المقدمُ:شيخُ خالدٌ بحكمِ أننا الآنَ في بدايةِ عامٍ جديدٍ نسألُ اللهَ -عزَّ وجلَّ- يجعلُه عامَ خيرٍ وبركةٍ وعامَ نصرٍ للإسلامِ وللمُسلمين.
المرأةُ والعامُ الجديدُ المرأةُ بما تستقبلُ هذا العامَ الهجريَّ الجديدَ؟
الشيخُ: المرأةُ والرجلُ في استقبالِ الأيامِ واستدبارِها هما شيءٌ واحدٌ، فالأيامُ والليالي والشهورُ هي فرصةُ الحياةِ هي منحةٌ مِن ربِّ العالَمين لكلِّ مَن وُهبَتْ له ليختبرَ وينظرَ مدَى قيامِه بوظيفةِ العمرِ، اللهُ ـ تعالى ـ يقولُ: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾[الملك: 2] هذه الحياةُ ليستْ مخلوقةً عبثًا، بل هي لغايةٍ ومقصودٍ، والمؤمنُ ذكرًا وأنثَى، رجلًا وامرأةً مِنَ المهمِّ أنْ يدركَ وأن يستحضرَ هذه الغايةَ في كلِّ مراحلِ عمرِه، لكن بطبيعةِ الإنسانِ معَ توالى الليلِ والنهارِ وتعاقبِ الأحوالِ عَليهِ يغفلُ ويَنسى ويذهَلُ ومِنَ الناسِ مَن تمتدُّ به الغفلةُ ويمتدُّ به الغيابُ عَن الهدفِ مِن هذه الحياةِ إلى أن يرحلَ عَنها وهؤلاءِ همُ الخاسِرون عندَما ينتبهون في آخرِ المطافِ لا يمكنُهم تداركُ ما فاتَ؛ لأنه قد مضَى وانتهتِ المهلةُ، فلهذا مما يجعلُ لهذه التعقباتِ، وهذه التحولاتِ الزمنيةِ في الأيامِ والليالي والأسابيعِ والأشهرِ والسنواتِ هذا التعاقبِ إنما يستشعرُه أولو البابٍ أولو البصائرِ الذين لهم عبرةٌ وادكارٌ وذكرَى بما يجري مِن هذه التحولاتِ.
اللهُ ـ تعالى ـ جعلَ الليلَ والنهارَ خلفةً الليلُ يخلفُ النهارَ، والنهارُ يخلفُ الليلَ وهذا مِن حكَمِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- أن يغيرَ في حياةِ الإنسانِ، أرأيتَ لو أن الحياةَ كلَّها ليلٌ أو أن الحياةَ كلَّها نهارٌ أينَ التحولُ الذي يشعرُ الإنسانُ بأنه في دارِ تحوُّلٍ في دارٍ لا بقاءَ لها يقولُ اللهُ ـ تعالى ـ: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ﴾[الفرقان: 62] ويعتبرُ ويتعظُ ويفهمُ ويستفيدُ ﴿أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾[الفرقان: 62] أي أرادَ تحقيقَ العبوديةِ.
إذًا، هذه الليالي وهذه الأيامُ في تعاقبِها هي منبهاتٌ هي مبصراتٌ هي إشاراتٌ ينبغي للمؤمنِ والمؤمنةِ أن يقِفوا عندَها عبرةً وعظةً هذا على مدَى حيزٍ قصيرٍ وهو أربعٌ وعشرون ساعةً في اليومِ، فكيفَ بتعاقبِ الأسابيعِ وتعاقبِ الأشهرِ وتعاقبِ الأعوامِ ألا يستوجبُ هذا وقوفًا يعني أصبحتْ عندَنا الأعوامُ كالأشهرِ والأشهرُ كالأسابيعِ والأسابيعُ كالأيامِ والأيامُ أشبهُ ما يكونُ بلمحةِ بصرٍ سرعانَ ما تَنتهي
المقدمُ: قبلَ الجمعةِ ثم ما تلبثُ أن تصليَ جمعةً أخرَى.
