السؤال:
ما حكم لبس الألبسة التي فيها صور، إذا كانت المرأة لا تجد غيرها؟
الجواب:
سبب اقتناء كثير من النساء لهذه الألبسة ليس فقط عدم وجود غيرها في السوق، بل لافتتان كثير من النساء بموضوع الموضة، ومتابعة جديد وحديث ما تصدره دور الأزياء، التي لا ترتسم بأخلاق ولا بدين، بل تبحث عما يبرز المفاتن، ويظهر المرأة بما يغري بها، وبالتالي فإنه ينبغي لنا أهل الإسلام أن نضبط ما يصل إلينا بضوابط الشرع، نحن أمة ذات رسالة، أمة تحقق العبودية لله جل وعلا، في كل شئونها، في مأكلها، ومشربها، وملبسها وغير ذلك، لذلك ينبغي أن نسير وراءها؛ لنعرف ما يرضي الله تعالى مما لا يرضيه، إن رضا الناس في هذه المفاتن مؤقت ويزول، لكن رضا الله يجب أن يشترى ويطلب؛ لأنه الذي يبقى نفعه في الدنيا والآخرة.
كم من امرأة تبعت هذه الموضات، ولاحقتها لكن ليس فيها ولا لها بهاء، وكم من امرأة تلبس المبتذل من الثياب، والقليل من الزينة، لكن فيها من البهاء والنور، والذكاء ما يلقيه الله تعالى عليها، ويطيب بها منظرها، وينجذب إليها من يراها، وهي في زيها المعتاد، الذي لا يخرج عن الحشمة، والصيانة، وهنا أنبه أن بعض النساء من سلف الأمة، كن يحرصن على قيام الليل؛ لأنه يكسب الوجه نضارة، فهذا المعنى لماذا لا نسلكه ونحرص عليه؟! إن هذه النضارة ليست بالمكياج التي ينثر على الوجه، ولا باللباس الذي يزين به البدن، إنما هو أمر وراء ذلك، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا} ثم قال: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْر}سورة الأعراف من الآية 26.، ولا يعني هذا أن لا تتجمل، فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة، قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس»رواه مسلم (91) عن ابن مسعود رضي الله عنه .، لكن فرق بين أن نسعى إلى الجمال بما يرضي الله، وبين أن نسعى إليه بما فيه انتهاك لحدود الله تعالى، وعلى المسئولين عن الأسواق، وعلى التجار مسئولية كبرى في بذل ما يصون المرأة المسلمة، ويحقق لها ما تشتهي وترغب من الزينة، وهذا لو احتسبه الإنسان، لوجد بركته في رزقه، وبركته في أهله، وبركته في توسع تجارته، فأدعو التجار لاحتساب هذا، وجلب ما يوافق الشرع، ويحافظ على الذوق العام، ويحفظ به مجتمع المسلمين.
وأما ما يتعلق بلبس ما فيه صور، فمن العلماء من يرى أنه محرم؛ لأن لبس الصورة في الحقيقة هو رفع لها وتعظيم، والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى سترا عليه صورة هتكه ومزقهرواه البخاري (5954)، ومسلم (2107) عن عائشة رضي الله عنها.، وهذا يدل على أنه لا يجوز لبس الصورة المرفوعة.
كما أن لبس هذه الثياب له تأثير على صحة الصلاة، إذا صلى بها الإنسان، فإن جماعة من أهل العلم يرون أن الصلاة إذا كانت بثوب فيه صورة لا تصح، والصواب أن الصلاة صحيحة، لكنه يأثم، وأجره قاصر بهذه الصورة.
والصورة التي تأخذ هذه الأحكام، هي صورة ذوات الأرواح، من حيوان أو إنسان، سواء كان هذا الإنسان معروفا أو غير معروف، وأما ما متخيلا وغير حقيقي، كتفاحة ترسم لها عيون وفم، فهذه ليست بصورة، ولا حرج في لبسها.