الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد.
فقد اختلف أهل العلم في فضيلة ليلة النصف من شعبان على قولين:
الأول: أنه ليس لليلة النصف من شعبان فضيلة خاصة، ولا يشرع تخصيصها بشيء من العبادات، وإلى هذا ذهب جماهير العلماء من السلف والخلف، كعطاء، وابن أبي مُليكة، وعبد الرحمن بن زيد، ومالك، والشافعي، وغيرهم.
الثاني: أن ليلة النصف من شعبان ليلة فضيلة، تستوجب عناية بها وتعظيما، وإلى هذا ذهب خالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر، وبه قال الحنفية، واستحبوا إحياءها للمنفرد فقط.
والذي يترجح من هذين القولين ما ذهب إليه أكثر العلماء من أنه ليس لليلة النصف من شعبان فضيلة، لعدم ثبوت شيء من الأحاديث الواردة في فضيلتها، ومن المعلوم أن الفضائل الشرعية والخصائص القدرية لا بد في إثباتها من نص. وأما ما جاء من أن الله يطلع على أهل الأرض فيغفر لجميع عباده إلا مشركا أو مشاحنا فالمحققون من أهل الحديث يضعفون كل ما ورد من ذلك. ومن فضل الله أن عرض الأعمال ومغفرة الذنوب لكل أحد إلا مشركا أو مشاحنا يحصل كل يوم اثنين وخميس لما جاء في "صحيح الإمام مسلم" من حديث أبا هريرة رفعه مرة قال « تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء. فيقال: اركوا هذين حتى يصطلحا، اركوا هذين حتى يصطلحا ».
وأما ما قيل من أن الله يوحي ليلة النصف من شعبان إلى ملك الموت بقبض كل نفس يريد قبضها في تلك السنة، وأنه تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان فكلها أحاديث ضعيفة لا يصح الاحتجاج بها. وأما ما جاء عند ابن ماجه عن علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إذا كانت ليلة النصف من شعبان ، فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول : ألا من مستغفر لي فأغفر له , ألا مسترزق فأرزقه , ألا مبتلى فأعافيه , ألا كذا ألا كذا ، حتى يطلع الفجر» فحديث ضعيف جدا لا يصح الاعتماد عليه.
ومما تقدم يتبين أنه ليس لليلة النصف من شعبان فضيلة خاصة لا قدرية ولا شرعية.
وأما من أخذ بقول من قال بأن لليلة النصف من شعبان فضيلة فينبغي أن يقتصر في العمل على ما ورد عند من قال بفضيلتها، والله أعلم.
كتبه
أ.د خالد المصلح
14 / 8 / 1437هـ