×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة سلامة الصدر

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:7536

إِنَّ الحَمْدَ للهِ, نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ, وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا، وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا, مَنْ يَهْدِه اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ, أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقُوا اللهَ أَيُّها المؤْمِنوُن,َ اتَّقُوا اللهَ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ وَراقِبُوهُ في دَقِيقِ الأَمْرِ وَجَلِيلِهِ، أَصْلِحُوا قُلُوبِكُمْ وَاعْمُروها بالبِرِّ وَالخَيْرِ وَالنُّصْحِ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعالَى يَجْزِي العَبْدَ عَلَى صَلاحِ قَلْبِهِ ما لا يَجْزِيهِ عَلَى صَلاحِهِ الظَّاهِرِ؛ فَكُلُّ صَلاحٍ في الظَّاهِرِ إِنَّما هُوَ فَرْعٌ عَنْ صَلاحِ الباطِنِ، فَإِنَّ تَطابُقَ الظَّاهِرِ وَالباطِنِ كانَ الإِنْسانُ عَلَى خَيْرٍ وَإِلَّا فَإِنَّهُ مَحْرُومٌ.
أَيُّها المؤْمِنونَ عِبادَ اللهِ, إِنَّ اللهَ تَعالَى جَعَلَ هَذِهِ الأُمَّةَ أُمَّةً وَاحِدَةً, وَجَعَلَ رَباطَهُمْ الإِخْوَةَ؛ فَقالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات: 10] أَمَرَهُمْ بِكُلِّ ما تَتَوَطَّدُ بِهِ صِلاتُهُمْ وَتَسْتَقِيمُ بِهِ أَحْوالُهُمْ وَيَجْتَمِعُ بِهِ عَقْدُهُمْ، فَإِذا تَحَقَّقَ ذاكَ في المجْتَمَعِ كانَ دَلِيلَ صَلاحِهِ وَفَلاحِهِ وَقُوَّتِهِ، وَإِذا انْخَرَمَ ذاكَ في المجتْمَعِ كانَ مُؤْذِنًا بِتَفَكُّكِهِ وَتَباعُدِهِ وَتَباغُضِهِ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ الصَّحابَةَ الكِرامَ جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُمْ عَلَى وُدٍّ وَوِئامٍ، فَكانُوا كَما قالَ رَبُّ العالمينَ: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا[الفتح: 29] فَجَعَلَ الرَّحْمَةَ سِمَةً مِنْ سِماتِ أُولِئَكَ الرَّهْطِ المبارَكِ، فَمَنْ تَحَقَّقَ بِالتَّراحُمِ وَالتَّوادِّ وَالاجْتِماعِ كانَ عَلَى هَذا المنْوالِ الَّذِي أَثْنَى اللهُ تَعالَى عَلَيْهِ في حالِ الصَّحابَةِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضاهُمْ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ الصَّحابَةَ سَلِمَتْ صُدُورُهُمْ فَكانُوا عَلَى غايَةِ الخَيْرِ وَالبِرِّ وَالنُّصْحِ وَمَحَبَّةِ الخَيْرِ لِغَيْرِهِمْ يَقُولُ اللهُ تَعالَى في الأَنْصارِ: ﴿وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ[الحشر: 9] فَذَاكَ جِيلُ الصَّحابَةِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، كانَ لِسلامَةِ الصَّدْرِ بَيْنَهُمْ مَنْزِلَةٌ عُظْمَى حَتَّى أَنَّهُمْ جَعَلُوا ذَلِكَ سَبَبَ التَّفاضُلِ بَيْنَهُمْ.
قالَ إِياسُ بْنُ مُعاوِيَةَ عَنِ الصَّحابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ: "كَانَ أَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُمْ أَسْلَمَهُمْ صَدْرًا وَأَقَلَّهُمْ غِيبَةً"أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ في مُصَنَّفِهِ (35185)، فالتَّفاضُلُ بَيْنَ الصَّحابَةِ بِسَلامَةِ الصَّدْرِ فِيما يَتَعَلَّقُ بِالباطِنِ وَبِصِيانَةِ اللِّسانِ وَالجَوارِحِ عَنِ الأَذَى لِلآخَرِينَ «المسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيدِهِ»البُخارِيُّ (10), وَمُسْلِمٌ(41)مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ.
