×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / التفسير / تفسير ابن كثير / الدرس (35) من تفسير ابن كثير سورة الفجر1

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

تفسير سورة الفجر
وهي مكية.
قال النسائي: أخبرنا عبد الوهاب بن الحكم، أخبرني يحيى بن سعيد، عن سليمان، عن محارب بن دثار وأبي صالح، عن جابر قال: صلى معاذ صلاة، فجاء رجل فصلى معه فطول، فصلى في ناحية المسجد ثم انصرف، فبلغ ذلك معاذا فقال: منافق. فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل الفتى، فقال: يا رسول الله، جئت أصلي معه فطول علي، فانصرفت وصليت في ناحية المسجد، فعلقت ناضحي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفتان يا معاذ؟ أين أنت من  {سبح اسم ربك الأعلى}   {والشمس وضحاها}   {والفجر}   {والليل إذا يغشى}  .
بسم الله الرحمن الرحيم
 {والفجر (1) وليال عشر (2) والشفع والوتر (3) والليل إذا يسري (4) هل في ذلك قسم لذي حجر (5) ألم تر كيف فعل ربك بعاد (6) إرم ذات العماد (7) التي لم يخلق مثلها في البلاد (8) وثمود الذين جابوا الصخر بالوادي (9) وفرعون ذي الأوتاد (10) الذين طغوا في البلاد (11) فأكثروا فيها الفساد (12) فصب عليهم ربك سوط عذاب (13) إن ربك لبالمرصاد (14)}
أما الفجر فمعروف، وهو: الصبح. قاله علي، وابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والسدي. وعن مسروق، ومجاهد، ومحمد بن كعب: المراد به فجر يوم النحر خاصة، وهو خاتمة الليالي العشر.
وقيل: المراد بذلك الصلاة التي تفعل عنده، كما قاله عكرمة.
وقيل: المراد به جميع النهار. وهو رواية عن ابن عباس.
والليالي العشر: المراد بها عشر ذي الحجة. كما قاله ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد، وغير واحد من السلف والخلف. وقد ثبت في صحيح البخاري، عن ابن عباس مرفوعا: "ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام" -يعني عشر ذي الحجة -قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلا خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء".
وقيل: المراد بذلك العشر الأول من المحرم، حكاه أبو جعفر ابن جرير ولم يعزه إلى أحد وقد روى أبو كدينة، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس:  {وليال عشر}  قال: هو العشر الأول من رمضان.
والصحيح القول الأول؛ قال الإمام أحمد:
حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا عياش بن عقبة، حدثني خير بن نعيم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العشر عشر الأضحى، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر".
ورواه النسائي عن محمد بن رافع وعبدة بن عبد الله، كل منهما عن زيد بن الحباب، به ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم، من حديث زيد بن الحباب، به وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، وعندي أن المتن في رفعه نكارة، والله أعلم.
وقوله:  {والشفع والوتر}  قد تقدم في هذا الحديث أن الوتر يوم عرفة، لكونه التاسع، وأن الشفع يوم النحر لكونه العاشر. وقاله ابن عباس، وعكرمة، والضحاك أيضا.
قول ثان: وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثني عقبة بن خالد، عن واصل ابن السائب قال: سألت عطاء عن قوله:  {والشفع والوتر}  قلت: صلاتنا وترنا هذا؟ قال: لا ولكن الشفع يوم عرفة، والوتر ليلة الأضحى.
قول ثالث: قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عامر بن إبراهيم الأصبهاني، حدثني أبي، عن النعمان -يعني ابن عبد السلام-عن أبي سعيد بن عوف، حدثني بمكة قال: سمعت عبد الله ابن الزبير يخطب الناس، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن الشفع والوتر. فقال: الشفع قول الله، عز وجل:  {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه}  والوتر قوله:  {ومن تأخر فلا إثم عليه}  البقرة: 203 .
وقال ابن جريج: أخبرني محمد بن المرتفع أنه سمع ابن الزبير يقول: الشفع أوسط أيام التشريق، والوتر آخر أيام التشريق.
وفي الصحيحين من رواية أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر".
قول رابع: قال الحسن البصري، وزيد بن أسلم: الخلق كلهم شفع، ووتر، أقسم تعالى بخلقه. وهو رواية عن مجاهد، والمشهور عنه الأول.