الشيخُ: يعني نحن الآنَ في 1/1/1435هـ ما أسرعَ ما يَأتي رمضانُ وما أسرعَ ما يليهِ الحجُّ ثُم تَنقضي السنةُ وهذه الملاحظةُ وهو ما أشارَ إليه النبيُّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- فيما رواهُ أصحابُه مِنَ السننِ مِن قولِه: «لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يتقارَبَ الزَّمانُ»سنن الترمذي (2332)، وسنن ابن ماجة (4052) وتقاربُ الزمانِ مِن مَعانيه نزعُ البركةِ منه وذهابُ ما فيهِ مِن سعةٍ يجدُها الإنسانُ فيَقضي عملًا كثيرًا في وقتٍ يسيرٍ، فالبركةُ هي روحُ هذا الوقتِ إذا نُزعتْ منه أصبحَ وقتًا يتدافعُ لا ينجزُ فيه الإنسانُ إنجازًا تمرُّ عَليهِ الأعوامُ وهو في مكانِه لم يتقدمْ ولا أقصدُ في مكانِه الحسيِّ قد يكون عمارًا، قد يكونُ انتقلَ مِن مكانٍ لمكانٍ لا المكانَ الإيمانيَّ، المكانُ في تحقيقِ الهدفِ، المكانُ في السفرِ إلى الله عزَّ وجلَّ.
لذلك مِنَ المهمِّ لنا جميعًا وأخصُّ بالذكرِ بما أن البرنامجَ لأخواتي النساءِ أن نقفَ وقفةَ اعتبارٍ واتعاظٍ، العجيبُ أننا نفرحُ بالأعوامِ ونفرحُ بالأيامِ ونفرحُ بمضيِّ الزمانِ، لكن يغيبُ عنا أنَّ مُضيَّ الزمانِ يقرِّبُنا إلى الأجلِ، أرأيتَ لو أنك قيلَ لك في نهايةِ اليومِ أو قبلَ صباحِ الغدِ ستموتُ ألستَ تحسبُ الدقائقَ وترى أن كلَّ دقيقةٍ تمضي مؤرقةٌ لك اقتربَ أجلُك كيفَ تستثمرُها؟ بل كيف تتخلصُ مِنَ الموتِ إن كانَ لك حيلةٌ نحنُ الآنَ نقتربُ نحن في عامِ 1435هـ أقرب إلى آجالِنا منا في عامِ 1334هـ هذه الحقيقةُ، وهذه حقيقةُ تعاقبِ الأيامِ ونحن نفرحُ بذلك، وهذا مِن غفلتِنا قد تخشَى قلوبُنا، لا بأسَ أن نفرحَ بالمناسباتِ والتحولاتِ لكن أن تكونَ هذه الفرحةُ مغيِّبةً للحقيقةِ التي ينبغي أن نبصرَها، وأننا تتقدمُ بنا الأعمارُ لنصلَ إلى الآجالِ وهذا يستوجبُ أن نحدثَ صالحًا مِنَ الأعمالِ هذا الذي ينبغي أن يكونَ، هذا الذي ينبغي أن نشتغلَ به، فليسَ الشأنُ في أن نصلَ إلى عامِ كذا وعامِ كذا وقضَيْنا كذا، إنما الشأنُ ما الذي عمَّرْنا فيه تلك الأيامَ وتلك الليالي، ولهذا لا يمكنُ أن نحققَ نجاحًا دون تحقيقٍ، ولا يمكنُ أن نحققَ نجاحًا دونَ مراجعةٍ، ولا يمكنُ أن نحققَ نجاحًا دونَ وعْيٍ، ولا يمكنُ أن نحققَ نجاحًا دونَ إدراكِ لأهميةِ الزمانِ والوقتِ الذي يَمضي.
المقدمُ: وهذا يا شيخُ خالدٌ موضوعُ استثمارُ العمرِ ومِنَ استثمارِ العمرِ أن الإنسانَ يخططُ لعامِه الجديدِ لأن نحن الآنَ في أولِ أيامِ هذا العامِ الهجريِّ أين التخطيطُ؟ أين وضعُ خطةٍ شخصيةٍ للمرأةِ؟ تعتني بنفسِها بأسرتِها بأبنائِها تضعُ محدداتِ معالمَ في طريقِها في هذا العامِ وفي طريقِها إلى اللهِ عزَّ وجلَّ.
الشيخُ: بالتأكيدِ أنه هذا يغيبُ عَن كثيرٍ منا، كثيرٌ منا لا يخططُ لعامِه، إنما يدخلُ العامَ ويتقبلُ فيه التهاني أو يهني غيرَه وتمضي ثلاثةُ أو أربعةُ أيامٍ، ثم تنتهي القضيةُ وننسى أننا خلَعْنا ثوبَ عامٍ قديمٍ ولبسْنا ثوبَ عامٍ جديدٍ فكيفَ سيكونُ الجديدُ؟ هل سيكونُ كالماضي؟ هل سيكونُ مثلَ سائرِ الأيامِ التي خلَتْ هذا مِن أكبرِ الخَسارِ الذي يصيبُ الناسَ أنهم لا يُخططون، يا أخي أنت عندَما تدخلُ أيَّ مكانٍ.. افرضْ إنك دخلتَ السوقَ إذا لم يكنْ لك هدفٌ في دخولِ السوقِ، معنَى أنه سنتجوَّلُ ونروحُ يمينًا ويسارًا دونَ هدفٍ ويكونُ فيه موقفٌ أو حادثٌ معينٌ نقفُ وعندَنا وقتٌ واسعٌ ننظرُ إلى هذا الحادثِ وننتقلُ إلى حادثٍ آخرَ وموقفٍ آخرَ، ثم في النهايةِ بعدَ ثلاثِ أربعِ ساعاتٍ مِنَ التجوالِ في هذا السوقِ ماذا حصَّلْنا؟ ماذا انتَهَينا مما نريدُ شراءَه؟ ما في شيءٍ هكذا هو العامُ.
هذا العامُ هو كدخولِك للسوقِ أنت تدخلُ الآنَ ميدانًا جديدًا هذا الميدانَ مِنَ المهمِّ أنْ تخططَ ماذا تريدُ أن تحصِّلَ في هذا العامِ؟ ماذا تريدُ أن تحققَ على المستوى الشخصيِّ، وعلى المستوى العائليِّ، وعلى المستوى الزوجيِّ، وعلى مستوى الأبناءِ، وعلى مستوى الوظيفةِ، وعلى مستوى الأصحابِ على كافةِ على مستوى المالِ، وعلى مستوى الإيمانِ، وعلى مستوى صلتِك باللهِ -عزَّ وجلَّ- وصلتِك بأرحامِك، كلُّ هذه الجوانبِ تحتاجُ إلى أن يراجعَ الإنسانُ فيها نفسَه وأن يضعَ أهدافًا.
أنا العامُ الماضي كنتُ مقصرًا في صلةِ رَحِمي.
إذًا.. هذا العامُ سأغيرُ سأحرصُ على صلةِ أرحامي وسأرتبُ لهذا جدولًا شهريًا على سبيلِ المثالِ: أتواصلُ عبرَ الهاتفِ، أتواصلُ عبرَ الزيارةِ، أتواصلُ عبرَ أيِّ وسيلةٍ مِن وسائلِ التواصلِ معَ أقاربي الذين لهم حقُّ صلةِ الرحِمِ.
المقدمُ: لو الإنسانُ سأزورُ ـ فرضًا ـ أحدَ أقاربِ أعمامي لو مرةً في الشهرِ فيضعُ له شيئًا مِن.
الشيخُ: ممكنٌ الترتيبُ هو الذي يحفظُ، أنا على سبيلِ المثالِ أذكرُ مِنَ الأشياءِ التي كانتْ تميزُ شيخَنا محمدَ العثيمينَ -رحِمَه اللهُ- أنه عندَه قائمةٌ بأرقامِ وهواتفِ ذوي رحِمِه القريبين، يتصلُ علَيهم كلَّ جمعةٍ صباحًا يتصلُ على كلِّ واحدٍ منهم كيفَ الحالُ عساكُم بخيرٍ هذا النوعُ مِنَ الترتيبِ يضمنُ لك أنه أنت تحققُ صلةَ الرحمِ المطلوبةِ، أيضًا ما تسرقُك الأيامُ والليالي والهمومُ والأعمالُ عَن أن تقومَ بما خطتتَ له ورتبتَ، وكذلك أنا أشيرُ إلى أن هذا نموذجٌ هذا مِن صلةِ الرحمِ على سبيلِ المثالِ: نموذجٌ آخرُ القرآنُ يعني: العامُ الماضي أنا ما قرأتُ القرآنَ إلا في رمضانَ مثلًا وما أدري أنا ختمتُ ولا ما ختمتُ.
