السؤال:
ما حكم الإسبال في غير الخيلاء؟
الجواب:
جاء في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إيَّاك وإسبال الإزار؛ فإنَّها من المخيلة»رواه أحمد (20635)، وأبو داود (4084)، والنسائي في الكبرى (9611) عن جابر بن سليم رضي الله عنه، وصححه ابن حبان (521).، وهذا يدل على أنه ينبغي للمؤمن أن يتجنب الإسبال؛ لأنه من المخيلة في الجملة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إزرة المؤمن إلى أنصاف الساقين، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من ذلك فهو في النار، لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطرًا»رواه أحمد (11010)، والنسائي في الكبرى (9631)، وابن ماجه (3573)، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وصححه ابن حبان (5446)، وعبد الحق في الأحكام الصغرى (2/807). ، وقال: «لا حق للكعبين في الإزار»رواه أحمد (23356)، والترمذي (1783)، النسائي (5329) عن حذيفة رضي الله عنه، وصححه الترمذي.،وقال: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار»رواه البخاري (رضي الله عنه) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، هذا ما يتعلق بالهدي الذي ينبغي أن يلزمه المؤمن، وأن يكون عليه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن ذلك بيانًا واضحًا، يبقى إذا أرخى الإنسان ثوبه وراء الكعبين، هل يدخل في الوعيد حتى لو كان لغير الخيلاء؟
جماهير العلماء على أن الوعيد إذا كان الإسبال للخيلاء، يعني لتعظيم النفس، ورؤيتها، والافتخار، وما إلى ذلك، هذا لا شك أنه داخل في الوعيد، أما إذا كان الإسبال لغير الخيلاء، إما لاسترخاء الإزار، أو كون الإنسان لم يتيسر له إلا هذا الثوب، وما أشبه ذلك، فلا يدخل في الوعيد، ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة» فقال أبو بكر: إن أحد شقي ثوبي يسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنك لست تصنع ذلك خيلاء»رواه البخاري (3665) عن ابن عمر رضي الله عنهما.،فدل هذا على أن من لا يقصد الخيلاء، وإنما يسترخي إزاره من غير اختيار، أنه لا يدخل في الوعيد.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن الوعيد على أمرين:
الأمر الأول: على إسبال الإزار خيلاء، فعقوبته مغلظة، بأن لا ينظر الله إليه يوم القيامة.
الأمر الثاني: على الإسبال من غير خيلاء، فهو مهدد بالنار.
والراجح قول جمهور العلماء، ولا يعنى هذا أن يقال للرجال: اسبلوا ثيابكم! فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إيّاك وإسبال الإزار»، فينبغي للرجل أن يرفع إزاره إلى الكعبين، وقد دخل شاب على عمر رضي الله عنه في مرض موته يعوده، فلما أدبر خارجا رأى عمر أن ثوبه يمس الأرض، فقال له: (يا ابن أخي، ارفع ثوبك؛ فإنه أبقى لثوبك، وأتقى لربك)رواه البخاري (3700).، فأشار إلى فائدتين في رفع الثوب وترك الإسبال:
الأولى: تحصيل تقوى لله تعالى، بالبعد عن الخيلاء، وأسبابها.
الثانية: أن ذلك أبقى للثوب، وأحفظ له من الأوساخ والبلى والتمزق.