قالَ سُفْيانُ بْنُ دِينارٍ لأَبِي بَشِيرٍ ـ أَحَدُ السَّلَفِ الصَّالحِينَ ـ: " أَخْبِرْنِي عَنْ أَعْمَالِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا؟ قَالَ: كَانُوا يَعْمَلُونَ يَسِيرًا وَيُؤْجَرُونَ كَثِيرًا, وَقَالَ: قُلْتُ: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: لِسَلَامَةِ صُدُورِهِمْ"أَخْرَجَهُ هَنَّادُ في الزُّهْدِ(2/ 600).
 فَسَلامَةُ الصَّدْرِ سَعادَةُ الدُّنْيا وَفَوْزُ الآخِرَةِ، سَلامَةُ الصَّدْرِ خَصْلَةٌ مِنْ خِصالِ البِرِّ عَظِيمَةٌ غابَتْ رُسُومُها عَنْ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى أَصْبَحَ لا يَعْرِفُها وَلا يَدْرِي ما هِيَ وَلا يَعْرِفُ شَيْئًا مِنْ فَضائِلِها وَلا كَيْفَ يَسِيرُ إِلَيْها كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.
إِنَّ سَلامَةَ الصَّدْرِ صِفَةُ أَهْلِ الجَنَّةِ يَقُولُ اللهُ تَعالَى عَنْ أَهْلِ الجَنَّةِ خَيْرُ أَهْلٍ وَمَعْشَرٍ ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ[الشُّعَراء: 88- 89] فَلا يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ سَلِمَ صَدْرُهُ، سَلِمَ قَلْبُهُ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَبَلِيَّةٍ، وَلِذَلِكَ قالَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»مُسْلِم(91) وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ تَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الجَنَّةِ، وَهَذا يَدُلُّ عَلَى ما ذَكَرَ اللهُ في قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ[الشعراء: 88- 89].
إِنَّ النَّبِيَّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنْ أَفْضَلِ النَّاسِ فَقالَ: «كلُّ مَخْمُومِ القَلْبِ صَدُوقِ اللِّسانِ. قالُوا: صَدُوقُ اللِّسانِ نَعْرِفُه، فَما مَخْمُومُ القَلْبِ؟ قالَ: هُوَ التَّقيُّ النَّقيُّ لا إِثْمَ فِيهِ وَلا بَغْيَ، وَلا غِلَّ، وَلا حَسَدَ»ابْنُ ماجَة(4216)مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ بِإِسْنادٍ صَحِيحٍ فَبَدَأَ النَّبِيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالتَّقْوَى الَّتِي مَحَلُّها القَلْبُ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّقِيَّ وَهُوَ ثَمَرَةُ التَّقْوَى ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ ثِمارِهِ لا إِثْمَ وَلا بَغْيَ وَلا غِلَّ وَلا حَسَدَ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ فَضائِلَ سَلامَةِ الصَّدْرِ عَظِيمَةٌ، مِنْ أَكْبَرِها وَأَعْجَلِها حُصُولًا في الدُّنْيا لأَصْحابِها أَنَّهُمْ أَهْنَأُ النَّاسِ عَيْشًا فَقُلُوبُهُمْ مُجْتَمِعَةٌ عَلَى الخَيْرِ، مُجْتَمِعَةٌ عَلَى البِرِّ وَالصَّلاحِ وَالهُدَى، لَيْسَ أَرْوَحُ لِنُفُوسِهِمْ مِنْ سَلامَةِ صُدُورِهِمْ عَلَى الخَلْقِ فَلَيْسَ فِيها حِقْدٌ وَلا غِلٌّ وَلا حَسَدٌ وَلا بَغْيٌ «لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»البُخارِيُّ(13), وَمُسْلِمٌ(45)مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ. إِنَّ ذَاكَ فَرْعُ سَلامَةِ الصَّدْرِ, فَمَنْ سَلِمَ صَدْرُهُ أَحَبَّ لِغَيْرهِ الخَيْرَ، إِنَّ سَلامَةَ الصَّدْرِ أَيُّها المؤْمِنُونَ تَقْطَعُ سَلاسِلَ العُيوبِ، فَإِنَّ سَلاسِلَ العُيوبِ تَبْتِدِئ ُمِنْ صَدْرٍ مَلِيءٍ بِالشُّكُوكِ وَالظُّنُونِ وَالأَوْهامِ.