طيب يا أخي ويا أختي أليسَ القرآنُ هو سبيلُ النجاةِ، أليسَ القرآنُ هو الذي قالَ اللهُ تعالى فيه: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾[الإسراء: 9] بقَدرِ اتصالِك بالقرآنِ بقدرِ ما تحققُ مِنَ السعادةِ في الدنيا والفوزِ بالآخرةِ.
فمِنَ المهمِّ ومِنَ الضروريِّ أن أخططَ لصلةٍ حسبها القرآنُ مِن خلالِ قراءتِه وتأملِ آياتِه وتفسيرِه، فلماذا لا يكونُ لي في كلِّ شهرٍ ختمةٌ بحيثُ إن اليومَ واحدٌ اقرأِ الجزءَ الأولَ، يومَ اثنينِ اقرأِ الجزءَ الثانيَ، يومَ ثلاثةٍ اقرأِ الجزءَ الثالثَ، فلا يأتي الشهرُ في نهايتِه ثلاثين إلا وقدْ قرأتَ ثلاثين جزءًا، فأكونُ ختمتُ خلالَ شهرٍ ويكونُ هذا شهريًا على مدَى العامِ عندَ ذلك سيتغيرُ وضعي، صلتي بالقرآنِ ستختلفُ وقراءةُ القرآنِ في أطولِ الجزءِ مِنَ القرآنِ قراءةً في أطولِ قياستِها والقراءةُ المترسلةُ ستكونُ ساعةً إلا ربعًا، نصفَ ساعةٍ وقد يصلُ عندَ القارئِ المتقنِ الذي يقرأُ قراءةَ حَدْرٍ عشرين دقيقةً يصلُ إلى عشرين دقيقةً أو دونَها أو أكثرَ مِن هذا بقليلٍ.
فمِنَ المهمِّ أن نحرصَ على تخطيطٍ لِما يُصلِحُ قلوبَنا، قالَ: واللهِ أنا ما أستطيعُ جزءًا في اليومِ، طيب خلوا نصفَ جزءٍ بحيثُ يختمُ في شهرَينِ ففي السنةِ يكونُ لك ستُّ ختماتٍ، إذا سِرتَ على هذا المسارِ، المهمُّ أن نخططَ لما يُصلِحُنا، الأختُ يمكنُ أن تقررَ هذه السنةَ أن تعالجَ المجالسَ التي تكثُرُ فيها الغيبةُ فمثلًا يعني الغيبةُ بالتأكيدِ أنها متابعةٌ للذنوبِ وحضورُ مثلِ هذه المجالسِ التي يُتناوَلُ فيها الناسُ بالغيبةِ لا يجوزُ شهودُها ويجبُ معالجةُ ذلك بالطرقِ التي تكفُّ الشرَّ، فلو أنها قررتْ هذه السنةَ أنه واللهِ أنا لا بُدَّ إني أتخذُ إجراءً تجاهَ هذه المجالسِ التي تكثرُ فيها الغيبةُ، لا يلزمُ هذا أن يكونَ بالمقاطعةِ أو نشور معالجةً متنوعةً لكنَّ المهمَّ أن يكونَ الهمُّ في قلبِها لإصلاحِ هذه المجالسِ هذا نوعٌ مِن تطويرِ الذاتِ، تطويرٍ للنفسِ أيضًا اكتسابِ مهاراتٍ ما الذي يمنعُ أنه واللهِ أنا عندي إشكاليةٌ في مثلًا عندي إشكاليةٌ في التعاملِ معَ أولادي مثلُ ما ذكرتِ الأختُ وهذا يقعُ كثيرًا، يَعني مثلًا على مراحلِهم العمريةِ المختلفةِ أنا عندي إشكاليةٌ في مرحلةِ المراهقةِ، عندي إشكاليةٌ في معالجةِ أخطاءِ الصغارِ، ما يمنعُ إني أدخلُ دورةً تدريبيةً سواءٌ كانتْ عن طريقِ الاشتراكِ المباشرِ أو عَن طريقِ الترتيبِ مِن خلالِ المبثوثِ الموجودِ عبرَ وسائلِ الاتصالِ ومنه ما يكونُ عبرَ الشبكةِ العنكبوتيةِ الإنترنت ترتبُ لنفسِها شيئًا مِن خلالِها تستطيعُ أن تطورَ نفسَها وهلُمَّ جرًا في كلِّ الجوانبِ الأخرَى التي تحتاجُ إلى تطويرٍ لأنه الإنسانُ إذا لم يتطورْ فإنه ينحدرُ ليسَ هُناك مرحلةُ ثباتٍ، إنما هي إما زيادةٌ وإما نقصٌ، وفواتُ الوقتِ دونَ زيادةٍ هو نقصٌ في ذاتِه حتى لا يقولَ قائلٌ واللهِ لا أنا ما فقدتُ المهاراتِ اللي مكتسبها مَن قبلُ، نقولُ كونُك توقفتَ عندَها معَ إمكانيةِ الزيادةِ هذا يعتبرُ في الحقيقةِ نقصٌ.
الضروراتُ التقدمُ والبناءُ والإصلاحُ وتَلافي الخطأِ لأنه إذا لم يكنْ لدَينا همٌّ ولا فكرةٌ ولا هدفٌ ولا اهتمامٌ فلن نتطورَ ولن نقدمَ شيئًا، الذي لا يعرفُ أهميةَ الماءِ ينثرُه في الطرقاتِ، الذي لا يعرفُ قيمةَ الشيءَ فإنه لن يتمسكَ به وسيصرُفه على غيرِ وجهِه، لذلك أعمارُنا هي مِن حاملِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- وليسَ للعمرِ عوضٌ مَهْما كانَ.
من يظنُّ أنه العمرُ يمكنُ أن يعوضَ بثمنٍ فهذا يجهلُ حقيقةَ العمرِ لا قيمةَ لبقيةِ عمرِ المؤمنِ هكذا قالوا لا قيمةَ بمعنَى أنه ليسَ شيءٌ في الدنيا يعادلُه لأنه مرحلةُ بناءٍ وعِوضُه إذا أحسنَ الاستثمارَ عظيمٌ عوضُه؛ جنةٌ عرضُها السماواتُ والأرضُ كما في الصحيحَينِ مِن حديثِ ابي هُريرَةَ ـ رضيَ اللهُ عنهُ ـ أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- قالَ: «أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ»صحيح البخاري (3244)، وصحيح مسلم (2824) هذا الإعدادُ لا يمكنُ أن يؤخذَ ويحوزَه المفرِّطونَ المتكاسِلون البطالون الذين يُمضونَ أوقاتَهم هدَرًا دونَ نفعٍ ولا فائدةٍ.
لذلك أنا أدعو نَفسي وإخواني وكلَّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ أن نستثمرَ أوقاتَنا وأن نعيدَ النظرَ في نظرتِنا إلى الوقتِ، الوقتُ رأسُ مالِنا وينبغي أن نعرفَ أنه نجاتُنا وخسارتُنا فهو المزرعةُ التي مِن خلالِها نصلُ إلى ما نؤملُ مِنَ الخيرِ، اللهُ ـ تعالى ـ يقولُ: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[الزخرف: 72] فالجنةُ ليستْ عطاءً لا مقابِلَ له، لها أسبابٌ ومِن أعظمِ أسبابِها العملُ الصالحُ، فإنه سببُ إدراكِ الفوزِ والنجاةِ.
لهذا أقول يعني مِنَ المهمِّ لنا أن نقفَ معَ أنفسِنا وقفةَ تأملٍ وتدبرٍ في بدايةِ هذا العامِ، ولا يقولُ الصغيرُ إني صغيرٌ، ولا الكبيرُ إنه فاتَ الوقتُ ما دامَ في العمرِ بقيةٌ، واللهُ فسحَ لك في الأجلِ، فبادِرْ وبادِري إلى استثمارِ ما بقيَ فالأعمالُ بالخواتيمِ.