السؤال:
إذا تُوفي الميت قد يترك مجموعة من الأمور الخاصة، من أجهزة كمبيوتر وجوال ونحو ذلك، وقد يكون بها أشياء حسنة وسيئة؛ فما حكم الاطلاع على مثل هذه الأشياء؟
الجواب:
ما يتعلق بحال الإنسان بعد موته ـ من حيث الحرمة ـ لا يختلف عنه حال الحياة؛ فالإنسان محترم مصون في نفسه وفي خصوصياته، حال حياته وحال موته، ويتأكد هذا في حال الموت؛ لأنه في حال الموت ينقطع من يدافع عنه، وقد يقف الإنسان على شيء لا يملك تفسيرًا له، فيبعث في نفسه سوء ظن بالميت، ولا سبيل إلى توضيح الأمور، فتدور حوله ظنون وأفكار لا تليق بالمؤمن، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} سورة الحجرات. الآية 12.، والتجسس هو تطلب الأخبار الغائبة، سواء كانت في حق الأحياء أو في حق الأموات.
لكن إذا اطَّلع الإنسان على ما يخص الميت مما يحتاج إلى اطَّلاع عليه؛ كما لو كان عليه دين، أو يكون قد ترك وصية، وما أشبه ذلك، فهذا أمر لا بأس به، ولا إشكال فيه، بل هذا من بر الميت وتكميل حقوقه، أن يُبحث عما يكون نافعًا له، من دين يُقضى عنه، أو وصية تُصرف على وجه أمر به.
أما ما يتعلق بما في حواسيبه وجوالاته من المراسلات، وما يحتفظ به من ملفات صوتية أو مرئية وما أشبه ذلك، فالواجب الإعراض عن التنقيب فيها والتفتيش؛ لأنه قد يقف على ما يكره أن يُطَّلع عليه، وكل ما يُكره أن يُطَّلع عليه في الحياة فحكمه باق بعد الممات، وإذا كان الفقهاء ـ رحمهم الله ـ ذكروا أنه لا يحضر غسل الميت إلا من يُحتاج إلى حضوره؛ لئلا يطَّلع على ما يكره من حاله ثم يُفشي سره، وبالتالي فلا ينبغي تطلب مثل هذه الأمور، ولا البحث عنها، ولا التفتيش فيها، بل تُتلف وتزال، وإذا اطَّلع الإنسان على شيء أثناء الإزالة فينبغي أن يتقي الله، ولا يبرز شيئًا من السوء يقف عليه؛ فمن ستر مسلمًا ستره الله تعالى يوم القيامة، والله أعلم.