وقال العوفي، عن ابن عباس:  {والشفع والوتر}  قال: الله وتر واحد، وأنتم شفع. ويقال: الشفع صلاة الغداة، والوتر: صلاة المغرب.
قول خامس: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا عبيد بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد:  {والشفع والوتر}  قال: الشفع الزوج، والوتر: الله عز وجل.
وقال أبو عبد الله، عن مجاهد: الله الوتر، وخلقه الشفع، الذكر والأنثى.
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله:  {والشفع والوتر}  كل شيء خلقه الله شفع، السماء والأرض، والبر والبحر، والجن والإنس، والشمس والقمر، ونحو هذا. ونحا مجاهد في هذا ما ذكروه في قوله تعالى:  {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون}  الذاريات:49 أي: لتعلموا أن خالق الأزواج واحد.
قول سادس: قال قتادة، عن الحسن:  {والشفع والوتر}  هو العدد، منه شفع ومنه وتر.
قول سابع: في الآية الكريمة رواه ابن أبي حاتم وابن جرير من طريق ابن جريج، ثم قال ابن جرير: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر يؤيد القول الذي ذكرنا عن أبي الزبير: حدثني عبد الله بن أبي زياد القطواني، حدثنا زيد بن الحباب، أخبرني عياش بن عقبة، حدثني خير بن نعيم، عن أبي الزبير، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشفع اليومان، والوتر اليوم الثالث".
هكذا ورد هذا الخبر بهذا اللفظ، وهو مخالف لما تقدم من اللفظ في رواية أحمد والنسائي وابن أبي حاتم، وما رواه هو أيضا، والله أعلم.
قال أبو العالية، والربيع بن أنس، وغيرهما: هي الصلاة، منها شفع كالرباعية والثنائية، ومنها وتر كالمغرب، فإنها ثلاث، وهي وتر النهار. وكذلك صلاة الوتر في آخر التهجد من الليل.
وقد قال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن عمران بن حصين:  {والشفع والوتر}  قال: هي الصلاة المكتوبة، منها شفع ومنها وتر. وهذا منقطع وموقوف، ولفظه خاص بالمكتوبة. وقد روي متصلا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه عام، قال الإمام أحمد:
حدثنا أبو داود -هو الطيالسي-حدثنا همام، عن قتادة، عن عمران بن عصام: أن شيخا حدثه من أهل البصرة، عن عمران بن حصين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الشفع والوتر، فقال: "هي الصلاة، بعضها شفع، وبعضها وتر".
هكذا وقع في المسند، وكذا رواه ابن جرير عن بندار، عن عفان وعن أبي كريب، عن عبيد الله بن موسى، كلاهما عن همام -وهو ابن يحيى-عن قتادة، عن عمران بن عصام، عن شيخ، عن عمران بن حصين وكذا رواه أبو عيسى الترمذي، عن عمرو بن علي، عن ابن مهدي وأبي داود، كلاهما عن همام، عن قتادة، عن عمران بن عصام، عن رجل من أهل البصرة، عن عمران بن حصين، به. ثم قال: غريب، لا نعرفه إلا من حديث قتادة، وقد رواه خالد بن قيس أيضا عن قتادة.
وقد روي عن عمران بن عصام، عن عمران نفسه، والله أعلم.
قلت: ورواه ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا همام عن قتادة، عن عمران بن عصام الضبعي -شيخ من أهل البصرة-عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، هكذا رأيته في تفسيره، فجعل الشيخ البصري هو عمران بن عصام الضبعي.
وهكذا رواه ابن جرير: حدثنا نصر بن علي، حدثني أبي، حدثني خالد بن قيس، عن قتادة، عن عمران بن عصام، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفع والوتر قال: "هي الصلاة منها شفع، ومنها وتر".
فأسقط ذكر الشيخ المبهم، وتفرد به عمران بن عصام الضبعي أبو عمارة البصري، إمام مسجد بني ضبيعة وهو والد أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي. روى عنه قتادة، وابنه أبو جمرة والمثنى بن سعيد، وأبو التياح يزيد بن حميد. وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وذكره خليفة ابن خياط في التابعين من أهل البصرة، وكان شريفا نبيلا حظيا عند الحجاج بن يوسف، ثم قتله يوم الزاوية سنة ثلاث وثمانين لخروجه مع ابن الأشعث، وليس له عند الترمذي سوى هذا الحديث الواحد. وعندي أن وقفه على عمران بن حصين أشبه، والله أعلم.
