السؤال:
كثر القيل والقال في مسألة الجهاد ضد الأمريكان في العراق، فلو توضحوا لنا الأمر؟
الجواب:
الجهاد شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، والله تعالى أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته، وتسلط الكفار عليه، فالجهاد لم يكن تشريعه ابتداء، إنما كان دفعًا عن أهل الإيمان، قال الله جل وعلا: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير) سورة الحج 39، فالجهاد في أصل مشروعيته كان للدفع عن الإسلام، وحفظ بيضة المسلمين، واستمر الجهاد بعد أن شرع إلى أن مات النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ـ بأبي وأمي صلى الله عليه وسلم ـ مجاهدًا بنفسه وماله: وقال لأصحابه: «لولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل» رواه البخاري (36)، ومسلم (1876) عن أبي هريرة رضي الله عنه .، فالجهاد من أعظم الشرائع، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ : «ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده، وذروة سنامه؟» قلت: بلى يا رسول الله، قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد»، فهو من أعلى منازل الدين مرتبة، لكن يجب أن يعلم أن هذا الجهاد يجب أن يكون على وفق شرع الله؛ فإن الله قد نهى المؤمنين أولاً عن القتال، وأمرهم بكف اليد، ثم أذن لهم فيه، وهذا يدل على أن الجهاد ليس أمرًا شخصيًّا، يبدأه الإنسان وينهيه حسب رغبته وانفعالاته، بل يجب أن يراعي في ذلك حدود الله، وأن يقدر المصالح والمفاسد، ويرجع إلى أهل العلم في تقرير الجهاد المشروع من غيره، لكن بالتأكيد أن أيّ شبر من بلاد المسلمين يحتله كافر، ويعتدي عليه باغ، أنه يجب دفعه بما يستطيعه الإنسان، لكن تفاصيل هذه الأحكام لا يمكن القول فيها من أهل العلم الذين لا يعرفون واقع الحال معرفة تامة، من حيث تصوير الوضع وتوصيفه توصيفًا حقيقيًّا؛ ليصل بذلك إلى الحكم الشرعي؛ ولهذا نقول: هذه المنزلة لا يتسنى لكل أحد إدراكها، والناس تتورع عن الخوض في ذلك، فلذلك يجب الرجوع إلى أهل العلم للبت في هذه المسائل؛ ليستبصر الناس الحق، أسأل الله أن يكشف الظلم عن المظلومين، وأن يخلص بلاد المسلمين من تسلط واحتلال الكفار، سواء كان احتلالاً مباشرًا، أو من وراء ستار.