السؤال:
أوصى بأن يُنفق حوالي تسعة ملايين من المال في إقامة العزاء، وذبح الذبائح، وإطعام المعزين، وأحد أبنائه يقول: إن هذا حرام، ولا يجوز شرعًا، فهل إذا لم يُنفذ وصيته يكون آثمًا عند الله سبحانه وتعالى؟
الجواب:
أولا: ليس للإنسان أن يوصي بأكثر من الثلث؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الثلث، والثلث كثير» رواه البخاري (2744)، ومسلم (1628) عن سعد بن أبي وقاص .، ولذلك ذهب عامة العلماء إلى أن السنة أن يقصر الموصي عن الثلث إلى الربع، أو إلى الخمس، على خلاف بين العلماء أيهما أفضل؟
ثانيًا: أنه لا يجوز له أن يوصي بما فيه محرم، فلو أوصى بما فيه محرم فهي وصية باطلة، لا يجوز للورثة أن ينفذوها.
وفيما يتعلق بوصيته أن يُصرف مبلغ في عزائه، إذا كان هذا الصرف فيما هو معتاد ومعهود، وليس على وجه الاحتفال، كقيمة القهوة والشاي وما أشبه ذلك مما اعتاد الناس تقديمه دون إسراف، فالأمر في هذا قريب.
وأما إذا كان زائدًا على هذا الحد، فإنه لا ينفذ ما أوصى به، كأنه يقول: اذبحوا الذبائح، وأقيموا الولائم، وغدوا الناس وعشوهم، فهذا لا يجوز، فلا يُجمع على أهل الميت مصيبة الموت، ومصيبة الخسائر المالية، والهم الذي يحصل بسبب العزائم.
والسنة صناعة الطعام لأهل الميت؛ لانشغالهم بمصيبتهم عن الطبخ ونحو ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم لما أُصيب جعفر: «اصنعوا لأهل جعفر طعامًا؛ فإنه قد جاءهم ما يشغلهم» رواه أحمد (1751)، وأبو داود (3132)، والترمذي (998)، وابن ماجه (1610)، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، وحسنه الترمذي، وصححه ابن دقيق العيد في الإلمام (570).، وليس لأهل الميت من الفراغ، ما يجعلهم يهتمون بهذه الأمور.
وينبغي لكل من له ميت أن يقتصد، وأن لا يُسرف، والآن هناك ولائم، وصالات أفراح تستأجر لإقامة العزاء، وبوفيهات مفتوحة للطعام! وكل هذا من الإسراف المنهي عنه، وهو مصيبة على المصيبة، وليس عزاء يخفف به عن المصاب، والله أعلم.