×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فحياكم الله وأهلا وسهلا بكم أيها الأخوة والأخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم (فادعوه بها) ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾+++[الأعراف:180]--- هكذا أمرنا الله تعالى أن نتعرف عليه بعد أن أخبر عباده بما له من الكمالات، لن نحقق العبودية لله إلا بمعرفته، هذه قاعدة اجعلها في ذهنك، فالله أخبر بأوصافه وأسمائه ثم أمرنا بدعائه، لن نحقق الدعاء لله على الوجه الذي يرضى به عنا إلا إذا عرفنا ما لله من كمالات، في هذه الحلقة سنتناول اسما يتردد على ألسنتنا في كثير من الأحيان، ففي كل صلاة إذا سلم المؤمن من الصلوات المكتوبات والمفروضات قال: (اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)+++صحيح مسلم (591)---، إننا سنتحدث عن اسم الله [السلام].

الله عز وجل ذكر هذا الاسم في قرآنه الكريم في كتابه الحكيم فقال: {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم (22) هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام}+++[الحشر:22: 23]---.

إنه الله الذي سمى نفسه بهذا الاسم، وأخبرنا عن هذا الاسم، فما معنى هذا الاسم؟! ما معناه حتى نتعبد لله به؟! وهنا أقول: لن يحقق أحد العبودية لله في أسمائه إلا إذا عرف معانيها، دعوة لكل مؤمن ومؤمنة، لكل من يسمع القرآن من البشرية، أن يقف عند كل اسم من أسماء الله ذكره في كتابه، فإن الوقوف عند أسماء الله يفتح أبواب العلم النافع والعمل الصالح، والرسل إنما جاءوا بالعلم النافع والعمل الصالح، ولن يتحقق ذلك إلا بمعرفة الله عز وجل.

 [السلام] في اللغة: يدور على معنى الخلوص من الشر، والنجاة من المهالك، حصول ما يحب الإنسان ويلائمه، هذا معنى السلام في اللغة، فإنه يدور على هذه المعاني التي هي الصحة والعافية والبراءة من المكروهات، والسلامة من المضرات، كل هذه المعاني هي معنى السلام لغة.

فما معنى [السلام] في أسمائه جل في علاه؟! لما تقول بعد صلواتك وتقولين بعد فراغك من الصلاة: "اللهم أنت السلام ومنك السلام،تباركت يا ذا الجلال والإكرام"، ماذا تقصد في ترديدك وتكرارك لاسم الله السلام؟

إنك بهذا تثبت جميع معاني السلامة لله عز وجل فهو السالم من كل عيب ومن كل نقص سبحانه وبحمده وبقدر عناية المؤمن بهذا المعنى، ومعرفته بسلامة الله من كل عيب ونقص يكمل إيمانه، هو [السلام] جل في علاه، هو السلام على الحقيقة سالم من كل تمثيل ومن نقصان، إن سلامة الله تعالى هي براءته جل في علاه من كل ما يكون من نقص، فهو سالم في أسمائه، وسالم في صفاته، وسالم في أفعاله، وسالم في شرعه، وسالم في كل شأنه سبحانه وبحمده لا يتطرق إلى شيء من شؤونه نقص فهو البريء من كل عيب ونقص، لا يتطرق إلى قوله وعمله وفعله وأسمائه وصفاته وصنعه شيء من العيب فهو السالم [السلام] من كل العيوب سبحانه وبحمده [السلام] من أسمائه يدل على بقائه وكماله وعلى جلاله وبهائه سبحانه وبحمده هذا معنى من معاني السلام وهو: السلامة من كل العيوب والنقائص، كما أنه سالم جل في علاه ومسلم لعباده، فالسلام من دلالته ومعانيه أن كل سلام في الكون، وكل سلام في الدنيا هو ثمرة الإيمان بأنه السلام، وهو ثمرة وصفه واسمه [السلام]سبحانه وبحمده، ولهذا لما كان الصحابة في التحيات يقولون: "السلام على الله، قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تقولوا السلام على الله، إن الله هو السلام، فإذا قال أحدكم فليقل: التحيات لله"+++صحيح البخاري (835)، وصحيح مسلم (402)---.

