طلب الزينة أمر فطر الله تعالى عليه النساء، ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾سورة الزخرف الآية 18.، ولهذا لا يستغرب توالي الأسئلة من أخواتنا النساء عن قضايا التجمل والزينة مقارنة بما يأتي من الرجال، وإن كان الجمال والزينة وبهاء المنظر مطلوبًا للجميع، فالله جميل يحب الجمال، لكن من حكمة الله تعالى أن جعل المرأة تعتني بهذا أكثر من الرجال؛ لاقتضاء الفطرة والجبلة والوظيفة، ولكن ينبغي على المؤمنين أن يراعوا حدود الله جل وعلا، فلا ينتهكوا شيئًا حرمه الله تعالى.
والأصل في الزينة الإباحة، قال الله جل وعلا: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾[الأعراف: 32]، وقال: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾[الأعراف: 32]وشرع الله تعالى في لباس الرجل والمرأة ما يكون ساترًا للعورة؛ فقال جل وعلا في محكم كتابه: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا﴾[الأعراف: 27]، فجعل نزع لباس الستر من فتنة الشيطان، وجعل من نعمة الله على عباده أن أنزل عليهم لباسًا يواري سوءاتهم، ولباسًا يتجملون به ويتزينون ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا﴾سورة الأعراف من الآية 26.، فلهذا ينبغي أن نعرف أن هناك ممنوعات في التزين يجب اجتنابها، والأصل فيها الوقوف على ما جاء عن الله جل وعلا وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، فما حرمه الله ورسوله فهو حرام، ويجب على المؤمن أن يكون وقافًا عند حدود الله، موقنًا أن أحكام الشرع كلها حكمة، ولهذا لا يناقش فيما تبين حله، أو فيما تبين تحريمه، ولا يعترض، بل هو كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾[الأحزاب: 36]، ويوقن أن جميع أحكام الشريعة رحمة ﴿ومَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾[الأنبياء:107].
وأما بخصوص السؤال عن إزالة المرأة شعر وجهها، فأما إزالة شعر الحاجبين، فهذا محرم؛ لحديث ابن مسعود عن النبي صلى الله وعليه وسلم قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله»رواه مسلم (2125).،وما عدا ذلك من شعر الوجه، سواء الجبين، أو الخدين، أو الصدغين، أو غير ذلك، فذهب بعض أهل العلم إلى تحريم إزالته، وذهب آخرون إلى كراهيته، والأقرب أنه إذا كان هناك داع لإزالته ـ كأن يكون هناك شعر كثير مشوه ـ فلا حرج بإزالته، فإن لم تكن حاجة فإزالته مكروهة على الراجح، وليست محرمة.
وأما استعمال الأطعمة كمواد للتجميل، فلا بأس؛ لأن الأصل الإباحة كما سبق، فمن ادعى التحريم فعليه الدليل، ولكن تصان عن الانتهاك، فلا تلقى في أماكن القذر، والله أعلم.