وقوله:{الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} أي: خلق الخليقة وسَوّى كل مخلوق في أحسن الهيئات.
وقوله:{وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} قال مجاهد: هدى الإنسان للشقاوة والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها.
وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لفرعون: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} طه:5 أي: قدر قدرا، وهدى الخلائق إليه، كما ثبت في صحيح مسلم، عن عبد الله ابن عَمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله قَدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء".
وقوله: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} أي: من جميع صنوف النباتات والزروع، {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} قال ابن عباس: هشيما متغيرا. وعن مجاهد، وقتادة، وابن زيد، نحوه.
قال ابن جرير: وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم، وأن معنى الكلام: والذي أخرج المرعى أحوى، أي: أخضر إلى السواد، فجعله غثاء بعد ذلك. ثم قال ابن جرير: وهذا وإن كان محتملا إلا أنه غير صواب؛ لمخالفته أقوال أهل التأويل.
وقوله: {سَنُقْرِئُكَ} أي: يا محمد {فَلا تَنْسَى} وهذا إخبار من الله، عز وجل، ووعد منه له، بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها، {إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ} وهذا اختيار ابن جرير.
وقال قتادة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله.
وقيل: المراد بقوله: {فَلا تَنْسَى} طلب، وجعلوا معنى الاستثناء على هذا ما يقع من النسخ، أي: لا تنسى ما نقرئك إلا ما شاء الله رفعه؛ فلا عليك أن تتركه.
وقوله: {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} أي: يعلم ما يجهر به العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه من ذلك شيء.
وقوله تعالى: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} أي: نسهل عليك أفعال الخير وأقواله، ونشرع لك شرعا سهلا سمحا مستقيما عدلا لا اعوجاج فيه ولا حرج ولا عسر.