مَنْ سَلِمَ صَدْرُهُ ظَهَرَ ذَلِكَ في قَصْدِهِ وَإِرادَتِهِ، ظَهَرَ ذَلِكَ في ظَنِّهِ، ظَهَرَ ذلِكَ في مَشاعِرِهِ وَعَواطِفِهِ، ظَهَرَ ذَلِكَ في قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ فَلا غِيبَةَ وَلا نَمِيمَةَ وَلا قالَتْ سُوء وَلا شَتِيمَةً وَلا أَذَىً قَوْلِيٍّ وَلا بَدَنِيٍّ «المسلِمُ من سلمَ المسلمونَ من لسانِهِ ويدِهِ»البُخارِيُّ (10), وَمُسْلِمٌ(41)مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ.
إِنَّ سَلامَةَ الصَّدْرُ يا عِبادَ اللهِ لا تَتَحَقَّقُ إِلَّا بِصِدْقِ الاقْتِداءِ؛ فَإِنَّ أَسْلَمَ النَّاسِ صَدْرًا هُوَ مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبِقَدْرِ ما مَعَكَ مِنْ سَلامَةِ الصَّدْرِ تَكُونُ ارْتَسَمْتَ هَدْيَهُ وَاتَّبَعْتَ سُنَّتَهُ وَسِرْتَ عَلَى مِنْوالِهِ، فَكُنْ عَلَى ما كانَ عَلَيْهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَسْعَدُ في دُنْياكَ وَتَفُوزُ في أُخْراكَ؛ فالطَّرِيقُ الموُصِلُ إِلَى الجَنَّةِ هُوَ ما سَلَكَهُ مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكانَ أَسْلَمُ النَّاسِ صَدْرًا, أَذاهُ قَوْمُهُ أَخْرَجُوهُ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ أَذَى بالِغٍ لَيْسَ في سَنَةٍ وَلا في سَنَتَيْنِ بَلْ في سَنَواتٍ مَدِيدَةٍ وَوَقْتٍ طَوِيلٍ ثُمَّ لَمْ يَتْرُكُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ لاحَقُوهُ لِيُقاتِلُوهُ في مَهْجَرِهِ في طِيبَةَ الطَّيِّبَةِ، أَتْوْهُ في بَدْرِ وَأَتَوْهُ في أَحَدِ فَكَسَرُوا رُباعِيَّتَهُ وَشَجُّوا رَأْسَهُ وَأَدْمَوْا وَجَهْهُ فَماذا كانَ يَقُولُ؟
كانَ يَقُولُ: بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ»البُخارِيُّ(3477), وَمُسْلِم(1792) أيّ ُقَلْبٌ أَطْهَرُ مِنْ هَذا القَلْبِ يُؤْذَى وَيُحارَبُ وَيُقاتِلُهُ قَوْمُهُ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الأَذَى ثُمَّ هُوَ لا يَمْلِكُ إِلَّا أَنْ يَدْعُو لَهُمْ بِالمغْفِرَةِ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا أَجْمَعِينَ وَاهْدِنا صِراطَكَ المسْتَقِيمَ وَاجْعَلْنا مِنْ حِزْبِكَ المفْلِحينَ أَقُولُ هَذَا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمينَ, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، اللَّهُمَّ صَلَّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
أَمَّا بَعْدُ: فاتَّقُوا اللهَ أَيُّها المؤْمِنُونَ، اتَّقُوا اللهَ تَعالَى وَطِيِّبُوا قُلُوبَكُمْ؛ تَسْعَدُوا في دُنْياكُمْ وَتَفُوزا في أُخْراكُمْ، ذَرُوا ظاهِرَ الِإثْمِ وَباطِنِهِ وَإِنَّ مِنْ باطِنِ الإِثْمِ ما يَكُونُ في القُلُوبِ مِنْ سُوءِ الطَّوِيَّةِ مِنْ حِقْدٍ وَغِلٍّ وَحَسَدٍ وِإِرادَةِ السُّوءِ وَالشَّرِّ بِالنَّاسِ قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ[الأنعام: 120].
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, لا نَجاةَ وَلا فَلاحَ لأَحَدٍ مِنَّا إِلَّا بِأَنْ يَفِدَ عَلَى اللهِ تَعالَى وَيُقْدِمُ عَلَيْهِ يَوْمَ القِيامَةِ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ يَقُولُ الحَكِيمُ العَلِيمُ: ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ[الشُّعراءُ: 88- 89] مَشْرُوعَكَ في هَذِهِ الدُّنْيا أَنْ تَخْرُجَ مِنْها بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، وَإِنَّهُ لا سَلامَةَ لِلقُلُوبِ إِلَّا بِمَحَبَّةِ عَلَّامِ الغُيوبِ جَلَّ في عُلاهُ، لا سَلامَةَ لِلقُلُوبِ إِلَّا بِتَعْظِيمِ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّماءِ –سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ- لا سَلامَةَ لِلقُلُوبِ إِلَّا بِالنُّصْحِ لِعبادِ اللهِ، فَمَنْ حَقَّقَ ذَلِكَ كانَ سالِمًا في قَلْبِهِ, سَلامَةُ القُلُوبِ ثَمَرَةُ عَمَلٍ، سَلامَةُ القُلُوبِ جُهْدٌ، سَلامَةُ القُلُوبِ مُجاهَدَةٌ، سَلامَةُ القُلُوبِ صَبْرٌ وَمُثابَرَةٌ، سَلامَةُ القُلُوبِ وَعْيٌ وَتَنَبَّهْ، سَلامَةُ القُلُوبِ اسْتِغْفارُ وَأَوْبَةٌ مِنَ الخَطَأِ الظَّاهِرِ وَالباطِنِ.
لَمْ تُؤْتَ قَلْبًا سَلِيمًا وَأَنْتَ غافِلٌ عَنْهُ، إِنَّما تُؤْتَى القَلْبَ السَّلِيمَ إِذا صَدَقْتَ في الإِقْبالِ عَلَى اللهِ فَأَخْلِصْ للهِ العِبادَةَ، فَلْيَكُنْ قَلْبُكَ للهِ خالِصًا، حَقَّقْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ثُمَّ عَلَيْكَ بِالاجْتِهادِ في سُلُوكِ النَّبِيِّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ظاهِرًا وَباطِنًا، امْلَأْ قَلْبَكَ بِمَحَبَّةِ الخَيْرِ لِلخَلْقِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ عَمَّرَ قَلْبَهُ بِذَلِكَ حَقَّقَ الإيمانَ، إِنَّهُ لا سَبيلَ لِحُصُولِ هَذا لِلقَلْبِ إِلَّا بِتَحْقِيقِ ما قالَهُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ »
فَإِنَّ القَلْبَ السَّلِيمَ هُوَ القَلْبُ النَّاصِحُ «قُلْنا لِمَنْ يا رَسُولَ اللهَ؟ قالَ: للهِ وَلِكِتابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئَمَّةِ المسْلِمينَ وَعامَّتِهِمْ»مُسْلِمٌ(55), وَأَبُوداودَ(4944)واللَّفْظُ لَهُ. فَمَنْ حَقَّقَ النُّصْحَ في هَذِهِ الأَبْوابِ الخَمْسِةِ: النُّصْحُ للهِ بِعِبادَتِهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، النُّصْحُ لِكِتابِ اللهِ بِتَعْظِيمِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالعَمَلِ بِهِ وَالإِقْبالِ عَلَيْهِ وَالزَّوْدِ عَنْهُ، النُّصْحُ لِلنَّبِيِّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالإيمانِ بِهِ وَتَعْظِيمِهِ وَالاقْتِداءِ بِهِ ظاهِرًا وَباطِنًا وَنُصْرَتِهِ بِالمسْتَطاعِ مِنَ العَمَلِ، النُّصْحُ لأَئِمَّةِ المسْلِمينَ بِصِيانَتِهِمْ وَالاجْتِماعِ عَلَيْهِمْ وَدِلالَتِهِمْ عَلَى الخَيْرِ وَتَحْذِيرِهِمْ مِنَ الشَّرِّ، وَالصَّبْرُ عَلَى ما يَكْرَهُ مِنْهُمْ ما لَمْ يَأْتُوا كُفْرًا عِنْدَهُ مِنَ اللهِ فِيهِ سُلْطانٌ.
النُّصْحُ لأَهْلِ الإِسْلامِ بِدلالاتِهِمْ عَلَى الخَيْرِ وَمَحَبَّةِ كُلِّ خَيْرٍ يَصِلُ إِلَيْهِمْ، وَتَحْذِيرِهِمْ مِنْ كُلِّ شَرٍّ يَخافُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ لِذَلِكَ قالَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ثَلاثُ أَشيْ ثَلاثُ خِصالٍ «ثَلاثُ لا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ المؤْمِنِ: إِخْلاصُ العَمَلِ للَّهِ عزَّ وَجَلَّ» وَهَذا النُّصْحُ للهِ وَلِكِتابِهِ وَلِرِسُولِهِ «وَالنَّصِيحَةُ لِأُولِي الأَمْرِ» وَهَذا النُّصْحُ لِوُلاةِ الأُمُورِ «وَلُزُومُ الجَماعَةِ»مُسْنَدُ أَحْمَدُ(13350), وَهُوَ: صَحِيحٌ لِغَيْرِهِ هَذا يَتَحَقَّقُ بِهِ النُّصْحُ لِلأَئِمَّةِ وَلِعامَّةِ المسْلِمينَ إِنَّ هَذِهِ الخِلالَ الثَّلاثَةَ تُسْتَصْلِحُ بِها القُلُوبُ، فَمَنْ أَرادَ صَلاحَ قَلْبِهِ فَلْيُفَتِّشْ عَنْ هَذِهِ الخِصالِ في مَسْلَكِهِ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِها طَهُرَ قَلْبُهُ مِنَ الخِيانَةِ وَالدَّجَلِ وَالشَّرِّ.
لَيْسَ مِنْ سَلامَةِ القُلُوبِ الوَقِيعَةُ بَيْنَ النَّاسِ بِالشَّرِّ، وَلا الوَقِيعَةُ في أَعْراضِهِمْ بِالأَوْهامِ وَالظُّنُونِ وَالشُّكُوكِ فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَجْعَلُ النُّصْحَ لِلمُسْلِمينَ بِتَبْدِيعِ ذَاكَ وَتَصْدِيقِ هَذا وَشَتْمِ ذَاكَ وَالنَّيْلِ مِنْ هَذا، هَذا قَلْبٌ مَرِيضٌ لَمْ يَنْصَحْ للهِ وَلا لِرَسُولِهِ وَلا لأَئِمَّةِ المسْلِمينَ وَلا لِعامَّتِهِمْ.
إِنَّ سَلامَةَ الصُّدُورِ تَأْتِي مِنَ الكِتابِ المبِينِ، مِنَ القُرْآنِ الحَكِيمِ، فَإِنَّهُ شَفاءٌ لِما في الصُّدُور يَقُولُ اللهُ في مُحْكَمِ الكِتابِ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ[يونس: 57] عالِجُوا قُلُوبَكُمْ بِكِتابِ رَبِّكُمْ، اقْرَءُوا القُرْآنَ، تَدَبَّرُوا آياتِهِ، أخْلُوا بِهِ فِيما بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَنْفُسِكُمْ وَاعْرِضُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى القُرْآنِ لِتُقَوِّمُوا الخَطَأَ وَالزَّلَلَ وَتُصَوِّبُوا المسيرَ وَتَزِيدُوا مِنَ الخَيْرِ، فَالقُرْآنُ مَنْهَجُ هِدايَةٍ يَقُولُ اللهُ تَعالَى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ[الإسراء: 9].
أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ مِنْ سَلامَةِ الصُّدُورِ الَّتِي يَتَحَقَّقُ بِها الخَيْرُ لِلأُمَّةِ أَنْ تُشِيعَ كُلَّ بِرٍّ وَخَيْرٍ بَيْنَ النَّاسِ، فَتْنَشِرُ بَيْنَ الناَّسِ المحَبَّةُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: «والَّذي نَفْسي بيدِهِ، لا تَدخُلوا الجَنَّةَ حتّى تُؤمِنوا، ولا تُؤمِنوا حتّى تَحابُّوا، أَفَلا أدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؛ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ»مُسْلِمٌ(54) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ.
فَأَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ لَيْسَ فَقَطْ السَّلامُ القَوْلِيُّ، بَلِ السَّلامُ الحَقِيقِيُّ الَّذِي يَتَضَمَّنُ أَوَّلًا سَلامَةَ القُلُوبِ عَلَى المؤْمِنينَ «لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حَتَّى يُُحِبَّ لأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» البُخارِيُّ(13), وَمُسْلِمٌ(45)مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ. لَيْسَ السَّلامُ أَنْ تَقُولَ بِلِسانِكَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَقَلْبُكَ مَلِيءٌ بِالغِلِّ قَلْبُكَ مَلِيءٌ بِالحَسَد قَلْبُكَ مَلِيءٌ بِالوَقِيعَةِ أَيْنَ السَّلامُ في هَذِهِ الحالِ؟ لا سَلامَ.
إِنَّما السَّلامُ الحَقِيقِيُّ أَنْ يُسَلِّمَ قَلْبُكَ عَلَى إِخْوانِكَ، أَنْ يَمْتَلِيءَ بِمَحَبَّةِ الخَيْرِ لَهُمْ، أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ ما عِنْدَ اللهِ مِنَ الخَيْرِ أَعْظَمُ مِمَّا تَرْجُوهُ بِغِلٍّ أَوْ حِقْدٍ أَوْ حَسَدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآفاتِ، وَما رَفَعَهُ اللهُ لا يُمْكِنُ أَنْ يُوضَعَ؛ فَمَهْما اجْتَهَدَ المتَكَلِّمُونَ وَالوالِغُونَ في أَعْراضِ المسْلِمينَ أَنْ يَضَعُوهُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ يَرْفَعُ مَنْ يَشاءُ وَيَخْفِضُ مَنْ يَشاءُ يَرْفَعُ بِكِتابِهِ وَهَدْي رَسُولِهِ مَنِ الْتَزَمَ بِهِما، وَيَخْفِضُ كُلَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُما فَلا يُغْرِيكَ أَنْ تَتَلَبَّسَ بِكِتابِ اللهِ صُورَةً وَبِسُنَّةِ النَّبِيِّ قَوْلًا، ثُمَّ تَتَخَلَّفُ عَنْ ذَلِكَ قَلْبًا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لا يُجْدِي وَلا يَنْفَعُ ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ[الشعراء: 88- 89].
الَّلهُمَّ أَلْهِمْنا رُشْدَنا وَقِنا شَرَّ أَنْفُسِنا، أَصْلِحْ ظاهِرَنا وَباطِنَنا يا رَبَّ العالمينَ، اللَّهُمَّ احْفَظْ أَلْسِنَتَنا عَمَّا يُغْضِبُكَ وَجوارِحَنا عَمَّا لا يُرْضِيكَ، وَاسْتَعْمِلْنا فِيما تُحِبُّ وَتَرْضَى ظاهِرًا وَباطِنًا يا رَبَّ العالَمِينَ، اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُمُورِنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فِيمَنْ خافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تُصْلِحَ أَحْوالَنا يا رَبَّ العالمينَ وَأَنْ تَجْمَعَ شَمْلَنا عَلَى الحَقَّ والهُدَى، مَنْ أَرادَ بِنا فُرْقَةً أَوْ شَرًَّا أَوْ فَسادًا فَعَلَيْكَ بِهِ فَإِنَّهُ لا يُعْجِزُكَ، اللَّهُمَّ اكْفِنا شَرَّ الأَشْرارِ وَكَيْدَ الفُجَّارِ وَمَكْرَ أَعْداءِ الدِّينِ يا ذا الجلالِ وَالإِكْرامِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذاتَ بَيْنَنا وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنا بِعِزَّتِكَ وَقُوَّتِكَ يا حَيُّ يا قَيُّومُ، رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ أَنْ تُنَجِّيَ إِخْوانِنا المسْتَضْعَفِينَ في سُورِيَّا، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُمْ بِنَصْرِكَ وَعَجِّلْ لَهُمْ بِالفَرَجِ يا حَيُّ يا قَيُّومُ، اللَّهُمَّ خَلِّصْهُمْ مِنَ الطَّاغِيَةِ الظَّالِمِ، وَمَنْ أَعانَهُ يا رَبَّ العالمينَ، اللَّهُمَّ أَلِّفْ قُلُوبَ المسْلِمينَ واجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ وَلِّ عَلَيْهِمْ خِيارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شَرَّ أَشْرارِهِمْ، نُعُوذُ بِكَ مِنَ الفُرْقَةِ وَالخِلافِ وَالبَلاءِ وَالشَّرِّ, اجْمَعْ كَلِمَةَ المسْلِمينَ عَلَى الحَقِّ وَالهُدَى يا رَبَّ العالمينَ.
الَّلهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ إِيمانًا صادِقًا وَيَقِينًا رَاسِخًا، وَقَلْبًا صَالِحًا وَأَعْمالًا زَاكِيَةً، اللَّهُمَّ اخْتِمْ أَعْمارَنا بِالصَّالِحاتِ، وَاجْعَلْ خَيْرَ أَيَّامِنا يَوْمَ أَنْ نَلْقاكَ, رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

المادة السابقة
المادة التالية

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94000 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف