عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه. ، وهذا يدل على أن الموضوع ليس أمرًا عاديًّا، وإلا لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم عليه بهذه الدعوة؛ ولذا ينبغي الحرص على الأكل باليمين، والشرب باليمين؛ فإن ذلك هو هدي أهل الإسلام، وبه يجانب الإنسان ويجافي عمل الشيطان.
وهنا مسألة، وهي هل هذه الأحكام الشرعية والآداب لها فوائد؟ يعني ما الفرق بين أن يصل الطعام للجوف باليمين، أو أن يصل باليسار؟ وهل هناك تأثير؟ فالجواب: نعم هناك تأثير؛ فإن الطعام الذي يصل للبدن على وجه يرضي الله تعالى، سواء في جنس المطعوم، أو في طريقة كسبه، أو في طريقة إيصاله إلى البدن، كل ذلك إذا كان على وجه يرضاه الله تعالى فإنه يبارك للعبد فيه، ومن بركة هذا الطعام أن يصلح الله تعالى قلبه، وهذا معنى يغيب عن كثير من الناس، وبالعكس، فالطعام الذي يكون خبيثًا في جنسه ـ كالخمر أو الخنزير ـ أو خبيثًا في طريق كسبه ـ كالرشوة والربا ـ أو في طريق وصوله إلى البدن، فإنه إضافة إلى إثمه، فهو مما يُظلِم به القلب.
ولهذا أمر الله تعالى بالأكل من الضحايا، لا لسد الجوع، لكن لأنها من الطيبات، فهي مما تطيب بها القلوب، ولهذا قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ واعْمَلُوا صَالِحًا} سورة المؤمنون، آية رقم 51.، وأكل الطيب من أسباب الهداية والتوفيق للعمل الصالح، ولهذا أمر الله بالعمل الصالح، بعد الأمر بالأكل من الطيبات، وهذا معنى يغيب عن كثير من الناس، نسأل الله أن يبصرنا بالصواب، والله أعلم.