إذا لا يكون السلام عليه، فهو السالم المسلم لكل أحد، فمنه السلام جل في علاه وقد سمى الدار التي أعدها لعبادة: دار السلام وعدهم بدخولها سالمين فقال: (ادخلوها بسلام آمنين) +++[الحجر:46]---،  وجعل التحية التي يتحقق بها الود والترابط بين الناس، "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، إنها دعاء للسلام، وطلب لبركة هذا الاسم على كل من يلقى عليه، فلما تقول السلام عليكم، أنت تخبره بأنه سالم، وتدعو له بأنه سالم من كل سوء وشر، ينال بركة هذا الاسم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)+++صحيح مسلم (54)---.

إن إفشاء السلام، هو إفشاء ونشر للمعنى الذي اتصف به الملك الديان جل في علاه الله الذي له كل فضل وإحسان، العباد آمنون من الله عز وجل فهو السلام إذا حققوا أمره، ولهذا قال يحيى بن جابر -رحمه الله- أن أبا بكر قال: السلام أمان الله في الأرض، السلام أي تحيته.

السلام أمان الله في الأرض إذا ألقيت حفظ الإنسان مما يكره، إذا ألقيت حفظ الإنسان مما يسوؤه، فالسلام أمان الله في الأرض، إنه تذكير بصفة من صفات الله عز وجل وباسم من أسمائه، تذكر به الملقى عليه، على أحد القولين فإن قول من قال السلام عليك أنه اسم الله عز وجل وهو وجه من أوجه كلام العلماء، في معنى السلام عليكم ورحمة الله، كل عبد يسلم من الغش، ويسلم من الضغينة، ويسلم من الشر عندما تلقي عليه هذه التحية، لذلك كل سلام في الكون فهو من الله، تقول في صلاتك بعد الفراغ منها: "اللهم أنت السلام ومنك السلام". ليس فقط منك السلام في نفسي ولا فيمن حولي، بل في الدنيا كلها، كل سلامة في الدنيا هي من تسليم الله عز وجل إن عظمة هذا الاسم شاملا لكل أسماء الله عز وجل وصفاته، ولهذا هذا الاسم يدخل كل أسماء الله عز وجل وصفاته، فكل صفة من صفاته وكل اسم من أسمائه سالم من العيب، سالم من النقص، وإذا نظرت إلى أفراد صفات كماله جل وعلا فوجدت السلام بارزا فيها، فحياته سالمة من النوم والسنة، وغناه سالم من الحاجة إلى الخلق، وقضاؤه سالم من الجور والظلم، وشرعه سالم من التناقض والاختلاف: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) +++[النساء: 82]--- كل هذا من مقتضيات ومن معاني السلام، إننا إذا نظرنا في هذا الاسم وجدنا أنه اسم ذكره الله في كتابه مرة واحدة، وذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشهير في الذكر الذي يكون بعد الصلاة تذكيرا للنفس بعظيم ما لله من كمال نطلبه، فإن العبد يصلي يطلب السلامة من الآفات، يطلب السلامة من المنكرات، ولهذا  سؤال:كيف نحقق دعاء الله تعالى بهذا الاسم؟! ألم يقل الله: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}+++[الأعراف:180]--- السلام من أسماء الله الحسنى، كيف نحقق الدعاء لله تعالى بهذا الاسم؟!

إن الدعاء لله تعالى بهذا الاسم يشمل جانبين، دعاء العبادة، ودعاء المسألة، وأبدأ بدعاء المسألة لأنه المعروف الكثير المتبادل:

إذا لما يذكر الدعاء، الله تعالى يقول في محكم كتابه: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام} فعندما تذكر اسمه، أنت تدعوه به، ولهذا دعاء المسألة هو ذكر هذا الاسم على وجه التعظيم في سؤال وطلب، سواء كان هذا السؤال سؤال حال بحالك أو بمقالك، فعندما يقول المؤمن بعد الصلاة: "اللهم أنت السلام ومنك السلام" فإنه يسأل الله جل وعلا أن يسلمه، وهذا نوع من أنواع السلام، لما تقول يا الله يا ربي يا سلام سلمني، لما تلقي التحية على غيرك،فتقول: السلام عليكم... كل هذا دعاء وسؤال للسلامة التي هي معنى الاسم العظيم من أسماء الله عز وجل السلام، أما دعاء العبادة، فدعاء العبادة: هو الإيمان بهذا الاسم أن يمتلئ قلبك إيمانا بأن الله هو السلام، وأن كل سلامة منه، وأنه سالم من كل نقص وعيب، وأنه جل في علاه سالم في شرعه، فلا يعارض شرعه بالعقول، ولا يتعقب حكمه بالرد أو غير ذلك مما يلقيه الشيطان في قلوب بعض الناس، سالم جل في علاه في قدره، فإنما يقضيه عدل لا ظلم فيه: {وما ربك بظلام للعبيد}+++[فصلت:46]---،{إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون}+++[يونس: 44]---فالله عز وجل لا يظلم عبادة، ولا يوقع شيئا من السوء بهم، فهو المسلم لهم جل وعلا إن من معاني هذا الاسم الذي يتعبد الإنسان لله عز وجل به، في سلوكه وعمله أن يعلم أن ربه ليس كمثله شيء، فهو سالم من مماثل، وسالم من أن يكون له نظير جل في علاه وسالم من أن يكون في صفاته نقص أو عيب، فيجل في قلبه عظمة الله، يمتلئ قلبه بتعظيم الله وإجلاله ومحبته إذا حقق الإيمان بأنه السلام, وحقق الإيمان له بالتعظيم، وإذا حقق الإيمان بأنه الله السلام حقق له الإيمان بمحبته، وبهذين الركنين، بالتعظيم والمحبة تتحقق العبودية لله عز وجل ولهذا ينبغي للمؤمن أن يستشعر هذا المعنى، وأقول: إن مما يعارض الإيمان بالسلام، سوء الظن بالله، فإن حسن الظن بالله من تحقيق معنى السلام، وأحسن الظن بالله عز وجل في كل ما تطلبه، وفي كل ما ترجوه وأبشر بعطائه، فإن الله عز وجل لا يخيب من قصده، ولا من أحسن الظن به، أنه السلام جل في علاه الذي سلمك في بدنك، وسلمك في دينك، وسلمك في عقلك، وسلم مالك، وسلم نفسك، وسلم أولادك، وسلمك من كل ما تكره، ووقاك كل ما تخاف،إنه السلام ومنه السلام جل في علاه فتيقن أنه لا سلامة لك إلا باللجأ إليه، ليس فقط في الدنيا بل حتى في القبر، الذي يسلمك من فتنة القبر وعذابه هو السلام، ويوم القيامة عندما يقوم الناس فزعين لا سلامة لك إلا بتسليم الله، لكن اعمل في هذه الدنيا على أن تقدم يوم القيامة بقلب سليم لتفوز بدار السلام، فإنه السلام الذي يعطي عباده من العطاء ما لا يدركون من الفضائل والخيرات ولا تحيط به عقولهم، (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)+++صحيح البخاري (3244)، وصحيح مسلم (2824)--- اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم (فادعوه بها) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:6360

الحمد لله ربّ العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوثِ رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبع سنته بإحسانٍ إلى يوم الدين، أمّا بعد:

فحياكم الله وأهلاً وسهلاً بكم أيها الأخوة والأخوات في هذه الحلقةِ الجديدة من برنامجكم (فادعوه بها) ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا[الأعراف:180] هكذا أمرنا الله ـ تعالى ـ أن نتعرّف عليه بعد أن أخبر عباده بما له من الكمالات، لن نحقق العبودية لله إلا بمعرفته، هذه قاعدة اجعلها في ذهنك، فالله أخبر بأوصافه وأسمائه ثمّ أمرنا بدعائه، لن نحقق الدعاء لله على الوجه الّذي يرضى به عنّا إلا إذا عرفنا ما لله من كمالات، في هذه الحلقة سنتناول اسماً يتردد على ألسنتنا في كثير من الأحيان، ففي كلّ صلاةٍ إذا سلّم المؤمن من الصلوات المكتوبات والمفروضات قال: (اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)صحيح مسلم (591)، إنّنا سنتحدثُ عن اسم الله [السلام].

