السؤال:
ما حكم مشاركة النصارى أعيادهم، بإظهار روح التواصل معهم، أو التهادي، ونحو ذلك؟ وما حكم بيع المسلم لما يتعلق بهذه المناسبة؟ وما حكم متابعة هذه الأحداث عبر الشاشات؛ لأنها تقام لها احتفالات، والمسلمون في بيوتهم يتابعون؟
الجواب:
المناسبات الدينية عند غير المسلمين لا خلاف بين العلماء في عدم جواز المشاركة فيها، ولا يجوز أن يُحتَفل بها أو أن يُعتَنى بها؛ لأن الاحتفال بها والعناية بها والمشاركة في مراسم الاحتفالات المتعلقة بها هو إقرار لهذه الأديان، وهو مما نهى الله تعالى عنه، يقول الله جل وعلا: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا}سورة البقرة : الآية 256 ، والعروة الوثقى هي لا إله إلا الله، وهي تقتضي أمرين:
الأول: ألا يكون في القلب عبودية ورِقٌّ إلا لله جل وعلا.
الثاني: أن يكفُر الإنسان بكل ما يخالف هذا من العقائد والأديان، وألَّا يعتقد صحتها.
فلما كان الاحتفال بهذه المناسبات إقرارًا لهذه العقائد والأديان الباطلة، اتفق علماء الإسلام على مر العصور واختلاف المذاهب، على أنه لا يجوز، فهذه ليست مسألة مذهبية يختلف حكمها من مذهب لآخر، ولكنها مسألة اتفقوا على أنها من الممنوعات.
فإن قيل: إن كثيرًا ممن يشارك في هذه الاحتفالات لا يحضر في باله وذهنه مسألة الإقرار، إنما غاية اهتمامه المشاركة في مظاهر الفرح والبهجة، وما أشبه ذلك.
فالجواب: أن هذا خطأ، حتى ولو لم يتضمن الإقرار؛ لأن المشاركة في هذه الأمور -وإن كانت مع إنكار ما يعتقدونه- لكن في الحقيقة هي وسيلة لذلك، والوسائل لها أحكام المقاصد.
وتأمل قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لَا تَعَلَّمُوا رَطَانَةَ الْأعَاجِمِ، وَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ فِي كَنَائِسِهِمْ يَوْمَ عِيدِهِمْ، فَإِنَّ السَّخْطَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ"رواه عبد الرزاق (1609)، والبيهقي (18861)، وصحح ابن تيمية إسناد البيهقي كما في الاقتضاء (2/511)؛ لأن هؤلاء يحتفلون بما يغضب الرب جل وعلا، فهذه المعابد والكنائس يظهر فيها ما تكاد تنشق له الأرض، وتخرُّ له السماء هدًّا، وهو دعواهم أن مع الله إلهًا آخر، وقولهم: إن عيسى ابن الله تعالى، ولذلك فلا يجوز الاحتفال بهذه الأعياد، ولا المشاركة فيها، ولا التهنئة بها، ولا إعانتهم عليها، بلا خلاف بين العلماء.
وكذلك لا تجوز مشاهدة هذه الأعياد، إلا إذا كان الحامل عليها هو الاطلاع على ما هم عليه من البعد عن الحق، ومعرفة نعمة الله علينا بالهداية، فهذا لا بأس به، ولكن الغالب أن مَنْ يشاهدها ويتابعها إنما يفعل ذلك للتسلية والترويح، ولذلك فلا تجوز مشاهدتها؛ لأن هذا من شهود الزور؛ والله تعالى يقول في أوصاف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}سورة الفرقان: الآية: 72، والله أعلم.