ولم يجزم ابن جرير بشيء من هذه الأقوال في الشفع والوتر.
وقوله:  {والليل إذا يسر} قال العوفي، عن ابن عباس: أي إذا ذهب.
وقال عبد الله بن الزبير:  {والليل إذا يسر}  حتى يذهب بعضه بعضا.
وقال مجاهد، وأبو العالية، وقتادة، ومالك، عن زيد بن أسلم وابن زيد:  {والليل إذا يسر}  إذا سار.
وهذا يمكن حمله على ما قاله ابن عباس، أي: ذهب. ويحتمل أن يكون المراد إذا سار، أي: أقبل. وقد يقال: إن هذا أنسب؛ لأنه في مقابلة قوله:  {والفجر}  فإن الفجر هو إقبال النهار وإدبار الليل، فإذا حمل قوله:  {والليل إذا يسر} على إقباله كان قسما بإقبال الليل وإدبار النهار، وبالعكس، كقوله:  {والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس}  التكوير:17، 18. وكذا قال الضحاك:  {والليل  إذا يسر} أي: يجري.
وقال عكرمة:  {والليل إذا يسر}  يعني: ليلة جمع. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.
ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا أبو عامر، حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو قال: سمعت محمد بن كعب القرظي، يقول في قوله:  {والليل إذا يسر}  قال: اسر يا سار ولا تبين إلا بجمع.
وقوله:  {هل في ذلك قسم لذي حجر}  أي: لذي عقل ولب وحجا ودين وإنما سمي العقل حجرا لأنه يمنع الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من الأفعال والأقوال، ومنه حجر البيت لأنه يمنع الطائف من اللصوق بجداره الشامي. ومنه حجر اليمامة، وحجر الحاكم على فلان: إذا منعه التصرف،  {ويقولون حجرا محجورا}  الفرقان:22، كل هذا من قبيل واحد، ومعنى متقارب، وهذا القسم هو بأوقات العبادة، وبنفس العبادة من حج وصلاة وغير ذلك من أنواع القرب التي يتقرب بها إليه عباده المتقون المطيعون له، الخائفون منه، المتواضعون لديه، الخاشعون لوجهه الكريم.

المشاهدات:5314

تفسير سورة الفجر
وهي مكية.
قال النسائي: أخبرنا عبد الوهاب بن الحكم، أخبرني يحيى بن سعيد، عن سليمان، عن محارب بن دِثار وأبي صالح، عن جابر قال: صلى معاذ صلاةً، فجاء رجل فصلى معه فطَول، فصلى في ناحية المسجد ثم انصرف، فبلغ ذلك معاذا فقال: منافق. فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل الفتى، فقال: يا رسول الله، جئت أصلي معه فَطَوّل عَلَيّ، فانصرفت وصليتُ في ناحية المسجد، فعلقت ناضحي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفَتَّان يا معاذ؟ أين أنت مِن  {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى}   {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}   {وَالْفَجْرِ}   {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}  .
بسم الله الرحمن الرحيم
 {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِي (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)}
أما الفجر فمعروف، وهو: الصبح. قاله علي، وابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والسدي. وعن مسروق، ومجاهد، ومحمد بن كعب: المراد به فجر يوم النحر خاصة، وهو خاتمة الليالي العشر.
وقيل: المراد بذلك الصلاة التي تفعل عنده، كما قاله عكرمة.
وقيل: المراد به جميع النهار. وهو رواية عن ابن عباس.
والليالي العشر: المراد بها عشر ذي الحجة. كما قاله ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد، وغير واحد من السلف والخلف. وقد ثبت في صحيح البخاري، عن ابن عباس مرفوعا: "ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام" -يعني عشر ذي الحجة -قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلا خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء".
وقيل: المراد بذلك العشر الأول من المحرم، حكاه أبو جعفر ابن جرير ولم يعزه إلى أحد وقد روى أبو كُدَيْنة، عن قابوس بن أبي ظِبْيان، عن أبيه، عن ابن عباس:  {وَلَيَالٍ عَشْرٍ}  قال: هو العشر الأول من رمضان.
والصحيح القول الأول؛ قال الإمام أحمد:
حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا عَيَّاش بن عقبة، حدثني خَير بن نُعَيم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العشر عشر الأضحى، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر".
ورواه النسائي عن محمد بن رافع وعبدة بن عبد الله، كل منهما عن زيد بن الحباب، به ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم، من حديث زيد بن الحباب، به وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، وعندي أن المتن في رفعه نكارة، والله أعلم.
وقوله:  {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}  قد تقدم في هذا الحديث أن الوتر يوم عرفة، لكونه التاسع، وأن الشفع يوم النحر لكونه العاشر. وقاله ابن عباس، وعكرمة، والضحاك أيضا.
قول ثان: وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثني عقبة بن خالد، عن واصل ابن السائب قال: سألت عطاء عن قوله:  {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}  قلتُ: صلاتنا وترنا هذا؟ قال: لا ولكن الشفع يوم عرفة، والوتر ليلة الأضحى.
قول ثالث: قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عامر بن إبراهيم الأصبهاني، حدثني أبي، عن النعمان -يعني ابن عبد السلام-عن أبي سعيد بن عوف، حدثني بمكة قال: سمعتُ عبد الله ابن الزبير يخطب الناس، فقام إليه رجلٌ فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن الشفع والوتر. فقال: الشفع قول الله، عز وجل:  {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}  والوتر قوله:  {وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}  البقرة: 203 .
وقال ابن جريج: أخبرني محمد بن المرتفع أنه سمع ابن الزبير يقول: الشفع أوسط أيام التشريق، والوتر آخر أيام التشريق.
وفي الصحيحين من رواية أبي هُرَيرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر".
قول رابع: قال الحسن البصري، وزيد بن أسلم: الخلق كلهم شفع، ووتر، أقسم تعالى بخلقه. وهو رواية عن مجاهد، والمشهور عنه الأول.
وقال العَوفي، عن ابن عباس:  {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}  قال: الله وتر واحد، وأنتم شفع. ويقال: الشفع صلاة الغداة، والوتر: صلاة المغرب.
قول خامس: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا عبيد بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد:  {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}  قال: الشفع الزوج، والوتر: الله عز وجل.
وقال أبو عبد الله، عن مجاهد: الله الوتر، وخلقه الشفع، الذكر والأنثى.
وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد قوله:  {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}  كل شيء خلقه الله شفع، السماء والأرض، والبر والبحر، والجن والإنس، والشمس والقمر، ونحو هذا. ونحا مجاهد في هذا ما ذكروه في قوله تعالى:  {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}  الذاريات:49 أي: لتعلموا أن خالق الأزواج واحد.
قول سادس: قال قتادة، عن الحسن:  {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}  هو العدد، منه شفع ومنه وتر.
قول سابع: في الآية الكريمة رواه ابنُ أبي حاتم وابنُ جَرير من طريق ابن جريج، ثم قال ابن جرير: وَرُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر يؤيد القول الذي ذكرنا عن أبي الزبير: حدثني عَبد الله بن أبي زياد القطواني، حدثنا زيد بن الحباب، أخبرني عياش بن عقبة، حدثني خير بن نُعَيم، عن أبي الزبير، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشفع اليومان، والوتر اليوم الثالث".
هكذا ورد هذا الخبر بهذا اللفظ، وهو مخالف لما تقدم من اللفظ في رواية أحمد والنسائي وابن أبي حاتم، وما رواه هو أيضا، والله أعلم.
قال أبو العالية، والربيع بن أنس، وغيرهما: هي الصلاة، منها شفع كالرباعية والثنائية، ومنها وتر كالمغرب، فإنها ثلاث، وهي وتر النهار. وكذلك صلاة الوتر في آخر التهجد من الليل.
وقد قال عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن قتادة، عن عمران بن حصين:  {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}  قال: هي الصلاة المكتوبة، منها شفع ومنها وتر. وهذا منقطع وموقوف، ولفظه خاص بالمكتوبة. وقد روي متصلا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه عام، قال الإمام أحمد:
حدثنا أبو داود -هو الطيالسي-حدثنا همام، عن قتادة، عن عمران بن عصام: أن شيخا حدثه من أهل البصرة، عن عمران بن حصين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِل عن الشفع والوتر، فقال: "هي الصلاة، بعضها شفع، وبعضها وتر".
هكذا وقع في المسند، وكذا رواه ابن جرير عن بُنْدَار، عن عفان وعن أبي كُرَيْب، عن عبيد الله بن موسى، كلاهما عن همام -وهو ابن يحيى-عن قتادة، عن عمران بن عصام، عن شيخ، عن عمران بن حصين وكذا رواه أبو عيسى الترمذي، عن عمرو بن علي، عن ابن مَهْدِيّ وأبي داود، كلاهما عن همام، عن قتادة، عن عمران بن عصام، عن رجل من أهل البصرة، عن عمران بن حصين، به. ثم قال: غريب، لا نعرفه إلا من حديث قتادة، وقد رواه خالد بن قيس أيضا عن قتادة.
وقد روي عن عمران بن عصام، عن عمران نفسه، والله أعلم.
قلت: ورواه ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا همام عن قتادة، عن عمران بن عصام الضبعي -شيخ من أهل البصرة-عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، هكذا رأيته في تفسيره، فجعل الشيخ البصري هو عمران بن عصام الضبعي.
وهكذا رواه ابن جرير: حدثنا نصر بن علي، حدثني أبي، حدثني خالد بن قيس، عن قتادة، عن عمران بن عصام، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفع والوتر قال: "هي الصلاة منها شفع، ومنها وتر".
فأسقط ذكر الشيخ المبهم، وتفرد به عمران بن عصام الضبعي أبو عمارة البصري، إمام مسجد بني ضُبَيعة وهو والد أبي جَمْرَة نصر بن عمران الضبعي. روى عنه قتادة، وابنه أبو جمرة والمثنى بن سعيد، وأبو التياح يزيد بن حميد. وذكره ابن حبَّان في كتاب الثقات وذكره خليفة ابن خَيَاط في التابعين من أهل البصرة، وكان شريفا نبيلا حظيا عند الحجاج بن يوسف، ثم قتله يوم الزاوية سنة ثلاث وثمانين لخروجه مع ابن الأشعث، وليس له عند الترمذي سوى هذا الحديث الواحد. وعندي أن وقفه على عمران بن حصين أشبه، والله أعلم.
ولم يجزم ابن جرير بشيء من هذه الأقوال في الشفع والوتر.
وقوله:  {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} قال العوفي، عن ابن عباس: أي إذا ذهب.
وقال عبد الله بن الزبير:  {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}  حتى يذهب بعضه بعضا.
وقال مجاهد، وأبو العالية، وقتادة، ومالك، عن زيد بن أسلم وابن زيد:  {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}  إذا سار.
وهذا يمكن حمله على ما قاله ابن عباس، أي: ذهب. ويحتمل أن يكون المراد إذا سار، أي: أقبل. وقد يقال: إن هذا أنسب؛ لأنه في مقابلة قوله:  {وَالْفَجْرِ}  فإن الفجر هو إقبال النهار وإدبار الليل، فإذا حمل قوله:  {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} على إقباله كان قَسَمًا بإقبال الليل وإدبار النهار، وبالعكس، كقوله:  {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}  التكوير:17، 18. وكذا قال الضحاك:  {وَاللَّيْلِ  إِذَا يَسْرِ} أي: يجري.
وقال عكرمة:  {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}  يعني: ليلة جَمْع. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.
ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا أبو عامر، حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو قال: سمعت محمد بن كعب القرظي، يقول في قوله:  {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}  قال: اسر يا سار ولا تبين إلا بجَمْع.
وقوله:  {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ}  أي: لذي عقل ولب وحجا ودين وإنما سمي العقل حجْرًا لأنه يمنع الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من الأفعال والأقوال، ومنه حجْرُ البيت لأنه يمنع الطائف من اللصوق بجداره الشامي. ومنه حجر اليمامة، وحَجَرَ الحاكم على فلان: إذا منعه التصرف،  {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا}  الفرقان:22، كل هذا من قبيل واحد، ومعنى متقارب، وهذا القسم هو بأوقات العبادة، وبنفس العبادة من حج وصلاة وغير ذلك من أنواع القرب التي يتقرب بها إليه عباده المتقون المطيعون له، الخائفون منه، المتواضعون لديه، الخاشعون لوجهه الكريم.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94004 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف