المقدم: تظل التواصل الاجتماعي وشبكاته وبرامجه تغري الناس وتشغلهم، باتت هاجس يخيف المجتمعات، هل من توجيهات حيال هذه الشبكات؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
هذا التوصيف لشبكات التواصل الاجتماعي توصيفٌ دقيق، فهي هاجس يخيف كثيرين كما أنه يشغل كثيرين وله نواحي مختلفة، فأهل الاقتصاد يهتمون به، وأهل السياسة كذلك وأهل الاجتماع مثلهم، ونواحي العناية بهذه الشبكات وتأثيرها على حياة الناس بالتأكيد أنه موضوع عناية ودراسة ينبغي أن ينبري له أهل الاختصاص وأن يعتني به كلٌ في الجانب الذي يثري ويفيد من خلاله.
إلا أن الذي ينبغي أن تشترك فيه الكلمة وتجتمع عليه الحروف والتوجيهات هو أن هذه الشبكات هي نافذة يصل بها الإنسان إلى عالم مفتوح، عالم لا حد له زمانًا ولا مكانًا ولا جنسًا ولا سنًا ولا ثقافةً ولا دينًا، وبالتالي ينبغي أن يكون الإنسان على بصيرة عندما يقدم على هذه النافذة ليرى من خلالها العالم أن يكون على قدرٍ من العلم والمعرفة تمكنه من توقي الأخطار التي تصاحب هذه الوسائل.
هذه الوسائل بالتأكيد أنها تفتح الإنسان على عالم كبير متنوع في كل أوجه التنوع سواءً كان ذلك في الاهتمامات أو في الفكر أو في الدين أو في الخلق أو في السلوك، في كل النواحي، وبالتالي من المهم أن يكون الإنسان عنده قاعدة، أما أن يترك الحبل على غاربه دون أن يكون هناك مستوى من الفهم ومستوى من الإدراك يستطيع من خلاله أن يتوقى الأخطار وأن يجني الثمار وأن يصل إلى ما يؤمل من العوائد والآثار.
بالتأكيد أن ذلك يجعل هذه الشبكات وهذه الأوجه التواصلية الحديثة موضع خيفة وتوجس من حيث أن الداخل فيها قد تنزلق قدمه وتزل أخلاقه ويتأثر فكره بطريقة تحرفه من التوجه إلى الخير إلى الشر أو من التوجه إلى الفضائل إلى الرذائل، وبالتالي من المهم أن يكون هناك حصانة.
أنا أقول: حدثني من أثق به فيما يتعلق بإيجاد ضوابط في العالم الغربي الذي ابتكر هذه الوسائل وبدأت في محيطه عندهم ضوابط تجعل الاستعمال لمثل هذه الشبكات آمنًا تتوقى منه الأخطار فعند الاستعمال وإدخال البيانات لحجز صفحةٍ أو إنشاء معرفٍ أو الدخول يسأل عن العمر وهناك أسئلة دقيقة تحمي المستخدم من أن يكون عرضة لأي نوع من الأخطار.
هذا طبعًا في عالم، في أكثر العالم مفقود إنا يوجد في البلدان المتقدمة، قد يظنه بعض الناس أن هذا حجر أو حكر أو منع لهذه التقنية ممن يستفيد منها لكن هو في الحقيقة ترشيد، وليس هناك حرية مطلقة للناس بحيث أقصد في كل مستوياتهم، ليس هناك حرية مطلقة للصغار والكبار والشباب والشيب بحيث أنه يدخل ما يشاء وكيف ما شاء وفي أي وقتٍ شاء دون ضوابط ومعايير.
لا بدَّ من النظر في هذه الضوابط والمعايير، طبعًا هناك ليس عندنا في العالم العربي والعالم الإسلامي وغالب العالم ليس هناك هذه الضوابط، فبالتالي يكون الحمل على التوجيه العام، على الإعلام، على التعليم، على الأسرة كبيرًا جدًا في وجوب التوجيه لأخطار هذه الشبكات، وأيضًا الجوانب الإيجابية الي يمكن أن يفيدوا منها.
لكن لما كان الطاغي في الاستعمال هو الجانب السلبي كان الحديث عن السلبيات والتحذير منها هو الغالب في حديث المتحدثين، السلبيات لا يعني إغلاق هذه المنافذ، ولا يعني إهدار ما فيها من فوائد، يعني أنه ينبغي أن نرشد الاستعمال، ينبغي أن نكون على وعي وعلى إدراك، فكم من قدمٍ زلت وكم من أسرةٍ هدمت، وكم من رابطةٍ فكت، وكم من فسادٍ في الأرض حصل، وكم من أمرٍ غاب، وكم من جرائم ارتكبت، كل ذلك بسبب عدم الترشيد في استعمال هذه الوسائل.
أنا أقول: من المهم أن نعتني بأبنائنا وأنا أدعو أبنائي وبناتي كما أدعو أولياء الأمور من الآباء والأمهات والمرشدين والأخوة والأخوات أن يرشدوا استعمال هذه الأجهزة بالتوجيه وزرع الإيمان في نفوس الناس، فإنه يخلو بهذا الجهاز الذي يفتح له كل ما يمكن أن يرد على خاطرك من الأخطار، وليست فقط السلوكية والأخلاقية بل حتى الفكرية التي هي أشد خطرًا وأعظم ضررًا من الانحراف السلوكي والأخلاقي.
بالتالي من المهم أن نرشد أبنائنا وأن نوجههم وأن نحذرهم وأن نكون قريبين منهم في مثل هذه المواقع حتى نصونهم من الانزلاق أو الابتزاز أو الانحراف أو الضلال الذي يمكن أن يتربص بهم سواء كان في أخلاقهم أو في دينهم أو في أفكارهم أو في سلوكهم أو علاقاتهم ينبغي أن نكون على قربٍ منهم حتى نرشد ما يمكن أن يكون من خطر في استعمال هذه أوجه التواصل الحديثة ليس فقط في فيس بوك أو تويتر أو غيره من التواصل العام، لا هناك حتى في الواتس أب الأشياء الخاصة هذه يجري من ترويج وشر ما الله به عليم.
ينبغي أن نعتني بترشيد المجتمع، ترشيد الأسر، ترشيد الآباء والأمهات، بل حتى المعلمين والمعلمات، وكل من له عناية ينبغي أن يرشدوا وأن يبصروا بأهمية التوجيه في هذا الجانب حتى نقي مجتمعنا أخطار هذه الشبكات ونجني ثمارها.