السؤال:
ما المراد بالترك في قوله صلى الله عليه وسلم: ((اتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ))أخرجه أبو داود في السنن (4302)، والنسائي في الصغرى (3176). ؟
الجواب:
هذا الحديث في السنن، وجاء بروايات مختلفة، واختلف العلماء في صحته، وفيما يظهر أن إسناده لا بأس به والله تعالى أعلم، وهذا الحديث فيه إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بشيء مما يكون في المستقبل، لكن لا بد من تحرير من هم الترك المقصودون في الحديث؟ فإن كلمة الترك الآن إذا أطلقت ينطلق الذهن مباشرة إلى تركيا، وهذا ليس بصحيح، فأهل العلم اختلفوا في تعيينهم، منهم من قال: إنهم في جنوب الجزيرة. ومنهم من قال: إنهم في المشرق في تركستان وجهة الصين؛ يعني لابد أن نحرر ما مقصود النبي صلى الله عليه وسلم بالترك؛ مثل تمامًا: ((نجد قرن الشيطان)) أخرجه بنحوه البخاري (1037). ، ما هي نجد؟ يعني هناك مماحكات في بعض الأحيان تقول: نجد هي المنطقة اليمامة التي هي نجد الآن وسط الجزيرة، وهذه تعرف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم باليمامة، ولا يعرف أنها نجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كما ذكر الحافظ ابن حجر من أن نجد هي العراق، وابن حجر ما أي صلة بالوضع السياسي والوضع الاقتصادي الذي يعيشه الناس الآن، فليس له مصلحة أن يقول: نجد هي العراق، إنما ذكر ذلك بناءً على مفهوم الدلالة اللغوية المستعملة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في إطلاق كلمة نجد، أنها جهة العراق، وعلى كل حال فعندما يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فإنه لا يعني إثبات الشر في هذا المكان، لكن المقصود أن هذا المكان قضى الله أن يكون فيه من الفتن ما يكون، والتاريخ شاهد، لكن هذا ليس مذمة لأهله ولا منقصة لهم، ولا يجوز سياقه على وجه التنقص للناس، وهذه مسألة مهمة؛ لأن بعض الناس يأخذ الأحاديث النبوية ويجعلها وسيلةً للسخرية والتنقص والسباب والعلو على الخلق، وهذا خلاف مقصود الشارع، وعلى سبيل المثال: الآن عندما يقول بعض الرجال للمرأة: النبي قال: أنت ناقصة عقل ودين. يا أخي هذا الفهم ليس صحيحًا، النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا في سياق الاعتذار ولم يقله في سياق السباب والشتائم والتنقص بالمرأة، ومثله كثير، فينبغي أن لا نستعمل النصوص الشرعية إلا في سياقها، ولا نضعها في غير موضعها، ولا ينبغي أن نستعملها في التنفيس عن أخطائنا وترجمة ما يكون من انحراف في سلوكنا.