السؤال:
ما هي صفة زيارة المرأة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب:
زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم اليوم لا تتأتى بالوقوف على قبره، هذا منذ عصور بعيدة، لا يمكن أن يأتي أحد إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويقف عليه؛ لأنه قد أُغلق فهو في حجرته، وقد سد سدًّا محكمًا، لا يمكن أن يصل إليه أحد، ففي زمن عمر بن عبد العزيز أغلقت الحجرة، وأحيطت بثلاثة جدران على صورة مثلث، فلا يمكن أن يصل أحد إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه.
إنما الآن الناس يأتون إلى قريب من حجرته صلى الله عليه وسلم ويسلمون عليه، فهل هذا السلام يحصل به زيارة القبور؟ من أهل العلم من يقول: لا يحصل به زيارة القبور؛ لأن هذا كما لو جئت إلى بيت صاحبك، وهو مغلق ووقفت خارج البيت، فإنه لا تعتبر زيارة.
ومن أهل العلم من يقول: إنه لا يتأتى إلا هذا، ففعله يتحقق به شيء من زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
والذي يظهر لي أن الإنسان لو اكتفى بقوله عند الدخول للمسجد النبوي: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي، وافتح لي أبواب رحمتك، وفي الخروج وافتح لي أبواب فضلك، لتحقق له السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وإن رغب أن يأتي إلى مكان الحجرة ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: السلام عليك يا رسول الله ـ كما قال عامة العلماء ـ وكذلك المرأة إذا جاءت إلى قريب من الحجرة وقالت: السلام عليك يا رسول الله، كانت هذه زيارة مشروعة.
على أن العلماء اختلفوا في زيارة المرأة للقبور، لكن في الحقيقة ـ كما سبق ـ هذه ليست زيارة حقيقية؛ لأن الزائر لا يشاهد القبر، فبينه وبينه حائط، فالأمر في هذا قريب، والله تعالى أعلم.
وينبه إلى قضية يكثر التشويش والتلبيس بها، وهي قول بعضهم: إنه يجوز بناء المساجد على القبور؛ لأن قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده! فهذا من التضليل، فقبر النبي صلى الله عليه وسلم ليس في مسجده، بل حجرة عائشة التي مات فيها، ودُفن فيها، وبقيت عائشة رضي الله عنها مدة حياتها ساكنة فيها، ولم تمت إلا في سنة 57هـ أو قريب منها، فهذه الحجرة ليست من المسجد.
وفي عهد الوليد بن عبد الملك وسع المسجد، فأدخل بيوت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، فأحاط المسجد بالحجرة من جهتين، وهي إلى الآن لا تأخذ حكم المسجد، فالقول: بأن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه في المسجد، كذب وزور، وتحريف الكلم عن موضعه.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في مرض موته: «لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»البخاري (435)، ومسلم (529) عن عائشة رضي الله عنها.، القضية ليست يسيرة، القضية فيها لعن، وهي من كبائر الذنوب، ويؤكد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر»رواه مسلم (780) عن أبي هريرة رضي الله عنه .، فبيَّن صلى الله عليه وسلم أن القبر لا يكون في المسجد، إنما القبر يكون في أماكنه التي عُهدت، وهو قد قُبر في بيته فهو في بيته، والله أعلم.