الله ـ عزّ وجل ـ ذكر هذا الاسم في قرآنه الكريم في كتابه الحكيم فقال: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ}[الحشر:22: 23].

إنه الله الّذي سمَّى نفسه بهذا الاسم، وأخبرنا عن هذا الاسم، فما معنى هذا الاسم؟! ما معناه حتى نتعبّد لله به؟! وهنا أقول: لن يحقق أحدٌ العبودية لله في أسمائه إلا إذا عرف معانيها، دعوةٌ لكل مؤمنٍ ومؤمنة، لكلِّ من يسمعُ القرآن من البشرية، أن يقف عند كل اسمٍ من أسماء الله ذكره في كتابه، فإنّ الوقوف عند أسماء الله يفتح أبواب العلم النافع والعمل الصالح، والرّسل إنّما جاءُوا بالعلم النافع والعمل الصالح، ولن يتحقق ذلك إلاّ بمعرفة الله عزّ وجل.

 [السلام] في اللغة: يدور على معنى الخلوص من الشر، والنجاة من المهالك، حصول ما يحب الإنسان ويلائمه، هذا معنى السلام في اللغة، فإنه يدور على هذه المعاني التي هي الصحة والعافية والبراءةُ من المكروهات، والسلامة من المضرات، كل هذه المعاني هي معنى السلام لغةً.

فما معنى [السلام] في أسمائه جلّ في علاه؟! لمّا تقول بعد صلواتك وتقولين بعد فراغك من الصلاة: "اللهم أنت السلام ومنك السلام،تباركت يا ذا الجلال والإكرام"، ماذا تقصد في ترديدك وتكرارك لاسم الله السلام؟

إنك بهذا تُثبتُ جميع معاني السلامة لله ـ عزّ وجل ـ فهو السالم من كلِ عيبٍ ومن كل نقصٍ ـ سبحانه وبحمده ـ وبقدر عناية المؤمن بهذا المعنى، ومعرفته بسلامة الله من كل عيبٍ ونقص يكملُ إيمانه، هو [السلام] جلّ في علاه، هو السلام على الحقيقة سالمٌ من كل تمثيلٍ ومن نقصانِ، إن سلامة الله ـ تعالى ـ هي براءته ـ جلّ في علاه ـ من كل ما يكون من نقص، فهو سالمٌ في أسمائه، وسالمٌ في صفاته، وسالمٌ في أفعاله، وسالمٌ في شرعه، وسالمٌ في كل شأنه ـ سبحانه وبحمده ـ لا يتطرقُ إلى شيءٍ من شؤونه نقصٌ فهو البريء من كل عيبٍ ونقص، لا يتطرق إلى قوله وعمله وفعله وأسمائه وصفاته وصنعه شيءٌ من العيب فهو السالمُ [السلامُ] من كل العيوب ـ سبحانه وبحمده ـ [السلام] من أسمائه يدلُّ على بقائه وكماله وعلى جلاله وبهائه ـ سبحانه وبحمده ـ هذا معنى من معاني السلام وهو: السلامة من كل العيوب والنقائص، كما أنه سالمٌ ـ جلّ في علاه ـ ومسلّمٌ لعباده، فالسلام من دلالته ومعانيه أنّ كل سلامٍ في الكون، وكل سلامٍ في الدنيا هو ثمرةُ الإيمان بأنه السلام، وهو ثمرةُ وصفه واسمه [السلام]سبحانه وبحمده، ولهذا لمّا كان الصحابة في التحيات يقولون: "السلام على الله، قال لهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "لا تقولوا السلام على الله، إنّ الله هو السلام، فإذا قال أحدكم فليقل: التحيات لله"صحيح البخاري (835)، وصحيح مسلم (402).

إذاً لا يكون السلام عليه، فهو السالم المسلّم لكل أحد، فمنه السلام ـ جلّ في علاه ـ وقد سمى الدار التي أعدها لعبادة: دار السلام وعدهم بدخولها سالمين فقال: (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ) [الحجر:46]،  وجعل التحية التي يتحقق بها الود والترابط بين الناس، "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، إنها دعاءٌ للسلام، وطلبٌ لبركة هذا الاسم على كل من يُلقى عليه، فلمّا تقول السلام عليكم، أنت تخبره بأنه سالم، وتدعو له بأنه سالمٌ من كل سوءٍ وشر، ينال بركة هذا الاسم، ولهذا قال النبيُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)صحيح مسلم (54).

إنّ إفشاء السلام، هو إفشاءٌ ونشرٌ للمعنى الّذي اتصف به المَلِكُ الديّان ـ جلّ في علاه ـ الله الّذي له كل فضلٍ وإحسان، العباد آمنون من الله ـ عزّ وجل ـ فهو السلام إذا حققُوا أمره، ولهذا قال يحيى بنُ جابر -رحمه الله- أن أبا بكرٍ قال: السلامُ أمانُ الله في الأرض، السلامُ أي تحيته.

السلام أمانُ الله في الأرض إذا أُلقيت حُفظ الإنسان مما يكره، إذا أُلقيت حُفظ الإنسان ممّا يسوؤه، فالسلام أمانُ الله في الأرض، إنه تذكيرٌ بصفة من صفات الله ـ عزّ وجل ـ وباسم من أسمائه، تُذكّر به المُلقى عليه، على أحد القولين فإنّ قول من قال السلام عليك أنه اسم الله ـ عزّ وجل ـ وهو وجه من أوجه كلام العلماء، في معنى السلام عليكم ورحمة الله، كل عبدٍ يسلمُ من الغشّ، ويسلمُ من الضغينة، ويسلمُ من الشر عندما تلقي عليه هذه التحية، لذلك كلُ سلامٍ في الكون فهو من الله، تقولُ في صلاتك بعد الفراغ منها: "اللهم أنت السلام ومنك السلام". ليس فقط منك السلام في نفسي ولا فيمن حولي، بل في الدنيا كلِها، كلُ سلامةٍ في الدنيا هي من تسليم الله ـ عزّ وجل ـ إنّ عظمة هذا الاسم شاملاً لكلِ أسماء الله ـ عزّ وجل ـ وصفاته، ولهذا هذا الاسم يدخلُ كلَ أسماء الله ـ عزّ وجل ـ وصفاته، فكلُّ صفةٍ من صفاته وكلُّ اسمٍ من أسمائه سالمٌ من العيب، سالمٌ من النقص، وإذا نظرت إلى أفراد صفات كماله ـ جلّ وعلا ـ فوجدت السلام بارزاً فيها، فحياته سالمة من النوم والسِنة، وغِناه سالمٌ من الحاجة إلى الخلق، وقضاؤه سالمٌ من الجورِ والظلم، وشرعه سالمٌ من التناقض والاختلاف: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82] كل هذا من مقتضيات ومن معاني السلام، إنّنا إذا نظرنا في هذا الاسم وجدنا أنه اسمٌ ذكره الله في كتابه مرةً واحدة، وذكره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الشهير في الذكر الّذي يكونُ بعد الصلاة تذكيراً للنفس بعظيم ما لله من كمالٍ نطلبه، فإنّ العبد يصلي يطلبُ السلامة من الآفات، يطلبُ السلامة من المنكرات، ولهذا  سؤال:كيف نحققُ دعاء الله تعالى بهذا الاسم؟! ألم يقل الله: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف:180] السلام من أسماء الله الحسنى، كيف نحقق الدعاء لله ـ تعالى ـ بهذا الاسم؟!

إنّ الدعاء لله ـ تعالى ـ بهذا الاسم يشمل جانبين، دعاء العبادة، ودعاء المسألة، وأبدأ بدعاء المسألة لأنه المعروف الكثير المتبادل:

إذاً لمّا يُذكر الدعاء، الله ـ تعالى ـ يقول في مُحكم كتابه: {هو الله الّذي لا إله إلا هو الملكُ القدوس السلام} فعندما تذكرُ اسمه، أنت تدعوه به، ولهذا دعاءُ المسألةِ هو ذكرُ هذا الاسم على وجه التعظيم في سؤالٍ وطلب، سواء كان هذا السؤال سؤال حال بحالك أو بمقالك، فعندما يقولُ المؤمن بعد الصلاة: "اللهم أنت السلام ومنك السلام" فإنه يسألُ الله ـ جلّ وعلا ـ أن يسلّمه، وهذا نوع من أنواع السلام، لمّا تقول يا الله يا ربي يا سلام سلّمني، لمّا تُلقي التحية على غيرك،فتقول: السلام عليكم... كلُ هذا دعاء وسؤال للسلامة التي هي معنى الاسم العظيم من أسماء الله ـ عزّ وجل ـ السلام، أمّا دعاء العبادة، فدعاء العبادة: هو الإيمان بهذا الاسم أن يمتلئ قلبُك إيماناً بأنّ الله هو السلام، وأنّ كل سلامةٍ منه، وأنه سالمٌ من كل نقص وعيب، وأنه جلّ في علاه سالمٌ في شرعه، فلا يعارض شرعه بالعقول، ولا يُتعقب حكمه بالرد أو غير ذلك مما يلقيه الشيطانُ في قلوب بعض الناس، سالمٌ جلّ في علاه في قدره، فإنّما يقضيه عدلٌ لا ظلم فيه: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[فصلت:46]،{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[يونس: 44]فالله ـ عزّ وجل ـ لا يظلمُ عبادة، ولا يوقعُ شيئاً من السوء بهم، فهو المسلّمُ لهم ـ جلّ وعلا ـ إنّ من معاني هذا الاسم الّذي يتعبّد الإنسان لله ـ عزّ وجل ـ به، في سلوكه وعمله أن يعلم أنّ ربه ليس كمثله شيء، فهو سالمٌ من مماثل، وسالم من أن يكون له نظير ـ جلّ في علاه ـ وسالم من أن يكون في صفاته نقص أو عيب، فيجلُّ في قلبه عَظمة الله، يمتلئ قلبه بتعظيم الله وإجلاله ومحبته إذا حقق الإيمان بأنه السلام, وحقق الإيمان له بالتعظيم، وإذا حقق الإيمان بأنه الله السلام حقق له الإيمان بمحبته، وبهذين الركنين، بالتعظيم والمحبة تتحققُ العبودية لله ـ عزّ وجل ـ ولهذا ينبغي للمؤمن أن يستشعر هذا المعنى، وأقول: إنّ ممّا يعارضُ الإيمان بالسلام، سوء الظن بالله، فإنّ حسن الظن بالله من تحقيق معنى السلام، وأحسن الظن بالله ـ عزّ وجل ـ في كل ما تطلبه، وفي كل ما ترجوه وأبشر بعطائه، فإنّ الله ـ عزّ وجل ـ لا يخيّب من قصده، ولا من أحسن الظن به، أنه السلام ـ جلّ في علاه ـ الّذي سلّمك في بدنك، وسلّمك في دينك، وسلّمك في عقلك، وسلّم مالك، وسلّم نفسك، وسلّم أولادك، وسلّمك من كل ما تكره، ووقاك كل ما تخاف،إنه السلام ومنه السلام ـ جلّ في علاه ـ فتيقّن أنه لا سلامة لك إلا باللجأ إليه، ليس فقط في الدنيا بل حتى في القبر، الّذي يُسلّمك من فتنة القبر وعذابه هو السلام، ويوم القيامة عندما يقوم الناس فزعين لا سلامة لك إلا بتسليم الله، لكن اعمل في هذه الدنيا على أن تَقدم يوم القيامة بقلبٍ سليم لتفوز بدار السلام، فإنه السلام الّذي يعطي عباده من العطاء ما لا يدركون من الفضائل والخيرات ولا تحيطُ به عقولهم، (أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلبِ بشر)صحيح البخاري (3244)، وصحيح مسلم (2824) اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم (فادعوه بها) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94004 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف