السؤال:
ما المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ))؟
الجواب:
هذا الحديث في الصحيحينالبخاري (2736)، ومسلم (2677).من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو حديث جليل عظيم، يبين أن العلم بالله تعالى هو من أسباب الدخول إلى الجنة، والعلم علمان: علم بالله المعبود جل في علاه، وعلم بالطريق الموصل إليه، وهو الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك من العبادات، ونحن مطالبون بالعلمين، ولا يمكن أن يحقق المؤمن كمال العلم بالطريق الموصل إلى المعبود، إذا كان لا يعرف مَن يعبد، حتى لو عرف الأحكام وتفاصيلها، فلا يمكنه أن يذوق طعمها إذا لم يكن في قلبه من العلم بالله وإجلاله ما يحمله على تذوق تلك العبادات، قال صلى الله عليه وسلم: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا»رواه مسلم (34) عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.، ولا يمكن أن يتحقق لأحد الرضا بالله ربًّا إلا إذا تحقق له العلم به جل في علاه؛ ولهذا العلم به سبحانه أكمل العلوم، وطرق العلم به كثيرة، منها ما هو مغروز في فطر الناس، ومنها ما هو مبثوث في كتاب الكون العظيم: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}سورة فصلت: الآية 53، {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ}سورة الذاريات: الآية 21، ومن طرق العلم بالله تعالى ما أخبرت به الرسل عليهم الصلاة والسلام عنه من الكمالات، بأنه هو الله، الرحمن الرحيم، رب العالمين، ومالك يوم الدين، وغير ذلك من الصفات العلى والأسماء الحسنى، فأسماء الله ليست مجرد أعلام لا معنى لها، بل تتضمن معاني تدل على الكمال، فالله هو المألوه الذي تألهه القلوب، وتحبه وتعظمه، الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، الملك الذي له الملك التام المطلق، فله ما في السماوات وما في الأرض، وله ما سكن في الليل والنهار، فهذه الأسماء لها معانٍ تدل على كمال ربنا جل في علاه، ولهذا كان من عظيم مقام إدراك هذه الأسماء ومعرفتها، أنه من أحصاها دخل الجنة؛ ولا يمكن أن يكون هذا الأجر إلا لعمل كبير، به تصلح الدنيا وتطيب، وبه يحقق الإنسان الفوز الأخروي، ويتحقق إحصاء أسماء الله تعالى أولاً بمعرفتها؛ لأن معرفتها طريق معرفة الله تعالى، وثانيًا: بمعرفة معانيها، وثالثًا: بالتعبد لله تعالى بها، وهذا ما أشار إليه قول الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىفَادْعُوهُ بِهَا)سورة الأعراف من الآية 180.يعني تعبدوا له بها، والتعبد له بها يكون بالثناء عليه بها، وبسؤاله والتوسل إليه بها، ولا يوجد حديث صحيح يتضمن ذكر هذه الأسماء، والقرآن تضمن قرابة واحد وثمانين اسما، وجاء في السنة زيادة، وليعلم أن أسماء الله ليست محصورة في تسعة وتسعين اسما فقط، بل أسماء الله أكثر من ذلك بلا شك، لكن جاء النص بإدراك هذه الفضيلة بإحصاء هذا العدد من الأسماء، والله أعلم.